جرس انذار

حساب المشاعر في رمضان 1439هـ

بقلم - عادل عبده

يتهيأ المواطنون الكرام لاستقبال شهر رمضان المعظم لعام 1439هـ، وهم يواجهون ظروفاً حياتية ومعيشية بالغة السوء والمشقة والتعقيد، فقد ظهر الغلاء الفاحش وتكاثرت الخطوب والمصائب وانعدم التفاؤل والبسمة في كل حدب وصوب، حيث راح المواطنون يلعقون طعم المرارة والكمد والبؤس في نفوسهم، وهم يتحملون تلك المناخات القاسية والمذرية في تحمل كبير فاق التصورات والأوصاف.. يأتي رمضان هذا العام 2018م، والمواطنون يشتكون من ضيق ذات اليد.. ويشتكون من العوز في الحصول على المال البسيط.. ويصعب عليهم شراء بعض السلع الغذائية والحاجيات الرمضانية.. فقد انقطع العشم في دواخلهم من أجل الاستحواذ على السلع الفاخرة والمعمرة التي ارتبطت بالشهر الكريم كل عام.. حيث صار “القمردين” و”التين” والمعلبات الأنيقة في حكم المتطلبات العصيبة.
من الذي جنا على المواطنين في الشهر المبارك والمنتظر.. هل السلطة بكل جبروتها أم إمبراطورية السماسرة التي تمددت وصارت ترسم ملامح الحياة العامة بشكل لا يقبل القسمة.. أم كلاهما يمارسان القسوة على المواطن المكدود.
أعظم ما في الصورة الوجدانية للمواطن المسكين وهو يستعد لقدوم الشهر الكريم.. أنه قرر لا شعورياً أن يحاكم الذين ضيقوا عليه مباهج الشهر الكريم بحساب المشاعر.. (إنها فلسفة إيمانية مليئة بالصبر والحكمة.. فهي تحمل دلالات كبيرة وعميقة).
قبل مجيء رمضان الزاحف خلال الأيام القادمة.. فإن طوفان الأسعار شمل السلع الغذائية والدوائية والكهربائية فضلاً عن مواد البناء والتشييد وأسعار الغاز والماشية وتذاكر السفر، ولا شك أن هذا الوضع البائس فتح الطريق بحساب المشاعر النورانية لكل الذين تسببوا في التضييق عليه في الشهر المبارك.. لا شك أن المائدة الرمضانية في البيت السوداني هي المقياس الحقيقي الذي يحدد صمود الصائم أمام طوفان الغلاء والندرة والمواد العالية القيمة، ولا يمكن أن يكون مشروع عابر السبيل للصائم والصوانات المركبة هو الحل الناجع والشامل لجميع الصائمين.. إنها قضية نورانية وإيمانية مرتبطة بالقدرة على تحمل المعينات الأساسية للصائم في بيته، وإذا كانت السلطة تصمت أمام هوجة الأسعار في أيام الفطر.. فإن حرمة الشهر المبارك تفرض عليها القيام بمبادرة ذكية ونوعية في معالجة الحالة البائسة التي تظهر في الشهر المعظم.
كيمياء السوق الشيطانية تحتاج إلى سياسات حاسمة ورادعة في الشهر المبارك، وهنالك من يحاول الكسب السريع على حساب الصائمين دون وازع من ضمير وقيم سماوية، ومن الذي يحمي هؤلاء المجرمين، ويترك لهم الحبل على الغارب؟.. فالقضية خطيرة ومتشابكة على أبواب الشهر الكريم.
مشاعر الصائمين بإذن الله سوف تردع الدوائر الطفيلية والدوائر الصامتة التي لا تحرك ساكناً في مثل هذه الأحوال، ولا بد من التذكير بأن حساب المشاعر في رمضان هو وقود المعركة في محاربة الجشع والسكوت الأخرس، إنه سلاح من نور وتيجان ذهبية وسيكون مصدر إلهام للخاشعين، فهو يحرض خلجات النفوس الصابرة والصائمة.
رمضان 1439هـ، سيكون بطعم مختلف فيه امتحان عسير للصائمين في ظل المناخ السائد.. حيث تبقى الحكمة والفوز في قوة الصبر والجلد.. ليس الطعام هو هدف الصيام فالقصد الإلهي والعرفاني هو تذكر الجوع للمحتاجين، وبالمنطق لا يمكن معرفة طعام المسغبة عند الفقراء إلا إذا تحركت المشاعر الصادقة في دواخلنا.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية