حوارات

شيخ الطريقة السمانية “قريب الله الأمين الصابونابي” في حوار مع (المجهر)

السياسة لم تقم إلا عن طريق السجادة وجميع القيادات السياسية في الدولة جاءت بهم السجادة

أنشأنا هيئة باسم الصوفية من (500 – 600) عضو لدعم الرئيس “البشير” في الانتخابات المقبلة
ليس صحيحاً أننا نمسك بالعصا من نصفها في تعاملنا.. ولدينا مبادرات لوقف الحرب وحل الخلافات التي تعيق الدولة
الخلاوى تعاني اليوم من ارتفاع المصروفات وقد تصل لـ(10) آلاف جنيه في اليوم ولكن…
حوار مختلف أدرناه مع شيخ الطريقة السمانية “قريب الله الصابونابي”، اختلط ما بين السياسة والسجادة، ضيفنا أجاب بصراحة على الأسئلة والاتهامات التي تلاحق الصوفية بأنهم بعيدون عن مبادرات وقف الحرب والاقتتال وحرمة الدماء، وتحدث فيه عن مبادرتهم كصوفية بإنشاء هيئة لدعم ترشيح الرئيس “البشير” في انتخابات 2020، وتحدث إلينا عن واقع الخلاوى باعتبارها شعلة التعليم الديني وما تعانيه من أوضاع، وتبرأ من ظواهر التسول التي يقوم بها البعض من الطلاب، الحوار تناول محاور أخرى، فإلى مضابطه:
حوار – فائز عبد الله

هناك مجموعة من الصوفية كونت حزباً سياسياً باسم حزب الصوفية، أين الشيخ “الصابونابي” من هذا الحراك؟
-ليست لديّ علاقة بالحزب، ولا يوجد حزب سياسي للصوفية، وعلاقتنا مع الدولة ودعم الرئيس في الانتخابات المقبلة عبر الهيئة القومية، وهي التي تمثل دعم الرئيس والحزب، حزبنا المؤتمر الوطني.
}علاقتك مع السياسيين؟
-لديّ علاقات جيدة من أصغر شخص في الدولة إلى الرئيس والراحل “الترابي” و”الصادق المهدي” والراحل “الشريف زين العابدين الهندي” و”الميرغني” وجميع الإسلاميين.
}لديك تواصل جيد مع رئيس الجمهورية؟
-علاقتي مع الرئيس قديمة من قبل الإنقاذ وبعدها وجميعها علاقات.
}الجمع بين السجادة والسياسة البعض ينظر إليه باستغراب؟
-تعتبر نمطاً واحداً، وما قامت السياسة إلا عن طريق السجادة، وجميع القيادات السياسية في الدولة قامت عن طريق السجادة، وهناك شخصيات مثل “الشريف الهندي” وعدد من القيادات الصوفية هي التي جاءت بالسياسة، والصوفي هو السياسي وأصحاب طريق الصوفية عامة يمثلون السياسيين.
}البعض يتهم الصوفية بأنهم يحملون العصا من نصفها؟
-هذا الحديث غير صحيح، ولا يوجد حديث كهذا، والصوفية لديهم مبادئ وقيم تجعلهم قيادات وتوجههم موحد مع الرئيس.
}مبادرات وقف الصراعات القبلية وحرمة الدماء البعض يرى أنكم بعيدون منها؟
-لسنا بعيدين عن الصراعات ولدينا مبادرات لوقف الحرب وحل القضايا والخلافات التي تعيق الدولة، والطرق الصوفية تعمل على التوجيه والإصلاح ووضع معالجات القضايا والخلافات ونبذ البغضاء والعنف والحرب.
}هل لديكم مبادرات سياسية على أرض الواقع؟
-تم إنشاء هيئة باسم الصوفية لترشيح الرئيس “البشير” تضم أكثر من (500) أو (600) عضو وتدعم الرئيس في الانتخابات المقبلة، وقمنا الأيام الماضية بمباركة فوز الرئيس المصري “السيسي”.
والهيئة تدرك أن الرئيس “البشير” قاد البلاد لفترة (30) عاماً وعرف مداخلها خارجية وداخلية ويتمتع بعلاقات طيبة وقوية، والطرق الصوفية تقف خلف “البشير”، وهو القوي ، ودعونا جميع ولايات السودان لمباركة الرئاسة المقبلة، وهذه الهيئة لها لجان وتدعم الانتخابات في منطقة البحيرة ودارفور وتشمل جميع ولايات البلاد، وقدمت دعوة لمفتي الديار النيجيرية للحضور.
}رسالة نصح للحكومة والمجتمع؟
-نناشد المجتمع عامة بأن يكون مترابطاً ويترك الخلافات الجانبية وتحقيق السلام لأجل التنمية، وأن يكون مجتمعاً معافى، وعلى أي شخص خارج عن الدولة أو داخلها أو منتمي إلى أي حزب، شيوعي أو إسلامي أو غيره، أن يأتي إلى السلام والتنمية وترك الصراعات التي تهدد المجتمع.
}بعيداً عن السياسة، كيف تنظر لظاهرة التسول لطلاب الخلاوى في الآونة الأخيرة؟
-ظاهرة التسول لطلاب الخلاوى ظاهرة سلبية لا تمت للخلاوى بأي نوع من الانتماء، والخلاوى مؤسسة ولا بد لطلابها أن يلتزموا بعدم التسول والخروج من الخلوة إلا بعد أن يقوموا بختم القرآن، وأطالب المشايخ بمراقبة الطلاب في مسكنهم وملبسهم وحتى في نومهم والحرص على ضبطهم لمنع هذه الظواهر.
}هذه الخلاوى التي يقوم طلابها بالتسول ليس لها تأسيس وشيدت من غير أساس ورقابة ونجد أن ظاهرة هذه الخلاوى امتدت وشملت خلاوى قرآنية لا علاقة لها بالتسول، ولا بد أن يتم تأسيس الخلاوى على أسس وضوابط فعلية لمنع الظواهر السالبة التي تسيء للخلاوى، واعتبر هذه الظاهرة ليس لها أسس أو تقويم، وقمنا بزيارة بعض الخلاوى ولكن لم نجد بها طلاباً، وبعض الخلاوى هي مؤسسة بالاسم فقط.
والخلاوى أسست على التقوى والقيم وليس التسول، والظواهر السالبة التي تهدد المجتمع نرفضها كظاهرة.
}ما هي الصعوبات التي تواجه الخلاوى؟
-الآن الوضع تغير بالنسبة للخلاوى مع التطور الراهن، فلا بد من تطور الخلاوى في السكن وتوفير دورات المياه، فمعظمها تحتاج إلى دورات مياه، وفي السابق كانت الخلاوى تقليدية في الخلاء والطلاب يذهبون إلى الخلاء، والآن بعض الخلاوى أوضاعها سيئة وتنتقص بها الخدمات الأساسية، وأيضاً لا تمتلك الدعم المالي وهي تقوم بالصرف على نفسها من مالها الخاص على الطلاب.
}ما هي الولايات التي تأثرت بالنزوح؟
-ولايات دارفور والنيل الأزرق، والآن خلاوى “الصابونابي” تبلغ أكثر من (600) خلوة في جبال الأنقسنا وتعمل على نشر القرآن إلى الحدود الأثيوبية (الحبشة)، وساهمت هذه الخلاوى في نشر الإسلام والقرآن بهذه المناطق.
}ديوان الزكاة مناط به تقديم المساعدات للخلاوى، أين هو من الأوضاع التي تعانيها بعضها؟
-الخلاوى تعتمد على الكسب اليدوي الزراعي فقط، وهو اعتماد منذ القديم، وعندما أتى ديوان الزكاة أصبحت مساهماته للخلاوى وسهام الديوان بأربعة نفرات في السنة للخلاوى عن طريق المنح وتقديم المساعدات لطلاب هذه الخلاوى، وأصبح الكثير من الخلاوى تعاني النقص، والآن تعتمد اعتماداً كلياً على الخيرين ورجال البر، ومساهمة ديوان الزكاة، ولا يستطيع أن يقدم الدعم الكافي لهذه الخلاوى لزيادة مصروفاتها والدخل أقل، عندما أتى ديوان الزكاة كانت لديه ثلاث أو أربع نفرات في العام، والوضع تغير الآن، لا بد من تطوير هذه الخلاوى من مسكن ودورات مياه للطلاب، وهناك خلاوى أصبحت نموذجاً لطلاب تم تشييدها بصورة كبيرة وجميلة جداً.
}الخلاوى كمؤسسة؟
-يرجع تاريخ الخلاوى بالبلاد إلى أكثر من (7) قرون، ودخل القرآن عن طريق المشايخ والعلماء للسودان، وعن طريق الدولة السنارية التي كانت تمثل المشايخ والعلماء، وهم أول من أدخلوا الخلاوى.
والسودان قبل دخول المشايخ والعلماء كانت به شبهة جاهلية حكمت الدولة السنارية السودان (319) عاماً، وقامت بنشر القرآن عبر الخلاوى، وتوزع المشايخ والعلماء إلى ولايات السودان المختلفة، وكانت الخلوة في السابق تضم ما بين (20) إلى (50) طالباً، إلى أن تطورت الخلاوى وأصبحت منتشرة بجميع المناطق، وكانت خلوة “الكتيابي” كأول خلوة تم تأسيسها بولاية الشمالية، ويتجاوز عمرها الـ(650) عاماً، وأتى المشايخ من منطقة (أم دراوة) من صعيد مصر، وبعدها خلوة أبناء جابر الخمسة، وانتشر القرآن إلى أن وصل منطقة حلفا.
كانت هذه الخلاوى تمثل التعليم الأساسي والأهلي، والأبناء الذين يتعلمون منهم طلاب القرآن والفقه والأحاديث، وأيضاً الطلاب كانوا من القرى والمناطق القريبة ويدرسون عن طريق إشعال النار في الحطب.
وكانت هذه الخلاوى بعيدة جداً، أما خلوة “الكتيابي” والفادنية وأولاد “جابر”، جميعها لها دور كبير في ترسيخ القيم وتحفيظ القرآن وساهمت في نشره.
}ما هو الدور الذي تقوم به الخلاوى؟
-تقوم بتعليم القرآن والقيم الكريمة، وأتت الخلاوى بالقيمة والشريعة الإسلامية ومحاربة العادات الجاهلية، ولها دور كبير في نشر القرآن، أما خلوة “الكتيابي” والفادنية وأولاد “بدر” وغيرها من هذه الخلاوى، لها دور في نشر الدعوة الإسلامية والتوجيه وخرج منها العلماء والمشايخ.
}كم يبلغ عدد الخلاوى في السودان؟
-إحصائيات الخلاوى بلغت (2365) خلوة تم حصرها، وتعتبر من الإرث القديم في تقديم القيم والأخلاق الكريمة، وانتشرت في جميع ولايات السودان، في غرب دارفور وشمال كردفان والشمالية، وعدد خلاوى “الصابونابي” (66) خلوة في جبال الأنقسنا في ولاية النيل الأزرق ممتدة إلى الحدود الحبشية، وتمكنت هذه الخلاوى من إدخال أكثر من مليون شخص في الإسلام في الأنقسنا، حيث لم تكن لهم أي علاقة بالإسلام وبعضهم وثنيون وهم بالعراء، ودخلوا الإسلام وأصبحوا يدرسون القرآن.
وخلوة الفادنية في ولاية الجزيرة وخلوة أولاد “بدر” وخلوة الشيخ “البرعي” وغيرها من الخلاوى، ولاية جنوب كردفان والجزيرة بها خلاوى قديمة مثل خلوة أبناء “عز” والفادنية وهي تعتمد على الزراعة.
}هل أغلبية الطلاب من الولايات؟
-صحيح.. معظم طلاب الخلاوى وافدون من الولايات المتضررة من الظروف، وهناك عدد من الخلاوى تضم النازحين مثل خلوة أم ضواًبان، بها طلاب وافدون من الولايات والشيخ “البرعي”، وهذه الخلاوى مفتوحة للنازحين، تبلغ (350) خلوة، مثلاً منطقة شرق النيل كانت منطقة خلوية والآن أصبحت مكتظة بالسكان.
وهذه الخلاوى تعتمد على الخيرين ودعم ديوان الزكاة المحدود فقط.
وظروف النازحين والوافدين استثنائية وجعلت معظم نازحي الولايات يأتون إلى الخلاوى لأنها مفتوحة وتوفر احتياجاتهم، بجانب حفظ القرآن، وهناك خلاوى عريقة مثل الفادنية وأولاد “بدر” وأولاد “عز” وخلوة الشيخ “البرعي” وغيرها من الخلاوى، وأيضاً خلاوى تم تأسيسها بولاية جنوب كردفان والجزيرة ولها تاريخ قديم في تعليم القرآن والفقه والقيم.
}الصرف على الخلاوى كبير جداً؟
-بالفعل باتت المصروفات لا تكفي حاجة الخلاوى من الضروريات، فالخلاوى تصرف ما بين (5 – 10) آلاف جنيه للوجبات في اليوم الواحد.
}كم يبلغ عدد الطلاب في الخلوة؟
-يبلغ عدد الطلاب في بعض الخلاوى أكثر من (3) آلاف، وهناك خلاوى بها (500) أو (600) طالب، وتصرف هذه الخلاوى من ميزانيتها الخاصة لتوفير الطعام للطلاب، وفي السابق تعتبر هذه الخلاوى هي المدارس التي يعتمد عليها الآباء في تعليم أبنائهم، أما الآن الخلاوى مع التطورات تأثرت ببعض الجوانب التي تتطلب مراجعتها وإعادتها إلى وضعها الطبيعي كخلاوى لحفظ القرآن، وتمثل هذه الخلاوى القيمة الإنسانية والمبادئ والقيم الإسلامية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية