قبيل تقريره لمجلس السلم والأمن الأفريقي في الـ21 من الشهر الجاري : "أمبيكي" على أعتاب أبيي.. أين المستقر؟!
قبل أن تطأ أقدامه أراضي الخرطوم وجوبا في اليومين القادمين متأبطاً – ربما – مقترحاً جديداً للحل النهائي لقضية أبيي الشائكة، تحتبس أنفاس رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى “ثامبو أمبيكي” خوفاً من ردود الأفعال الدولية والمحلية المتباينة والمتصارعة حول الملف. فمع اختلاف وجهات نظر اللاعبين بشأن الحل في المنطقة وتضادها أحياناً، يداهم الزمن “أمبيكي” الذي يُفترض أن يقدّم تقريراً مفصّلاً أمام مجلس السلم والأمن الافريقي في الحادي والعشرين من الشهر الجاري بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا ورفعه مباشرة لمجلس الأمن الدولي حول تنفيذ الاتفاقيات التي وقعت بين السودان وجنوب السودان في أديس أبابا الشهر الماضي، وكذلك موقف الطرفين من قضية ابيي.
ويأمل محللون سياسيون واستراتيجون أن يتلافى مقترح “أمبيكي” نقاط الاختلاف التي اعترضت عليها الحكومة وقبيلة المسيرية وقبلته جوبا، منوهين أن تقاطعات المجتمع الدولي بشأن القضية سيكون لها أبعادها وتعرجاتها في مقترح رئيس جنوب أفريقيا السابق.
ولفت المحلل السياسي د. “عبد الرحمن أبو خريس” إلى أنه من المستحيل ترضية جميع الأطراف، قائلاً في حديثه لـ(المجهر)، أمس، إن المقترح يجب أن يتجنب زلات وعيوب المقترح الماضي، وأن يضع نصب أعينه معالجة الاختلالات والاعتراضات التي أبداها الطرفان سابقاً، مشدداً أن المسؤول الأفريقي يجب أن يضع في اعتباره الأبعاد الإستراتيجية الخاصة لكل طرف من الأطراف المتخاصمة.
وقد رجّحت وزارة الخارجية علي لسان الناطق الرسمي “العبيد مروح” أن يأخذ رئيس الوساطة الأفريقية في الاعتبار وجهات النظر المختلفة التي عبّر عنها الطرفان في الجولة الأخيرة بصياغة مقترحه القادم للحل النهائي لقضية أبيي، منوهاً أنه بسبب تباعد وجهتي نظر الطرفين بشأن القضية، فقد اتفقت الخرطوم وجوبا على أن الحل النهائي يقوم على مقترح تقدمه الوساطة الأفريقية لرئيسي البلدين.
لكن في المقابل يأمل الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي البروفيسور “حسن الساعوري” أن يرضي مقترح “أمبيكي” كل الأطراف، مشيراً أن منطق التفاوض يحتّم أنه إذا أخذت شيئاً من طرف، عليك أن تعوضه في مكان آخر، لافتاً إلى خطورة أن تقايض الحكومة منطقة أبيي بالمناطق الحدودية المتنازع حولها بين الطرفين.
وينصح خبراء أن تشارك القيادات القبلية في المنطقة في أي حل أو مقترح يقدمه الاتحاد الأفريقي، منوهين أن تدويل القضية أو تدخل أطراف عالمية مؤثرة لصالح طرف دون الآخر ربما يؤدي إلى تصاعدها ودخولها في منعطف خطير كإعلان سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة “سوزان رايس” بداية الشهر الحالي دعم بلادها لمقترح الوساطة الأفريقية بشأن حل نزاع أبيي، مؤكدة أن واشنطن تدعم مقترح اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة “أمبيكي”، بشأن أبيي، والذي سلمته لطرفي النزاع في سبتمبر الماضي.
وكانت مصادر عليمة كشفت لـ(المجهر)، الأربعاء الماضي، عن زيارة سرية قامت بها السفيرة الأمريكية بدولة جنوب السودان “سوزان بتش” لمنطقة أبيي في التاسع عشر من شهر سبتمبر الماضي. ولفتت المصادر أن “بتش” أكدت وقوف الولايات المتحدة مع اتجاه تبعية المنطقة لدولة الجنوب السودن عبر الحلول المطروحة لفض النزاع حول المنطقة.
وشدد “الساعوري” عند مهاتفته (المجهر) أمس أن القضية لايمكن حلها الا بإشراك قبليتي المسيرية ودينكا نقوك، لافتاً إلى ضرورة أن يبحث أي مقترح موقف القبيلتين بعيدا عن رجال السياسة الذين لديهم مصالحهم الخاصة بحسب توصيف “الساعوري”، مضيفاً أن المسيرية ودينكا نقوك هم وحدهم المعنيون الحقيقيون بأمر المنطقة بسبب معاشهم وسبل كسب عيشهم عليها.
وكشف “مروح” للصحفيين، الاثنين الماضي، أن الهيئة الأفريقية قدمت ستة مقترحات في الجولة الأخيرة، مشيراً إلى أن المقترح الأول يقوم بدرجة أساسية على الحل عن طريق الاستفتاء والذي تفضله حكومة الجنوب، منوهاً أن حكومة السودان أقرب للخيار السادس وهو الحل السياسي الذي يعني التقسيم، لافتاً أن منطق السودان في خيار الحل السياسي يستند على رؤية مفادها أن الاستفتاء كيفما كانت نتائجه سينتهي إلى أن تصبح أبيي جزءاً من إحدى الدولتين، وهذا لن يرضي الطرف الآخر، وبالتالي قد يتسبب في بذرة نزاع جديد بين أهل أبيي، وقد يمتد النزاع الي البلدين.
وتوقع “أبو خريس” أن تواجه جوبا والخرطوم ضغوطاً دولية كبيرة لقبول مقترح أمبيكي، منوهاً أن سيف عقوبات قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2046، الصادر في الثاني من مايو الماضي مازال مسلطاً على رأسيهما.