أخبار

طوارئ ولايتين

تكبدت الخزينة العامة خسائر أموال طائلة جداً في زمان التقشف.. وترشيد الصرف وتكالب الأزمات على المواطنين من وقود إلى غاز الطبخ والرغيف الذي اختفى فجأة من منافذ المخابز يوم (السبت) وأمس (الأحد)، في هذا الوقت تستدعي الهيئة التشريعية لنواب البرلمان من إجازتهم السنوية الممتدة حتى أكتوبر القادم لعقد جلسة طارئة صباح اليوم للموافقة على قرار رئيس الجمهورية، القاضي بتمديد حالة الطوارئ في ولايتي شمال كردفان وكسلا.
ولن يتوقف أعضاء الهيئة التشريعية طويلاً في دواعي وأسباب تجديد وتمديد حالة الطوارئ في الولايتين لمدة ستة أشهر أخرى.. ولأن المجلس الوطني أصلاً لم يوطن أعضاؤه أنفسهم على التدبر والتأمل واتخاذ القرار بما تمليه عليهم ضمائرهم بقدر اتخاذ القرار الذي يرضي ضمير السلطة التي جاءت ببعض الأعضاء المعينين.. وحتى الأعضاء المنتخبين على يقين وقناعة بأن رافعة حزب المؤتمر الوطني هي من حملهم إلى كراسي البرلمان وليس المقدرات الشخصية، ومن قبل رشح المؤتمر الوطني بعض ذوي الاحتياجات الخاصة ونالوا مقاعدهم في البرلمان.. بعضهم أخرس لا يسمع ما يجري داخل قبة المجلس وبعضهم أعشى.. ولكن هل ثمة ضرورة الآن لفرض الطوارئ مرة أخرى في الولايتين؟ مما يتطلب قطع الإجازة وعودة النواب من فوربرنقا.. والقضارف.. وحلفا.. والميرم والجزيرة لقضاء ثلاث ساعات فقط تحت قبة البرلمان وتأييد طلب الرئيس ثم الانصراف إلى سبيلهم عائدين لقواعدهم إن كانوا أصلاً حيث يفترض أن يكونوا؟
بالنظر لولاية شمال كردفان فإن إعلان الطوارئ فيها اقتضته حملة جمع السلاح التي نفذتها رئاسة الجمهورية بنجاح كبير.. وصمتت قعقعة البنادق في مناطق عديدة من البلاد.. وأمسكت وتدنت نسب بلاغات جرائم السرقات والنهب في دارفور.. وشمال كردفان من الولايات المستقرة سياسياً واجتماعياً.. ونجحت فيها حملات جمع السلاح رغم التأثير السالب لشقها الجنوبي المضطرب بسبب الحرب.. ولم تستخدم السلطات في ولايتي شمال كردفان وكسلا قانون الطوارئ المعلن خلال الفترة الماضية لغير أهدافه في جمع السلاح بكردفان والقضاء على ظاهرة تجارة البشر على الحدود بكسلا.. وإذا كان شمال كردفان مستقراً فإن ولاية كسلا تواجه دولة اريتريا وإثيوبيا.. والقرن الأفريقي ظلت أحداثه واضطراباته تلقي بظلالها السالبة على الأمس هناك.. والمصالحة بين الدولتين الشرقيتين ربما تبعتها تغيرات على الأرض وتحالفات.. تجعل من شرق السودان بؤرة جديدة للأحداث.. ولن تستطيع حكومة السودان الوفاء بكامل التزاماتها الدولية بالحرب على تجارة البشر من غير إعلان حالة طوارئ في كسلا.. واقتصادياً ،يهدد التهريب السودان وتعتبر الحدود الشرقية منافذ لضرب الاقتصاد الوطني.. وخلال الستة أشهر الماضية، يقول “آدم جماع” والي كسلا ،إن جرائم التهريب انخفضت وتم إلقاء القبض على عشرات الشبكات التي تنشط في تجارة البشر مما يتطلب إعادة تمديد الطوارئ في كسلا.. خاصة وإن الحريات الأساسية لم تنتقص.. أو يتأثر الناس بالطوارئ.. هذه الحيثيات تجعل إجازة مرسوم الطوارئ على الأقل لولاية كسلا ضرورة أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية