الطلاب الجنوبيون بالخرطوم.. أوضاع معقدة تهدد مستقبلهم الأكاديمي
حمّلوا حكومة بلادهم مسؤولية أكثر من (15) ألف طالب
السكن والرسوم المفروضة بالعملة الأجنبية تتصدر المشاكل
اتحاد الطلاب: رسوم الدارسة تحولت للنفقة الخاصة بعد الانفصال
تقرير – فائز عبد الله
يعيش أكثر من (15) ألف طالب وطالبة من لاجئي دولة جنوب السودان بولايات السودان المختلفة أوضاعاً معقدة بسبب تجاهل مسؤولي دولتهم لهم.. طلاب جنوب السودان وجهوا اتهامات صريحة لدولتهم بالتقصير وعدم الاهتمام وقالوا إن معاناتهم تصحبها مشكلات عدة، منها عدم مقدرتهم على دفع الرسوم الدراسية للفصول والسكن الجامعي لهم بالمجمعات الطلابية.. (المجهر) تقصت حول المشكلة وخرجت بحزمة معلومات مثيرة.
{ إهمال سفارة الجنوب بالخرطوم
يقول الطلاب في إفاداتهم لـ(المجهر) إن مبالغ باهظة يتم فرضها عليهم وبالدولار، وأرجعوا هذه الصعوبات داخل الجامعات إلى إهمال سفارتهم بالخرطوم، وقالوا إن أكثر من (15) ألف طالب وطالبة يفتقدون السكن بالداخليات بجميع الجامعات بولايات السودان المختلفة.
وأبدى رئيس تجمع الروابط الجنوبية بالجامعات السودانية، الذي يشغل منصب رئيس رابطة طلاب جامعة النيلين “سيسنونو مايكل” استياءه من المشاكل التي تواجه الطلاب، وأضاف إن تكاليف الرسوم الجامعية باهظة، مؤكداً مخاطبتهم سفارة جوبا بالخرطوم.
وأرجع السبب إلى اهتمام السفارة بقضايا الطلاب وعدم الجدية من قبل الطلاب أنفسهم في تكوين كيان أو اتحاد جامع لتمثيلهم، مطالباً إياهم بالجدية لمعالجة قضايا السكن والاستجابة لنداء الروابط المهتمة التي تمثلهم، وقال إن هناك طلاباً تم إبعادهم من الداخليات بالخرطوم بسبب عدم مقدرتهم على سداد الرسوم الدراسية، كاشفاً عن أن رسوم السكن بالداخليات الطلابية ما بين (600-700) جنيه سوداني، مثلاً داخلية “الريان” رسوم السكن بها تبلغ (300) جنيه وداخلية الزهراء تتفاوت ما بين (600 إلى 700) جنيه، مؤكداً أن عدد الطلاب الجامعيين بالخرطوم والولايات تجاوز الـ(15000) طالب متوزعين ما بين العاصمة الخرطوم والباقير ومحلية جبل أولياء وولاية الجزيرة، بجانب الطالبات، مطالباً حكومة جوبا بتوفير المعالجات لمشكلة الرسوم الجامعية للطلاب الجنوبيين، وقال إن الوضع بدولة الجنوب غير مستقر والطلاب أصبحوا ضحية الحرب المشتعلة، وطالب قيادات حكومة جوبا بالإسراع في تحقيق السلام، وقال إن الطلاب هم مستقبل الدولة، مؤكداً أن الطلاب بالخرطوم يدفعون الرسوم الجامعية بالدولار، وأن إدارة الجامعات السودانية تفهمت الأزمة ولم تمنع الطلاب من الجلوس للامتحانات، وقال إن الدولار بجوبا ارتفع إلى (152) جنيهاً، ما زاد معاناة الطلاب الموجودين بالخرطوم.
{ تدفقات مرتقبة من الطلاب للسودان
أكد رئيس رابطة الطلاب الجنوبيين بجامعة الزعيم الأزهري “مفير مايكل” أن مشاكل الطلاب الجنوبيين تتمثل في نقطتين هما مشكلة السكن للطلاب والطالبات والرسوم، وأضاف إن عدد الطلاب بلغ (450) طالباً للبكالوريوس والدراسات العليا (50) طالباً، وقال: (المتوقع تدفقات من الطلاب بسبب الحرب في دولة الجنوب)، وطالب حكومة جوبا بالتدخل لمعالجة مشاكل الطلاب. وقال إن الطلاب يعانون من السكن بالأحياء الطرفية والولايات بسبب عدم وجود داخليات، مضيفاً إن القيادات في جنوب السودان لا تهتم بالطلاب، موضحاً أن الأوضاع الحالية ستقضي على الأجيال، كاشفاً عن عدد من الطلاب قاموا بتجميد الدراسة بسبب تدني الوضع الاقتصادي وأغلبهم في السنوات الدراسية الأخيرة.
وقال الطالب “أكول انج” إن حكومة جوبا قامت بتوقيع بعض الاتفاقيات الأساسية للطلاب وأتاحت المنح وحتى بطاقة التأمين الصحي منحت للطلاب الجنوبيين، وإن الاتفاق شمل جميع مستويات التعليم، وأضاف إن المنح بالجامعات السودانية مجانية، موضحاً أن الطلاب الجنوبيين بالجامعات الآن يعانون من الرسوم الدراسية بسبب عدم الاهتمام من حكومتهم.
