لم تحالفني الظروف لألتقي بالوالي الشاب، “أبو القاسم بركة”، منذ تعيينه والياً على غرب كردفان وحتى اليوم، حيث كانت آخر زيارة لي لمنطقة كردفان الغربية في العام 2011م قبل إعلانها ولاية منفصلة، طفت بواديها وحضرها، برفقة الزعيم “إبراهيم الشيخ” رئيس حزب المؤتمر السوداني السابق، وجدت معاناة أن حدثوني عنها لا أصدقها، وأجريت تحقيقات صحافية عن حياة إنسانها البسيط الذي يكد ليجد جرعة ماء.
عندما أعلنت ولاية وعين عليها (بركة)، أشفقت عليه كثيراً، وتنبأت له بفشل ذريع، وأن كان يحمل عصا “موسى”، ولكن أداءه كان مدهشاً، بإمكانيات تكاد تكون معدومة، حقنت دماء أهلها المتصارعين دوماً، بدأت مظاهر التنمية تلوح من بعيد، شاءت الأقدار أن انتقل الرجل لحكم ولاية النيل الأبيض، التي تختلف عن سابقتها كثيراً، فهي ولاية غنية بأرضها وإنسانها، لديها موارد ضخمة، ولكنها عانت من سوء الإدارة وإهدار الموارد، فالوالي الأسبق “الشنبلي” الذي فاحت رائحة فساد حكومته حتى أزكمت الأنوف، أرهقها وإنسانها، وعندما تولاها الدكتور “كاشا” الذي لا يختلف اثنان في مقدراته، والتاريخ يشهد له أينما حل، ولكن لم يحالفه الحظ هذه المرة، ووجه بمتاريس الاختلاف حوله من أهلها وسياسييها، انشغل بصراعات لا أول لها ولا آخر وأهمل شؤون الحُكم حتى دمغت تجربته بالفشل.
اليوم أمام “أبو القاسم بركة” تحدٍ كبير، ومن حُسن حظه وفرت له كل أدوات النجاح، مدفوع بحماسه وجديته، بإمكانه أن يحسم الصراعات والتكتلات داخل الحزب في وقت يسير، ومن ثم يمضي باتجاه التنمية وتحقيق الاستقرار لأهل تلك البقاع الذين عانوا كثيراً من إجحاف الحكومة المركزية وظلم الولاة.