تقارير

سرادق عزاء قتيل (الفادنية).. (المجهر) تقف على تفاصيل أبشع جريمة قتل

استدرجه أجانب إلى شقة لتنفيذ معاملة وأحالوا جسده لأكوام لحم

الشرطة تلقي القبض على الجناة وتتحفظ على الجثمان بالمشرحة

بحري ـ منى ميرغني ـ الشفاء أبو القاسم
سوء الطالع وحده جعل العاصمة الخرطوم على مدار الأسبوع الماضي تغفو وتصحو على جريمة باسوأ وأبشع منها والمتابع لسلسلة الجرائم التي وقعت، يجد أنها جرائم فردية وقعت نتيجة لتصفيات شخصية أو سوء التقدير، إلا أن جميعها تركت طابعاً سيئاً انتزع من الخرطوم صفتها الآمنة، ورغماً عن ذلك إلا أن الشرطة ظلت تلاحق مرتكبيها وتثبت العكس وتحقيق إنجاز بأحسن منه لبث التطمينات وإعادة ثقتها بين المواطنين، بالأمس اختتم الأسبوع الدامي بجريمة اقل ما توصف أنها أكثر دموية وبشاعة لم يألفها المجتمع السوداني إلا في أفلام الآكشن.
بداية الجريمة
بدأ التخطيط للجريمة عندما قام أحد المتهمين بالاتصال على التاجر “قسم الله موسى محمد الطاهر” الذي ينشط في مجالات عدة من بينها تجارة العُملة، بالاتصال عليه يوم (الثلاثاء)، الماضي بالحضور إليهم في شقتهم في بحري لشراء مبلغ (17) ألف دولار، وقتها كان التاجر في منزله بمنطقة الفادنية بمحلية شرق النيل، يهم بتناول وجبة الغداء مع أسرته الصغيرة، بيد أن الاتصالات المتكررة دفعته لترك الوجبة المعدة له والاتصال بصديقه سائق الأمجاد “صديق” لاتمام صفقة استبدال العُملة، فكان آخر لقاء بين أسرة التاجر وابنهم، غياب التاجر وانقطاع الاتصال به إلى اليوم الثاني أقلق أسرته، مما دفعها لتدوين بلاغ فقدان بشرق النيل، فيما قام بعض أقربائه بنشر صور منه في وسائل التواصل الاجتماعي للمساعدة في العثور على ابنهم المفقود، كثفت من خلالها عمليات البحث.
ارتكاب الجريمة
في الوقت الذي كانت أسرة القتيل تبحث عن ابنها المفقود، في الجانب الآخر كان التاجر “قسم الله” وصديقه “صديق” سائق الأمجاد الأجرة قد وصلا إلى شقة مستأجرة لثلاثة ليبيين بضاحية شمبات بمحلية الخرطوم بحري، بغرض شراء (17) ألف دولار، للمتهمين، كان السمسار في انتظارهم لإتمام الصفقة وأخذ نصيبه منها، وعند وصولهم إلى الشقة مساء ليلة (الثلاثاء)، قام الليبيون الثلاثة بواجب الضيافة بيد أنهم قاموا بغدرهم وقتلهم وتقطيع جثثهم إلى أشلاء بواسطة حجر النار، وقاموا بتعبئتها في أكياس بغرض التخلص منهم، بيد أن الحركة الدائبة جعلتهم يتحينون الفرصة للتخلص منها، كان الرابط بين فقدان التاجر ونشرة البحث الجنائي المعممة واكتشاف الجريمة الخيط الحقيقي للتوصل إلى هوية الضحايا.
اكتشاف الجريمة
توصلت الشرطة إلى هوية الضحايا عندما تم اكتشاف الجريمة على يد أحد سكان الشقة المجاورة للمتهمين، وذلك عندما اشتم رائحة كريهة أثناء صعوده سلم العمارة عقب عودته من صلاة العشاء وظل الرجل بعد دخوله الشقة يتتبع أثر الرائحة لمعرفة مصدرها وبتبادل الرجل الحديث مع زوجته وتتبع مصدرها اتضح أن الرائحة منبعثة من شقة مجاورة يسكنها أجانب ليبيون، قام الرجل بالاتصال على صاحب البناية لسؤال الأجانب ما يحدث داخل الشقة بيد أنهم برروا انبعاث الرائحة بأنها مخلفات ذبيح لضيوف حضروا إليهم في وقت متأخر لم يتقنع الرجل مبدئياً بحجتهم، ودخل الشقة سمع حركة غير عادية في سلم العمارة فخرج إليهم بدافع الفضول، اكتشف أن جيرانه ينقلون بقايا جثث آدمية وضعت أشلاؤها في أكياس جوالات إلى إحدى السيارات الخاصة بهم، كانت المفاجأة للمتهمين الثلاثة الذين فروا من المكان عند رؤيتهم صاحب البناية واستطاع القبض على أحدهم وأقتاده إلى الشقة حيث اتضح له المجزرة المرتكبة في حق القتيلين السودانيين، وعلى الفور تم الاتصال بشرطة النجدة التي أوفدت دورية منها إلى مكان الحادث واستطاعت توقيف المتهم، وضربت طوقاً أمنياً حول البناية قامت من خلال فريق من الأدلة الجنائية برفع الجثث وتحويلها إلى مشرحة أم درمان لمعرفة أسباب الوفاة.
استطاعت الشرطة الوصول إلى أسماء الضحايا الثلاثة، وقارنتها ببلاغات الفقدان حيث تم الاتصال بذويهم للتعرف إليهم، فكانت الفاجعة بأن المفقودين الذين اختفوا مساء (الثلاثاء) الماضي هم الضحايا.
كشفت الملابسات
كشفت مصادر (المجهر) أن الشرطة أوقفت صاحب البناية رهن التحقيق حيث اعترف من خلال التحريات لشرطة الصافية أن ثلاثة من الأجانب هم طلاب ليبيون قد حضروا إليه لاستئجار شقة في البناية المملوكة، بيد أنه رفض وأوضح لهم أنه لا يقوم بتأجير الشقق للأجانب أو العازبين، ويقوم بتأجيرها للأسر السودانية فقط، بيد أن المستأجرين أقنعوه بأن الشقة لرجل وزوجته، وإن مسؤولاً بالجالية الليبية بالخرطوم حضر إليه وأبلغهم بأن الشقة لرجل وزوجته، ودفع إليه بالمستندات، مما بث فيه الطمأنينة وقام بتأجيره للشقة، وقال صاحب البناية إن الشقة كان يتردد إليها بعض الأجانب، وكشف للشرطة أن أحد الجيران المجاورين لشقتهم أبلغوه عشية أمس عن اشتمام لروائح كريهة تنبعث من شقة المستأجرين الليبيين، مما دفعه إلى الوصول إلى البناية ودخل شقة الأجانب وعند دخوله وجد أحدهم يهم بالخروج واستفسره عن الرائحة بأنها لذبيح، ولم يقتنع بذلك ودخل إلى الداخل ووجد ملاية مغطاة بالدماء، فساوره الشك وأمسك بأحدهم ونزل إلى الطابق الأرضي، وفي الشارع وجد ركشة بها ثلاثة أشخاص أبلغهم بأن الشاب الليبي ارتكب جريمة قتل، وطلب منهم الإمساك به إلى حين إبلاغ الشرطة وأبلغه المتهم الثاني بأن زميله ذهب لشراء رصيد، وقال صاحب البناية بأنه قام بإبلاغ شرطة النجدة التي وصلت موقع الحدث ولاحظت وجود دماء على السلم وعثرت داخل الشقة على جثة مقطعة وموضوعة داخل الجوال، وقبضت الشرطة على المتهم واقتادته إلى القسم.
قيادات الشرطة في موقع الحادث
وخف إلى قسم الصافية اللواء “سر الختم نصر عثمان” مدير شرطة ولاية الخرطوم بالإنابة، واللواء “ياسر البلال الطيب” مدير دائرة الجنايات، والعميد مدير شرطة محلية بحري، وتم تحرير بلاغ تحت المادة (130) من القانون الجنائي والتحفظ على المتهم الذي أرشد الشرطة عن بقايا بعض الجثث.
رفض تسليم الجثث
رفضت النيابة تسليم الجثث إلى ذوي المجني عليهم لفقدان بعض أعضائهم التي لم يتم العثور عليها داخل الشقة، وأفادت مصادر أن الشرطة لا تزال تواصل تحرياتها إلى كتابة هذه السطور في الوصول إلى بقية أشلاء المجني عليهم المفقودة.
(المجهر) في عزاء الفادنية
انتقلت (المجهر) إلى منطقة الفادنية بمحلية شرق النيل، وقال عُمدة الفادنية وخال التاجر المغدور به “محمد زين”، لـ(المجهر) إن المجني عليه “قسم” وهو تاجر يعمل بالسوق العربي قد خرج مساء (الثلاثاء) الماضي لإتمام إحدى معاملاته التجارية وأوضح أنه دائماً ما يحضر إلى المنزل ما بين الخامسة والرابعة مساءً وفي ذلك اليوم ترك عربته وقام باستقلال عربة أمجاد أجرة مع صديقه وإنه اختفى بعدها، وعندما لم يحضر في اليوم وانقطاع الاتصال به تم تدوين بلاغ والبحث عنه، بيد أنهم تم إبلاغهم بوجود مقتولين في شقة بالصافية وعند الذهاب إليهم تعرفوا على ابنهم.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية