رأي

الحاسة السادسة

بلادك أولى بك

رشان أوشي

ما يحمد للزعيم الراحل “حسن الترابي”، أنه عارض كل الأنظمة القمعية في السودان، ولكنه يوماً لم يغادر بلاده شبراً واحداً، أمضى أزهى سنوات عمره في السجون والمعتقلات، ونكل به كما نكلت الأنظمة الشمولية بمعارضيها، ولكنه ظل مستمسكاً بمعارضته من الداخل إلى أن قضى نحبه، اختلف معه الجميع، وحملوه وزر الإنقاذ وما عليها، ولكنه ظل زعيماً مقدراً، وسياسياً محنكاً، ومحط احترام الجميع، أسرته كاريزمته حتى مماته.
أمس الأول.. منعت السُلطات المصرية إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي، ورمز وطني لا يختلف عليه اثنان، منعته من دخول أراضيها، وطالبته بالمغادرة على أول طائرة، بدلاً من أن يعود إمامنا إلى بلاده حينها، ويجمع جماهيره ومريديه حوله، ويقود مسيرة معارضة جديدة، غادر إلى منفى آخر، اختاره بنفسه.
لماذا يركن الزعيمان، الإمام “الصادق”، ومولانا “الميرغني” للمنافي، لماذا يعشقان حياة اللجوء في دول أجنبية، وهما أعزاء في بلادهما، حولهما من الناس ما يكفيهما ليقدما صنيعاً يذكره التاريخ وهو مبتسم، لماذا يصرون على الجلوس في أبراج عاجية يلوحون لجماهيرهم من بعيد؟.
بما أنهم مازالوا متمسكين بادوارهم القيادية، للمعارضة والنضال أثمان لا بد من سدادها، وقيادة الجماهير تحتاج لمشاركتهم العناء، وليس التواري خلف الفيلل الأنيقة في أحياء القاهرة، ولا القصور في لندن، المعارضة من الداخل، العمل وسط الناس ليشعروا بزعامتك، ويثقون فيك كبديل حقيقي وموضوعي لمن تعارضونهم، حتى وإن أودعت السجون، ورمى بك إلى غياهب المعتقلات.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية