النائب البرلماني المستقل الباشمهندس “مصطفى مكي” نائب الدائرة “10 غبيش ” في حوار مع (المجهر)
لست مع الحملة التي تستهدف "إبراهيم أحمد عمر" وهو لم يحدث أن انتهرني!
لا أستوعب مسألة تفريط الدولة في الموانئ والمطارات وتمسكها بالشراكة في مزارع الدواجن والإنتاج الحيواني!!
أدعو لتعديل اللائحة حتى لا نهدر زمن الجلسات في الاستماع للوزراء وهم يقرأون تقارير تأخذ أكثر من نصف زمن الجلسة!
لا يمكن مناقشة تقارير (31) وزارة و(3) قطاعات و(14) لجنة دائمة بهذه الطريقة.. المشكلة هنا وليست في “إبراهيم أحمد عمر”!
حوار- سوسن يس
(بصراحة مع المجهر).. مساحة لإدارة حوار صريح وشفاف مع أعضاء المجلس الوطني حول قضايا البرلمان والنواب، الأداء العام للبرلمان وثمراته، نشاط النواب ومدى فاعليتهم داخل قاعة المجلس، ما يثار من اتهامات لهم بالنوم داخل قاعة التداولات والتصفيق المتكرر للجهاز التنفيذي، الغياب اللافت عن الجلسات، أسبابه وآثاره والاتهامات المتعلقة بالانشغال بالمخصصات والمطالبات المالية عن قضايا المواطنين.. وحزمة أخرى من التساؤلات والاتهامات حملتها (المجهر) ووضعتها على منضدة عدد من نواب البرلمان.
في هذا الحوار (المجهر) وضعت بعض هذه المحاور أمام النائب البرلماني المستقل الباشمهندس “مصطفى مكي” نائب الدائرة (10 غبيش أبو رأي).. فإلى مضابط إفاداته..
# باشمهندس “مصطفى مكي” ما تقييمك لأداء البرلمان خلال السنوات الثلاث الفائتة؟
– هذا البرلمان إذا أردنا أن نتحدث عنه أولاً نتحدث عن التركيبة النيابية أو تركيبة البرلمان من الناحية السياسية، فهذا البرلمان يعدّ برلماناً توافقياً أكثر من كونه برلماناً أتى عبر منافسة مفتوحة لأن المؤتمر الوطني اتفق مع معظم الأحزاب على أن يخوضوا الانتخابات بصورة توافقية، فكان أن أفرغ بعض الدوائر لحلفائه، لذلك لا يمكن تصنيفه كبرلمان فيه معارضة وحكومة وإنما هو برلمان توافق. وهناك كتلة للنواب المستقلين وهؤلاء النواب المستقلون انتزعوا الدوائر إما من المؤتمر الوطني أو من حلفاء المؤتمر الوطني وأصبحوا يشكلون كتلة بالبرلمان بعد أن انضمت إليهم بعض أحزاب الحوار الوطني. هذه هي تركيبة المجلس الوطني، ومن ناحية الأداء ما يحكم المجلس الوطني شيئان، الدستور ولائحة المجلس.. وبالنسبة للدستور، رئيس الجمهورية شريك في التشريع حيث إن كل التشريعات سواءً أكانت تعديلات دستورية أو تشريعات قوانين ولوائح لن تصبح سارية ما لم يوقع عليها رئيس الجمهورية، وكذلك من حق رئيس الجمهورية أن يصدر مراسيم جمهورية في غياب المجلس على أن تعرض على المجلس في أول دورة انعقاد له.
وفي ظل هذه المعطيات أرى أن الأداء معقول ومقبول. وخلال الفترة الفائتة ساحة المجلس الوطني كانت هي أكبر ساحة للفعل السياسي، فالبرلمان هو الذي يرفد الساحة الإعلامية بالأحداث وهو أكبر ساحة للفعل السياسي بالبلاد. وبالنسبة لأداء النواب النائب يتمتع بكامل حصانته، يقول ما يشاء ويطلب استدعاء من يشاء، لكن ما يتعرض له المجلس من نقد نابع من أن ما يقوله أي نائب لا ينسب للنائب وإنما ينسب للبرلمان، يعني إذا تحدث نائب ما في مسألة ما للإعلام لا ينسب هذا الحديث للنائب ولكن ينسبه للبرلمان، وبعض النواب آراؤهم لا تعجب العامة ولا تعجب الرأي العام فيتوجه النقد للبرلمان.
# هذا في ما يتعلق بالقول والحديث.. لكن في ما يتعلق بالفعل وبالنتائج النهائية البرلمان متهم بأنه في خلال الـ(3) سنوات التي مضت لم ينجز شيئاً يحسب لمصلحة المواطن ودائماً لا علاقة لعمله بمصلحة المواطن وأقرب مثال لذلك هو الميزانية العامة التي ألحقت بالمواطن ضرراً بليغاً ومع ذلك تمت إجازتها في البرلمان؟
– طيب.. في البداية أنا أشرت لك لتركيبة البرلمان، وهي تركيبة وفاق وطني تتمتع فيها الحكومة الحالية وطبعاً هي التي قدمت الميزانية، تتمتع بأغلبية مطلقة داخل البرلمان لذلك ليس غريباً أن تقدم ميزانية ويجيزها البرلمان، وأما خلاف ذلك فالبرلمان خلال الدورة الفائتة تقدم بأكثر من (40) سؤالاً، وفي بداية الدورة الحالية المجلس أسقط بيان وزير المالية وأسقط بيان بنك السودان وبيان وزير الصناعة ووزير النفط، وحتى بالنسبة للميزانية التي قدمت المجلس قدم شروطاً من ضمنها إعفاءات كاملة للمواد الغذائية، وقد تمت مساءلة وزير المالية عن لماذا لم ينفذ قرارات البرلمان.. فالبرلمان من حيث القرارات ومن حيث الأداء قام بما يليه، لكن العلاقة الدستورية واللائحية التي تحكم المجلس قد تكون هي ما يحتاج لتعديل حتى تصبح قرارات البرلمان نافذة وملزمة.
تركيبة الحكم في السودان معقدة، وهي تركيبة برلمانية وتركيبة رئاسية في نفس الوقت، يتمتع فيها رئيس الجمهورية بصلاحيات واسعة وفق الدستور، وكل هذه المسائل تنعكس ليس على أداء المجلس الوطني فحسب وإنما على أداء كل السلطات.
# إذن في ظل هذه التركيبة الوفاقية لا نتوقع أن تتجاوز إنجازات البرلمان (عدداً من الأسئلة وعدداً من المسائل المستعجلة وعدداً من القرارات التي لا تجد السبيل إلى التنفيذ)؟
– السياسة هي فن الممكن، والواقعية مهمة في السياسة.. السودان ما زال يمر بظروف معقدة وأي اهتزاز سياسي أو صدام يحدث في الوقت الراهن بين السلطات ويصل حد المخاشنة سينعكس سلباً على مجمل الاستقرار السياسي ومجمل الاستقرار في البلاد.. الآن نحن لدينا إيجابيات، مثلاً في الناحية الأمنية وقف إطلاق النار مستمر منذ أكثر من عام، العمليات العسكرية في كل الجبهات متوقفة، دارفور آمنة، جنوب كردفان والنيل الأزرق إطلاق النار متوقف فيها منذ مدة طويلة، ننعم بعلاقات خارجية متميزة، فإذا نشب صراع بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية سننسف هذه الإيجابيات دون تحقيق مكاسب تذكر اللهم إلا المشاكسة بين الأجهزة.. فما يجري الآن من تفاهمات بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية هي تفاهمات فيها تفاعل مع الواقع وفيها معايشة للواقع، قد تكون ليست هي الشيء المطلوب وليست هي الشيء الذي يرضي المواطن، ولكن هي الشيء الممكن، أو الشيء الذي يحقق أكبر مكسب ممكن أو هي الشيء الذي يرفع الضرر.. ودرء المفاسد خير من جلب المصالح.
# غياب النواب المتكرر عن حضور الجلسات أصبح من مظاهر القاعة الرئيسية بالبرلمان.. بعض النواب ذكروا في أحاديث لـ(المجهر) أن طريقة بروف “إبراهيم أحمد عمر” في إدارة الجلسة هي السبب في ضعف أداء البرلمان وفي الغياب المتكرر للنواب ووصفوا طريقته بالأبوية وقالوا إنه دائم التعصب وينتهر النواب كثيراً؟
– أولاً البروف “إبراهيم أحمد عمر” وقبل أن يكون رئيساً للبرلمان هو سياسي من الطراز الفريد، أنا لست مع ما يتعرض له من حملة، وكما قلت لك قبل قليل النائب داخل القاعة يتمتع بحصانته كاملة ويقول ما يشاء في حوار مفتوح ولا حجر على أحد.. لكن وكما قلت لك لابد من مراجعة طريقة عرض تقارير أداء الوزراء، لأن هذه الطريقة تأخذ تقريباً نصف زمن الجلسة ويأتي ذلك على حساب التداول وعلى حساب الزمن الممنوح للنواب لإبداء آرائهم، لذلك لا بد من تعديل هذه الطريقة، فالوزير يأتي في كل مرة يقرأ بيانه أمام النواب وتأخذ قراءته للبيان أكثر من نصف زمن الجلسة، فالمشكلة في هذه الطريقة التي تهدر الزمن وليس في طريقة إدارة رئاسة المنصة للجلسات.. المشكلة في لائحة المجلس وهي تحتاج لتعديل.
# إذن ما هي الطريقة المثلى لعرض تقارير الوزراء في تقديرك؟
– الطريقة الأفضل، إدخال التقنية في المجلس الوطني.. أنا مع إدخال التقنية ويمكن أن تعرض هذه التقارير منذ فترة كافية في شاشات أمام النائب وهو على مقعده فلا يحتاج الوزير أن يقرأ للنواب بياناً يأخذ أكثر من نصف زمن الجلسة. وعندما يأتي الوزير إلى القاعة يتناقش النواب ويبدون آراءهم حول التقرير الذي اطلعوا عليه مسبقاً، دون أن يضيعوا نصف زمن الجلسة في الاستماع للوزير وهو يقرأ.
طبعاً الزمن محدود والوزارات كثيرة والتقارير كثيرة، نحن نتحدث عن أكثر من (30) وزارة، و(3) قطاعات ورئيس وزراء وخطاب رئيس جمهورية، هذه كلها يجب أن تستعرض في فترة ثلاثة أشهر (36 جلسة)، هذا غير مشروعات القوانين وتقارير اللجان الدائمة (14 لجنة) وجلسات الهيئة التشريعية، فلا يمكن أن يسمح الزمن بمناقشة كل هذه البيانات في فترة محدودة كهذه، فهذا هو ما يحتاج للمراجعة ولابد أن نجد طريقة أخرى لعرض هذه التقارير والبيانات.
# بمناسبة غياب النواب المستمر عن الجلسات أحد النواب أقر في حوار أجرته معه (المجهر)- لم يُنشر بعد- بأنه من النواب الذين يتغيبون وقال إن سبب غيابه هو طريقة تعامل رئيس البرلمان مع النواب وقال إنه لا يقبل أن ينتهره رئيس البرلمان أو ينتهر النواب لذلك يفضل التغيب عن حضور هذه الجلسات.. ما تعليقك على هذا الحديث؟
– (أنا شخصياً غايتو ما حصل رئيس المجلس نهرني).. والغياب هناك لائحة تضبطه، وأفتكر أن غياب النواب أسبابه كثيرة والنواب ليسوا بمعزل عن الشعب السوداني وهؤلاء النواب معظمهم من الولايات وما يقع على الشعب السوداني من ضغوط يقع على النائب بشكل أكبر، فالنائب مسؤولياته أكبر من المواطن العادي وهو مطالب بحضور اجتماعي أكبر، وحضور سياسي ومساهمات اجتماعية و(حلحلة) مشاكل، ومعظم زمنه ووقته يذهب لغيره فهو يعاني كما يعاني الآخرون وأكثر.
# يا باشمهندس هل لمست أثرا أو نتيجة للأربعين سؤالاً والعدد الكبير من المسائل المستعجلة التي طرحتموها خلال الدورة الفائتة.. أم أنها ذهبت دون أن تترك أثراً؟
– بالتأكيد هناك أثر. والنواب داخل المجلس يستشعرون أهمية طرح هذه الأسئلة، لكن وكما ذكرت لك المشكلة ليست في طرح النائب للسؤال، لكن المشكلة في مجمل العلاقات بين السلطات الثلاث ومجمل الصلاحيات الممنوحة لكل سلطة، وهذا هو ما يحتاج للتغيير. النقطة الأخرى نحن لسنا في جو ديمقراطي كامل، الديمقراطية الموجهة هي التي تحكم، لذلك ما نراه هو المتاح وليس المأمول.. نحن نتطلع لوضع أفضل لكن الموجود هو المتاح.
# كنت قد تقدمت بسؤال لوزير النقل بخصوص ما رشح من معلومات عن تعاقد الوزارة مع دول أجنبية لإدارة الموانئ البحرية.. ماذا تم بخصوص هذا السؤال؟
– أولاً أنا في رأيي أن الموانئ سواءً أكانت موانئ بحرية أو مطارات هي من الأمور السيادية التي يجب ألا تفرط فيها الدولة، لكن خلال العام السابق طُرح ميناء بورتسودان للتشغيل بواسطة دولة أجنبية، والآن رشحت أخبار في وسائل الإعلام عن أن وزارة النقل تعاقدت مع قطر لإدارة ميناء سواكن، وأن وزارة المالية تعاقدت مع شركة تركية لإدارة مطار الخرطوم، وهذه مؤسسات سيادية. نحن من قبل فرطنا في خطوطنا البحرية وفرطنا في خطوطنا الجوية وفرطنا في السكة الحديد! أنا لا أفهم ولا أستوعب أن تفرط الدولة في الموانئ والمطارات وأن تدخل كشريك في مزارع الدواجن ومزارع الإنتاج الحيواني! هذه معادلة مختلة يجب أن تعدل ويجب أن تكون المؤسسات السيادية في يد الدولة.
كذلك يجب أن تكون التعاقدات الحكومية وفقاً للوائح والضوابط القانونية.. مثلاً ميناء سواكن تفاجأ الناس بأن هناك تعاقداً بين السودان وقطر لإدارته، دون أن يمر هذا الأمر بمجلس الوزراء أو يمر عبر المجلس الوطني أو يطرح في وزارة العدل لإعداد العقودات اللازمة. يجب أن تكون هناك شفافية في إدارة الشأن العام خاصة في المسائل السيادية، والموانئ ليست أموراً سيادية فحسب بل هي مؤسسات رابحة فلماذا نبيع ونفرط في المؤسسات الرابحة، وتتمسك الدولة بإدارة أشياء تافهة هي من صميم عمل القطاع الخاص أو الدرجات الدنيا؟!
# هل تتوقع أن يكون لسؤالك لوزير النقل نتيجة أم ستقف طبيعة تركيبة البرلمان الوفاقية دون وصول السؤال للنتائج المرجوة؟
– أتوقع أن تكون له نتيجة. أنا قرأت قبل أيام نفياً لوزير الدولة بالنقل أنهم تعاقدوا مع دولة أجنبية لإدارة الميناء، وقال إنه إذا تم التعاقد سيعرض الأمر على مجلس الوزراء.. أنا أرى أن هذه من إيجابيات طرح السؤال فأنا أتوقع أن يجيب الوزير بشفافية، وأتمنى أن يكون الأمر جارياً وفقاً للضوابط بدون تفريط، وإن كنت أرجو أن لا تفرط الدولة في رموز السيادة الوطنية مثل الموانئ لأنها تمس سيادة البلد.
# ما الإجراء الذي يجب أن يحدث بعد طرح السؤال.. هل سيتم استدعاء وزير النقل وهل سيمثل أمام البرلمان ليجيب عن السؤال.. ما الذي تتوقع أن يحدث؟
– نعم، فحسب تصريح قيادة المجلس كل الأسئلة التي طُرحت في بداية هذه الدورة ستُعرض خلال الأسبوعين القادمين وسيتم استدعاء الوزراء.