تقارير

فرقاء جنوب السودان.. تقاطعات تنتظر العبور بملف الترتيبات الأمنية والسلطة

الخرطوم – فائز عبد الله
أصبحت قيادات دولة جنوب السودان تقتسم التاريخ الأسود للدولة الوليدة بسبب الحرب التي يعيشها المواطن الجنوبي والإحباط والحزن على فشل العديد من جولات ومحادثات السلام في دول الجوار بين أطراف النزاع، ألا أنها- أي المحادثات- أحدثت اختراقاً وأزالت الكثير من الاحتقان والغبن الإثني والسياسي بين الفرقاء وعملت الخرطوم على تقريب وجهات النظر بين “سلفا كير” و”مشار” بعد أكثر من خمس سنوات للصراع المسلح في الجنوب، لا سيما وأن المنتدى الذي عقد بقاعة الشهيد الزبير جمع قيادات وممثلين للمجموعات والفصائل وممثلين للأحزاب السياسية المعارضة لنظام “سلفا كير” في غياب وفد الحكومة عن المنتدى، وأكدت المعارضة وجود تقدم بنسبة (90%) في محادثات الخرطوم في ملف الترتيبات الأمنية والسلطة.

{ تقدم في ملف السلطة
أكدت قيادات بالمعارضة الجنوبية التزامها بالمقترح الذي دفعت به الخرطوم للتوصل إلى تسوية سياسية بين “سلفا كير” و”مشار” والمجموعات الأخرى المعارضة المتعلق بالسلطة والترتيبات الأمنية، ولقي ذلك تقدم كبير بنسبة (80%) في القضايا العالقة، وقالت القيادات إنها ستتجاوز صعوبات ملف الترتيبات الأمنية عن طريق الحوار مع نظام جوبا والحكمة لأجل السلام بالجنوب، وأضافت إن الملفات العالقة التي حدثت فيها اختراقات هي: ملف السلطة والترتيبات الأمنية المتعلق بالجيش والحكومة الانتقالية ودمج القوات في فترة ثلاث سنوات، وأشارت إلى أن التحديات التى تواجه المحادثات ملف الترتيبات الأمنية حيث يتمسك “سلفا كير” بالاستحواذ على جميع السلطات في يده وعدم تقديم تنازلات للتسوية السياسية من أجل السلام.
{ كيف يُحكم الجنوب؟
فيما قال الناطق الرسمي باسم المعارضة “مناوا بيتر”، أمس، إن محادثات السلام الجارية تحتاج إلى تحاور بين الأطراف والإجابة عن السؤال: كيف يُحكم الجنوب؟ وليس من يحكم الجنوب؟ وقال إن المعارضة تتمسك بضرورة إجراء إصلاحات في السلطة والجيش وبناء مؤسسات دولة وطنية وليس إثنية تبقي على الدستور. وأضاف إن القيادات الجنوبية فشلت في توظيف الاقتصاد بسبب سوء الإدارة من نظام جوبا، وهناك عدد من الدول أطماعها تزداد في أراضي الجنوب وتقوم باستغلال الوضع الراهن للسيطرة على مناطق النفط مثل دولة كينيا، وأوضح أن النزاع سيؤثر على دول الجوار في عمليات التبادل التجارية بسبب غياب الأمن، مؤكداً أن استمرار النزاع سيمتد إلى دول الجوار (إثيوبيا، يوغندا وكينيا) ويتحول إلى صراع إقليمي بين هذه الدول.
وقال “بيتر” إن الحرب أصبحت إقليمية الآن بعد أن احتلت كينيا بعض مساحة الأراضي في الجنوب، وأضاف إن المصالح الإستراتجية لدول الغرب تتمثل في نشر التطرف الديني بين المجتمع الجنوبي ودعم المعارضة والجماعات المتطرفة للاستفادة من غياب الأمن في الجنوب عبر الحدود، كاشفاً عن أن ميزانيات دولة الجنوب بعد توقيع اتفاقية (نيفاشا) قفزت من (10) ملايين دولار إلى (100) مليون دولار، وزاد بأن المبلغ فتح شهية النظام والمسؤولين بالدولة للاستمرار في الفساد وعدم توظيف هذه المبلغ لأجل التنمية والمشاريع الإنتاجية، لافتاً إلى أن نظام “سلفا كير” منح ميزانيات ومبالغ لمشروعات تنموية مجهولة المصدر ولا وجود لها في الواقع، وأشار إلى مؤتمر الحركة الشعبية في العام 2008م الذي وضع فيه “مشار” عدداً من النقاط منها علاقة جوبا والخرطوم في التبادل التجاري والسلطة والدولة والمواطن والجيش والمؤسسات وطريقة إدارتها، وتوظيف أموال الدولة بالطريقة المثلى، لكن نظام “سلفا كير” فشل في تحقيقها، وقال إن الحركة الشعبية فقدت البوصلة وأصبح الصراع داخلياً وانتشر الفساد والإثنية بين مكونات المجتمع السياسي والاجتماعي، مؤكداً أن (75) مسؤولاً قاموا بنهب مبالغ كبير من أموال الدولة.
{ سرقة أموال الجنوب
بينما قال ممثل الحزب الفيدرالي “فيليب أبو قور” إن الأطراف توصلت إلى اتفاق على نزاع السلاح من أي المواطنين وتكوين قوات مشتركة وأن تظل القوات في مواقعها، وأضاف إن ملف الترتيبات الأمنية نص على إنشاء منطقة عازلة بين القوات.
وأن توزع السلطات في الولايات الـ(10) بدلاً عن أن تظل السلطات في يد الرئيس “سلفا كير” وأضاف إن نظام جوبا عمل على استمرار الحرب للاستفادة من سرقة أموال البلاد، وأضاف إن الدولة الآن تفتقد المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بسبب تمسك نظام “سلفا كير” بزمام الأمور، وأشار إلى أن المحادثات الجارية بين الفرقاء يواجهها تمسك نظام “سلفا كير” بالسلطة ورفضه تقديم تنازلات لمشاركة الفصائل والمجموعات المعارضة في السلطة والترتيبات الأمنية.
{ المشاكل والقضايا
أكد عضو وفد التفاوض “استيفن لوال” بمنتدى تنشيط عملية السلام بوساطة (إيقاد) أن مبادرة السودان قادرة على تحقيق السلام والاستقرار، بحجة أن الخرطوم تدرك المشاكل والقضايا الأساسية للجنوبيين.
وأضاف “لوال” إن قوى التحالف المعارض الوطني قدمت مقترحاً لحل أزمة السلطة بالبلاد تحديداً بعد وصول الأطراف الجنوبية إلى شكل أقرب إلى التوافق الكلي في ملف الترتيبات الأمنية وصل لأكثر من (90%) من جملة الملفات الأمنية، وأشار إلى اتفاق الأطراف في مسألة تجميع القوات ونزع السلاح من المدن ومن أيدي المدنيين، كما توافق الفرقاء حول مقترح الخرطوم بتقديم تنازلات من الجانبين، الحكومة والمعارضة، في تشكيل قوات مشتركة بين الأطراف، على أن يتم تكوين قوات مشتركة قبل الفترة الانتقالية مع التزام الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار، على أن تقوم الأطراف بإخطار القوات من قبل قيادة الأحزاب والفصائل وإصدار أوامر لوقف العمليات العسكرية وإبقاء القوات في مواقعها وأن تكون إجراءات مراقبة وقف إطلاق النار من مسؤولية الهيئة المعنية بمراقبة وقف إطلاق النار بين الأطراف الجنوبية.
وأشار إلى أن ملف الترتيبات الأمنية نص على أهمية إنشاء مناطق عازلة وخطوط رقابة لمراقبة القوات، ومنع أي اشتباكات متوقعة، مضيفاً إن الاتفاق أمن على إنشاء الآلية مثل لجنة وقف إطلاق النار المشتركة وستشرف عليها (إيقاد).
واعتقد “لوال” أن المقترحات المقدمة من الأطراف تعدّ مواقف تفاوضية في ظل تناقض المقترحات المقدمة من الحكومة والمعارضة، إذ تسعى الحكومة لتكون لها نسبة (70%) وبقية المجموعات نسبة (30%)، والمعارضة بقيادة “رياك مشار” تسعى ليكون هنالك تقاسم ثنائي بينها والحكومة بأن يأخذ “رياك مشار” نسبة (40%) والحكومة (40%) وأن تأخذ المجموعات الأخرى (20%).
وأشار إلى أن الموقف الأقرب للحل هو موقف التحالف المعارض الذي يسعى لإعادة الأمل والسلام والسلطة للشعب، وأضاف إن مبادرة تحالف المعارضة تمثلت في أن يكون هنالك اتفاق على شكل وكيفية الحكم، وأن يكون هنالك منصب لرئيس وزراء بصلاحيات حتى لا تكون كل الصلاحيات في يد الرئيس الحالي، وطالبت قوى التحالف في مقترحها بنظام الـ(10) ولايات مع انتخاب حكامها بعد الفترة الانتقالية. وأوضح “لوال” أن (إيقاد) حتى هذا اللحظة قدمت مقترح التجسير كحل، وتمثل في توزيع السلطة، بأن تأخذ الحكومة نسبة (55%) والمعارضة بقيادة “رياك مشار” (25%) وتحالف المعارضة (10%) ومجموعة المعتقلين (5%) والأحزاب السياسية في الداخل (5%)، وهذا الشكل من المقترح تم تنقيحه، وقال إن المعارضة تسعى لتحقيق اتفاق السلام وتحقيق رغبات وتطلعات الشعب الجنوبي وضمان عملية الانتقال السياسي بالبلاد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية