صناعة الطغاة!
من أسمانا بشعوب العالم الثالث لم يظلمنا، ولم يكن مخطئاً، بالرغم من أن هذا التصنيف مبني على رؤى اقتصادية، ولكننا في ذيل الأمم التي عبرت سنوات الضوء في معرفة حقوقها وواجباتها، فلم تستطع الأنظمة الحاكمة في العالم الأول تحويل تلك الشعوب إلى ممتلكات خاصة بها، وإنما ظل الحكام على الدوام كثيري اليقين بأنهم جاءوا لخدمة شعوبهم وأوطانهم، وفي ذات الوقت برعنا نحن في صناعة الطغاة، واكتوينا بنيران جحيم حكمهم.
منذ القدم، اعتادت الشعوب العربية على قبول فكرة أن تكون ملحقة وتابعة وخانعة.. يبدو أن هذا الوضع كان يشعرهم بالأمان، أن يكونوا خلف حائط كبير، أو تحت ظل شجرة عملاقة.. بالنسبة لهم، هذا هو الأمن والأمان، فقد تبلورت الثقافة العربية على نمط التابع والمتبوع، ونمط السيد المطاع والعبد المطيع، مهما تعددت أشكال هذه العلاقة وتنوعت، لذلك فشلوا حتى في حماية ثوراتهم التحريرية، من تغول ذات الأنظمة التي ثاروا عليها، بل أعادوا إنتاج عقلية الحكم نفسها بثوب جديد كما حدث في مصر القريبة، وليبيا، تونس ….الخ.
اليوم كان نتاج الثورة في سوريا تدخل العالم الأول لحماية المدنيين من بطش نظام الأسد، وهو الطاغية التي صنعها الشعب بنفسه، عندما قبلوا بإذعان لا يحسدون عليه وراثة عرش والده الراحل حافظ الأسد، وخضعوا لأيدولوجيا البعث الدموية عقوداً من الزمان.
ولأن الثمن الذي دفعه العرب كان كبيراً وهائلاً وقاسياً.. فإن من الواجب الآن أن يتم تحصين هذه الثورات كحركات إصلاحية نابعة من الشعوب، وحمايتها حتى لا يتم سرقتها أو اختطافها واختزالها في مسمى محدد لجهة أو حزب.. فالثورات قامت بها الشعوب، ويجب أن يكون أمرها بيد الشعوب.