الخرطوم- فائز عبدالله
يحفز الأدرينالين الجسم للدفاع عن نفسه في وضع الخطر الذي يواجهه، وهذا ما فعله رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت في زيارته السرية إلى دولة يوغندا للحصول على مقترحات وآراء لوقف انحراف الممرات التفاوضية بعد ضغوط المعارضة عقب توقيع ملف الترتيبات الأمنية ،ومطالبته بضرورة تكوين حكومة انتقالية لمدة ثلاثة أعوام ورأت المعارضة أن تواجد سلفاكير والرئيس اليوغندي يوري موسفيني هو مخطط لنسف محادثات الخرطوم الجارية الآن ، وأضافت المعارضة أن سلفاكير يحتاج للدعم من أجل الحفاظ على السلطة .
وأشاروا إلى أن موسفيني له مصالح خاصة وعامة ، بالإضافة إلى العوامل الداخلية والخارجية لدول الجوار.
المعارضة طالبت بضرورة تقليل احتمالات الوجود اليوغندي في جوبا، الأمر الذي دفع الرئيس اليوغندي بالدفع بمقترح استباقي لمنع مطالب الأحزاب والمجموعات المعارضة بتخفيف وجود الشركات الاستثمارية لدول الجوار (كينيا ويوغندا وإثيوبيا ) بجوبا، واستطاع مقترح الخرطوم حسم ملف الترتيبات الأمنية خلال 72ساعة منذ بدء المحادثات.
ولم تفلح الإيقاد في عدة جولات سابقة بدول الجوار (كينيا ويوغندا وإثيوبيا) في تقريب وجهات النظر بين فرقاء اتفاقية السلام الموقعة في العام 2015م بينها ، للوصول إلى تسوية سياسية ، إلا أن مقترح الرئيس اليوغندي يوري موسفيني بشأن تقسيم السلطة والحكم في الجنوب آثار حفيظة الأحزاب السياسية والمجموعات المعارضة لحكومة جوبا ، بحجة أنه لم يخاطب جذور المشكلة الأساسية ويمنح سلفاكير فترة رئاسية جديدة.
رفض المعارضة
وبينما رفضت مجموعات وأحزاب المعارضة بجنوب السودان التي تضم (9) مجموعات معارضة مقترح دولة يوغندا بعنتبي لتقاسم السلطة ، الذي ينص على إضافة (4) مناصب نواب للرئيس سلفاكير ميارديت ،مع إعادة زعيم المعارضة دكتور رياك مشار إلى منصبه كنائب أول للرئيس، وإضافة (15) وزيراً إلى مجلس الوزراء الحالي في جوبا ، الذي يضم (30) وزيراً ، وسيمنح لزعيم المعارضة رياك مشار (10) حقائب وزارية، وتخصيص المناصب الخمسة الأخرى للأحزاب السياسية المعارضة، وإضافة (150) عضواً للبرلمان بالجنوب .
وقال التحالف في بيان أمس إن المقترح لا يخدم مصالح شعب جنوب السودان الذي ظل يعاني من الحرب.
وقال الناطق الرسمي باسم التحالف كواجي لاسو ، الذي يضم تسع جماعات سياسية ومسلحة ، إن التحالف يرفض بشدة اتفاق تقاسم السلطة الذي وقع عليه سلفاكير ومشار في عنتبي ، موضحاً أن الاتفاق لا يعالج الأسباب الجذرية لأزمة الجنوب.
وأضاف ” لاسو “:على الرغم من دعوتنا رسمياً إلى المحادثات في عنتبي فقد تم حبسنا في غرفة بعيدة من المباحثات التي استمرت 8 ساعات بين الحكومة والحركة الشعبية في المعارضة المسلحة والرئيس موسفيني والرئيس السوداني عمر البشير.
وشدد على أن الإبقاء على عدد الولايات الحالية وزيادة عدد أعضاء البرلمان والوزراء يعني أن كل الأموال المتاحة ستنفق فقط ،لدفع مستحقات الحكومة الجديدة ، مبيناً أن قوى التحالف طالبت بتكوين حكومة مصغرة لإعادة توطين اللاجئين والنازحين .
المحافظة على مصالحه
وأكد مصدر بمجموعة المعتقلين السياسيين لـ(المجهر) ،فضل حجب اسمه، أن مقترح موسفيني الهدف منه التأثير على سير المفاوضات بالخرطوم ، ولأجل كسب الوقت والمحافظة على مصالحه الشخصية في جوبا.
وطالب المصدر الرئيس البشير بوقف المقترح والدفع بالمقترح الجديد المختص بالسلطة والحكم، وقال إن عملية السلام الجارية في الخرطوم نجحت وقربت وجهات النظر بين الفرقاء.
وأشار إلى أن المحادثات تقدمت بـ90% وأن مقترح موسفيني سيعيد اتفاق السلام إلى المربع الأول ، وقال إن المقترح لايدعم جهود الخرطوم في عملية تحقيق السلام بين الفرقاء.
واتهم المصدر دول الجوار بالسعي للتأثير على محادثات الخرطوم بين الفرقاء.
طي ملف الترتيبات الأمنية
قال القيادي الجنوبي وعضو وفد التفاوض بالمحادثات استيفن لوال نقور ،إن الوساطة السودانية قدمت مقترحات بديلة لمعالجة مقترح النسب وملف الولايات تحديداً بعد نجاح السودان في طي ملف الترتيبات الأمنية .
وأوضح أن المقترحات المقدمة من دولة يوغندا لن تفي بتلبية رغبات الشعب الجنوبي بصورة عادلة باعتبارها حرصت على توزيع السلطة فقط بين الحكومة ومجموعة رياك مشار ،ولم تضع بقية القوى السياسية في الاعتبار .
واعتقد لوال أن المجتمع الدولي بعيد تماماً عن الملف ، وأوضح أن الملف لدى الإيقاد ، والمقترح اليوغندي تناول الإبقاء على الرئيس سلفاكير في السلطة وتعيين أربعة نواب آخرين إضافة إلى اعتماد الولايات الـ32 مع إنشاء لجنة مؤقتة لمعالجة قضية الولايات ،وتحديد الحدود بينها في فترة 180 يوماً ،وأشار إلى أن ، مقترح يوغندا زيادة عدد الوزراء الاتحاديين ليصبحوا 45 وزيراً اتحادياً على أن تقسم بشكل 30 وزيراً للحكومة، و15 وزيراً للمجموعات المعارضة، و 7 وزراء اتحاديين لرياك مشار، و5 لتحالف المعارضة، ووزيرين لمجموعة المعتقلين السابقين، ووزارة واحدة للأحزاب السياسية في الداخل .
وأشار المقترح إلى زيادة عدد مقاعد البرلمان من 400 مقعد إلى 550 مقعداً في البرلمان القومي ، على أن تقسم ال 150 مقعداً المضافة لـ400 ، فتأخذ مجموعة مشار 100 مقعد و50 مقعداً للمعارضة.
تدمير المبادرة السودانية
ويرى البرلماني جاستين جوزيف لـ(المجهر) أن المقترح حصر السلطة بين الرئيس سلفاكير وزعيم المعارضة رياك مشار ولم يضم الملف الأحزاب السياسية والمجموعات المعارضة.
وأضاف جوزيف أن قيادات الحركة الشعبية لعبوا دوراً سلبياً في عملية السلام بعد التفافهم حول يوغندا التي تسعى بالفعل لتدمير المبادرة السودانية دون أن تضع رأي المواطن أو رغبة الشعب الجنوبي في الاعتبار.
وقال جاستن إن مضمون مقترح الخرطوم يختلف تماماً عن المقترحات السابقة ، لأنه يحتوي على محاور يمكن تجاوزها بالذات مثل مقترح الترتيبات الأمنية .
وقال إن مقترح الخرطوم يتحدث عن تقاسم السلطة بشكل مصغر تختلف عن شكل المقترح المقدم من يوغندا . وإن بقاء الرئيس سلفاكير في الفترة الانتقالية وتعيين رياك مشار نائباً أول له على أن يتم تعيين نائبين أحدهما من الحكومة والثاني من تحالف المعارضة.
وركز مقترح الخرطوم على عدد الوزراء ، واكتفى فقط بثلاثين وزيراً تقسم على كل من الحكومة وبقية المعارضين على الشكل التالي : تأخذ الحكومة 17 وزارة وتمثل المرأة فيها بنسبة 35% بواقع 6 إلى 5 وزارات .
وأشار جاستن إلى أن تأخذ مجموعة مشار 8 وزارات منها 3 إلى 2 وزارتين للمرأة.
وأعطى التحالف وزارتين ومجموعة المعتقلين السابقين وزارتين والأحزاب السياسية في الداخل وزارة واحدة على أن يتم تكوين مجلس الولايات من 52 عضواً على أن تنال الحكومة 38 مع اعطاء المرأة 10 مقاعد في مجلس الولايات ومجموعة مشار 14 عضواً و5 للمرأة ، على أن تعطى التحالف المعارضة 5 مقاعد والأحزاب السياسية في الداخل .
وأشار المقترح السوداني إلى تقليص عدد الولايات من 32 ولاية الحالية إلى 21 ولاية.
وقال جاستن إن مقترح موسفيني جاء من أجل إضعاف الفرقاء للوصول لتسوية سياسة في الجولة الثالثة المتوقعة في نيروبي .
وأشار إلى أنها تهدف لإجهاض جهود الإيقاد وإفشال وساطة السودان .
إبقاء سلفاكير
وقال ممثل تحالف الأحزاب السياسية فليب أقوير إن مقترح يوغندا اشترط على الفرقاء إبقاء الرئيس سلفاكير في السلطة لدولة الجنوب وتعيين أربعة نواب، وإنشاء آلية لمعالجة قضية الولايات وتحديد الحدود بينها في فترة 180 يوماً، وزيادة عدد الوزراء ليصبحوا 45 وزيراً اتحادياً .
وأشار إلى أن المقترح يؤكد إبقاء سلفاكير في السلطة وعدم تكوين حكومة انتقالية.
وأضاف أن سلفاكير لا يريد أن يقوم بحل البرلمان الحالي المكون من 400 مقعد بل تتم إضافة 150 مقعداً للبرلمان، وأن يأخذ رياك مشار 100 مقعد و50 مقعداً فقط للمعارضة.