أخبار

ليلة أخيرة!!

تعيش العاصمة الروسية اليوم ليلة الوداع لأفراح كأس العالم، ومليارات العيون تحدق في ملاعب روسيا منذ شهر والعالم مشدود الأعصاب مع منتخبات جاء بعضها لإثبات الذات.. وجاء آخر للفوز بالأميرة الحسناء والتتويج بالبطولة.. اليوم في موسكو تذهب الكأس ذات القرنين إلى إحدى العاصمتين إما زغرب في شرق أوروبا.. وأما في باريس في غرب القارة العجوز.. وما بين كرواتيا وفرنسا.. تتوزع المشاعر وتنقسم الشعوب خاصة تلك التي لا نصيب لها إلا اختيار آخرين تشجعهم لأنها لا تملك رصيداً في بنك كأس العالم.
{ تختلط مشاعر الانتماء المعنوي ما بين الجغرافيا والتاريخ.. والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.. وفي كل بطولة يظل السودانيون يبحثون عن منتخب يشجعونه.. في سعيهم لإشباع نفوسهم الظامئة للنصر.. ما بين البرازيل.. والأرجنتين ينقسمون ويتجادلون ويشاجرون.. وما بين السنغال ومصر والكاميرون يهتفون في البطولات الأفريقية ونصيب السودان من التنافس العالمي (الفرجة) رغم أن الرئيس طموحه وأمنياته رؤية علم بلاده يرفرف في سماء الدوحة التي تنتقل إليها الاستضافة من موسكو كأول دولة عربية تحظى بهذا الشرف الكبير.. ولكن ما بين الأحلام والواقع بون شاسع جداً.
اليوم يشجع البعض كرواتيا التي قهرت الانجليز في ليلة غروب الشمس في لندن وبرمنجهام.. وخسوف القمر في ليفربول.. ولعبت الرئيسة الأوكرانية الحسناء دوراً في استمالة أرواح آلاف الشباب العاشقين لجمال الرئيسة الحسناء.. ونحن شعب عاطفي وشاعري ورومانسي يحب الجمال.. وقد فعلت وزيرة خارجية موريتانيا بقادتنا في الخارجية مالم تفعله الرئيسة الأوكرانية، التي ربما حظي الوفد السوداني المرافق للرئيس بمصافحتها اليوم.. و”كرواتيا” هي ذلك الفتى الملقب بكرويف الشرق “موردتش” أفضل لاعب في البطولة حتى الآن وكرواتيا هي ما “تذوكتش” اللاعب الذي قتل في الدقائق الأخيرة أحلام الانجليز وأحالهم لمستشفيات العيون .. والأعصاب .. وهناك “راكتيش” فتى الكتلان الأشقر وصخرة الدفاع لوفرين.. هؤلاء النجوم قادرون على جلب الكأس إلى أوكرانيا اليوم وزرع الفرح وسط الملايين من الشعب الذي كاد أن يتلاشى في حرب السنوات الماضية مع الجارة اللدود ..
ولكن أفريقيا لن تقف إلا مع فرنسا بمنتخبها الذي يعكس تنوع الدولة الأوروبية الكبيرة.. وثقافتها وتسامحها.. وقيم الحضارة الإنسانية التي جسدتها ثورة الفرنسيين الذين حصدوا ثمار زرعهم الإنساني وقدمت فرنسا صورتها الممزوجة بدماء وأعراق بعضها أوروبي وآخر أفريقي وثالث عربي ورابع آسيوي وخامس من أمريكا.. وفرنسا التي هزمت بوعيها العنصريين البيض.. والمتطرفين القوميين لم تأهب كثيراً لصورتها التي تمتزج فيها الزنجية والعربية والاوروبية.. ومن مآسي وأحزان وفقر وعوز وحرمان المهاجرين صنعت فرنسا لنفسها منتخباً لا يميز بين “أمبابي” الذي هو ثمرة تمازج ما بين ثلاثة بلدان فرنسا كوطن بديل والكاميرون أرض الوالد والجزائر بلاد الأم .. و”أمبابي” مرشحاً اليوم لحصد الذهب ومعه “بول بوغبا” الغيني.. و”كانتي” ذو الأصول الكنغولية.. و”نبيل فقير” العربي الجزائري حفيد “جميلة أبو حريد”.. وهؤلاء هم نجوم باريس الذين صنعوا مجدها !! من أجلهم يجدون دعم الملايين معنوياً .. وينتظر العالم في أمسية اليوم رؤية كأس البطولة يختار ما بين أوكرانيا وفرنسا .. لتغرب شمس الإشراق التي أشاعت البهجة في النفوس لمدة ثلاثين شهراً وكل بطولة والجميع بخير.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية