أخبار

بين وزيرين!!

خلت للصفحات الأولى للصحف الصادرة يوم الإثنين من مجرد الإشارة للمؤتمر الصحافي الذي عقده البروفيسور “هاشم علي سالم” وزير المعادن والأمين العام للحوار الوطني، ليس بسبب موقف سالب من الصحافة إزاء القضايا الهامة التي تحدث عنها الوزير ولا بسبب الحديث السياسي الشامل الذي تفضل به البروفيسور “هاشم” ولكن كان لسوء التقدير القدح المعلى في تجاهل الصحف لحديث المسؤول الرفيع.
حينما وجه الصديقان “محمد الفاتح أحمد” المسوؤل الأول عن الصحافة والصحافيين في المؤتمر الوطني للمؤتمر العام كان صعباً على أمثالنا، ممن تقاسم مع “الفاتح” حلو الأيام ومرها.. تجاهل الدعوة.. وتبع ذلك دعوة أخرى من الدكتور “صديق مساعد” وهو يتولى الإعلام في وزارة المعادن منذ أيام “كمال عبد اللطيف”، وقد أثبت الرجل كفاءته وقدرته وهو كادر سابق في حزب الأمة ومقاتل في الميدان بجيش الأمة، وضع كل تجربته في حزب الأمة وراء ظهره واختار طوعاً وبلا ضوضاء وصخب الانضمام للمؤتمر الوطني.. جلست في المؤتمر الصحافي قاعة وزارة النفط تصيب مرتادها بالزكام والأنفلونزا في فصل الصيف من شدة برودتها ومخملية إضاءتها وفاخر مقاعدها.. وحتى مسجدها لا يشبه إلا المساجد في أرض الحرمين الشريفين.. تفاجأ كثير من الصحافيين بأن المؤتمر مخصص للحديث عن الحوار الوطني ليس لقضايا المعادن وإنتاج الذهب ومساهمته في الدخل القومي، وشراء بنك السودان للذهب في الفترة الأخيرة وأثر كل ذلك على اقتصاد البلاد.. وتهريب الذهب وكيفية التصدي لتلك الظاهرة والآثار البيئية الناجمة عن التعدين الأهلي واستخدام المواد السامة مثل (الساينيد).
إلا أن المفاجأة كانت في الهروب من الواقع إلى أرشيف التاريخ.. وتعيد واقعة مؤتمر الوزير هاشم على سالم” قصة وزير الخارجية الأسبق “أحمد خير” المحامي في حقبة الديمقراطية الثانية، وكان حينها من قادة الحزب الاتحادي ونجومه السوامق.. عقد الحزب ندوة في إحدى قرى الجزيرة وتحدث الوزير “أحمد خير” المحامي عن مؤتمر باندونق وحركة عدم الانحياز وبروز القوة الجديدة المناهضة للغرب.. ودور السودان في مؤتمرات حركة عدم الانحياز وثورة باترس لومميا.. و”كوامي نكروما” في غانا.. و”عبد الناصر” والناصرية.
وأهل القرية في ذهول مما يسمعون وحينما أتيحت الفرصة للتعقيب نهض أحد شيوخ القرية وهو من قادة الحزب الاتحادي ووجه حديثه للوزير بأن مواطني القرية يؤيدون كل ما طرحه معالي وزير الخارجية ولا يختلفون معه في كل الذي قيل، ولكن الإنسان يحدثه (غرضه) فهم أي مواطني القرية لديهم مشاكل حياتية عاجلة تتمثل في عطش البلدان والحواشات بسبب تراكم الطمي بالترعة الرئيسية، فهل للحكومة خطة لتطهير القنوات وتوفير تقاوي الذرة والفول قبل فشل الموسم الزراعي؟؟ نحن الشعب السوداني لا خلاف لنا مع الوزير حول أهمية الحوار الوطني ووضع دستور جديد.. وإعادة ترشيح “البشير”.. وإلغاء القوانين التي ترى الحكومة عدم موائمتها.. ولا خلاف حول أهمية مشاركة القوى السياسية في وضع الدستور، لكن مشكلتنا في أزمات الوقود.. وتصاعد الأسعار وندرة السلع.. وانقطاع التيار الكهربائي.. وشح الغاز وتصاعد أسعار السكر قبل رمضان.. ولن نسمع في واقعنا الحالي لغير خطاب عن مشاكلنا اليومية ونعتبر ما عدا ذلك (مؤانسة مترفين في المدينة) وفي المؤتمر الصحافي قلت للوزير لن تهتم الصحافة بما نقول عن الحوار الوطني لأن الواقع يفرض كلمته.. ولا حديث يصغى إليه الناس هذه الأيام إلا حديث العيش والخبز الحاف.. والوقود.. والمواصلات ومطلوبات شهر رمضان فمتى يصبح المسؤولين (واقعيين) في نظرتهم لنا.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية