تقارير

أمبيكي يرفع تقريره غداً: (أبيي) .. هل تصلح الدبلوماسية ما أفسدته السياسة..؟!

بعد مضي قرابة الشهر من توقيع اتفاق التعاون بين الخرطوم وجوبا، يرفع الوسيط الأفريقي رفيع المستوى توصياته النهائية غداً (الأربعاء) إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي، ومن المتوقع أن تشتمل على مقترحات نهائية بشأن القضايا التي لم يفلح الطرفان في التوصل إلى صيغة حل لها تنهي مارثونات التفاوض بينهما.  وحسب مندوب السودان لدى الاتحاد الأفريقي وسفير السودان في أديس أبابا “عبد الرحمن سر الختم” فإن جلسة الغد سيقدم خلالها الوسيط الأفريقي مقترحات بخصوص ملفي أبيي والميل (14)، مشيراً الى أن تنوير “أمبيكي” مخصص بصورة أساسية للعلاقة بين الشمال والجنوب، وقال لـ (المجهر) إن الاجتماع سيكون على المستوى الوزاري.
فيما رشحت أنباء عن نية رئيس الآلية الأفريقية “ثامبو أمبيكي” طرح مبادرة جديدة بخصوص المنطقة المتنازع حول تبعيتها، ويرجح متابعون أن يقدم الرئيس جنوب الأفريقي الأسبق المقترح ذاته الذي سبق أن رفضته الخرطوم في جولة أديس أبابا الأخيرة نهاية الشهر الماضي على مستوى رئاسة الجمهورية، وكان المقترح  يقول بأن يكون حسم الملف باستفتاء أبناء المنطقة حول تبعيتها شمالاً أو جنوباً مع تفصيل من يحق له التصويت، ولضمان نزاهة الاستفتاء فإن مقترح “أمبيكي” أشار إلى أن تؤول رئاسة المفوضية الى جهة محايدة – الاتحاد الأفريقي .
واللافت أنه بعد تعليق المفاوضات عقب التوقيع على برتكولات التعاون المشترك بين البلدين، قامت حكومة الجنوب بخطوات استباقية لما سيقدمه “أمبيكي” من مقترحات، بقيادتها تحركات دبلوماسية مكثفة داخل أروقة الاتحاد الأفريقي، الغرض منها تمرير المقترح الابتدائي الذي أقره الاتحاد الأفريقي وتم رفضه من قبل حكومة السودان، إذ أفلحت جوبا في انتزاع تعهد من دولة جنوب أفريقيا بدعم مقترح رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى “ثابو أمبيكي” بشأن قضية أبيي بهدف إنهاء النزاع المستمر بين السودان وجنوب السودان.
ويتضح أن جوبا تسعى الى استقطاب جنوب افريقيا، الدولة ذات التأثير القوي داخل دهاليز مفوضية الاتحاد الأفريقي الذي تسلمت رئاسته بصورة رسمية منتصف الشهر الحالي جنوب الأفريقية “دلاميني زوما”. وحسب تأكيدات ممثل حكومة الجنوب في اللجنة الرقابية المشتركة لإدارة أبيي “لوكا بيونق دينق”، فإنهم  تلقوا ضمانات من  جنوب أفريقيا بأنها ستدعم وتؤيد يوم غد (الأربعاء) اقتراح أبيي المقدّم لمجلس السلم والأمن الأفريقي فقط، بل وأنها تسعى الى حشد إجازة الاقتراح بإجماع جميع أعضاء المجلس. كما أشار “لوكا” – بحسب سودان تربيون – إلى أنهم أجروا اجتماعات مثمرة مع قيادة المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم ووزير الشؤون الخارجية في جنوب أفريقيا.
 ويبدو أن الدولتين اعتمدتا على الحسم الدبلوماسي كلٌ لصالح موقفه، ولأجل ذلك يقود وزير الخارجية “علي كرتي” وفد السودان المشارك في اجتماعات مجلس السلم الأفريقي، إلى جانب مشاركة مدير إدارة الجنوب بوزارة الخارجية السفير “بدر الدين عبد الله”، وكل ذلك يعطى مؤشرات واضحة بأن جلسة مجلس السلم والأمن الأفريقي – التي تفصلنا عنها 24 ساعة – من الأهمية بمكان، لا سيما وأن مخرجات تلك الجلسة تُرفع مباشرة إلى مجلس الأمن الدولي. ويرى محللون أن كلتا الدولتين تسعى إلى توجيه  توصيات اللجنة الأفريقية، كل في اتجاه مصالحها، من واقع أن تلك المقترحات، في حال تمت إجازتها بصورة نهائية من ممثلي مجلس السلم الأفريقي، فإنها متى ما عُرضت أمام مجلس الأمن سيحيلها إلى التنفيذ مباشرة، لكن، ووفق حديث وكيل وزارة الخارجية لـ (المجهر)، فإن التوصيات الأفريقية قابلة للتدوال قبل إجازتها بصورتها النهائية، وأضاف: (نحن لا يمكننا التكهن بما سيقدمه “أمبيكي” من مقترحات بخصوص أبيي، لكن قطعاً سنقرر بعد ذلك هل نقبلها أو نرفضها).
 وحسب مصدر رفيع تحدث لـ (المجهر) فإن الخرطوم تسعى بدورها الى حشد تأييد ودعم لمقترح الحل السياسي لقضية أبيي الذي يجُبُّ مقترح الاتحاد الأفريقي الخاص بإجراء استفتاء لتحديد تبعية المنطقة.. والخرطوم إذ تفعل ذلك ترمي إلى النأي عن جدل من يحق له التصويت في استفتاء أبيي، وكذلك تبعد عن الخلاف حول من يرأس مفوضية استفتاء أبيي.
وفيما ترمى كلتا الدولتين بسلاحها في قضية أبيي، فإن ثمة ملفات أخرى عالقة من المؤمل أن تضع لها توصيات “أمبيكي” أجلاً زمنياً لاستئناف التفاوض حولها. وكان رئيس جنوب السودان قد أشار في وقت سابق، خلال اجتماع تنويري لبرلمان بلاده، إلى أن المفاوضات حول قضايا ترسيم الحدود والمناطق المدعاة والمختلف حولها بين البلدين سيتم في نوفمبر المقبل في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وقال: (إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فإنه سيتم اللجوء إلى طرف ثالث.. إلى التحكيم).
وبالعودة الى موضوع أبيي، وقبل إجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي غداً، يبقى التساؤل قائماً: ما الذي سيسفر عنه الاجتماع على خلفية التحركات الدبلوماسية التي سبقته من قبل الدولتين؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية