حوارات

القانوني الضليع عضو مفاوضات نيفاشا “عبد الرحمن الخليفة” في حوار استثنائي مع (المجهر) 2-2

أنا شخصياً لا أؤيد هذه (سيداو).. يعني ما الذي ستحققه الاتفاقية للمرأة ولم يحققه لها الإسلام؟
لست مع أي بدائل لامتحان (المعادلة) وتزايد رسوب الجالسين لا يعني إلغاء الامتحان
لا عيب على قانون النظام العام ولكن قد تكون في الممارسة بعض الأخطاء وهي لا تسقط أخطاؤها على القانون
حوار – هبة محمود سعيد
خلال الحلقة السابقة أستاذ “عبد الرحمن”، قلبنا معك ملف مفاوضات اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) ووقفنا عندك كمفاوض، الآن دعني أقف معك بوصفك رجل قانون، فكيف هي البدايات ولماذا القانون دونا عن غيره؟
أخي الأكبر كان قد درس القانون، ربما يكون هذا مدخلاً لدى لدراسة القانون، هذا أحد الدوافع بجانب ملاحظتي العامة عموماً وهي أن دارسي القانون هم رواد التغيير في حركة المجتمع في السودان وفي غيره، وهم من يردون المظالم ويدافعون عن المظاليم، يعني مهنة نبيلة فيها بُعد إنساني، لصيقة بالمجتمع وبهمومه، لذلك كان توجهي منذ البداية لدراسة القانون.
“عبد الرحمن الخليفة”، مابين بدايات المهنة وآنية المشهد .. هل ظل اهتمامه بالقضايا كمحام كما هو حال البدايات، أم أن بروز الاسم وعظم المهام، خفف من وطأة ذلك الاهتمام؟
أنا لا اتحدث عن الآخرين هناك مكاتب تستخدم محامين أقل درجة يعملون معها في قضاياهم ويظهرون بدلاً عنهم، أنا شخصياً لحظة قبولي قضية ما، فإنني أظهر عن الشخص صاحب القضية فيما استعين فيه بالآخرين أي المتدربين في بعض الإجراءات كإحضار مستند أو تصويره. يقصدني شخص، واقبل القضية فأظهر عنه شخصياً، (لكن ما بديهم الملف وأخليهم يظهروا نيابة عني).

*إجابتك تقودني إلى أنه بجانب استخدام بعض المحامين لمحامين اقل منهم، وظهورهم بدلاً عنهم في القضايا الموكلة إليهم خاصة عندما يصل المحامي حداً من الشهرة، فهل بالمقابل يبدأ – المحامي – في المغالاة في أتعابه؟
ما صحيح نحن مهنة محكومة بأخلاق وأنا ما عندي جمهور عشان ارفع سعري أنا أقدم خدمة، أنا أغيث ملهوف، (يجيني شخص أحيانا لا آخذ منه مليماً واحداً لأنني شاعر أنه مظلوم وما عنده. بعدين حسب كل قضية والجهد الذي تستغرقه أنت تحدد أتعابك) أنا شخصياً منذ أن بدأت في هذه المهنة حتى الآن لم احدد لشخص مبلغ أتعاب بعينه بقول ليه أنت عايز تديني كم إذا شعرت انو ظلمني بقول ليه يا اخوي أنت ظلمتني، إذا أداني أكثر مما استحق بقول ليه أنا لا استحق ذلك، لكن أصلاً ما حصل حددت).
*وأنت نقيب اسبق للمحامين ما هي الصعوبات التي واجهتك؟
أولاً المسؤولية كبيرة وهي أنك تكون على رأس مجموعة مهنية لها هموم ومشكلات ومطالب، المزعج لم يكن الصراعات الصغيرة التي يفتعلها الخصوم، أو دوافع الغيرة والحسد من بعض الزملاء حتى القريبين منك ولكن المشكلة الأكبر كانت في هم المهنة وخدمة هؤلاء الناس، وأشياءهم المتعددة، كان هناك تدريب لترقية المهنة وأشياء لصيانة كرامة المحامي نفسه كان هناك حاجات في معاش المحامي نفسه، (هناك محامين في المعاش ومحامين توفاهم الله ولديهم أيتام وهؤلاء الناس يحتاجون لمساعدة وتأمين صحي وعلاج)، فلذلك كل هذه الهموم تجعلك تشعر بثقل المسؤولية عليك وأنت تتولى المنصب، لكن بفضل الله سبحانه وتعالى وبعون بعض الإخوة الأفاضل، أقول بعضهم وليس كلهم، قدمنا في الدورة التي كنا فيها إنجازات غير مسبوقة في تاريخ مهنة المحاماة.
أيضاً أكثر الصعوبات وأكثر التعقيدات التي واجهتها كانت في كيفية التعامل مع مشارب وأهواء مختلفة، (يعني أنت تتعامل مع آلاف المحامين كل واحد فيهم عنده طريقة تفكير مختلفة ومنهج في تناول الأشياء مختلف ورؤية مختلفة، أن تحاول التوفيق بين هذه الأشياء يصبح من الصعوبة البالغة.
* المحاماة مهنة بلا عواطف؟
أنت ما ممكن تجرد زول من عواطفه، لكن المطلوب أن لا تنقاد خلف العواطف، (يعني أنا ما متخيل قاضي يظهر أمامه طفل برئ تم الاعتداء عليه وما يكون قلبه متأثر، مستحيل، لكن العدالة تقتضي أن تأثر القاضي لا يؤثر في اتخاذ القرار، عندها يجب أن يتجرد.
*هناك فجوة بين القضاء الواقف والجالس على حد سواء؟

لا ينبغي أن تكون هناك فجوة بين الاثنين، إذا ممارسات بعض أهل القضاء الواقف أو ممارسات بعض أهل القضاء الجالس دعت لذلك، فهذا أمر مرفوض كلي، (دي ادوار في النهاية تتكامل لتقدم عدالة للمواطن، ويحمل الاثنان ذات المؤهل والقضاء الجالس قد يكون واقفاً ذات يوم والعكس، فدي مجرد ادوار تتكامل وكل زول عنده اختصاصاته ومهامه ولا يوجد تداخل بينهم، ولا يوجد صراع ولا مجال للصراع بين الاثنين ولا تنافس وليست هناك خصومة بين القضاء الواقف أو الجالس، الاثنان يعينان بعضهما ويكملان بعض للوصول للعدالة).
بعض رجال القضاء الجالس وبحكم سلطته، يرى أفضليته على أهل القضاء الواقف؟
لا اعتقد وليس ثمة مبرر يدعو لذلك، (ذي ما قلت ليك الاثنين تخرجوا من كلية واحدة، تدربوا في مكتب محامٍ فما في سبب لاستعلاء طرف على الآخر).
أيهما أكثر معاناة في أداء مهمته؟
إصدار حكم بالنسبة للقاضي يكون قد سمع الطرفين وعرف حجة كل طرف، وتقدم محامي كل طرف بحجته وقبلها بمستنداته، يكون أم ميسر، وفوق هذا القاضي درجات قاضي أعلى منه يستدرك أخطاءه أن أخطأ، أما بالنسبة للمحامي فمهمته تبدو أصعب فليس أمامه سوى طريق واحد (أنت عندك شخص لجأ إليك برواية واحدة بمستندات من جانب واحد قد تكون هناك مفاجآت أثناء المحكمة فمهمتك كمحام تصبح أكثر صعوبة من مهمة الشخص المتاحة أمامه كل أسباب الوصول لقرار نهائي).
* لكن مهمة القاضي تبدو أصعب سيما أن عمله مرتبط بإصدار حكم؟
لكن بالمقابل أنا كمحام بجيني طرف واحد، بعكس القاضي يسمع بيانات الطرفين.
* المحامي أيضاً مطالب بالاستقصاء والتأكد من صدق موكله.
(لكن أنا التقصي بتاعي كمحامي ما بخليني امشي لخصمي أسالوا)، لا يجوز لي ذلك، أنت تتقصى عبر مستنداتك وفي النهاية تظل رؤية طرف واحد، لكن القاضي لديه رؤية الطرفين.
* متى يعتذر “عبد الرحمن الخليفة” من قضية بعينها؟
أنا أعتذر عن قضية إذا وجدت أنها تخالف ضميري، وقيمي وأخلاقيات مهنتي، لا يمكن مثلاً أن أدافع عن قضية غسل أموال، فهو كما تعلمين يأتي عن تجارة أسلحة ومخدرات واتجار بالبشر، لا يمكن لي أن افعل ذلك، لا يمكن أن أدافع عن شخص قتل آخر قتلاً متعمداً بدم بارد، لكن ممكن جدا أدافع عن شخص قتل أحداً دفاعاً عن نفسه تحت وطأة استفزاز شديد مفاجئ، هكذا بالدفوع المتاحة له في القانون أنا ممكن أدافع عنه.

*هناك قضية هامة وهي تزايد ظاهرة التزوير، هذه الظاهرة دائما ما يكون المحور الأساسي فيها، هم المحامين، أين أخلاقيات المهنة، ولماذا لا تضع النقابة شروطاً قاسية أمام أي تجاوز؟
هذه قلة ولا تزر وازرة وزر أخرى، يعني لو أنت أخذت هذا الأمر، وهناك طبيب قام بممارسة غير أخلاقية هل نسقط ذلك على مهنة الطب؟ هب أن معلماً قد ارتكب فعلاً غير أخلاقي هل نسقط ذلك على مهنة التعليم والتدريس؟ وهكذا أنت لا تأخذ المهنة بجريرة واحد من المنتسبين إليها.
* رغم استشراء ما ذكرت لك؟
هي ليست بالصورة التي قد يتوهمهما الناس ويضخمونها، لكنها ظاهرة موجودة، مجتمع المحامين شأنه شأن المجتمعات الأخرى يصيبه الخير ويصيبه الشر.
*على الرغم من شروط ممارسة المهنة التي يصفها – الشروط _البعض بالقاسية، عبر امتحان المعادلة واشتراط خبرة لا تقل عن (١٠) سنوات للظهور أمام المحكمة الدستورية، هذه الضوابط يجب أن تكون أشبه بالفلترة؟

لا يشترط في ممارسة مهنة المحاماة خبرة، ودي واحدة من إشكالاتها، يعني بمجرد التخرج، وفترة تدريب عام في مكتب محاماة معترف به ومعتمد لدى نقابة المحامين، يرخص للشخص ممارسة المهنة. واحدة من المشاكل أن الشخص يأتي للمهنة وعمره غض ولم ينضج بعد وليس لديه تجربة كبيرة، لذلك من يأتي لمهنة المحاماة من القضاء أو وزارة العدل أو النائب العام أو من التدريس تكون معه تجربة وخلفية تعينه على التعامل الناضج مع الأشياء.
* امتحان المعادلة ألا يعد بمثابة صقل؟
امتحان المعادلة هو امتداد للدراسة الأكاديمية، وهذا لا تستطيع أن تقول إنه خبرة.
* لم اعني خبرة ولكن ضبط للمهنة؟
لا تستطيع، يعني مثلاً أنا ممكن أتخرج وامتحن للمعادلة عقب أشهر قليلة، هذه ليست كافية، المعادلة تؤهلك لتتدرب في مكتب وبعد ذلك تكتسب الخبرة عبر السنين، الخبرة عادة لا تكتسب في يوم وليلة.
* بماذا تفسر حالات السقوط في امتحان المعادلة أنتم كقانونيين وخبراء آلا تفكرون في الاستعاضة عنه بأي بديل؟
أنا لست مع أي بدائل لامتحان تنظيم مهنة القانون، ولا يعني تزايد رسوم الجالسين لهذا الامتحان أن يلغى الامتحان، العلة ليست في الامتحان العلة في الممتحنين قد لا يأخذونه مأخذ جد، بعدين ظاهرة الرسوب به ليست جديدة نحن عندما امتحنا كنا (١٢٠) شخصاً، اجتزنا الامتحان (١٧) شخصاً والباقي كان رسوباً، فهذه ظاهرة قديمة لأن الناس لا يأخذونه مأخذ جد كما ذكرت سابقاً.
*مأخذ جد أم أن الامتحان من الصعوبة بمكان؟
المعادلة هي ذات المواد التي تمت دراستها في الجامعة، (يعني المادة اللي أجازتها في الجامعة وأنت طالب، ما الذي يجعلك ترسب فيها في امتحان مهنة القانون).
*بعيداً عن امتحان المعادلة، كيف قرأت ما دار في الانتخابات الأخيرة لنقابة المحامين؟
طبعاً أصلاً أي انتخابات فيها بُعد سياسي إلى جانب الهم المهني، الأحزاب السياسية تتنافس على قيادة وريادة هذه النقابة لأنها نقابة خطيرة جداً فهي لا تقود المحامين فقط لكنها تقود المجتمع كله فمن الطبيعي أن تشتد هذه المنافسة وتحتد قرب الانتخابات لكن ليس من الطبيعي أن يكون هناك في إطار المجموعة الواحدة، جماعات تحاول أن تشق الصف هنا وهناك لكن مع ذلك النقابة الأخيرة فازت فوزاً ساحقاً وعن استحقاق وجدارة بانتخابات نزيهة وشفافة، واستطاعت أن تكون النقابة مولودة بأسنانها منذ اليوم الأول، وعبرت بالمهنة وبأهل المهنة مسافات بعد كساد كان على هذه المهنة.

* أمر طبيعي إذا؟
الطبيعي أن يتنافس الخصوم وليس من الطبيعي أن يتنافس أهل الجهة الواحدة، واللبيب بالإشارة يفهم.
*دعنا نتحدث عن القوانين، وخاصة قانون النظام العام وما ظل يثيره من جدل؟
أنا لا أعيب على قانون النظام العام، لكن قد تكون في الممارسة بعض الأخطاء ودائما زي ما قلت ليك الممارسة لا تسقط أخطاؤها على القانون، إذا في ممارسة خطأ نشوف نعالج الممارسة دي كيف، ونسد الثغرة لكن لا يعني ذلك أن القانون لا طائل من ورائه ولا بد لقانون مثل قانون النظام العام أن يكون قانون مثير للجدل لأن هناك فئات تشعر أن القانون قد اقترب من ممارساتها وتكون منزعجة من مآلات ذلك، مثل شارب الخمر أو ممارس الرذيلة أو أو أو، لن يكون مرحباً بقانون مثل قانون النظام العام.
* التطبيق يجب أن يراجع؟
التطبيق دا بفهم كل الناس لا بدّ أن يصحح وأنا لا استبعد أن يكون فيه بعض الأخطاء والتجاوزات، هذا أمر طبيعي، لكن كقانون، هو لا يعني أن القانون لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه، يمكن أن تحدث فيه تعديلات، لكن القول بأن يلغى أو كذا وكذا فيه تعسف شديد.

* الآن الحكومة ترتب للتوقيع على اتفاقية (سيداو)، عقب رفص الحكومة لسنوات طويلة؟

اولا سيداو أنا بالنسبة ليا لست من المدافعين ولست من القائلين أن نكون جزءا منها لسبب بسيط أن سيداو تعكس ثقافة غربية عميقة، وفكر غربي عميق نتيجة تطورات تاريخية واجتماعية وسياسية واقتصادية خاصة بالغرب وليست خاصة بنا وأنه في مسائل الثقافات ومحاولة حمل الدنيا كلها على ثقافة واحدة فيما يُسمى بالعولمة، فهذه محاولة هيمنة ثقافة معينة على العالم.
الثقافة الغربية بإرثها المسيحي اليهودي، وبإرثها الروماني اليوناني، تعتقد أنها أم الثقافات وأن ما سواها عالم همجي، الغرب وفق ضميره ورؤيته للمرأة حتى التاريخ القريب كان لا يرى المرأة إنساناً ونحن منذ الرسول (ص) وضع المرأة في مكان علياً، وأول من آمنت بالدعوة امرأة وهي “خديجة”، فنحن ما عندنا عقد التاريخ الذي يثقل على المجتمعات الغربية، أنا دربت في كدا وفي البرلمان الكندي توجد لوحة مكتوب عليها أنه في عام ١٩٢٤ أقر البرلمان الكندي أن المرأة إنسان.!! وكانت المرأة لا تأخذ أجراً متساوياً وحتى اليوم المرأة في العالم الغربي ليست سوى سلعة يتاجر بجسدها في أغلفة المجلات وفي الإعلانات وفي الأفلام الإباحية والتجارة بالجنس حتى الأطفال يعني المرأة في العالم العربي وضعها مزريا جدا بخلاف ما يوجد لدينا، فالمرأة هي الأم والأخت والبنت وهي الحبوبة والخالة والعمة، لديها رأي، فأنا ما عارف ما الذي جد ثم إن أي شخص يتصور أن انضمامنا لسيداو، سيرضي عنا الغرب يكون واهما تماما، ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، هؤلاء الناس يستدرجوننا شيئا فشيئا.
في سيداو القضية ليست فقط في ميراث المرأة لأن ميراث المرأة في الإسلام الميراث إذا كان عندك حالة واحدة للذكر مثل حظ الأنثيين، بالمقابل عندك قرابة الثلاثين حالة من الميراث الإسلامي المرأة تأخذ فيه أكثر من الرجل، وهذه حتى أهل الإسلام لا يدركونها أو لا يعرفون عنها شيئا، الميراث دا نظام مربوط بنظام اجتماعي في إطار أسرة وهي خلية المجتمع، والمرأة لو أخذت نصيباً أكبر أو نصيب نصف في الميراث في النهاية ليس عليها واجب إنفاق لكن الرجل عليه واجب الإنفاق، فدي مربوطة بنظام غير موجود لدى الغرب (وما ممكن فهمه هو لا إسلامي ينطلي عليا ولا ينبغي لي أن افهم ديني وفق رؤيا غير مسلم، لا ارى جديدا في مسألة سيداو والذين يبسطون الأمور ويقولون إنه يمكن التحفظ والتحفظ دا مسألة قانونية شائكة ومعقدة والتحفظ لو كان تحفظا عاما لن يقبل، التحفظ لا بدّ أن يصوب نحو مادة وبين فيه وجه التحفظ، والتحفظ لا ينبغي أن يتعارض مع موضوع الاتفاقية، فماهو موضوع اتفاقية سيداو، إذا تحفظت أنت على شيء يقول ليك الاتفاقية دي ضد التمييز ضد المرأة، وإذا يبقى التحفظ ضد الإنفاق يبقى مرفوض، وحتى لو قبلت بعض الدول تحفظك بتبقى الاتفاقية دي ملزمة لك والدول التي قبلت تحفظك، الدول التي لم تقبل تحفظك ما تكون لك علاقة بيهم، فيبقى الدول الغربية التي تحاول أن تدفعنا للالتحاق سترفض تحفظاتنا، وتصل إلى نتيجة أن هذه التحفظات غير مقبولة لتعارضها مع موضوع الاتفاقية، ولذلك سوف تعتبرنا غير أعضاء فيها وسنظل في المربع الأول. الأفضل لنا أن ندافع بكبرياء، عن موقفنا وعن اعتدادنا بثقافتنا وأن الوقت لشعوب العالم جميعاً أن تصنع الاتفاقيات الدولية بما يسمح بمساحات واسعة للثقافات أن تتعايش وليس بما يسمح لثقافة واحدة أن تحاول أن تفرض نفسها على سائر ثقافات الدول.
* السودان ليس بحاجة لسيداو؟
في يقيني أنه غير محتاج، الكلام حول سيداو ظل مثار دوما ودل بعض الناس بين معارض ومؤيد لها، أنا شخصياً لا أؤيد هذه الاتفاقية يعني ما الذي سوف تحققه الاتفاقية للمرأة ولم يحققه لها الإسلام.
دي ثقافتي بعد شوية ح يجيبو لينا حاجة وبرضها اتفاقية ولا معاهدة يسمحوا بزواج المثليين والمثليات، ويقولوا لينا برضو دا حق من حقوق الإنسان وهاكم وقعوا عليه. ياخوانا والله الناس ديل بدخلونا جحر ضب (لازم نكون يقظين وقريبين لهذه المسألة).

*تتوقع مصادقة الحكومة عليها؟
أنا لا ادري وأنا عارف لماذا أثير الأمر هذا الوقت لكن الغالب هو أن لا ننضم وأن لا نكون طرفاً في هذه الاتفاقية، بعض القانونيين الذين يذهبون إلى جنيف بشأن حقوق الإنسان وكذا من وزارة العمل.
حاولوا أن يوهموا الناس أن الاتفاقية دي ستفتح آفاق وانضمامنا الاتفاقيات الدولية لن يجعلنا غير منبوذين، هذا عبث وغير صحيح. (أنا ما ناطق رسمي باسم الحكومة وما بقدر أقول شيء، لكن لو سئلت أتمنى عليهم إلا يوقعوا).
* هناك ضغوط على السودان بشأن انضمامنا للتجارة الدولية؟
(ياخوانا هل انضمامنا للتجارة الدولية يساوي التخلي عن قيمي وثقافتي الراكزة وضاربة الجذور)، وما شأن التجارة الدولية بسيداو، لماذا الإصرار، (يعني بقت في اتفاقيات دولية إذا بقت عندك فيها مصلحة ويمكن أن تحدد لك مصلحة مثل التجارة الدولية تفرض عليك شروط أنك تنضم، بعد شوية ح يقولوا لينا انضموا للمحكمة الجنائية الدولية وميثاق روما، فدي أشياء نحن ما بننضم ليها (سيداو دي هسة الولايات المتحدة الأمريكية منضمة ليها؟ ولا المحكمة الجنائية، طيب ليه أمريكا يكون عندها الحق أنها تنضم وأنا ما يكون الحق إني انضم).
*أنت فوق تساءلت عن السبب في إثارة الاتفاقية في هذا التوقيت، هناك من يردد أن قضية “نورا حسين” التي قالت زوجها، عقب تزويجها منه غصباً، هو السبب الرئيسي بعد أن علت الأصوات منددة بزواج القاصرات؟
(ياخي ما ننظر لقضايانا برؤية غربيين، زواج القاصرات دا في السودان كان عرفا سائدا أنا أمي الله يرحمها أتزوجوها عمرها ١٣ سنة وعاشت وربنا يرحمها وأدت مهمة كبيرة جدا في هذه الدنيا، الآن البت تتم الجامعة وما لاقيين ليها عريس، وأنتم تتحدثون عن زواج قاصرات.
* لكن زواج القاصرات ما زال موجوداً في السودان رغم العنوسة التي تحدثت عنها، سيما في بعض القرى والمناطق البعيدة؟
يبقى الوعي الجا على العاصمة دي أنا أمي لما اتزوجوها في العاصمة دي، لكن لا يتعارض ولا أحفادها ما اتزوجوهم ١٣ سنة، الوعي الزحف للعاصمة. ممكن يزحف على المناطق التي ذكرتيها، لكن ما بجيبوا لينا سيداو ولا الغربيين، بنجيبوا نحن ديل، أنا عايز أعلم بتي واقريها الجامعة واقريها إلى ما بعد الجامعة لو عاوزة تدرس لو عايزة تبقى طبيبة أو مهندسة، اقتصادية، صحفية، معلمة دايرة تبقى أي شيء، الأسر زمان يعتقدون أن البت دي لازم تنستر ودا ضرب من ضروب أعراف التطور تجاوزها. دي قضايانا نحن وبنعالجها برانا الآن كل الفتيات في أي مكان يطلبن العلم، والتعليم.
*هناك من يدعو للمصادقة مع التحفظ على بعض البنود؟
سيداو عيوبا ومشكلاتها كبيرة جدا، إذا أنت عايز تتحفظ حتلقى ما اقل من ستة بنود أنت عايز تتحفظ عليها وبذلك تكون أفرغت الاتفاقية من محتواها ويبقى مافي داعي ليها.
*بعض القوانين والتشريعات فيما يتعلق بانتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال، بحاجة للوقوف عليها، فهي ليست رادعة بالشكل الكافي؟
أولا هي ليست ظاهرة لكن الإعلام أصبح يسلط عليها الضوء، ثانيا تضخمت العاصمة وعندما يتزايد عدد السكان تتضخم قضاياهم وترتفع.
فالقوانين رادعة بس كيفية إثبات الجريمة، هي ليست ظاهرة هو سلوك أي محاولة لازم تقابل بأقصى درجة عقوبة ولا مانع أنها تكون عقوبة إعدام.
*يبقى لحين السداد؟
هذا الموضوع يجب أن لا يعالج بعاطفة، الذي يبقى لحين السداد، ماهو السبب الذي جعله يأخذ مال شخص، إذا أنت تركت هذا الشخص طليقا، فأنت تدعو صاحب المال لأن يأخذ حقه بيده، ممكن يقتله ويعتدي عليه ويشهر به أمام الناس في المجتمعات، ففي النهاية هي الإشكالية الفيها تبدو وكأنها عقوبة ولكنها هي صوت وحفظ لحق آخر، يعني مثلا في شخص عنده (٤٠) مليار عند آخر هذا الشخص أكل القروش دي كلها، بس أفكو ويكون حايم عشان قال متعمدة ولا بتفتكري شنو يعني، نحن ما عايزين النظرة الغربية التي تكون في النهاية تنظر للمتهم وتتعاطف معه أكثر من الضحية.
*أخيرا ما رأيكم في فصل النائب العام عن وزارة العدل؟

الخطوة دي خطوة متقدمة وخطوة كانت مرجوة منذ زمان لأن العمل الجنائي لا ينبغي أن يكون له صلة بالجهاز التنفيذي وهو يتعلق بحريات الناس وأرواحهم وسلامتهم، فصل النائب العام وجعله جهة مستقلة هو عبارة عن خطوة عظيمة جدا وأنا معها دون أدنى تحفظ وسوف تساعد على تطوير الممارسة الجنائية في السودان إن شاء الله، خاصة أنه على رأسها الأخ “عمر أحمد” وهو من الحادبين على العدالة الجنائية ومن المتمرسين فيها، هو قرار صحيح وكان يفترض أن يكون من بدري لكن أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية