إعادة مادة الكيمياء.. تفاصيل يوم ثقيل على طلاب الشهادة الثانوية
(المجهر) تستطلع الممتحنين والمعلمين
توجس وحالات غياب وتأخير ببعض المراكز والغالبية تجمع على سهولة المادة
جولة – رباب الأمين – آمال حسن – المهدي
(17 أبريل) شهد أمس، إعادة امتحان مادة الكيمياء لطلاب الشهادة السودانية، حالات خوف واضطرابات نفسية سيطرت على أسر الممتحنين (المجهر) أرادت أن تكون في وسط أجواء الممتحنين وأسرهم في بعض المراكز..
عند الساعة الثامنة توجهت (المجهر) إلى مدرسة الثورة الجديدة الثانوية بنات التي تقع في الحارة الأولى، أمهات الممتحنات كن جالسات تحت ظل الأشجار المقابلة للمدرسة كل أم توصي ابنتها بأن تتلو المعوذتين وقراءة سورة يس قبل الدخول، كانت الركشات والسيارات في حركة منتظمة رغم تعرج الطريق يقف الأب بسيارته أو الأخ لتنزل الطالبة وتدخل مباشرة إلى حجرة الامتحان.
أما بعض الطالبات اللاتي كن ينزلن من على متن المركبات العامة فهؤلاء كانوا في حالة خوف يدخلون مجموعات يحملون ورقة عمل أو كتاب ويتبادلون الأسئلة ويرشحون لبعضهم البعض المصطلحات التي يتوقعونها أن تأتي في الامتحان، كانت رهبة الامتحان تسيطر عليهن فرفضن التحدث لكي نعرف استعدادهن كانت الدموع خير دليل على المشهد لدى بعض الممتحنات.
البعض الآخر كانوا يسيرون بخطى واثقة مرددين (الحمد لله جاهزين) وفي أعينهم خوف من المصير المجهول هل هذا الامتحان سيكون مثل سابقه؟
خوف من الدخول:
لفتت انتباهنا بأن إحدى الطالبات جاءت تبكي وتردد في صوت مبحوح (أنا ما قارية) بالقرب منها شاب في مقتبل العمر ملامح وجهه تدل على أنه أخوها، نادى إحدى صديقات أخته ثم صار (يطبطب على أخته ويردد لها ما تخافي) دخلوا المدرسة التي كان حرسها رجلين من الشرطة يرتدون الزي الرسمي واقفين يطلبون من الطالبات الإسراع بالدخول.
وفي تلك الأثناء حملت المعلمات ظروف ورقية بداخلها الامتحان واتجهن صوب حجرات الامتحان الذي حدد له (3) ساعات، وجاء على غير العادة في (8) صفحات، بعكس الامتحان السابق الذي حوى (11) صفحة.
حل صمت خيم على شارع المدارس الذي يبدأ من ناحية الشمال بمدرسة الثورة الجديدة ومدرسة الفنية التي تعتبر مركزاً رئيسياً للامتحانات ومنها توزع الامتحانات إلى جميع مراكز محلية كرري في وقت واحد، ومن على الجنوب ينتهي شارع المدارس بمدرسة المجلس الأفريقي مروراً بـ(5) مراكز تجمع بعض من مدارس محلية كرري.
تأمين مختلف,,
في بداية الشارع تحت شجرة النيم توجد عربة شرطة بها (8) أفراد من رجال الشرطة يحملون أسلحتهم ويرتدون طاقيتهم النظامية يراقبون بعمق المارة أما داخل المراكز يوجد ما بين (2_3) شرطي بالقرب من باب المركز يمنعون الدخول لغير الأساتذة.
نسيان الامتحان:
الطالب “مبارك إسماعيل” جاء بعد ربع ساعة من الامتحان ملامح وجهه تدل على الإعياء واليأس من مادة الكيمياء لم يبرر تأخره ولكن لجنة مراقبي المدرسة أوجدت له عذراً ولم تدعه يقف طويلاً خوفاً على ذهاب زمن الامتحان.
أما الطالب “أحمد عيسى” جاء أيضا بعد دخول الممتحنين حجرة الامتحان ومعه والدته تمسكه من يده اليسرى وأخته من يده اليمنى، والدموع تنهمر من أعينها وهي تطلب منه الدخول للامتحان وهو في حالة نفسية سيئة، رفض الشرطي دخولهما إلى المدرسة توسلت له أن تقابل مديرة المدرسة فسمح لوالدة الطالب الدخول وبمعيتها ابنها الطالب أما أخته وقفت بالقرب من بوابة المدرسة تقدمت نحوها بضع خطوات لكي نستطلعها ونعرف سبب تأخرهم من الزمن المحدد ذكرت “علياء عيسى” في حديثها لـ(المجهر) أن أخاها أول الدفعة في فصل علمي الامتحانات التجريبية وأنه متفوق ولم يتجه لتبخير أو الغش في يوم من الأيام، لذلك نحن نثق في إمكانياته، ولكن ما فعلته فوضى الامتحانات من غش وخداع جعلته يدخل في حالة نفسية سيئة ويرفض الجلوس لإعادة امتحان الكيمياء لأنه قارن مذاكرته مقابل الأشخاص الذين يتفوقون بمجهودات أخرى مثل (البخرات_ تزوير الامتحان), مضيفة أن أخاها في خلال (16) يوماً لم يقرأ شيئاً، جالس في المنزل ومغلق عليه غرفته لا يخرج إلا عندما يطلب أبوه منه الخروج أو عندما يأتي إليه أصدقاؤه.
أحمد أو مبارك ليسا وحدهما اللذين رفضا الدخول إلى حجرة الامتحان فمعظم الطلاب كانوا يترددون في دخولهم إلى حجرة الامتحان، فحين قرع جرس بدء الامتحان ارتفعت أصوات الصياح في أحد مراكز البنات، المراقفون تركوا حجراتهم وانتشروا في المدرسة يدعون الطالبات إلى الامتحان فصبرهن مدير المدرسة ببعض الكلمات التي تقوي الإيمان، وبعض المراقبين وضعوا كمية مياه شرب في حافظات داخل الحجرات، اثنتان من الطالبات فقدن الوعي وسقطن في باب الحجرة، تم نقلهما فوراً إلى مكتب مدير المدرسة وتوفر لهما جو هادئ لكي تسترجعان وعيهما وبعد (15) دقيقة من توزيع الامتحان سيطر الهدوء على حجرات الامتحان، وتمكن المراقبون من فرض سيطرتهم مراعين مشاعر وأحاسيس الممتحنين، بلغ بمدير المراقبين أن طلب من الممتحنات فك طرحهن ليطمأنوا بأنهن لا يحملن شيئاً، مخطر إياهن ببعض التعليمات الرئيسية في الامتحانات (يمنع تداول الأقلام وحمل الهواتف والسماعات) خوفاً من انتشار الغش، يوجد في الفصل (3-5) مراقبين وفي الحجرة الواحدة (29-32) ممتحناً.
هذا المشهد نقلته لنا إحدى المراقبات التي رفضت ذكر اسمها، استمرت (المجهر) تتجول في مراكز الامتحانات بعضهن يرفض دخول محررة الصحيفة والبعض الآخر يسمح بالدخول شرط أن يمنع التصوير بقرار صدر من وزارة التربية والتعليم منذ بداية الامتحانات.
تقدمت خطواتنا حتى وصلنا إلى مدرسة “أبوبكر سرور” التي تعتبر مركزاً لخمس من المدارس الخاصة، بالقرب من البوابة الشمالية لم يجلس شرطي هذه المرة إنما وجدنا رجلاً ستينياً من العُمر جالساً تحت ظل على كرسي متكئاً على حائط المدرسة (عرفنا له أننا من (المجهر) رد قائلاً (اتفضلوا لقدام) على بعد أمتار كان مجموعة من الأساتذة يجلسون على شكل ثنائيات وثلاثيات رحبوا بنا وأرشدونا إلى مدير المدرسة “حمدنا الله النقر” الذي تحدث لـ(المجهر) قائلاً (نفسيات الممتحنين في حالة صعبة) مبيناً بأنهم واقفون مع الممتحنين وذكر (لم نتوقع هذا الكم من الممتحنين، فتوقعاتنا كانت مبنية على أن الطلاب لا يجلسون لامتحان الإعادة عقب الحالة النفسية التي تعرضوا لها فشكاوى الأسر كانت تدل على ذلك).
على الناحية اليسرى من مدير المدرسة كان يجلس أستاذ الكيمياء “عباس أمين” ذكر لـ(المجهر) أنه يتوقع بأن يكون الامتحان سهلاً وغير متوقع بالنسبة للطلاب لأنهم يعيشون في حاجز النفسيات وتوقعاتهم بالأصعب دوماً ولكننا متفائلون, نافيا بأن الممتحنين لم يخضعوا لحصص تركيز في الفترة الزمنية (16) يوماً مراعاة لحالتهم النفسية.
قبل أن يمر نصف الزمن توجهنا إلى كبار مراقبي مدرسة أبوبكر سرور “يونس عباس ” الذي أشار في حديثه لـ(المجهر) أن الوضع مستقر ويشهد هدوءاً تاماً من قبل الممتحنين ولم يقبضوا في حالات غش مبيناً بأن الحالة النفسية ليست مع الممتحنين فقط حتى أن بعض من المراقبين عانوا كثيرًا من إعادة الامتحان وبعض المعلمين امتنعوا عن المواصلة في هذه المهنة نافياً مصداقيتها (إذا امتحان ينكشف نحن ندرس لشنو؟) بهذه الجملة ودعت بعض من المدارس أساتذتها، لفت “يونس” بأنهم لم يروا الامتحان حتى الآن سينظروا له عقب انتهاء الجلسة عندما يسلم المركز امتحاناته إلى الرئاسة.
خلف الكواليس:
مدير مدرسة القاموس الثانوية أستاذ “أحمد” تحدث لـ(المجهر) بأنه اتصل على أسر بعض الممتحنين لكي يتوسلوا لأبنائهم ويأتون بهم للامتحان وطلب من إدارة المراقبين عدم توقفهم مراعاة لحالتهم، وأنهم يتعاملون معهم مثل “ذوي الاحتياجات”.
على ذات السياق ذكر أستاذ فضل حجب اسمه لـ(المجهر) أن بعضاً من الطلاب كان لا يعلموا أن هذا اليوم يوم الامتحان نسبة لتشويشهم من قبل وزارة التربية والتعليم.
كما أضاف قائلاً: (كثير من الطلاب دخلوا الامتحان من غير بطاقة لأنهم نسوا بطاقتهم).
مضى نصف الزمن سريعاً حتى خرج بعض من الطلاب وجوهم تدل على الراحة النفسية الطالب “ميرغني” استقبلنا بجملة (هم وأنزاح) نفى تركيزه في الامتحان لأن كل همه هو التخلص من ضجر الكيمياء التي شكلت في دواخلهم هواجس ومنعتهم من النوم على حد تعبيره.
الطالب “جهاد بشير” ذكر لـ(المجهر) أن الامتحان ليس بالسهل ويتطلب تركيزاً دقيقاً وقارنه بالامتحان الذي مضى قائلاً (الفات ساهل دا صعب)، واختتم حديثه (إذا ما نجحت ح أعيد).
ومن مدرسة بكار النموذجية بنين قال لنا الطالب “علي عبده السماني” إن الامتحان مقارنة بالسابق سهل وبسيط به (8) صفحات، ونحن مصدومون من الامتحان ووزارة التعليم لعبت في حقنا وأضاعت تعب سنة كاملة بالنسبة لنا في الامتحان السابق، على الرغم من صعوبته ووافقه زميله الطالب “بهاء الدين سامي” على سهولة الامتحان، قائلاً إن تعبهم ما راح في الفاضي إلا أنه رجع وقال إن الامتحان عبء عليهم لأن البساطة والسهولة وضعتنا في مهمة صعبة جداً، وأشار إلى أن بعض الطلاب لم يجلسوا للإعادة، وقالت الطالبة بمدرسة التفوق بنات “أبرار مختار” إن قرار الإعادة جاء إنصافاً وعدلاً في حقنا لأننا لم نطلع على الامتحان المكشوف الذي تلاعبت به الوزارة، واختلفت معها زميلتها “أبرار محمد” أن الامتحان المعاد عبء على الشهادة السودانية ولا يمثل مقياساً لها وهو غير متوازن وبعض الأسئلة صياغتها غير صحيحة، بينما الامتحان السابق كان متوازناً ولست متفائلة به ولا اتوقع نسبة نجاح عالية، لأن الإعادة سبب في ضعف نسبة النجاح، وقالت الطالبة بمدرسة أبوبكر سرور “هالة محمد” إنها متفائلة وفرحانة بإعادة الامتحان، لأننا لم نكشف السابق، ورغم التفاؤل لا اتوقع نسبة نجاح عالية بسبب البساطة التي تخدع الطلاب وتحول الفرحة إلى صدمة بعد النتيجة، واختلفت معها زميلتها “تسابيح عبد الإله” أن بعض الأسئلة بها خطأ خصوصاً في الصفحة السادسة، وقرار الوزارة كان له تأثير نفسي على الطلاب، لأن بعض الطلاب تفاجأوا به ولا ذنب لهم، والقرار ضيع علينا مستقبلنا.
وتقول الطالبة “آمنة الشيخ” من مدرسة (المتفوقون) بحي المهندسين بأم درمان، قبل دخول الامتحان أصبت بحالة من التوتر، إلا أنه وبعد جلوسي وجدت أن الامتحان سهل وكانت الأسئلة مباشرة، أما “بشائر حيدر” فقالت على الرغم من أن الامتحان سهل إلا أن بعض الأسئلة لم تكن مباشرة وغير واضحة، وأبدت تخوفها من بساطة الامتحان. ومن دار المنهل الثانوية قالت الممتحنة “آلاء محمد” إن الامتحان سهل جداً مقارنة مع الامتحان السابق، أما “أبرار” فقالت دخلت في حالة توتر منذ إعلان إعادة الامتحان حتى لحظة الامتحان اضطرت أمي وأختي لمرافقتي إلى مركز الامتحانات، ولكن بعد انتهاء الجلسة خرجت مبسوطة لأننا لم نكن نتوقع أن يكون الامتحان بسيطاً وساهلاً، ومن مدرسة أمبدة النموذجية قال الطالب “عصمت محمد” إن امتحان الكيمياء ساهل جداً وتساءل هل أسئلة الامتحان واضحة ومباشرة أم لها إجابات غير الإجابات المتوقعة، أما الطالب “رامي سليمان” قال اشتغلت على أسئلة الصفحة الأولى والثانية ولم استطع أن أواصل في بقية الورقة بعد أن دخلت في حالة من التوتر، انتظرت بعدها حتى نصف الزمن وخرجت دون أن أكمل بقية أسئلة الامتحان أو افتح بقية صفحات الورقة، ومن مدرسة أمبدة النموذجية بنات قالت الطالبة “مها عبد الرزاق” إن الامتحان مقارنة بالامتحان السابق أسهل بكثير.