رأي

همسة

نهلة مجذوب

إلى معتمد الخرطوم

سعادة المعتمد ونحن في شهر فضيل والخرطوم يخرج سكانها خلال هذه الأيام لتعظيم قيم التواصل فيما بينهم، لا سيما لقاءات الإفطارات بالخرطوم، التي ما تزال تفتقر للمناطق الترفيهية من حدائق ومتنزهات ومسطحات خضراء، ولكن يصرون على الخروج ناحية قلب العاصمة، ويفاجأون بأن البقاء بالبيوت أفضل من وضع تلك المناطق..
عزيزي المعتمد ليتك تصدر أمراً بأن يتم دخول الناس وقت الآذان لهذه الحدائق على قلتها مجاناً، فالمنظر غير لائق ولا إنساني ولا حضاري أن يصطف الناس أمام بوابات الحدائق هذه ليشتروا تذاكر الدخول، فالناس في هذا الشهر تتسابق لفعل الخيرات والطاعات أكثر من أي شيء آخر، وليس لجني المال .
صراحة إنه لشيء عجيب ومنظر كئيب وواقع مزرٍ.
الناس يتزاحمون والسيارات تتكدس على الطرقات بشكل غير صحيح ومزعج، الصائمون يحملون طعامهم وإفطارهم ويدركهم الآذان وهم وقوف على شبابيك التذاكر، وبين رحمة وانتظار يدي مخلصيها لوقت طويل وينسون السنة في الدين الكريم أن يعجلوا بالفطور.. ونحن في بلد المليون ميل مربع هل تنقصنا الأماكن والمساحات؟، الإجابة أكيد لا، ولكن عدم اهتمام..
مساحات الحدائق ضيقة جداً وغير مؤهلة تماماً، والناس تقف لساعات طوال تنتظر الدخول متكدسة أمام بوابات بيع التذاكر عبر صفوف طويلة وعجيبة، وكل من يمر في هذه الأوقات يتذمر ويندم على مجيئه..
وفي آخر لقاء بالصحفيين في نهار رمضاني صائف تحدثت طيباً حد الطمأنينة وتحقيق الأحلام، ووعدت بإنشاء الحدائق والمتنزهات وفتحها وتأهيلها، فليت حكومة الخرطوم تعمل وتهتم بهذا الأمر..
شارع النيل الخالد الممتد الذي بات يشبه المناطق المقفولة، هو الحل افتحوه وهيئوه وأحسنوا إدارته وحافظوا على أمنه ووفروا خدمات دورات المياه والإنارة والنظافة، فالناس بحاجة للترفيه والتغيير والترويح رغم ما تحيط بهم من ظروف اقتصادية طاحنة
لا تفشلوا في كل شيء… الحدائق لابد أن تكون على طول شارع النيل لتمنحه الحيوية، ويحس الزائر إنه يقضي وقتاً ممتعاً في الهواء الطلق، لا وقتاً بين ضيق ازدحام وتذمر..
الخرطوم لا تشبه العواصم مطلقاً، ومازالت تفتقر لمقومات المدينة ناهيك عن أنها عاصمة مقرن النيلين، فليس بها واجهات سياحية تجمع بين الترفيه والثقافة.
وان اجتهدت المحلية في عمل وتأهيل ملتقي النيلين (هيلتون) بعد أن عجزت حكومة الخرطوم لسنوات وكانت مهملة بجانب شارع الغابة والطابية شرق وحدائق ما بين النفقين وأخرى جوار مدينة البشير الطبية.. هذه حدائق ذات مساحات ضيقة وغير مؤهلة.
أين المواقع والمتنزهات والبلد كلها مخنوقة ومكتظة في الساحة الخضراء التي تكتظ يومياً بالآلاف، أو حدائق منتزه الطائف الذي تغزوه الأشواك بدلاً من أن تنبت في النجائل..
دعوا الناس تعيش في هذا الهواء الطلق واجتهدوا في أن تكون الخرطوم وجهة سياحية غنية بالأنشطة الترفيهية المتنوعة” للصغار والكبار بدل “الحيرة النحنا فيها” كل لا يعرف أين وجهته للإفطار أو الترفيه، إنه لشئ مؤسف.. دعونا نستمتع بأرضنا الرحبة ونتلمس أحضان طبيعتنا البكر حول النيل ونستمتع بمناطقنا البرية.. أزرعوا لنا الأشجار والنجائل والزهور، فهي التي تسعد نفوسنا المتعبة وتتركنا في أجواء ممتعة ورائعة..
فمثل هذه اللقاءت التي تفشل بسبب الأرض والمكان تخفف حدة توترنا تجعلنا نلتقي اسراً وعائلات وأصدقاء وزملاء بكل حب وإلفة وسعادة، نتناسى فيها أزمة الغاز والجاز والخبز والدواء وضنك المعيشة الذي أصبح حديث الناس في أي مكان..دعونا نهرب قليلاً من أفق الأزمات ونرتاح في هذا الشهر على قيم التعارف والكرم والتواصل بيننا..
افتحوا أبواب هذه الحدائق في هذه الأوقات فتح الله عليكم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية