رئيس الحركة الوطينة لجنوب السودان د.كوستيلو قرنق في حوار الراهن
لهذه الأسباب يتحمل سلفاكير كل الجرائم رغم أنه لم يقتل أحداً ....
الجنوب ليست به مشاكل حقيقية بل مصطنعة من أفراد يريدون البقاء في السلطة دون تفويض
الأمريكان احسوا أنهم (اتغشوا) من القيادات الجنوبية وأن جوبا يمكن أن تكون دولة حديثة
لا ينبغي أن يحبس رياك مشار والآخر طليقاً يحكم، فكلاهما تسبب في حرب الجنوب!!
انتقد رئيس الحركة الوطنية لجنوب السودان كوستيلو قرنق رينق لوال سياسات حكومة جنوب السودان، ورأى أن نظام سلفا كير سينقل بكرسي السلطة خارجاً، وزاد :(أنا في تقديري أن تمسك سلفاكير بالسلطة يأتي بسبب فشله، وأنه – أي سلفا كير- اذا لم يفشل كشخص فقد فشل كنظام، وأوضح أن القيادات والمسؤولين بالدولة لم يستفيدوا من سلفاكير، بل خدعوه ونهبوا أموال الدولة، ومعظمهم أصبحوا أثرياء، وقال كوستيلو ان على سلفاكير أن يتحمل مسؤولية الجرائم التي ارتكبت في عهده كرئيس، يتحمل المسئولية رغم أنه شخصياً لم يقتل.
برلين ـ الخرطوم: فائز عبد الله
* د. كوستيلو بدءاً ما تعليقك على تمسك سلفاكير بكرسي السلطة بالرغم من انتهاء فترته الرئاسية؟
– في تقديري إن تمسكه يأتي من باب فشله، وإن لم يفشل كشخص فإنه فشل كنظام أو تم إفشاله من القيادات والمسؤولين الذين حوله، حيث لم يستفيدوا منه و خدعوه، وهذه القيادات نهبت أموال الدولة، ومعظم الذين كانوا حول سلفاكير أصبحوا أثرياء، ويجب أن يتحمل سلفاكير كل الجرائم رغم أنه شخصياً لم يقتل أحداً، ولكنه كرئيس يتحمل المسئولية كاملة.
* طرحت من قبل مقترحاً لإنهاء الأزمة في جنوب السودان، أين هو من أرض الواقع؟
– أنا قلت إن هنالك قبائل صغيرة أصابها الهوس بأن الدينكا يريدون الهيمنة على الحكم والمال العام والسلطة والجيش والأمن، لذا اقترحت أن يكون هناك مجلس رئاسة، وأن يكون لدينا مجلس سيادة، مثل الذي تم تكونه في عهد الزعيم الراحل الأزهري، لأن القرارات تتخذ بشكل جماعي، وأن يكون هنالك ممثلين من كافة الولايات، والقوة الحديثة والمرأة والعودة للولايات الـ(10)، وهنا أقول أننا نعمل بالفدرالية ولا نعرف ما هي الفدرالية، الفدرالية الموجودة الآن مثلاً في ألمانيا، نجد أن كل ولاية مسؤولة من الشرطة التي تليها، ولو أتينا بمجلس السيادة وقللنا عدد مقاعد البرلمان التي تبلغ 450 وأضفنا التي كانت بالخرطوم، نوفر بذلك مبالغ طائلة تصرف في التنمية بدلاً عن البرلمان، وعمل مجلس قبائل نسميه بيت الناس، ونأتي بالقبائل جميعها ونأتي بالسلاطين ليلتقوا كل مرة لإتخاذ قرارت جماعية لا قبلية، وتوضع أمام الرئاسة ويفصل فيها، وبذلك يتم القضاء على من يستخدم تلك القبائل في الأمور السياسية، فالقبائل تتصارع الآن رغم أن لا للدينكا ولا النوير ناقة فيما اختلفوا حوله.
* دكتور في اعتقادك هل يمكن أن يساعد إطلاق سراح رياك مشار في حل الأزمة؟
– الحرب لم تبدأ بعد، وضع رياك مشار في الإقامة الجبرية، وإنما كان طليقاً من قبل، والحرب كانت قائمة، وأنا أتمنى أن يطلق سراحه حتى تتساوى المعادلة، فلا ينبغي أن يحبس أحدهما ويظل الآخر طليقاً يحكم، فكلاهما تسبب في حرب الجنوب.
* مقاطعة .. إذا تم إطلاق سراحه ألا يعني ذلك أن الحرب ستشتعل؟
– لا لن تشتعل الحرب ولكن إطلاق سراحه ليس حلاً، فأنا حذرته من قبل عندما أراد أن يوقع على إتفاقية 2015 فقلت له لا تفعل، وعندما أصرَّ قلت له وقع ولن آتي معك، ثم وقع وأوقفت كل اتصالاتي به، ومنذ العام 2015 لم أتحدث مع رياك مشار حتى هذا العام، لأني كنت أعلم أن الاتفاقية لن تحل القضية، وهذا ما حدث في جوبا.
* أين ذهبت القيادات الواعية التي كان ممكناً أن تساهم في رأب الصدع؟
– الوعي شيء صعب التحديد، لأن حتى غير الواعي يعتبر نفسه واعياً، وهذا ما يوجد في جنوب السودان، حيث أن حملة الشهادة الثانوية يعتبر نفسه مثقفاً، فالمثقف ليس ضرورة أن يكون متعلماً، لكن في جنوب السودان الكل يعتبر نفسه مثقفاً، واستولى اعتقاد على البعض أنهم حرروا الناس، فمفهوم التحرير هو أن تحرر نفسك قبل أن تحرر الآخرين.
* لماذا لم تلتزم جوبا بالاتفاقات التي وقعت بين الطرفين؟
– حكومة جوبا لم تلتزم بالاتفاق منذ البداية، وسلفاكير كان رافضاً للاتفاق وكان رافضاً عودة مشار إلى منصب نائب الرئيس.
* توحيد الحركة الشعبية، هل يمكن أن يوضع في خانة التفعيل؟
– لا داعي لتوحيد الحركة الشعبية، ولماذا التوحيد؟ نحن لا نريد أن نكون دولة شمولية، والحركة الشعبية كانت تجمعاً من أحزاب وأفراد، تحارب من أجل قضية محددة، وليس من المصلحة بشيء أن تعود هذه الجماعات وتكون أحزاباً حتى تتباين الآراء داخل الجنوب، وتوحيد الحركة الشعبية هو سبب كل (البلاوي) في الجنوب، لأن الكل تابع للحركة الشعبية، والحركة الشعبية لا تمثل الجنوب، وتوحيدها معتقد خاطيء إن كان المعتقد أن ذلك يحل القضية، والمشكلة بدأت مع توحدها.
* هل فشل المشروع السياسي القائم على دولة الديمقراطية؟
– الديمقراطية ترتكز على القناعات، وأنا لا أرى قناعات في تركيبة دولة الحركة الشعبية، ولم تكن حركة بالمفهوم التقليدي، فهي حركة قامت على قناعات إجبار الآخرين للسير في مسار محدد وفق موجهات محددة، وهذا يناقض الديمقراطية، فالدولة الديمقراطية تولد مع مرور الزمن، ولا بد أن نبدأ بدولة احترام القانون ثم بعد ذلك يتم تطوير الدولة، فلا ينبغي أن نهيمن على الصحافة والتلفزيون والراديو من مجموعة محددة كما في بعض الدول.
* البعض يقول إن انتشار القبلية في جنوب السودان هو فعلاً ما يريده النظام، تعليقك؟
– لا يوجد انتشار للقبلية في جنوب السودان، والقبلية تستخدم من قبل أفراد ليس لهم أي علاقة بالقبيلة، وذلك ليستمروا في السلطة، مثلاً هل يمثل سلفاكير الدينكا، وأنا ابن سلطان ؟ وإذا كان هنالك حديث يجب أن يناقش .لماذا لا أكون من كبار أعيان الدينكا، وأنا من أويل ؟وهي أكثر منطقة كثافة لسكان الدينكا في جنوب السودان، ولو كان أمر السلطة يتعلق بالمنطقة لكنا حكمنا قبل قيام جنوب السودان، فالمشكلة في قيادة الحركة الشعبية وهم يسوقون ذلك للقبائل على أنها مشكلة قبلية، فالسؤال ماذا استفادت القبائل من سلفاكير؟ تم إرسال أبنائهم إلى أعالي النيل.
* ما تعليقك على المجموعات المستحدثة والفصائل المعارضة ؟
– هذه المجموعات عددها كبير، ويجب أن يقل عددها، فمثلاً منطقة البل في أعالي النيل بها بيتر قديت وبابي منتويل، وفي النوير في منطقة الناصر يوجد شامسون، وهذه كان الأولى أن تكون مجموعة واحدة إضافة لريك مشار، وهنالك مجموعة في غرب الاستوائية وهي معقولة بعض الشيء، إضافة إلى الزاندي ومجموعتنا المتمثلة في الجيش الوطني والحركة الوطنية ببحر الغزال، كلها لو حاورت بعضها البعض لقل العدد، ونتخطى بذلك الأساس القبلي الذي جعل البعض يوالي سلفاكير ثم يخرج من منصبه مكوناً حركة جديدة.
* هناك خلافات وصراعات دائرة داخل حكومة جنوب السودان بين بعض المسئولين، ما جدواها؟
– أي نظام شمولي يتمثل في التقرب للرئيس، حتى يستفيد ويكون مسموع القرار، فدينق ألور لديه مشكلة أبيي ولا يستطيع إلا بالاتفاق مع سلفا، ومن الأفضل لدينق ألور وال مجوك أن يعودوا للحوار، وأن لا ينحصر التفاوض بين سلفا والبشير، ولا مشكلة بين ماكوي وملونق إلا حول السلطة، وهنالك تدخلات مدير الأمن في قرارات سياسية، وصراع بات بين رئيس الأركان والأمن والدفاع، وكل ما صمد الرئيس زادت الخلافات بين الآخرين لأن كل واحد يعتقد أن الرئيس على اتفاق معه.
* هل يمكن للولايات المتحدة أن تتخذ قراراً على غرار ما اتخذته في العراق وسوريا؟
– هذا ممكن، فالولايات المتحدة يمكنها ذلك، ونحن كأفارقة نطلب دائماً من الغرب أن يدفع الفاتورة ولكن لا يتدخل في الشؤون، فهي معادلة غير موجودة أصلاً في الواقع السياسي، فمن يدفع الفاتورة عادةً يتدخل، والأمريكان دخلوا في الشأن منذ بداية الحرب، ونيكي هيلي ذكرت ذلك عندما قالت أنهم خسروا 11 مليار دولار حتى يجلس سلفاكير على الكرسي، ولم يطالبوا بتلك الأموال وإنما قالوا أحكموا بلدكم بالتي هي أحسن، والأمريكان يرون أنهم (اتغشوا) من القيادات الجنوبية، وكانوا يعتقدون أن الجنوب يمكن أن يكون دولة حديثة، باعتباره مكسباً لهم، فأميركا كان تدعم الجنوب من واقع نظرية أن من يحارب 21 عاماً ويفقد هذه الأعداد من الموتى حتماً يأتي حاملاً معه قضية، وعندما تحررنا استغربوا أين القضية وماذا فعلت الحكومة لشعبها وأهلها، واستمروا في اختلاس الأموال وتحويلها إلى الدول المجاورة ويوغندا وإلى أستراليا وبناء الأموال بأميركا وغيرها، وأي مبلغ يحول تعلم به أميركا، وعلمت أنها تعرضت لخدعة، ولو خدعت أميركا مرة لا يمكن أن تخدعها مرتين، وهم كانوا يتوقعون أن نحافظ على قضيتنا، وأين ذهب الانفصال، هكذا تساءلت أميركا، وأقول أن الإنفصال لم يكن هدفاً، وإنما الهدف كيف تتحقق التنمية عبر الانفصال، ويأتي مجنون ويقول :(لك أني حررتك بل حرر نفسه).
* تقارير غربية ومحللون يرون أن د.كوستيلو قرنق قادم بقوة نحو قيادة دفة الحكم في الجنوب ؟
– بعد اتفاقية السلام تم تعييني من قبل سلفاكير وزيراً للاستثمار، وطلب مني أن أذهب إلى الخرطوم، وجلست مع رياك مشار، وقال لي إنك ستكون وزيراً للاستثمار، لأنك تمتلك علاقات كبيرة وأنت عضو بالبرلمان، ورفضت ذلك وقلت له أني سأرجع إلى ألمانيا، وذهبت وتم تعيين مالك عقار، وفي 2008م تم تعييني مستشاراً لسلفا، وطلب مني المساعدة، وكنت أعمل بطريقتي، لذا أنا لم أطلب الجاه، وأريد حلاً للجنوب، لأني لو عشت بأمان في ألمانيا فأهلي وعشيرتي في مأزق، وفي نهاية المطاف إذا كان هنالك إجماع جنوبي وغربي على أني يمكن أن أحل القضية لن أقول لا وإنما سآتي بأفكار مختلفة أكثر حداثة، مثل آرائي في قضايا النساء مثلاً والقضايا القبلية.
* إذا قدر لك أن تكون رئيساً للجنوب، كيف ستعالج الأمر في ظل هذه المشكلات؟
– الجنوب ليس به مشاكل حقيقية وإنما مصطنعة من أفراد يريدون البقاء في السلطة دون تفويض من أحد، والموارد المرئية الموجودة تم نهبها، وكنا نعتمد على البترول الذي تركه السودان، والديون التي يحكي عنها وهمية، ومبالغ كثيرة استلمت في دبي وتم تسليمها في كاليفورنيا، وأنا لو وقفت على الرئاسة لن أسدد ديون الجنوب وهي ديون كثيرة تمت دون مشورة البرلمان ومجلس الوزراء، عدا التي تستحق ذلك، وهي الديون الحقيقية التي تم عبرها شراء السلاح.