إنعقاد مؤتمر تنمية الثروة الحيوانية بالقضارف
القضارف – هبة محمود سعيد
لم تتجاوز عقارب الساعة وقتها التاسعة صباحاً حين امتلأت القاعة الرئيسية بمقر حكومة ولاية القضارف بحضور واسع ونوعي ضم جميع أجهزة الولاية التشريعية والتنفيذية يترأسهم الوالي، “مهندس ميرغني صالح سيد أحمد”، استعداداً لعقد مؤتمر تنمية الثروة الحيوانية الذي تحتضنه هذه الدورة (قضارف الخير)، والذي ينظمه الاتحاد المهني العام للأطباء البيطريين السودانيين، قبل أن يؤكد السيد مساعد رئيس الجمهورية لشؤون الحزب “د. فيصل حسن إبراهيم” الذي شرف المؤتمر (أمس الأول)، أن اختيار الولاية لعقد المؤتمر أمر له دلالة ورمزية خاصة، تتمثل في أنها ولاية السودان الأولى في الزراعة التي بدأت بنهضة زراعية بتقانات حديثة، وهو يؤكد على ضرورة الإنتاج والإنتاجية، وأن قطاع الثروة الحيوانية يعد من أسرع القطاعات نمواً ومساهمة في الاقتصاد، حيث أنه يساهم باكثر من ٥٠٪.الدخل القومي للبلاد.
فيصل يستعيد شريط المهنة ..
بدأ “د. فيصل” وهو يستعد لمخاطبة المؤتمر، أكثر انهماكاً بتدوين بعض النقاط، فيما يرفع رأسه قليلاً للاستماع للمتحدثين ثم يعاود الكتابة مجدداً، وكأني بالمؤتمر أعاده لسنوات دارسته الجامعية بكلية البيطرة، فبدا أكثر اهتماماً بإعداد ما سيثيره من نقاط وملاحظات، تفيد هذا القطاع وتفيد الطبيب البيطري بشكل خاص، سيما أن المؤتمر صاحبه الاحتفال باليوم العالمي للطبيب البيطري.
على يسار مساعد الرئيس، جلس وزير الثروة الحيوانية بشارة جمعة أرو، وعلى يمينه والى القضارف ” مهندس ميرغني صالح سيد أحمد” ثم رئيس الاتحاد المهني العام للأطباء البيطريين السودانيين” بروفسير جيلاني علي الأمين”، قبل أن يصطف الجميع على نغمات ياسمسم القضارف وقوفاً على منصة التكريم استعداداً لتكريم السيد مساعد رئيس الجمهورية، ووزير الثروة الحيوانية بشارة جمعة أرو، والعضو القيادي بالمؤتمر الوطني الأمين دفع الله، بوصفه رئيس الجمعية القومية للمؤتمر، بجانب تكريم وزير الثروة الحيوانية بولاية القضارف ” عمر موسى عمر” ومدير جامعة القضارف” بروفسير إبراهيم عبد السلام”، ورجل الأعمال وجدي الميرغني، ورئيس الاتحاد المهني للأطباء البيطريين السودانيين، ليؤكد “د.فيصل حسن” مستهلاً حديثه بضرورة مواكبة النهضة الزراعية الكبيرة التي تشهدها ولاية القضارف، بنهضة في قطاع الثروة الحيوانية، وفي التقانات الحديثة التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج والإنتاجية بحد تعبيره، قائلاً: أنا أقول وظللت أقول دائماً وإلى ماشاء الله إن هذا القطاع واحد من أسرع القطاعات نمواً ومساهمة في الاقتصاد، هذا القطاع يساهم الآن بأكثر من ٥٠٪ من الناتج الإجمالي الزراعي، ولكم أن تتخيلوا كم الصرف على هذا القطاع العام مقارنة بالقطاع النباتي، واستطرد: أنا لا أريد أن أقلل من هذا القطاع، ولكن لابد أن تكون هناك استفادة من الامكانيات المتاحة من الموارد، وزاد: التنمية والنماء لا يتم إلا أن نبدأ بما حبانا الله به من موارد، ولذلك دعوني أؤكد على أن هذا هو المورد الأسرع نمواً ويعمل في الاقتصاد.
ثروة لإزالة الفقر ..
أكد ‘دكتور فيصل” على الفرص الكبيرة التي يمتلكها قطاع الثروة الحيوانية لإزالة الفقر ومساهمته في الأمن الغذائي، بجانب مساهمته في إيجاد فرص عمالة، مؤكداً على أنها تعد من أهم التحديات التي تواجههم اليوم، وهي كيفية تزويد فرص العمالة وإتاحة فرص التشغيل لقطاعات واسعة لكثير من الشباب، وقال: هذا القطاع يساهم في إزالة الفقر، (الشاة بركة، والشاتان بركتان والثلاثة غنى، كما قال رسول الله وهو لا ينطق عن الهوى، ولذلك أنا أقول الزول العندو شاة وفقير أحسن يراجع نفسو، والعندو شاتين ومالقى بركة أحسن يراجع نفسه، والعندو ثلاث وماغنى أحسن يراجع نفسه) وزاد: أنا عندي مزرعة صغيرة في الخرطوم وبها ماعز، وفي أحد الأيام اتصلت على الراعي وأنا كنت متابع موسم الولادات، فقلت له كم موسم الولادات عندك، فأجابني أن لديه ١٧ حالة ولادة، فقلت له كم انجبت قال ٣٩، اتخيلوا هذا العدد من الولادات من ١٧ ماعز فقط، وأردف: هذا القطاع يمتلك فرصة كبيرة لإزالة الفقر وكل المجهودات التي تجري لإزالة الفقر ينبغي أن تستوعب هذا القطاع.. فيما أشار إلى ضرورة الاهتمام بالرعاة والمنتجين، داعياً إلى أهمية الاستفادة من القطاع الخاص، وتسهيل الإجراءات له لتطوير قطاع الثروة الحيوانية، وزيادة حصة البلاد من صادراته.
وفي الأثناء نبه “فيصل” إلى ضرورة الاهتمام بالطبيب البيطري وتطويره وتدريبه، حتى يكون هناك مساراً جديداً لتأهيله، وقال: خلونا نتحدث بصراحة إذا ظلننا ننشيء كليات الطب البيطري ونخرج الكم الهائل من الأطباء البيطريين دون الاهتمام بتدريبهم وتأهيلهم للحفاظ على المساهمة في الاقتصاد، يكون هذا صرف في غير محله، وزاد: دعونا نترك مسار الدرجات العلمية (الماجستير – الدكتوراه) ونمضي للزمالة المهنية التي تؤهل الأطباء، البكرة والزراعة لا تحتاج إلى شهادات، ولكن تحتاج إلى مهارات، انا أقول بصدق نحن لدينا ٧٠٪ من ثروتنا الحيوانية من المجترات الصغيرة، وتساءل: كم من المختصين عندنا في هذا المجال؟ أن تعمل رسالة ماجستير في جزء هام هذا ليس تخصص وزاد: النفوق في قطاع الضان يتجاوز الـ٢٠٪ ، فما هو دور الطبيب البيطري المؤهل حتى يقلل من هذا النفوق، ومضى قائلاً: أنا أتحدث عن قوت ناس يجب أن تقدم لهم خدمة، ولكن بهذه الكيفية العامة فإن الطبيب البيطري الذي يقف في صيدلية يبيع الدواء، فهي مهمة بيع دواء وليست صيدلة مع كل الاحترام لاخواني وزملائي في مجال الأدوية البيطرية.
كما دعا إلى ضرورة خصخصة الخدمات البيطرية بالولاية، وإتاحة فرصة للقطاع الخاص للعمل فيه، وقال: يجب أن نناصح أنفسنا بكرة بتطلعوا من القطاع العام للقطاع الخاص، والقطاع العام أضيق أبواب الرزق فيه، ولذلك أنا أدعو لإفساح المجال لاخوانكم.
وزير الثروة الحيوانية يعدد الفوائد..
من جانبه أكد وزير الثروة الحيوانية، بشارة جمعة أرو” على أهمية قطاع الثروة الحيوانية، ومساهمته في الدخل القومي، لافتاً إلى أن الوزارة أدخلت في الربع الأول فقط من هذا العام حوالي ٣٨٦ مليون دولار، فيما شدد على ضرورة الاهتمام بالطبيب البيطري، والعمل على الحد من هجرته، مشيراً إلى الإقبال الكبير عليه من بقية الدول الأخرى لحصافته ومكانته، وقال: أنا علمت أن الهجرة بدأت بـ70 طيبب بيطري وتزايدت إلى أن بلغت في موسم الحج العام الماضي (٢٨٠) طبيباً بيطرياً، وزاد: الطبيب البيطري هو المحور الأساسي في منظومة الحياة العملية، لأنه يعالج الجانب البشري والحيواني معاً، وذلك من خلال اهتمامه بصحة الإنسان عن طريق الحيوان، وأردف: أنا ما طبيب بيطري ولكني تمنيت ذلك، أنا ود مزارع وراعي، لكن دعونا نمضي لإيجاد ترياق لهجرة البياطرة، السودان يمتلك أكثر من ثلث الإبل في العالم، وتوصف باكثر الدول التي تمتلك الضان بعد البرازيل واستراليا، فماذا ننتظر سوى أن نشكر السواعد ونحن القاطرة والرافعة.
وفي الأثناء أعرب والي القضارف المهندس “ميرغني صالح سيد أحمد” عن سعادته بانعقاد المؤتمر بولاية القضارف، مشيداً بالاتحاد المهني ودوره في تطوير المهنة، مؤكداً أن ولاية القضارف هي الأولى في تصدير الثروة الحيوانية، بجانب أنها مطمورة السودان في مجال الزراعة، مشيراً إلى الجهود المبذولة لفتح المسارات الرعوية وإلى أهمية تشغيل مسلخ الولاية .. وقال إن الجهود مبذولة لتوفير المياه والتوسع في مجال السدود.
وفي السياق أكد رئيس الجمعية القومية للمؤتمر ” بروفيسور الأمين دفع الله” أن الأوراق سوف تناقش كل ما يحتاجه أهل القضارف، وقال: هذه الأوراق ليست طلب يناقش، أوراق علمية داخل القاعات ومن ثم تخرج التوصيات، وتحبس في الادراج، وزاد: تنفيذ العمل بحاجة إلى جهد.
كما شدد رئيس الاتحاد العام للأطباء البيطريين بروف “جيلاني” على ضرورة أن تكون مخرجات المؤتمر في شكل برامج قابلة للتنفيذ الفوري