هل تصبح تقارير الخبير المستقل مؤشراً إيجابياً لرفع اسم السودان من قائمة انتهاكات حقوق الإنسان؟؟
عندما يتجرد في شهاداته
تقرير ـ هبة محمود
اختتم الخبير الدولي المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان “آريستيد نونونسي” زيارته أمس الأول للبلاد بجملة ملاحظات على الأوضاع الراهنة، قبل أن يرفع تقريره الرسمي لمجلس حقوق الإنسان الدولي الذي يجتمع سنوياً بالعاصمة السويسرية (جنيف).
ووضع “نونونسي” في ختام ملاحظاته عدة نقاط تمثلت في ضرورة رفع قانون الطوارئ في إقليم دارفور، ورفع القيود المفروضة على حرية التعبير والتنظيم والسماح بالتظاهر السلمي، بجانب إلغاء قانون النظام العام بالخرطوم، ليبقى السؤال عن ما سيرفعه الخبير في الاجتماع المقبل بجنيف، وما إذا كان مؤشراً إيجابياً يعين الحكومة على رفع اسمها من قوائم التصنيف المتعلقة بالانتهاكات سواء أكانت حقوق الإنسان أو قائمة الدول الراعية للإرهاب وغيرهما.
{ قلق دائم
أبدى الخبير المستقل، أمس الأول، خلال مؤتمر صحافي عقده في ختام زيارته للخرطوم قلقه تجاه رد فعل السلطات السودانية تجاه الاحتجاجات التي اندلعت في الخرطوم منددة بالأوضاع الاقتصادية التي خلفتها الموازنة والاعتقالات التي تمت، لافتاً إلى عدم حدوث مثل تلك الاحتجازات في المستقبل، كما دعا إلى رفع القيود المفروضة على حرية التعبير والتنظيم والسماح بالتظاهر السلمي وإلغاء قانون الطوارئ في ولايات دارفور، مشيراً إلى أن الأسباب الجذرية للنزاع ما تزال قائمة وتحتاج للمعالجة إلى حد كبير، على حد قوله، رغم إثنائه على الترتيبات الحكومية لتحسين الأوضاع الأمنية بالمنطقة وتماسك النسيج الاجتماعي، قبل أن يؤكد على حدوث انخفاض كبير في العمليات العسكرية بالإقليم.
وفي الوقت الذي يصف فيه البعض زيارة الخبير المستقل بالروتينية وأنها تأتي في السياق الدوري لمجلس حقوق الإنسان التي درج عليها، أطلق مراقبون تساؤلات حول إمكانية عمل الآليات الخاصة بحقوق الإنسان في السودان، دون الحاجة لخبير مستقل، ينقل ما هو غير مطابق ويكون بعيداً عن أرض الواقع في كثير من الأحيان، سيما أنه يتلقى بعض تقاريره نقلاً عن آخرين نسبة إلى أن الفترة والأيام التي يقضيها لا تمكنه من الوقوف على الأوضاع الإنسانية بالبلاد. وقد كشف “نونونسي” خلال مؤتمره الصحافي الأخير، عن تلقيه تقارير حول مدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء سياسيين وصحافيين اعتقلوا واحتجزوا جراء التنديد بتدابير التقشف الخاصة بميزانية العام 2018.
{ عدم مصداقية
على الرغم من نجاح السودان في الإفلات من محاولة إعادته للبند الرابع الخاص بتعيين مقرر خاص لمراقبة ورصد سلوك الدولة الذي خضع له منذ العام 1993 ولم يخرج منه إلا في العام 2009 بمعاونة الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن يفرض عليه البند العاشر (الإشراف)، ليتم بعدها في حال إحراز تحسن في حالة حقوق الإنسان نقل الولاية من الخبير المستقل إلى آلية أخرى مناسبة من آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، على الرغم من ذلك يرى البروفيسور “إسماعيل الحاج موسى” أن الخبير المستقل لا يؤدي عمله بطريقة محكمة ودقيقة، تتوافق واحتياجات السودان بشكل عملي، لافتاً إلى عدم مصداقية الخبير المستقل في كتابة تقاريره حيال الأوضاع الإنسانية بالسودان، فيما شدد على ضرورة إيضاح الوضع بشكل صادق من قبل الوفد الذي سيذهب إلى جنيف في الاجتماع القادم (سبتمبر) المقبل لمناقشة التقرير الذي سيقدمه الخبير قائلاً: (زمان لما كنا نمشي في جلسات حقوق الإنسان، كنا نوضح ونراعي حقوق الإنسان، لكن الخبير لا يؤدي دوره عادة بالطريقة المثلى).
وانتقد “الحاج موسى” مطالب “نونونسي” الأخيرة بضرورة إلغاء قانون الطوارئ في إقليم دارفور وقانون النظام العام، مؤكداً أنها ليست من مطلوباته، قائلاً: (قانون الطوارئ له أسبابه).
{ مطالب متجددة
مطالب متجددة دعا بها الخبير المستقل في زيارته العام الماضي مطالباً الحكومة بالوفاء بالتزامها برفع حالة الطوارئ والسماح بحرية التعبير وبذل جهود فعالة لضمان مسألة الانتهاكات والتجاوزات في حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وهو ما أرجعه خبراء قانونيون إلى عدم تقدم أحوال حقوق الإنسان عدا قرار رئيس الجمهورية بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، فيما عدوه أمراً دون جدوى ومكانة لدى الخبير المستقل، خاصة أن العمل السياسي مشروع بالدستور ولا يجوز فيه الاعتقال.
الخبير المستقل شدد أيضاً خلال تقرير العام الماضي على ضرورة وجود سلطة قضائية مستقلة لضمان مساءلة أصحاب السلطة في حالة ارتكاب تجاوزات أو انتهاكات لحقوق الإنسان، كما طالب باتخاذ تدابير ملموسة لإصلاح الإطار القانوني الراهن الذي يؤثر سلباً على ممارسة الحقوق السياسية والمدنية كما طالب بإعطاء أولوية لسحب صلاحيات إنفاذ القانون، بما في ذلك إلقاء القبض والاحتجاز.
من جهته، قطع البرلماني القانوني “علي حسين دوسة” بضرورة أن نكون سباقين لمراقبة حقوق الإنسان في بلادنا بدلاً عن الآخرين، لافتاً إلى أن عمل المنظمات داخل السودان عمل (مسيس) لأغراض وأجندة خارجية، لافتاً إلى أن الطريق الأمثل لسد الذرائع أمام المنظمات الأممية العاملة في مجال حقوق الإنسان يتأتى بتفعيل دور مفوضية حقوق الإنسان السودانية، وقال: (الخبير المستقل يأتي في مهمة رسمية تستغرق أياماً قليلة ومقابلات محددة ويتلقى إفادات يبني عليها رأيه)، وزاد: (هذا الأمر لا يُعقل والأفضل هو متابعة مفوضيتنا، لأن معظم تقارير الخبير المستقل تكون مختزلة ولا تتضمن الرأي أو النظرة الشمولية، لأن الأمر يتطلب مقابلة جهات عديدة وزيارات ميدانية حتى يقول رأيه بصراحة ووضوح).