أخبار

(ريمونتادا) (الحوت)

محمد ابراهيم الحاج

*قبل نحو 7 سنوات شارك الفنان الراحل محمود عبد العزيز في بالبرنامج الجماهيري الرمضاني (أغاني وأغاني) وكان وزنه وقتها قد نقص كثيراً، وبدا شارداً في حلقات البرنامج الأولى.. وقدم أغنيات انتقده فيها الناس، إلى الحد الذي مضى البعض إلى القول إن (محمود انتهى)، وكانت حلقات البرنامج تمضي في إيقاعها السريع بمشاركة أغلب المطربين الشباب المعروفين.. كثير من جمهوره تحسر على ما آل اليه محمود، وبدا البعض يطلق عبارات الإشفاق تجاهه، ولكن بجسد الفتى النحيل كان يكمن (أسد هصور من الموهبة)، ومن خلف نظراته البريئة كان يخفي (الحوت) (بركانا) من العزيمة وسطوة الحضور، ففاجأ كل الناس في منتصف حلقات البرنامج بأغنية (ظبية البص السريع) التي أحالت البرنامج إلى حالة من الطرب لايزال يمشي بين الناس حتى الآن.. وقلب محمود الطاولة على الجميع، وأبرز قدراته الفائقة وأوقف مشاعر المشاهدين والفنانين (على فد رجل) وهو يغني وكأنه يمنح الجميع درساً في (الريمونتادا) الفنية.. وقتها صمت وأدركت أن لـ(الحوت) سراً لم يتكشف حتى الآن..
عركي..صوت الحياة
* أشفق الناس كثيراً على الموسيقار أبو عركي البخيت بعد وفاة زوجته ورفيقة دربه الطويل وشريكته في كل تفاصيل الحياة و(رئته) التي كان تحقن خياشيمه بالقوة والصمود، وظنوا أن عركي سوف لن يكون بمقدوره أن يهب الناس أغنيات الحب والصمود بذات ألقه القديم، واحتشد مئات المشفقين والمحبين في أمسية تأبين (ماما عفاف) بالمسرح القومي بأم درمان، واحتبست الأنفاس، ووضع الكثيرون أياديهم في قلوبهم وهم يترقبون صعود عركي إلى المسرح .. توقع كثيرون أن يجدونه زائغ النظرات .. أشعث .. مضطرب .. وأن يحيل الأمسية إلى حالة من البكاء (كعادة أي إنسان فقد قريباً له) بعد أن فقد شريكته، الذين يعرفون مدى ارتباطه الكبير بها كان يجعل كل توقعاتهم أقرب إلى المنطق.. فصعد عركي إلى المسرح بهامته المديدة.. وخاطب الحضور بصوت مشحون بالحزن وبدا عليه الإعياء الشديد حتى توقع الناس أن يسقط مغشياً عليه في المسرح، لإصابته بالملاريا في نفس اليوم.. وبعد أن فرغ من حديثه عن زوجته.. صعق الجميع بأغنية (تعالوا نغني) التي ألجمتهم وجعلت الكثيرين يفغرون فاههم من الدهشة.. فكيف تجاسر عركي على آلامه الداخلية وأحزانه التي لم تبرأ بعد، وأطلق صوته مجلجلاً في سماء أم درمان بالأغنية التي سجلها التلفزيون القومي بعد آخر تعاون فني معه، ولم يستطع بثها لمخاطبتها المباشرة لقضايا الناس وجرأتها وانحيازها للشعب.. لم أجد وقتها سوى أن أقول بيني وبين نفسي (هذا هو عركي وكفى).
مسامرة أخيرة
وأنا يافنار أشواقي.
تحتي وفوقي نار..
مامن مواشي ومن صمغ لا من عمار..
وتجي السفن.
سيسيق خطاي على الرصيف
محض انتظار..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية