هل ستكون استقالة “جيمس واني” آخر المؤشرات لخسارة “سلفا كير” للاستوائيين في الانتخابات؟
في جبهة صراع قبلي - سياسي جديد محفوف بالمخاطر
البرلماني “قارواج”: التميز السلطوي دعا الاستوائيين بمطالبة “سلفا كير” بحكم فدرالي
الاستوائيون والإقصاء من المناصب ومخاوف “سلفا كير” من خسارة الانتخابات!
القيادي الجنوبي “سابينو”: “إيقا” الرجل الثاني في الحركة الشعبية بعد وفاة “جون قرنق”
الخرطوم: فائز عبد الله
منذ أكثر من (22) عاماً بعد إنشاء الحركة الشعبية المعارضة بدولة جنوب السودان، إلى الانفصال الذي صوت له الجنوبيون كان للاستوائيين دوراً كبيراً في وضع الخطط مع زعيم الحركة الراحل “جون قرنق دمبيور” مؤسس (الأنانيا 2) والرئيس الحالي “سلفا كير” والرجل الثالث نائب “سلفا كير” السابق الاستوائي المعروف “جيمس واني إيقا” الذي أعلن انسلاخه الأيام الماضية.
وفي جنوب السودان ومن قرون مضت تسيطر إثنية الدينكا ذات التعداد الأكبر على مفاصل السلطة، رغم أن الاستوائيين بقبائلهم المختلفة (الباريا، اللاتوكا، التبوسا المنداري، الزاندي، الكاكوا)، وغيرها من القبائل كانوا الأكثر وعياً سياسياً فهم من أسس (الأنانيا 1) بواسطة القيادي المعروف “جوزيف لاقو”، أما الإثنية الثالثة والتي تشكل وجوداً كبيراً وذات نفوذ عسكري هم قبيلة النوير المقاتلة، والرابعة هي إثنية الشلك.
وعلى مدار (5) سنوات التي مضت من عمر الحرب الأهلية في جنوب السودان، ظلت المواجهات بين حكومة الرئيس “سلفا كير ميارديت” المنحدر من إثنية الدينكا الممتدة، والمعارضة المسلحة بقيادة “رياك مشار” من إثنية النوير، تنحصر بشكل أساسي في الولايات الاستوائية الشرقية الغنية بالنفط، والعاصمة جوبا مما دفع قيادات الاستوائية بالمطالبة بحكم فدرالي لهذه الولايات شرق وغرب ووسط الاستوائية بحجة هيمنة الدينكا على السلطة وإبعاد القيادات الاستوائية من المناصب الدستورية، حسب ما أكدت مصادر مطلعة على الوضع الجنوبي لـ(المجهر)، وعلل البعض هذا الإبعاد للاستوائيين لمخاوف “سلفا كير” منهم قبل موعد الانتخابات المرتقبة.
تأثيرات استقالة “إيقا”!!
وأكدت مصادر مقربة من دولة الجنوب للـ(المجهر) أن مخاوف “سلفا كير” من إنشقاق “واني ايقا” تعود إلى اقتراب موعد الانتخابات، وأن يخسر تلك الولايات لأنها تمثل الأغلبية المنتشرة في الجنوب وشككت المصادر من إجراء انتخابات حرة ونزيهة في ظل الوضع الراهن في جنوب السودان، والحرب تتمدد في جميع ولايات الجنوب وخاصة المناطق الغنية بالنفط في بحر الغزال الكبرى المتاخمة للسودان من ناحية الشمال، وقالت المصادر إن العام 2015م شهد انسلاخ أكثر من (350) ضابطاً من كبار قيادات الجيش الشعبي ينتمون الى مناطق الاستوائية، وبينهم قيادات سياسية وأشارت أن آخر قيادات التي كانت في الحكومة المحافظ السابق لمقاطعة (نهر ياي) في ولاية الاستوائية الوسطى (جنوب) “كوزموس بيدالي”، المنشق عن حكومة “سلفا كير” واعترض على هيمنة قبيلة الدينكا وإقصاء الاستوائيين من الحُكم بالجنوب، مضيفاً أن “سلفا كير” يتخوف من خوض الانتخابات حال تمرد “واني ايغا” في ولاية الاستوائية.
وأوضحت المصادر أن مخاوف الرئيس “سلفا كير” من انسلاخ “واني ايقا” بعد أن فقد رئيس هيئة الأركان السابق “فول ملونق” يحظى بشعبية واحترام في ولايات الاستوائية منذ فترة التمرد بقيادة الراحل “جون قرنق”.
حكم فدرالي للاستوائيين وتميز سلطوي من قبل “سلفا كير”
وكشف مصدر بالحركة الوطنية الديمقراطية بدولة الجنوب التي أسسها الدكتور “لام أكول أجاوين”، المنحدر من الإثنية الرابعة في جنوب السودان وهي قبيلة الشلك، إن نظام “سلفا كير” يواجه الكثير من الانشقاقات خاصة وسط قيادات الاستوائية بالجيش الشعبي والدولة، وقال المصدر إن ولايات الاستوائية غرب وشرق ووسط، طالبت منذ أكثر من (20) عاماً بحكم فدرالي للولايات، وأضاف أن الاستوائيين يتمسكون بحق الانفصال بعد الانتهاكات التي قامت بها الحكومة في مناطق الاستوائية وزاد أن قيادات الاستوائية تشعر بظلم والتميز منذ الانفصال وهيمنة الرئيس الحالي “سلفا كير” على السلطة، وتأتي خطورة دعوة الاستوائيين في أنهم أول من نادى بحق تقرير المصير من الشمال في الاتفاقية الشهيرة المعروفة باتفاقية أديس أبابا،
وقال المصدر إن عدداً من الضباط داخل حزب الحركة الشعبية انشق بسبب قرار “سلفا كير” من نسف قيادات الاستوائية ومن بينهم مساعد الرئيس الحالي “جيمس واني ايقا” الذي كان مع الراحل “جون قرنق” أثناء التمرد مضيفاً أن مجلس الدينكا الحاكم تسبب في إفشاء القبلية وأدت إلى خروج الاستوائيين من الحكومة لأنهم يرون أن هيمنة الدينكا ومهاجمة مناطقه من قبل قوات الجيش الشعبي وتفضيهم في المناصب من قبل “سلفا كير” أحدث انقسامات داخل ودفعهم إلى الانسلاخ، وأشار إلى أن انسلخ مساعد “سلفا كير” “جيمس واني ايقا” كانت بسبب التميز الذي قام به “سلفا كير” وادى إلى صعوبات حقيقية للاستوائيين أوضح المصدر أنه منذ وفاة رئيس الحركة الشعبية حدثت خلافات حادة بين قيادات الاستوائية و”سلفا كير” بسبب التفضيل وهيمنة قبيلة الدينكا على السلطة.
من هو “جيمس واني ايقا”؟
قال القيادي من منطقة الاستوائية “خميس سابينو” لـ(المجهر) إن نائب رئيس دولة جنوب السودان المستقيل “جيمس واني ايقا” ينحدر من قبيلة الباريا وتم تعيينه كنائب للرئيس، بعد شهر من إقالة الدكتور “رياك مشار” وأضاف “سابينو” أنه شغل منصب رئيس البرلمان القومي لجنوب السودان ورئيس الجمعية التشريعية الوطنية والأمين العام للحركة الشعبية، بعد توقيع اتفاقية السلام بين الخرطوم وجوبا في العام 2005م وقال إن بعد رحيل “جون قرنق” أصبح “جيمس واني ايقا” الرجل الثالث في الحركة الشعبية، مضيفاً أنه حال خوض “سلفا كير” للانتخابات في ولايات الاستوائية فإن نسبة فوزه 2% لأن الولايات تسيطر عليها قيادات الاستوائية التي تمردت على “سلفا كير” وانضمت إلى المعارضة.
تعيينه بالبرلمان دون إجراءات وسط وزراء الاستوائية
قال البرلماني “جاستن جوزيف” إن البرلمان القومي بالجنوب عقد جلسة طارئة، وأصدر قراراً بالإجماع في أغسطس من العام2013م بتعيين (جيمس واني ايقا) نائبًا لرئيس الجمهورية، دون إخصاعه للإجراءات الدستورية والقانونية المتبعة من قبل لجنة الفحص البرلمانية.
وأضاف إن “مارونا” بعد تعيينه، دار جدل كثيف حول منصب نائب رئيس الجمهورية في برلمان جنوب السودان الذي كان يرأسه، ولم تستطع الكتلة البرلمانية لحزب الحركة الشعبية الوصول لاتفاق حول من يخلف “واني ايقا” في رئاسة البرلمان.
وقال إن “جيمس واني” شدد في أول خطاباته على ضرورة حل مشكلة الانفلات الأمني في جنوب السودان، في إشارة إلى جرائم النهب والقتل الليلي في داخل العاصمة جوبا، ودعا حكومته بأهمية توفير فرص العمل والوظائف للشباب والعاطلين.
وقال إن القيادات السياسية الاستوائية التي تسيطر على الاستوائية تمردت على “سلفا كير” وتضم هذه القيادات مجموعة من وزراء الحكومة بالاستوائية.
آخر الاستوائيين المناضلين بعد رحيل “قرنق”
ابتدر العضو البرلماني “قارواج لافوج” حديثه لـ(المجهر) أن القيادات الاستوائية التي تتمتع بالسلطة الحالية قلائل ومن بينهم النائب السابق ومساعد الرئيس “سلفا كير” “جيمس واني ايقا” وارجع انسلاخ “جيمس واني” لسببين، هيمنة قبيلة الدنيكا على السلطة والوضع العام وإبعاد قيادات الاستوائية من السلطة بجانب تعيين “إيقا” تحت “تعبان دينق” وهذا ما رفضه “ايقا”، لأنه كان يمثل أحد الرجال الثلاثة في الحركة الشعبية أثناء فترة الراحل “جون قرنق دمبيور” و”سلفا كير” وأضاف أن سنوات النضال لضباط الاستوائية مع الحركة منذ تأسيسه كان لهم دور كبير في انفصال الجنوب وساهموا في الصراع بين الحكومة والمعارضة الجنوبية، وقال إن خروج قيادات الاستوائية عن نظام “سلفا كير” خاصة مناطق بحر الغزال وغرب الاستوائية ترجع لظلم داخل الحكومة وهيمنة قبيلة الدينكا على السلطة.
وقال إن “ايقا” شغل منصب رئيس البرلمان القومي لجنوب السودان منذ التوقيع على اتفاقية السلام في العام 2005 وأضاف “فوج” أنه عين نائبًا للرئيس، كما أنه ظل نائبًا لرئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان بعد المؤتمر الذي انعقد في جوبا 2008م.
وقال إن الاستوائيين الذين انشقوا عن الحكومة، طالبوا بحكم فدرالي بعيدا عن هيمنة الدينكا، مؤكداً أن ولايات الاستوائية ترفض إقامة أو المشاركة في الانتخابات المقبلة حال تم اجراؤها بسبب الانتهاكات .
وأشار أن تعيينه في القيادة العسكرية العليا التابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان بعد إحياء سياسات الحركة الشعبية لتحرير السودان في عام 1987 بعد اندلاع الحرب الأهلية في الحركة بين الدنيكا والنوير على السلطة وتم اختيار “جيمس واني” ليكون في القيادة العليا للحركة، وقال إن من القيادات الاستوائية بالوزارة الاتحادية بالجنوب الجنرال “بكوك سورو” و”لوليس لبونغ”، ولهم تأثير على ولايات الاستوائية بنسبة (76%)، وأشار إلى أن الحكومة تتخوف من هذه الشعبية في فترة الانتخابات وقال إن الحكومة تسيطر على ولاية الاستوائية بنسبة (20%) لا وجود لها في ولايات الاستوائية .
انتشار القبلية وهيمنة الدنيكا
وقال رئيس منظمة التنمية للسلام بدولة الجنوب “ثيمون اقري الغ” إن الدور الذي لعبه “جيمس واني ايقا” أعاد الدور لهم دورهم الكبير في حشد أبناء الاستوائية بجنوب السودان للحرب ضد ولايات الاستوائية.
وأضاف إن ولايات الاستوائية في الفترة الأخيرة شهدت انقسامات جديدة من داخل الحكومة وقامت مجموعات متمردة ضد الحكومة وترفض قراراتها في السلطة وأشار “اقري” أن الحكومة تسبب في انتشار الصراع الأهلي والقبيلة بين قبائل الجنوب ولاية بحر الغزال والاستوائية بهدف الاسمرار في السلطة، وقال إن المجموعة الحالية التي تكونت جديدة في الاستوائية تسيطر على مواقع إستراتيجية وطالبت بالحكم الفدارلي الذاتي بحجة أنها ترفض هيمنة قبيلة الدينكا على السُلطة، وأوضح أن “واني ايغا” واحد من كبار الموالين للرئيس “سلفا كير” بين العديد من كبار كوادر الحركة الشعبية الذين خاضوا الحرب قبل( 24) عاماً .
لافتاً إلى أن خروج الضباط الاستوائيين في الحكومة نتيجة الظلم وسياسات الإقصاء التي تتخذها حكومة الجنوب في الهيمنة على السُلطة وخاصة قبيلة الدينكا.