المشهد السياسي

“ترامب” الذي نقل سفارته إلى القدس

موسى يعقوب

في خواتيم العام 2017م، كان الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترامب” قد اتخذ قراره بنقل سفارة بلاده، الولايات المتحدة الأمريكية، من تل أبيب العاصمة الإسرائيلية إلى القدس الشريف، اعترافاً بأنها العاصمة الخاصة بالدولة العبرية، وكان ذلك قد أثار غضب ورفض الكثيرين، ومنهم حلفاؤه في الاتحاد الأوروبي وبعض مستشاريه في البيت الأبيض.
عليه، يومها أي في العاشر من ديسمبر الماضي كنت قد قلت في (المشهد السياسي) إن الرئيس “ترامب” أدخل بلاده في (مهلكة)، الشيء الذي فعله الرئيس الأمريكي السابق “بوش الابن” وهو قد أدخل بلاده في الحرب على الإرهاب، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، فكانت الحرب على العراق بلا معنى أو وقائع وأسباب حقيقية، وذلك ما تم الاعتراف به بعد ذلك وبالخسائر البشرية والمادية التي تبعته.
الرئيس “ترامب” بالأمس 14 مايو كان قد نقل سفارة بلاده بالفعل إلى القدس في أحتفائية أمريكية إسرائيلية، الأمر الذي فتح عليه باب الغضب ليس الفلسطيني وحده، وإنما غضب آخرين من غير العرب والمسلمين الذين يرون في القدس محل خلاف كبير.. يخرج الولايات المتحدة الأمريكية في عهد “دونالد ترامب” من عملية السلام التي يرجى تحقيقها عبر الحوار والتفاهم والحقوق الأساسية المتفق عليها.
ودولة إسرائيل التي قامت منذ العام 1948م، ظلت تعتدي على حقوق الفلسطينيين وعلى أرواحهم وممتلكاتهم وما وهبهم إياه القانون الدولي والإنساني من حقوق.. وظلت الولايات المتحدة لا تعترف بها حتى وصل الأمر إلى اعترافها بالقدس عاصمة للدولة العبرية ورغم كل شيء، فقد ظل حق النقض (الفيتو) هو العصا والآلية التي تحمي بها الولايات المتحدة إسرائيل من القدح في ذمتها، وتغولها على الحقوق الفلسطينية، الشيء الذي أخرجها الآن من قائمة الدول التي ترعى اتفاق السلام المرجو بين الخصمين الإسرائيلي والفلسطيني، وقد بدأ ذلك منذ سنوات طويلة.
فما المرجو والمتوقع بعد ما حدث بالأمس في القدس الشريف ذات الخصوصية الدينية بقرار من الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”؟.. فثمة حراك الآن في المحيط الأممي الدولي بشأن الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين وهم يقومون بحقهم في التعبير عن حقوقهم.. ولا بد أن ما حدث في القدس أمس الأول وقد نقلت الولايات المتحدة الأمريكية سفارتها من تل أبيب إلى القدس سيزيد الطين بله – كما يقولون.
إن الولايات المتحدة في عهد الرئيس “ترامب” قد فقدت الكثير من هيبتها وسمعتها كقطب عالمي أول ذلك أنها:
أولاً: نقضت بالأمس اتفاقها النووي مع جمهورية إيران الإسلامية، ولم يوافقها على ذلك حلفاؤها الأوروبيون، فضلاً عن غيرهم.
ثانياً: وكان ما قامت به من عمل دبلوماسي في القدس قد أفقدها دورها في السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وثقة حلفائها ومقربيها من الدول العربية والإسلامية.
ومن يدري أن ما جرى في القدس والانسحاب من الاتفاق مع إيران سيكون الأخير في قائمة السقوط والخسران “الترامبي” المشهود؟! والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية