تقارير

هذه تفاصيل قضية رجل الأعمال البرلماني ودور الأمن في وحدة التحقيقات

"صلاح قوش" في أول ظهور للإعلام

الجيلى – يوسف عبد المنان
قال الفريق “صلاح قوش” المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات، إن بلادنا منهوبة الموارد وتوجد شبكات منظمة تحاول توظيف مواردها لمصالح خاصة.. جاء ذلك في حديث صحافي هو الأول لرجل الإنقاذ القوي، منذ إعادة تعيينه بصورة مفاجئة قبل شهور من الآن حينما حاصرت المشكلات الاقتصادية الحكومة، وقرر الرئيس الاستعانة بالجنرال الذي جلس لسنوات بعيداً عن ما ألفه الناس.
وفي قاعة صغيرة عقد الفريق “صلاح عبد الله” أمس مؤتمراً صحافياً بمقر رئاسة هيئة الأمن الاقتصادي التي أحبطت أكبر عملية تهريب لسبائك ذهب بقيمة (9) ملايين دولار أمريكي.. كانت في طريقها لخارج البلاد، بعد إخفائها داخل عربة بوكس موديل 2018م، قادمة من بورتسودان لنقل الذهب إلى جمهورية مصر العربية.. بواسطة عصابات تهريب المعادن.. وجاءت عملية القبض على سبائك الذهب بعد نشاط لأجهزة الأمن في سد المنافذ ومراقبة المطار الذي اعتبر أكبر منفذاً لتهريب الذهب في السنوات الماضية.. واختار “صلاح قوش” الخروج للرأي العام والحديث للصحافيين عن نجاح قوات الأمن في إحباط عملية التهريب التي تمت متابعتها طبقاً لحديث الفريق “سليمان محمد أحمد” مدير هيئة الأمن الاقتصادي بجهاز الأمن، الذي استهل حديثه بالقول إن الكميات التي تم ضبطها (245) كيلو جرام تم إعدادها للتهريب، ولكن جهاز الأمن تعامل باحترافية عالية من خلال متابعة حركة تجميع الذهب من أم بدة والخرطوم.. ووصف العميد “محجوب فضل الله” رئيس دائرة الجرائم الاقتصادية عملية القبض على سبائك الذهب بالعملية النوعية التي نفذتها مجموعة صغيرة من ضباط وجنود الأمن الاقتصادي.. وكشف العميد “محجوب” جزءاً من الخيوط بقوله إن المعلومات التي وصلت لرئاسة الأمن قبل شهرين عن عزم وتخطيط مجموعة من المهربين تنفيذ عملية برية.. وإن بداية العملية من بورتسودان، ويتم تجميع الذهب في الحلفايا وأم بدة.. واشتركت عربات عديدة في التخطيط للعملية، ويوم أمس بدأت مراقبة العربة التي كانت في طريقها إلى خارج البلاد وبدأ التحرك الساعة الثالثة والنصف وتم القبض على العربة بمنطقة الجيلي.. وعن عناصر الشبكة قال العميد “محجوب” إن عدداً كبيراً منهم الآن في قبضة السلطات.
{ “قوش” سعيداً
بدأ الفريق “صلاح قوش” سعيداً بما حققته قوات الأمن من انتصار ولحظة وصوله لمقر رئاسة هيئة الأمن الاقتصادي استقبل بحفاوة وتقدير كبير من ضباط الجهاز.. وتعالت الهتافات قبل أن يتفحص السيارة البوكس (جديدة) وهي تقف شاهد إثبات على دقة المنفذين لعملية القبض على عناصر الشبكة، وذكاء وخبرة المهربين بإخفاء الذهب بين مكونات السيارة بحيث يصعب اكتشاف (245) كيلو من الذهب.. وتم عرض الكميات على الإعلاميين.. وحرص “قوش” على فض الغطاء الورقي الذي وضع حول الذهب.. وتحدث عن العملية بقوله إن الدولة أقرت سياسة المحافظة على مواردها.. وقال “قوش” إن البلاد لا تعاني من نقص في مواردها ولكن (موارد البلد منهوبة) وغير مسيطر عليها، وهناك شبكات منظمة تحاول توظيف الموارد لمصالحها الخاصة.
وقال “قوش” إن من أسباب شح السيولة في البنوك شراء الذهب وتهريبه، وإن الكتلة النقدية أغلبها خارج النظام المصرفي، وإن الكميات التي تم ضبطها أمس (245) كيلو جرام من الذهب تعادل مشتروات بنك السودان من الذهب لمدة شهر.. وتبلغ قيمة هذه الكميات (9) ملايين دولار.
{ قوانين تنتظر التعديل
هل يمثل حديث الفريق “صلاح قوش” مدخلاً لتعديل قوانين التهريب في البلاد.. خاصة وإن المدير العام لجهاز الأمن قال من أسباب تفشي ظاهرة تهريب الموارد أن القوانين غير رادعة وهي تحتاج لتعديل، وكشف عن تهريب (60%) من صادر الحاصلات الزراعية والغابية من الصمغ العربي والسمسم والفول خارج الحدود حيث يتم تصديره من قبل بعض دول الجوار.
وتعهد الفريق “قوش” بتنفيذ حزمة توجيهات الرئيس “البشير” القاضية بمحاربة الفساد والتهريب.. وكشف في هذا الصدد معلومات لأول مرة عن وحدة خاصة داخل جهاز الأمن لمكافحة الفساد وانتدب لها قضاة ووكلاء نيابات وضباط شرطة ومراجع عام، وتقوم وحدة التحقيقات عن قضايا الفساد بتدقيق المعلومات.. وتمحيصها.. وفي حالة وجود بنيات تستدعي فتح بلاغات تحيل وحدة مكافحة الفساد كل المعلومات للنيابة لتتولى التحري والقبض على المتهمين.. وأضاف قائلاً إن جهاز الأمن وفر المعلومات كاملة في قضية النائب البرلماني ولا نتدخل في أعمال التحري.
{ لا محسوبية ولا وساطة:
شدد الفريق “صلاح قوش” على أن قضايا الفساد والمفسدين لن تتهاون الدولة فيها، وذلك عهداً قطعه الرئيس ولن نقبل وساطة ولا محسوبية، وفي رسالة شديدة اللهجة، قال “صلاح قوش” نحن ننفذ توجيهات الرئيس، ولن يخيفنا أحد ولن يوقف إجراءاتنا أحد.. وبتلك الكلمات نهض من مقعده معتذراً عن مواصلة الحديث ذو الشجون لارتباطات مسبقة.. ولكنه عاد للإمساك بالميكرفون وقال إن تصديقاً منه كمدير عام لجهاز الأمن بحافز لكل منسوبي جهاز الأمن الاقتصادي براتب شهري لعطائهم وتفانيهم في خدمة بلادهم.
ورسالة الفريق “صلاح قوش” الأخيرة حول المفسدين والفساد تثير الرعب في أوساط الذين عاثوا فساداً خلال السنوات الماضية.. واتخذت السلطات الأمنية ونيابة المال العام حزمة إجراءات طالت تجار كبار من المحسوبين على الحزب الحاكم وعلى الحركة الإسلامية.. ولم يشفع انتماء أغلب الذين تم إخضاعهم للتحقيق للمؤتمر الوطني للحيلولة دون إلقاء القبض عليهم.. وقد تم الإفراج خلال الشهر الماضي عن رجل الأعمال “وليد الفايت” بعد إلقاء القبض عليه في قضية خاصة باستعادة حصيلة صادر.. ولكن رجل الأعمال الشاب الذي كان من بين قادة الاتجاه الإسلامي في الجامعات سدد الالتزامات التي في ذمته فأفرجت عنه السلطات.. وفي الأسبوع الماضي تم إلقاء القبض على رجل الأعمال “عثمان محمد الحسن” وهو من قيادات الحركة الإسلامية الشبابية وخرج من الوظيفة مبكراً ودخل سوق المقاولات والصادر، وتحقق معه السلطات في قضايا خاصة ببنك الخرطوم.. ورفض رئيس البرلمان بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” رفع الحصانة عن القيادي في المؤتمر الوطني “فضل محمد خير” بسبب ضعف البينات التي قدمتها النيابة وجميع الموقوفين في ذمة التحقيق والتحري من المنسوبين للمؤتمر الوطني، الشيء الذي يشير بوضوح إلى أن الدولة تنفذ حملتها في مواجهة الفساد دون النظر لبطاقة انتماء رجالات الأعمال أو الالتفات لأحزابهم.. والقبض والتحري مع منسوبي المؤتمر الوطني لا يعني على الإطلاق فساد تجار الحزب الحاكم ولا براءة وطهر غير المنتمين، ولكنه يكشف عن إرادة دولة في تحقيق العدالة بين الناس، ولكن المؤتمر الوطني فشل في توظيف العائدات السياسية من حملة القضاء على الفساد.. بينما نجح جهاز الأمن حتى الآن في المهمة التي أسندها إليه الرئيس لتطهير ثياب الدولة من الدرن والأوشاب.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية