ما بين مصدق ومكذب للوعود الأمريكية استيقظت مدينتا دمشق وحمص السوريتان فجر أمس (السبت)، على هجوم ثلاثي أمريكي بريطاني فرنسي بقرابة الـ(120) صاروخاً حسب ما ذكرت بعض المواقع السورية، وقال الحلف الأمريكي إنه استهدف ثلاث منشآت مرتبطة ببرنامج الأسلحة الكيماوية التابع لنظام “بشار الأسد” ولم يستهدف أي مواقع روسية.
الهجوم الذي وصفه المتابعون بالمتهور والخجول في ذات الوقت، أعلنت واشنطن نهايته في ساعته، نافية شروعها في التحضير لهجوم آخر في الوقت الحالي، عدد من التساؤلات تقف حائرة حول تداعيات ومغزى هجوم الحلف الأمريكي.. وهل ستقف واشنطن عند هذه الخطوة أم هنالك المزيد، وهل سيقف الدب الروسي مكتوف الأيدي أم أن الغد سيحمل ثأراً لكرامة موسكو، وما مدى تأثر حكومة “الأسد” بهذا الهجوم، وما الموقف العربي فيما يلي الهجوم الأمريكي؟
(المجهر) رصدت أهم ما قالته وسائل الإعلام العالمية فيما يلي الهجوم الأمريكي البريطاني الفرنسي على سوريا ومآلات الأحداث هناك.
رصد – ميعاد مبارك
قناة الجزيرة قالت (إن قائد الأركان الأمريكي الجنرال “جو دانفورد” أعلن في وقت مبكر من صباح السبت، انتهاء الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على “برنامج الأسلحة الكيماوية السوري”، وسط تأييد من حلفاء واشنطن، وتنديد من النظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني، وأنه لا توجد في الوقت الحالي خطط لشن عملية عسكرية أخرى)، نافياً أن تكون روسيا قد تلقت تحذيراً مسبقاً قبل الضربات، ومشدداً في الوقت نفسه، على أن واشنطن وحلفاءها حرصوا على عدم استهداف القوات الروسية المنتشرة في سوريا، وأن الهجمة استهدفت ثلاث منشآت مرتبطة ببرنامج الأسلحة الكيماوية التابع لنظام “بشار الأسد”، وهي: مركز أبحاث علمية خارج العاصمة دمشق، ومنشأة لتخزين الأسلحة الكيماوية ومركز قيادي مهم خارج مدينة حمص، وذلك بعدما تحدثت وزارة الدفاع الأمريكية عن وجود “أدلة حاسمة” على مسؤولية نظام “الأسد” عن هجوم بالأسلحة الكيماوية على مدينة دوما في ريف دمشق، واعتبر قائد الأركان الأمريكي أن الضربة التي استمرت نحو الساعة وشملت غارات جوية وقصفاً صاروخياً، ستؤدي إلى تدهور طويل الأمد في قدرة سوريا على البحث وإنتاج أسلحة كيميائية.
وحسب الجزيرة أن قاذفات أمريكية من طراز (بي1) شاركت في الضربات على مواقع النظام السوري، بالإضافة إلى سفينة حربية واحدة على الأقل في البحر الأحمر، في حين نشرت الرئاسة الفرنسية صوراً لطائرات حربية من طراز “رافال” تقلع للمشاركة في الضربات.
ووصف وزير الخارجية الفرنسية “جان إيف لودريان” الضربة بأنها مشروعة، واستهدفت وضع حد لانتهاك خطير للقانون الدولي ومنع نظام “الأسد” من مواصلة عملياته الإجرامية، كما ذهبت وزيرة الدفاع الفرنسية “فلورانس بارلي” في الاتجاه نفسه وقالت إن الضربة استهدفت قدرة النظام السوري على إنتاج السلاح الكيماوي.
ولفتت الجزيرة إلى التناقض الأمريكي والفرنسي، حيث أكدت فرنسا أن الحلف أخطر روسيا.
} تزامن مع هجمات تاريخية
في وقت وقفت قناة (سكاي نيوز) على التزامن ما بين ضربات الحلف الأمريكي على سوريا مع حدثين تاريخيين مهمين، حيث شهد تاريخ 14 أبريل من عام 2001 غارة جوية إسرائيلية ضد محطة رادار سورية في لبنان، ومثلت الغارة المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل موقعاً سورياً مهماً بعد ما يقارب عقدين من الزمان، وأدت إلى مقتل (3) عسكريين سوريين وإصابة آخرين.
وكانت المحطة تقع في ضهر البيدر بمنطقة جبل لبنان، على بعد (45) كلم شرقي العاصمة اللبنانية بيروت.
أما الحدث العسكري البارز الآخر بالتاريخ ذاته، فوقع عام 1945، حين دخلت القوات الأمريكية مدينة نورمبرغ بألمانيا، خلال الحرب العالمية الثانية، التي كانت في ذلك الوقت تقترب من نهايتها، حيث مهد دخول القوات الأمريكية إلى المدينة، لانتهاء أسطورة النازية، ومن ثم محاكمات نورمبرغ التي وقف فيها قادة الحزب النازي أمام القضاء.
}موسكو في شروعها في دراسة إمداد سوريا بمنظومة دفاع جوي
وتساءلت (BBC) هل فعل الأمريكيون ما يكفي لتحقيق هدفهم وهو منع “الأسد” من استخدام السلاح الكيماوي ثانية؟
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (جاء هجوم اليوم أعنف من ذلك الذي وقع قبل عام، وشمل ثلاثة أهداف وليس هدفاً واحداً، مشيرة إلى الهجوم السابق، حيث كانت الولايات المتحدة وحدها، ولكن انضمت إليها في هذا الهجوم حليفتاها بريطانيا وفرنسا.
ونقلت (BBC) ردود الأفعال على الهجوم، حيث قال “ترمب” ضرباتنا جاءت بسبب عجز روسيا عن لجم دكتاتور سوريا، في إشارة إلى “الأسد”، وتغريدة الرئيس الأمريكي في تويتر التي قال فيها (ضربات كانت ناجحة للغاية، والمهمة أُنجزت)!.. في حين قال رئيس البرلمان الأوربي (إن النظام السوري وحلفاءه لا يمكن أن يستمروا في التسبب في المأساة بدون حساب).
وقول الخارجية الألمانية: (إن الضربات جاءت من ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن لردع نظام الأسد).
كما نقلت الإذاعة البريطانية مواقف حلفاء النظام السوري، حيث أكدت موسكو في شروعها في دراسة إمداد سوريا بمنظومة دفاع جديدة بعيدة المدى، بينما قال الرئيس الإيراني لـ”الأسد”: نقف بجانبك في وجه “العدوان الثلاثي”.
وتقليل الحكومة السورية من شأن الهجوم الأمريكي البريطاني الفرنسي، حيث قال المتحدث باسم الجيش السوري (إن الضربات الجوية أحدثت أضراراً مادية محدودة).
} دفاعات النظام السوري تفشل في صد الهجمة
ورصدت قناة العربية ما قالته وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون (السبت)، (إن دفاعات النظام السوري فشلت في إسقاط أي صاروخ، وإن الصواريخ الدفاعية التي أطلقها النظام كانت غير فعالة بشكل كبير، مشيراً إلى أن الغارات أعادت برنامج سوريا للأسلحة الكيماوية سنوات طويلة للوراء).
وإن البنتاغون قال (إنه لا توجد مؤشرات على استخدام أنظمة دفاع روسية ضد الصواريخ، مؤكداً أن هجمات التحالف الغربي “أمريكا، بريطانيا وفرنسا” مبررة وشرعية وحظيت بدعم من الكونغرس)، وزاد “لن نقف صامتين فيما النظام يتجاهل القانون الدولي بدعم من روسيا وإيران”.
وأن القوات السورية فقدت الكثير من المعدات المتعلقة بإنتاج الكيماوي، وأن الغارات حققت أهدافها وضربت صلب البرنامج الكيماوي السوري، لافتاً إلى أنه لم يتم تسجيل أي ضحايا بين المدنيين خلال الضربة.
ونقلت العربية نت بياناً في وقت سابق “إن روسيا دعت إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن، للبحث في الأعمال العدوانية للولايات المتحدة وحلفائها، وإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن قال إن الغارات التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها ستؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في سوريا”.
وقالت قناة (RT) الروسية (إن الغرب ادعى أن هجوم الحلف الأمريكي على عدد من المواقع في سوريا، جاء لمعاقبة دمشق على شنها هجوماً كيماوياً وصفته بالمدعوم، في دوما بالغوطة الشرقية بروسيا قبل أسبوع).
ولعل الملفت أن دول الخليج بعد خلاف طال، اتفقت لأول مرة حول قضية ما، حيث أبدت كل من قطر والسعودية تأييدهما للهجمة وكذلك تركيا، وعلى ما يبدو جمع الهجوم الأخير الأضداد في خليط عجيب، وربما قالت واشنطن بأن لا نية لها في الوقت الحالي للتصعيد، ولكن العارف لموسكو يدرك تماماً أن ما بدأته الولايات الأمريكية لن ينتهي بهذه السهولة!
}السودان يرفض الضربة العسكرية الأمريكية الفرنسية البريطانية على سوريا
إلى ذلك أعلن السودان موقفه الرافض للضربة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا على مواقع في سوريا فجر أمس (السبت)، وقال وزير الخارجية “إبراهيم غندور” في حوار مع (بي بي سي) على هامش قمة زهران بالسعودية، إن حكومة بلاده ضد توجيه أي ضربة عسكرية لسوريا. وأضاف “نحن ضد أي ضربة لأنها ستعقد الأوضاع بالمنطقة وسيكون المتضرر الأول منها الشعب السوري”.