عادل عبد العاطي مرشح رئاسة الجمهورية في 2020 لـ(المجهر)
الشعب السوداني مهيأ تماماً للتغيير أكثر مما تتصور النخب
كل شيء في الحياة محفوف بالمخاطر وخصوصاً في السودان
حوار رشان اوشي
”عادل عبد العاطي” كاتب وناشط مدني وسياسي، يعمل بمجال النشر والإعلام بدأ الدراسة في مدينة عطبرة قبل أن يدرس القانون في جامعة القاهرة فرع الخرطوم في أعوام 1958-1988م، ثم قطعها وسافر للخارج. حصل على دبلوم اللغة البولندية من جامعة وودج ببولندا عام 1989. درس الصحافة والعلوم السياسية في جامعة وارسو (1989-1994) وحصل على دبلوم عالي من مدرسة الصحافة العليا في وارسو(1995-1997).
انضم “عادل عبد العاطي” في 1983 – عمره 17 عاماً – للحزب الشيوعي السوداني وجناحه الطلابي (الجبهة الديمقراطية). شارك في إعادة تأسيس اتحاد الشباب السوداني والاتحاد النسائي في مدينة عطبرة (1983-1985) . و كان يدعو للتجديد في الحزب الشيوعي السوداني منذ عام 1990 واستقال منه في مايو 1996 قبل أن ينضم إلى تنظيم قوات التحالف السودانية في السنوات 1997-2003 واستقال من قوات التحالف السودانية في منتصف عام 2003 . أسس مع آخرين الحزب الليبرالي السوداني في عام 2003 والذي توحَّد مع تنظيمات أخرى تحت اسم الحزب الديمقراطي الليبرالي.
وعادل الذي أعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية خلال الانتخابات القادمة يعتقد أن الشعب السوداني الآن مهيأ للتغير أكثر مما تتصور النخب السياسية.
(المجهر) التقت عادل عبد العاطي وأدارت معه حواراً حول برنامجه الانتخابي ورؤيته للتغيير، فإلى مضابط الحوار:
{ كيف تمضي حملتك الانتخابية؟
تمضي بشكل بطئ ولكن جيد.
{ لقاؤك بإدارات أهلية ورجال طرق صوفية كيف تقبلوا برنامجك؟
كان جيداً جداً بالنسبة لرجال الإدارات الأهلية ورجال الطرق الصوفية، وهذا مكون اجتماعي مهم في السودان لا يمكن تجاهله، وشرحت لهم أن حملة (سودان المستقبل) هي لكل أصحاب المصلحة، بما فيها المكونات الاجتماعية التي يشرف عليها رجالات الإدارات الأهلية، وحقيقة رجالات الإدارة الأهلية رغم الاتهامات لهم بأنهم يوالون السُلطة، ولكنهم يبحثون عن حلول لمشاكل مجتمعاتهم وحملة (سودان المستقبل) تتفق معهم في البحث عن هذه الحلول، بالنسبة لقيادات الطرق الصوفية، طبعاً الصوفية مكون مهم في السودان والإسلام الصوفي هو الذي اتى بالإسلام للسودان، وهو مكون للتسامح ونحن نرفض كل أشكال الممارسات التي تنتهك حقوق أهل الصوفية والتضييق عليهم، وقد وضحت لهم موقفنا في احترام حرية الأديان وحرية التبشير وحرية العقيدة والممارسة الدينية، وإن الإسلام الصوفي مكون مهم جداً في ثقافة السودان.
{ هل تعتقد أن الشعب السوداني بنظامه الاجتماعي المحافظ سيتقبل المرشح ذا الخلفية الليبرالية؟
أنا اعتقد أن الشعب السوداني مهيأ تماماً للتغيير أكثر مما تتصور النخب الثقافية والسياسية لأن الشعب السوداني في 1954 صوت للتقدم، صوت للحزب الاتحادي الديمقراطي، ولم يصوت للأحزاب اليمينية في ذلك الوقت، و في 1924 سار الشعب السوداني وراء قيادات اللواء الأبيض وهي كانت قيادة ليبرالية ويمكن أن نسميها تقدمية ولم يسر خلف السادة، والشعب السوداني بحث عن بديل حتى في تصويته في 1986 لـ”الصادق المهدي” لأن “الصادق” وقتها كان يرفع شعارات التغيير الشامل وكنس آثار مايو، الشعب السوداني بعد معاناة لقرابة الـ(30) عاماً تحت الحُكم اليميني ، يبحث عن أي حلول تحقق له كرامة وتحقق له حقوقه، وأنا أثق في قدرة الشعب السوداني على الحُكم وعلى اختيار البديل الذي تمثله حملة (سودان المستقبل).
{ تصوراتك لشكل إدارة الدولة والقوانين التي ستكون في حال فوزك؟
شكل إدارة الدولة ستحكم بشكل فيدرالي حقيقي ستقسم إلى ستة أقاليم رئيسية، بدلاً عن (18) ولاية، سيكون الإقليم الشمال والشرقي ودارفور وكردفان والإقليم الأوسط وإقليم الخرطوم، وسيتم تخفيض الظل الإداري بنسبة الثلثين تقريباً، وسنعمل على بناء دولة خفيفة ولكن قائمة بمهامها لأن التضخم الموجود في جهاز الدولة يمنعها حتى من القيام بمهامه، بالنسبة للقوانين سنسعى في إقامة دستور دائم في البلاد يقوم على التراضي وعبر مؤتمر دستوري تشارك فيه كل القوى صاحبة المصلحة ويتم عرضه في استفتاء عام على الشعب حتى يفوز برضائه ،هذا الدستور نركز على أن يقوم على أساس المواطنة وتساوى كل السودانيين في الحقوق والواجبات وتضمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فيه حق السكن والحق في التعليم والصحة المجانية والحق في تكوين أسرة والحصول على خدمات المياه النظيفة والحق في التأمين الاجتماعي هذه حقوق دستورية توصل إليها العالم وسنضمها، لأن الدستور إذا لم يضمن هذه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فكل الحقوق السياسية لا يكون لها معنى وفق هذا الدستور سيتم سن القوانين، أنا عن شخصي لن أحاول فرض أي نوع من أنواع القوانين، لأن سُلطة الرئيس تنفيذية، والسُلطة التشريعية في يد البرلمان على مستوى المركز أو البرلمانات الإقليمية، وسيكون هنالك نوع من المرونة بحيث يمكن للأقاليم أن تبدع القوانين المناسبة لها بحيث لا تخالف القانون المركزي الذي يقوم على الأسس الدستورية المعروفة في العالم احترام القانون فصل السُلطات حُكم القانون مبدأ المواطنة.
{ ربما هنالك تخوف من برنامجك في محاربة قوانين الشريعة الإسلامية؟
ليس هنالك ما يُسمى بقوانين الشريعة الإسلامية، قوانين سبتمبر 1983 كانت قوانين رجعية وتسلطية على الشعب السوداني، وكانت مخالفة حتى للشريعة الإسلامية، فهنالك ما يُسمى بالشروع في الزنا وليس في الشريعة ما يُسمى بالشروع للزنا، أيضاً القانون الجنائي 1991 وكل القوانين التي اتت بها الإنقاذ لا علاقة لها بالشريعة الإسلامية، باسم الشريعة الإسلامية، والدليل أن كثيراً من الجرائم يتم فيها عقوبات لا علاقة لها بالشريعة الإسلامية، فكل هذا النظام لا علاقة له بالشريعة الإسلامية هو مجرد نظام تسلطي على البشر ونظام للقمع وتضييع حقوق المواطنين، وهذا كله سنرميه في مزبلة التاريخ، وستكون هنالك قوانين تحرص على حقوق المواطنين في المقام الأول.
{ تشهد زيارتك الحالية للبلاد أزمة اقتصادية طاحنة؟
هذه الأزمة هي نتيجة طبيعية للأزمة الشاملة للنظام، هذا النظام لا يركز على الإنتاج ولا يركز على مصالح المواطنين، وهذا النظام هو نظام لحُكم الطفيليين ، وقد حلبوا البقرة السودانية حتى أصبحت تدر لبناً، وأنت لا يمكن أن يكون لديك إنتاج ويكون لديك صرف بذخي على جهاز الدولة والأجهزة الأمنية، وعن طريق الفساد يتم تهريب الأموال السودانية للخارج، ويتم تخريب المشاريع الإنتاجية كمشروع الجزيرة أو السكة الحديد أو غيرها من المشاريع الإنتاجية وأن يتم محاربة المنتجين مثل المزارعين بسبب الإعسار أو يتم قطع مورد مثل مورد البترول عن طريق محاولة فرض رسوم عبور عالية جداً على الجنوبيين، حتى اضطروا لقفل الإنتاج، ولا يمكن تمارس كل هذه السياسات المغامرة والعشوائية وتتوقع ازدهاراً اقتصادياً، حتى الدعوة التي كانت، إن الاقتصاد السوداني في أزمة بسبب العقوبات الأمريكية انتهت العقوبات ولا يزال الحال في حاله، ما يوضح غياب الخطط الاقتصادية السلمية والاستخدام الجيد للموارد، وهذه سمة للنظام منذ أيامه الأولى وحتى اليوم وهذه نتيجة طبيعية لفشل السُلطة.
{ حملتك الانتخابية تقودها سيدة أليست هذه مغامرة؟
ليست مغامرة، والنساء يشكلن نصف المجتمع ومن حقهم المساهمة وقد أثبتن هذا الحق بجدارة عن طريق مساهماتهم السياسية والاجتماعية وفي العمل الأمني، والآن النساء السودانيات يصرفن على بيوتهن، من الضرورة بمكان أن نهتم بوضع المرأة ووضع الشباب أيضاً هو مهمش وحملتنا تقوم على أكتاف الشباب وحملتنا هي سودان المستقبل وليس سودان الماضي ولا الحاضر، نحن نهتم بالمهمشين جهوياً واقتصادياً، لأنه لا يمكن أن تقوم البلاد والأغلبية العظمى خارج دائرة الاقتصاد أو السياسة أو الفعل الاجتماعي.
{ ولكن المجتمع الذكوري قد يرفض ذلك؟
المجتمع ليس ذكورياً وإنما القيادات ذكورية المجتمع السوداني في غابر التاريخ كانت تحكمه (الكنداكات) وعند أهلنا الجعليين كانت “ستنا” و”مندي” في جبال النوبة وغيرها من الشخصيات النسوية، المجتمع السوداني ليس لديه مشكلة مع مشاركة المرأة، والمرأة كانت طبيبة وممرضة ومثقفة وفنانة وتم تقبل هذا من المجتمع، ولكن خلال الثلاثين سنة الأخيرة، حاول النظام أن يفرض ردة عن كل هذا التراث الإيجابي ويجعل المرأة السودانية مقهورة عن طريق قانون النظام العام، وهذا كله زبد سيذهب جفاء، وستعود المرأة السودانية لمكانها الطبيعي المحترم من قبل كل المجتمع لا سوداني.
{ من أين تمول حملتك الانتخابية؟
حملتنا حتى الآن تمول عن طريق التبرعات من أعضاء الحملة، وتبرعاتي أنا شخصياً ولكن في المستقبل نهدف لأن تكون ممولة من كل الشعب السوداني، بما يُسمى التمويل الصغير، لأن أي تمويل خارجي أو من جهات كبيرة سيؤثر على قرار الحملة السياسي، وهذا لن اسمح به.
{ إمكانية التحالف مع القوى السياسية في المستقبل وأثناء الحملة يكون لديكم مرشح واحد؟
نحن ندعو لذلك، ندعو ليكون هنالك مرشح واحد للمعارضة السودانية ضد مرشح المؤتمر الوطني، وأن يكون هنالك مرشح موجود في كل دائرة انتخابية ضد مرشح المؤتمر، ولكن هذا لا يتعلق بنا فقط ولكن يتعلق بالأحزاب الأخرى، ونحن نحاور هذه الأحزاب وندعوها للمشاركة في الانتخابات، البعض سيقاطع وهذا لا نستطيع فعل شيء له، ولكن كل القوى التي ستشارك في الانتخابات سنحاول الوصول معها إلى مرشحين موحدين.
{ حملتك محفوفة بالمخاطر؟
كل شيء في الحياة محفوف بالمخاطر وخصوصاً في السودان، لأن الوضع الاقتصادي متدنٍ جداً والوضع السياسي متدهور، وهنالك الكثير من النزاعات في مختلف أطراف السودان، وحتى في وسطه وهنالك تحريض حتى من النظام لإبعاد القوى ضد بعضها الآخر، وهنالك تهتك في النسيج الاجتماعي، وهذا كله لا يخلق وضعاً جيداً لممارسة العمل السياسي، ناهيك عن العمل السياسي المتقدم مثل الانتخابات، فنتوقع الكثير من التزوير والعنف والتحريض ولكن لابد مما ليس منه بد، طريقنا هو الوصول إلى السُلطة عن طريق الصوت الانتخابي والجماهير وإرجاع الأمر لأصحاب المصلحة المواطنين السودانيين، وفي نفس الوقت بناء السياسة على البرامج، نحن نقدم برنامجاً شاملاً تفصيلياً ولا نعتمد على الشعارات والوعود الكاذبة، نحن نعتمد على العلم والتخطيط، لذلك نعتقد أننا نستطيع تجاوز كل هذه المخاطر.
{ حتى الآن هنالك مرشحان لرئاسة الجمهورية أنت والرئيس “البشير” ألا تعقد أن الفارق كبير؟
الرئيس “البشير” ليس مرشحاً لأنه استنفذ كل فرصه الدستورية، ووفقاً للدستور الحالي ، المؤتمر الوطني إذا اعتمد على إمكانياته الذاتية سيهزم، وإذا اعتمد على إمكانيات الدولة فهذا يعني أنه يمارس الفساد السياسي، وسنقف ضد هذا الأمر.