أخبار

خربشات

(1)
في كل يوم يثبت مولانا “عمر أحمد” النائب العام جدارته لهذا الموقع الرفيع.. وحسن اختيار القيادة لكفاءة قانونية تنظر بعين حصيفة لا ينقصه التقدير والرؤية الصائبة لأوضاع البلاد التي تعيشها.. وأمس رفض “عمر أحمد” النائب العام استخدام القوة الجبرية في النشاط الرياضي واستخدام ذراع الدولة القانوني والأمني في طرد مجلس إدارة نادي المريخ المنتخب من قبل أعضاء النادي.. وتنصيب موظفين حكوميين عينتهم ولاية الخرطوم لإدارة نادي المريخ بحجة (ميتة) عن فقدان مجلس المريخ المنتخب لشرعيته لوجود رئيس النادي في غياهب السجون.. واستقالة بعض الأعضاء المنتخبين.
مولانا “عمر أحمد” أدرك ببصيرته ووعيه وثقافته القانونية أن استخدام القوة الجبرية في تنصيب الثنائي “محمد الشيخ مدني” و”عبد الباسط سبدرات” يفتح باباً واسعاً لتدخل (الفيفا) الذي لن تشغله منافسات كأس العالم الحالية عن النظر في قضية نادي المريخ.. ونصوص قانون ولوائح الفيفا واضحة جداً في معالجة مثل هذه الحالات.. ولن يبقى الموظفون الحكوميون المعينون من قبل ولاية الخرطوم طويلاً في إدارة النادي حتى يصدر قرار التجميد الذي ربما طال الكرة السودانية ولم يقتصر على نادي المريخ وحده.. نسبة لكثرة التدخلات السياسية في كرة القدم، ومن قبل تولى مولانا “عمر أحمد” ملف الصحافية التي تعاني من اختلالات عقلية ومرض نفسي وبدت عليها أعراض ذهاب العقل.. فأطلق سراحها.. وقطع الطريق أمام المتربصين بالنظام والباحثين عن أبواب للهجرة لبلاد (الأفرنج) وهم يستغلون ثغرات في القانون والوقيعة بين النظام والمجتمع الدولي، وبالأمس حضر مولانا “عمر أحمد” جلسة النطق بالحكم في قضية مغتصب الأطفال الثلاثة.. وكان لوجود النائب العام في المحكمة رسالة مهمة جداً من الجهاز العدلي في البلاد للقضاء على ظاهرة الاغتصاب والتعدي على حقوق الأطفال من قبل المرضى والمعتوهين، وخلال الفترة القصيرة لمولانا “عمر أحمد” في منصب النائب العام بعد فصله من وزارة العدل أثبت الرجل كفاءة وحسن تقدير وهمة عالية.. في تأسيس النيابة العامة كتجربة وليدة في السودان، ولكن في كل يوم تنجب الساحة الوطنية من يستحق التقدير مثل مولانا “عمر أحمد”.
(2)
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة لزرع الأحزان في النفوس، وبالأمس نشرت صورة للمطرب الكبير “عبد الكريم الكابلي” في مهجره بالولايات المتحدة الأمريكية، وتبدت على ملامح الرجل الوسيم الأنيق الهرم والشيخوخة والوهن والضعف.. وانتشرت الصورة على نطاق واسع في الأوساط الفنية والثقافية والسياسية.. وانهالت كلمات الإطراء على هذا الهرم الفني والرمز الثقافي الذي لم تقدر وزارة الثقافة قيمته كمثقف عميق المعرفة ومغن ارتقى بالكلمة إلى سماوات النبل.. وكان “الكابلي” مغنياً أممياً.. أعاد للحياة أشعارا لخليفة المسلمين “يزيد بن معاوية بن أبي سفيان” في رائعته “وأمطرت لؤلؤا”.. التي لولا “الكابلي” ما رددها أحد في السودان.. وغنى لـ”الحسين الحسن” وللشاعر البحريني “علي شريحة”.. “أغلى من لؤلؤة بضة صيدت من شط البحرين.. لحناً يروي مصرع فضة ذات العينين الطيبتين”.. “عبد الكريم الكابلي” في غربته ووحشة الولايات المتحدة.. افتقدت “الكابلي” أم درمان ومزاميرها.. والخرطوم ودفؤها.. وبحري وعطرها.. وبورتسودان وأنفاس البحر.. لن يغني “عبد الكريم بعد اليوم في عز الليل.. و..
لو حاولت تتذكر.. تعيد الماضي من أول
تلقى الزمن غير ملامحنا ونحن بقينا ما نحن
أنا الصابر على المحنة
لو كان الزمن قساك أنا ما قسيت
ولو في يوم زمن نساك أنا ما نسيت
وفي عز الليل..
نسأل بالله ،يا “تجاني”، هل شاهدت صورة “الكابلي” التي طارت بها الأسافير وطارت معها قلوبنا خوفاً ألا نرى “الكابلي” مرة أخرى إلا من خلال المسكوت عن ذكره.. أي فواجع تلك و”الكابلي” يستغرق في تأملات الغربة.. و”الطيب حسن بدوي” وزير الثقافة “حائر” ماذا يفعل.. ومبدعو بلادي يتساقطون في بلاد نسائها أعاب عليهن “الطيب صالح” بعد خضوعهن للختان الفرعوني ،بكلمة شعبية، قبل أن يصبح الختان في بلادي جريمة يعاقب عليها القانون.. “الطيب بدوي” حائر هل يعيد “الكابلي” للخرطوم وكيف ولماذا ومن يتولى رعاية المبدعين في سنوات ما بعد نضوب معين العطاء الإبداعي.. هل الدولة أم الأسرة الصغيرة؟.. ضاعت من بلادنا أشياء ثمينة ولم يوثق لـ”عبد الكريم الكابلي” وهو بيننا إلا حلقات “أيام لها إيقاع”.. وكما يقول “الفيتوري” الذي عاش آخر أيامه في المغرب فمات بالوحشة “دنيا لا يملكها من يملكها”.. و”كابلي” في هجعة ليل الولايات المتحدة..
يسهر الليل والنجوم
والقمره والغيمة الصديقة
ويبني آمالا في الخيال للغمضة والنومة العميقة.. عد لنا.. يا “كابلي” كما عاد “حمدي بولاد”.. فنحن لا نزال وسنظل نسمع لصوتك الدافئ ليبعث في أرواحنا شيئاً من نضارة الأشياء.
(3)
في الأسبوع الماضي غيّب الموت “الشيخ علي رضمة” اسم كبير في حلبات المصارعة الشعبية بكردفان ورمز للشجاعة والنخوة والإيثار.. مات “الشيخ علي رضمة” المصارع الذي اشتهر باسم (مدرية واو) كان مصارعاً بارعاً في منطقة القوز تتغنى باسمه فتيات الحوازمة عند ساحات المصارعة في فصل ما بعد الخريف، وقبل حلول الشتاء (الدرت) مصارعا لا يهاب منازلة المنافسين..
ينقسم المجتمع هناك إلى فريقين.. كنانة والبرنو والبديرية وفلاتة.. يشكلون فريقاً واحداً.. وخزام ومسبعات ودارشلنقو والرواوقة والبرقو يشكلون فريقاً منافساً.. وحينما يحل المسيرية بتلك الديار يقفون إلى جانب كنانة.. ويوم المصارعة يتم تعطيل الدراسة بالمدارس ويتفرغ المعلمون والمعلمات لمتابعة حلقات الصراع.. وتتوقف حركة الأسواق.. ويتم إغلاق سوق الدبيبات حتى قطار نيالا إذا حضر حلبة الصراع لن يتحرك إلا بعد انفضاضها.. والفرسان يرقصون على أنغام الفتيات الجميلات.. وعندما يسقط الفارس نده وغريمه يحمله على أكتافه تعبيراً عن الروح الرياضية (السمحة).. كان “الشيخ علي رضمة” فارس خزام الذي يرفع رأسهم..
ومن رفقاء دربه وأنداده “موس” الشهير (بالخماسية) وهي محكمة من خمسة أشخاص جاءت بها حكومة “نميري” عوضاً عن محاكم الإدارة الأهلية، ومن أنداده “يحيى المكي” الشهير بـ(كبريت).. و(سعيد المدرسة) و”نميري”.. و”محمد علي أبو جقرة”.. وعلي “العرقي المُر”.. و”سعيد”.. (الطالبة).. وأم زقالة.. و”عمر أحمودي” الشهير بالصاروخ و”إسحق ود الشيخ حسن” بمناقو.. والحدود والغرق.. وأسماء عديدة “الحمار والدحيش”.. ومصارعون أفذاذ زرعوا الفرح في النفوس.. ورحل من رحل.. وقتل في الجنوب من قتل.. ولكن في صمت غاب “الشيخ ود الفكي علي رضمة”.. وذرفت لرحيله حسان الحوازمة الدموع في تلك القرى العزيزة علينا..
بالمعزوزة بي دمنا وعضام أبواتنا
عارفنك مقريفة لي شراب قهواتنا..
وكل جمعة والجميع بخير..

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية