حوار مع الأمين العام لحزب العدالة "عيسى علي عجب بخيت"
دخلنا ذات المكتب و(التربيزة) التي نقابل فيها الراحل “مكي بلايل”، ما زال صوته وروحه ولغته الداوية في توضيح الحقائق تحلق في أثير المكتب.. ويبدو الأمين العام رجلاً بسيطاً- وهو خريج جامعة الخرطوم- مبدئياً جداً، مؤمناً بالحزب متقدماً إلى الأمام من أجل خير وفلاح الناس في كل بقاع السودان. وقال عن الفقيد إنه أبكانا نحن الرجال وجمع الأسود والأبيض والأحمر مثل الدعوة القومية في أطروحة الحزب، كما عبر عن تفهمه للحادث أنه قضاء وقدر مع قليل من الإهمال (لو في بس غفير لأخبر ناس مطار الخرطوم أن لا تأتي الطائرة نسبة للغبار وسوء الأحوال الجوية، ولكنه القضاء والقدر). وأكد الأمين العام لحزب العدالة خوضه الانتخابات المقبلة وانعقاد المؤتمر العام للحزب في أبريل 2013م..
فإلى الحوار الذي أرادت (المجهر) أن تجفف به دموع الحزب بعد الفقد الجلل..
{ يُقال إنك جئت أميناً عاماً لحزب العدالة لأنك زميل الراحل “مكي بلايل”.. ماذا تقول؟
– بل جئت بالانتخاب المباشر، وذلك في العام 2009م.
{ أنتم حزب سياسي يسعى للوصول إلى السلطة.. كيف؟
– بقناعاتنا الفكرية والسياسية، وفي ظل التداول السلمي للسلطة والاستقرار والتنمية المستدامة ومقومات الوحدة.
{ هل هي أطروحة حزب أم رجل واحد هو الراحل “مكي بلايل”؟
– نحن حزب قومي ديمقراطي فيدرالي وغني بكوادره، ونسعى لحكم السودان.
{ تريدون حكم السودان؟
– نحن نريد أن نحكم السودان، هل ثمة غرابة في هذه الأمنية؟ أليس طموحاً نستحقه كما الآخرون؟
{ كيف تقدر التحركات الأخيرة للشهيد “مكي بلايل” من أجل التقدم بالحزب إلى الأمام؟
– في العامين الأخيرين كان يركز معنا على بناء الحزب والانتشار في كل بقاع السودان، وكان همّه الأول جنوب كردفان، ويركز دائماً على المصداقية في الحلول وإشراك كل القوى السياسية، واعترض على ثنائية الحل بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في ولاية جنوب كردفان.
{ شاركتم في الانتخابات السابقة؟
– شاركنا، وسنشارك في أي انتخابات من مبدأ التحول الديمقراطي من خلال المحاولات المخلصة.
{ هناك بعض الأصوات ترى أن التسوية وتقاسم السلطة أفضل من الانتخابات.. ما رأيكم؟
– إذا كنت تعرف تعقيدات المنطقة ستقول نعم للتقاسم الذي تم، وكان يجب أن يستمر لتوثيق علاقاتنا السياسية والاجتماعية، وحتى يكون هناك ضمان كافٍ للأطراف لبدء اللعبة الديمقراطية، ولكن كل ذلك فشل لأن الخطوة الأولى كانت خطأ وسوء تقدير.
{ مما لا شك فيه الوجود السياسي للحركة الشعبية بجنوب كردفان؟
– هذا مؤكد، ويأتي نجاح الحركة الشعبية نسبة لفشل القوى السياسية في إشراك المواطن المحلي بصورة أساسية.
{ يقال إنكم حزب القبيلة الواحدة؟
– ما كان ينبغي أن يُقال مثل الحديث البعيد عن الحقيقة.. نحن حزب قومي ولديه رؤية متكاملة لصياغة حلول مشاكلنا السياسية في قالب موحد ومعقول يرضي الجميع.. أين الجهوية وسط هذه الأفكار؟!
{ هل تعاملت مع الشهيد “مكي” كثيراً؟
– زاملته في الجامعة، وأنا أكبر منه بفصلين دراسيين، كنا في جامعة الخرطوم.
{ ما هي آخر رحلة قمتما بها معاً؟
– لم نلتق لشهرين قبل استشهاده، وآخر مرة تقابلنا فيها يوم 30 يونيو سألني عن أحوالي وعن أولادي.
{ هل يزوركم في المنزل؟
– حينما رجعت البيت، أخبرني أولادي الصغار قبل الكبار أن (عمو مكي جاءنا وقال سيبني لنا الحيطة الواقعة في الحوش الأمامي).
{ أين كنت تحديداً حين استشهاده؟
– كنت في (تلودي) أيضاً، وسمعت بالخبر متأخراً لظروف المنطقة في (أبو قناية).. لديَّ أعمال بخصوص البحث عن الذهب.
{ هل كنت تعلم أن “مكي” سيأتي لمعايدة أهل (تلودي).. ومن الذي أخبرك؟
– لم أكن أعلم بذلك، ولكني أفهم أن رئاسة الجمهورية طلبت من “مكي” المعايدة على أهل (تلودي) في أول يوم للعيد، وهو تكليف ضمن رحلات منصوص عليها لتثبيت السلام في جنوب كردفان.
{ هل تأتي الخطوة ضمن التحالف مع المؤتمر الوطني في خطوة قادمة منتظرة؟
– (Never.. Never.. Never).
{ كيف جئت من (أبو قناية) الوعرة إلى (تلودي) لكي ترى الحدث بنفسك؟
– ركبوني ناس المنطقة موتر ووصلت لـ(تلودي) في ثلاث ساعات، وكان في غمام شديد وحينما وصلنا لم نر الجبل ولا الطائرة.. كانت الرؤية صعبة.
{ صِف لنا المشهد؟
– طلبت أن أطلع الجبل لأرى وأصلي على الجثامين، لكن المعتمد أخبرني (لا توجد جثث بالمعنى المفهوم، كلها تفحمت وجمعت الـ34 جثة في بطانية واحدة وصلوا عليها مجازاً صلاة الجماعة)، وقالوا لي أحسن الله عزاءكم في فقيد البلاد.
{ هل استمعت كأمين عام لأي تنوير من القيادة المحلية بالمنطقة بصدد توضيح ملابسات الحادث؟
– أنا مقتنع تماماً أن المناخ والغيم الكثيف هو سبب حجب الرؤية وسبب الحادث.
{ هل الوضع فنياً منطقي لتصديق الرواية؟
– منطقي بكل جوانبه، ولا أحد عنده مصلحة فيه، هذا قضاء وقدر والمعدودة تمت والسلام.
{ يُقال إن (قناصة) الحركة الشعبية يمكنهم القيام بمثل هذا الأمر؟
– دا مستحيل، وإذا القناصة استطاعوا القيام بالهجوم فلماذا لا يحتلون المدينة كلها، ومن ثم فالجيش محيط بالمنطقة من كل جوانبها.
{ بعد القضاء والقدر.. هل تود توجيه أية رسالة؟
– الحادث سببه إهمال في المطار غير الجاهز لأي نوع من الطائرات، ولو كان في (غفير) بس كان بلغ الخرطوم قبل السابعة صباحاً بأن الرؤية صعبة، ولا يمكن استقبال الطائرة القادمة من الخرطوم.
{ متى وقع الحادث بالضبط؟
– السابعة وسبع وثلاثون دقيقة.
{ رفضت كل الاحتمالات بالمنطق الذي يؤكد أنها أقدار الله اكتملت في سوء الأحوال الجوية.. هل ثمة إضافة؟
– البلد التي نعرفها فيها أمان، ولا يستطيع أحد كعدو أن يضرب طائرة.
{ بعد الحادث.. ما تقديرك لدرجة النقاش بين الجماهير في تفسيره؟
– أنا ضيف، رجعت الخرطوم في طائرة تابعة للجيش ولم أشاهد أي نقاش بخصوص ردة الفعل.
{ وفي الخرطوم كيف كان الحال؟
– كان الجو حزيناً.. حزيناً.. حزيناً، وتقاطر الناس بالآلاف إلى بيت الشهيد.. تماسكنا وعزينا الناس وبعضنا البعض.
{ هل بكيتم أنتم الرجال في حزب العدالة؟
– بكينا بكاء شديداً. دا “مكي” يا ابني زول ما ساهل أبداً.
{ والناس مثل حزب العدالة من كل لون وجهة؟
– أحمر وأزرق وأبيض، الغرب والشرق الوسط والجنوب.
{ بموت مؤسس الحزب.. ما الذي سيجري من تغيير؟
– الإستراتيجية واضحة، سيستمر الحزب في نهج التغيير والمحاور واضحة، ونريد الانتشار في كل أصقاع السودان بالتي هي أحسن
{ والآن تعملون؟
– لحكم جديد، ورفض الماضي بكل إفرازاته القبيحة.
{ من الذي يشرف على الحزب فعلياً؟
– ليس له إشراف إلا الله سبحانه وتعالى.
{ غضبت حينما قلنا لك إن البعض يصف حزبكم بحزب القبيلة؟
– هذه الأسطوانات المشروخة، وأي نقد من هذا القبيل، لا وزن له ولا قيمة، ونظام الحزب مكتوب باللغة العربية.
{ هل يكفي مثل هذا التبرير؟
– سفهاء الأحلام يرموننا بالاتهامات غير الحقيقية، ونركز على حرية التعبير والعدالة لأننا نقدر عمق القضايا الجادة.
{ رئيس حزب العدالة غير معلوم؟
– اسمه “صالح يحيى عبد القادر” والشارع القريب من هنا، من شارع الحرية، شارع جده “يحيى صالح بك” ولم يُختر الآن بل قبل ثمان سنوات.
{ كيف تنظر لجنوب كردفان؟
– دي بلدنا ومسقط رأسنا، نعرفها وادياً وادياً، وطفناها قرية قرية، (هبيلة) و(العباسية) و(تقلي) و(المقرح)، والأحداث بكل أسف خلّفت أوضاعاً مأساوية.. مدارس مهجورة وأطفال مشردون وأرامل وجوع في كل مكان.
{ بماذا تخرج من هذه الجولات؟
– حقو القادة ما يشتغلوا بردود الفعل، وأن لا يتفاعلوا مع الاستفزازات المصنوعة، ومن الخطأ رفع شعارات (النجمة أو الهجمة) و(هارون أو القيامة تقوم).
{ الحرب تغير المجتمعات.. أليس كذلك؟
– في مصطلحات ما حقتنا، وهناك (400) كنيسة جديدة، وثمة مخطط أجنبي تنفّذه الحركة الشعبية بالوكالة.
{ البعض يقول لابد من فرصة لأولاد الجبال ليساهموا في إدارة بلدهم؟
– مافي زول يقول، الكلام دا غلط.
{ بماذا توصي القوى السياسية؟
– تصحيح الخطاب السياسي، وعدم المساس بتقاليد وعادات الناس، سيما وأن إنسان المنطقة بسيط، والمغريات الزائفة تنجح بسرعة.
{ على أرض الواقع وبعيداً عن السياسة.. كيف تبدو صورة الناس في مجتمع جنوب كردفان؟
– عسل على لبن، مافي أي مشاكل إثنية، بل تزاوج العربي والنوباوي، انصهار عمره (50) عاماً وأكثر، والعرب يعرفون كلام النوبة.
{ هل ثمة أمل في توحيد الحزب مع العدالة الأصل؟
– سيظل الأصل هو الأصل، لكن إذا عادوا مرحباً بهم، ومافي حزب يرفض تكبير (كومو).
{ ما هي رؤية الحزب في مسألة أبيي؟
– لدينا رؤية متكاملة من قبل أن تصل القضية للمحكمة الدولية، تستند إلى الاتصال بالإدارة الأهلية من كلا الطرفين، ووجد الطرح قبولاً من دينكا نقوك إلا أن قيادات المسيرية اعترضوا.
{ متى ينعقد المؤتمر العام للحزب؟
– في أبريل 2013م بإذن الله.