الأمين العام السابق للجنة التسييرية لاتحاد طلاب دولة جنوب السودان “ديفيد وليام قاي” أشار إلى أن (17) ألف طالب وطالبة من دولة جنوب السودان يعيشون أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد بالجامعات السودانية، وأضاف إن المشكلات الأساسية التي تواجه الطلاب اللاجئين من الجنوب متمثلة في دفع الرسوم الدراسية والسكن، وقال إن الطلاب يدرسون على النفقة الخاصة بعد انفصال الجنوب، لافتاً إلى أن الطلاب تأثروا بالحرب المندلعة بالجنوب، وتشردوا إلى دول الجوار السودان وإثيوبيا وكينيا، واختاروا الاستقرار بالمعسكرات الأممية، موضحاً أن الطالب الجنوبي بات في مفترق الطرق، والسفارة بالخرطوم بعيدة كل البعد عنهم، وقال إنهم خاطبوا الجامعات السودانية بإتاحة الفرصة للطلاب بالجلوس لامتحانات “السمسترات” بالجامعات، مؤكداً أن أكثر من (11) طالباً يعانون من مشكلة الرسوم في الفصول الدراسية المختلفة، وناشد حكومة الخرطوم منح الطلاب الجنوبيين منحاً إضافية.
{ صعوبات التخصصات والدراسات السودانية
وعدّد الطالب بجامعة شرق النيل “بنكول مجوك” الصعوبات التي تواجه الطلاب في التخصصات الدراسية بالجامعات السودانية، وقال إن التكلفة تبلغ بالجنيه الجنوب سوداني (11) مليوناً للعام الدراسي الواحد، مؤكداً مواجهة (17) ألف طالب وطالبة مصيراً مجهولاً بالمعسكرات بعدد من الدول، خاصة الجامعات السودانية. فيما قالت “أني أنتين ماتيان” في حديثها لـ(الصيحة)، أمس، إن عدداً من الطلاب الجنوبيين بالخرطوم بجامعة شرق النيل باتوا لاجئين ويواجهون ظروفاً بالغة التعقيد بسبب الحرب وعجزهم عن توفير الرسوم الدراسية.
{ تطوير التعليم
وقالت الطالبة بالمدرسة الإنجيلية “متياه دينق” من ولاية الوحدة إن حكومة جوبا قامت بإرسال وزير التعليم العالي إلى الخرطوم قبل عام لمعالجة مشكلات الطلاب بالجامعات السودانية، بجانب معالجة مشكلة السكن بالمجمعات والداخليات للطالبات، لكن الوزير لم يقدم شيئاً تجاه الطلاب والطالبات. وأضاف إن حكومة الجنوب لا تهتم بمسألة التعليم، ولا تبذل دوراً في تطوير الجامعات بجوبا، موضحاً أن طلاب الجنوب أصبحوا يتخوفون على مستقبلهم في ظل غياب سفارتهم بالخرطوم لحل مشاكلهم، وأشار إلى أن سفارة الجنوب بالخرطوم لا تستطيع دفع رواتب الموظفين بها ناهيك عن التكفل بالطلاب.
وقالت الطالبة من جامعة الأحفاد “كريستين جيمس” من ولاية غرب بحر الغزال إن الصعوبات التي تواجه الطلاب من دولة جنوب السودان الذين نزحوا بسبب الحرب إلى دولة السودان تتمثل في الرسوم الجامعية والسكن للطالبات، مضيفاً إن أكثر من (500) طالبة بجامعة شرق النيل يعانين من هذه الصعوبات التي تهدد مستقبلهم، وأضافت إن أغلب الطلاب والطالبات لديهم صعوبات في إكمال المراحل التعليمية، وأشارت إلى غياب دور السفارة في الخرطوم والروابط الطلابية، وقالت إنها عاجزة وليس لها أي تأثير أو مساهمات للطلاب.
{ (17) ألف طالب وطالبة يواجهون مصيراً مجهولاً بالمعسكرات
قال الأمين الإعلامي السابق لاتحاد طلاب دولة الجنوب “توماس أباظة” إن صعوبات تواجه الطلاب في مختلف التخصصات الدراسية بالجامعات السودانية المختلفة، وأضاف إن الطالب الجنوبي أصبح لا يستطيع سداد الرسوم الدراسية للتسجيل للسنة الدراسية الرابعة، بجانب الرسوم الدراسية للمستويات الأخرى التي يقومون بدفعها، وقال إن (17) ألف طالب وطالبة يواجهون مصيراً مجهولاً بالمعسكرات بعدد من دول الجوار، بجانب معاناة البعض بالجامعات السودانية بالخرطوم، مضيفاً إن المسببات التي أدت إلى هذه الصعوبات عدم اهتمام حكومة الجنوب بالمواطنين النازحين من الحرب الدائرة بين أبناء الدولة، وأضاف إنهم ضحايا الصراعات الأهلية، مؤكداً أن أكثر من (300) طالب من دولة الجنوب تواجههم صعوبات الاستمرار في الدراسة داخل الجامعات السودانية.
بينما قالت رئيسة اتحاد الطلبة الجنوبيين الدكتورة “أنيتا أنيق جقوار” إن الطلاب الجنوبيين أتت بهم ظروف الحرب وسياسات الدولة والصراعات السلطوية، وأضافت إن المسؤولين بحكومة جوبا لا يخدمون الدولة والطالب أصبح مهمشاً داخلها، وقالت إن الطلاب الجنوبيين بالجامعات يعانون من أوضاع إنسانية صعبة ولديهم أسر نزحت بسبب الحرب، وهم لا يملكون الرسوم الدراسية، موضحة أن الكثيرين منهم يستأجرون منازل بالأحياء السكنية.