الرقم الوطني السوداني لدينكا نقوك .. جدل المنع والمنح (2)
المواطنون فقدوا مستنداتهم بسبب هجمات الجيش الشعبي
عمدة عشيرة (لي) : الإدارة الأهلية بآبيي لم يعد لها دور ..!
الخرطوم : فائز عبد الله
يقضي مئات المواطنين من قبيلة (دينكا نقوك) يومهم ذهاباً وإياباً بين مكاتب المسؤولين للحصول على وثيقة إثبات الهوية التي تمثل سودانيتهم، والتي ظلوا في انتظارها منذ سنوات ، حتى يتمكنوا من إيجاد العمل أو السفر أو غيرها من الاحتياجات الأخرى، فالآن يعانون أشد المعاناة نتيجة التعقيدات التي تحيط بإجراءات الرقم الوطني ، الأمر الذي خلق أزمات ومشاكل كثيرة باتت تهدد استقرارهم النفسي والاجتماعي
الأجندة الشخصية
ويعد التشابك الاجتماعي لمواطني منطقة أبيي إحدى المشكلات الأساسية في الواقع إذ يتكون من (9) عشائر رغم أن الجهات القائمة بأمر المواطن استغلت غياب الحكومة والرقابة لتنفيذ الأجنده الشخصية على حساب المواطن الجنوبي الذي يعاني من الصراعات العرقية والدموية التي اندلعت في جوبا بين القيادات السياسية حسبما ذكره بشير نقور أقواط بأبيي، في حديثة لـ(المجهر) أمس، بينما قال عبد السلام ملوك، إن بعض الجهات تستغل مواطن منطقة أبيي في الصراعات السياسية والأجندة الشخصية لتنفيذ مخططاتها، مضيفاً أن هذا الوضع أفقد السلاطين والمسؤولين الثقة، وقال إن حكومة جوبا تقوم بتجنيد أبناء دينكا نقوك في الجيش الشعبي، وتطالبهم بالمشاركة في الحرب مع قبيلة النوير، مؤكداً أن الصراعات أدت إلى حرق كميات كبيرة من مستندات المواطنين، مبيناً أن الصعوبات التي تواجه المواطنين بالمنطقة متمثلة في تلكؤ المشرف المسؤول عن الرقم الموطني وعدم وجود مراكز لاستخراج الرقم الوطني بالمنطقة، وأضاف أن هناك عمليات تزوير تمت لأجانب من ولايات الجنوب لتوطينهم بأبيي، بجانب عمليات تهريب المواطنين إلى منطقة أبيي دون امتلاكهم أوراقاً ثبوتية تعطيهم الحق في المواطنة، وقال إن مجتمع دينكا نقوك يضم عدداً كبيراً من العشائر، مؤكداً أن الشهادات التي تستخرج من السلاطين لا تعتمد لدى السلطات المختصة، مضيفاً أن عملية استخراج البطاقات والرقم الوطني بها صعوبات كبيرة للمواطنين، وتفتقد الكنترول المسؤول عن عمليات استخراج المستندات بالمنطقة، وأن بعض الجهات تسعى لتحقيق المنافع والمصالح الشخصية، والمكسب المالي فقط، ولا تهتم بتسهيل الإجراءات، مضيفاً أن هناك أسراً فقيرة وشرائح لا تقدر على التنقل من أبيي إلى المناطق الأخرى.
أقسام للهوية
ولعل ما ذهب إليه عمدة لي نيوك، دفير نقور أردب ، لـ(المجهر) أمس بأن أغلب المواطنين كبار في السن وليس لديهم قسائم للزواج، وأشار إلى أن هناك مواطنين يستغرقون 9 شهور في لاستخراج قسائم الزواج، كان في السابق يتم عن طريق الأبقار لاستخراج الرقم الوطني، واتهم المشرف المسؤول يدعى (م) بتجاهل الإدارة الأهلية وعدم الاكتراث لها، مضيفاً أن دور العمد والإدارة الاهلية في منطقة أبيي أصبح لا يؤثر في القضايا والصراعات، وقال إن هناك عدداً من أبناء دينكا نقوك يقومون باثارة الفتنة والصراعات بين المواطنين.
وقال أردب إن المشرف يطالب المواطن بإحضار قسيمة الزواج من الكنيسة، مضيفاً أن المواطنين فقدوا مستنداتهم بسبب هجمات الجيش الشعبي بدولة الجنوب للمنطقة، وأحرقت جميع مستندات المواطنين، وأشار إلى أن هناك مواطنين تزوجوا بالكنائس بدولة جنوب السودان وتتم مطالبتهم بشهود يحملون الرقم الوطني، في مناطق قروية ، لا يوجد بها شهود، وهناك أسر فقدوا الأب والخال، وطالب المسؤول الدولة بأن تلتفت إلى موضوع دينكا نقوك بالوقوف مع المواطنين، وأصبح المواطنون يتحدثون عن سوء المعاملة، وأنه لا توجد خدمات متوفرة لديهم .
وأشار إلى أن الصعوبات في استخراج الرقم الوطني كبيرة بسبب غياب الرقابة والأجهزة الأمنية واستغلال البعض لاستخراج الإفادات للمواطنين، بجانب توظيف الإفادات المتعلقة بإجراءات استخراج الرقم للمصلحة الشخصية، مضيفاً أن المصلحة الشخصية تطغي على المصلحة العامة للمواطنين في استخراج الإفادات والأوراق الثبوتية من قبل المسؤولين بأبيي، وقال إن المواطن فقد الثقة في عملية استخراج الأوراق الثبوتية حيث يواجه دائما بمشكلة عدم صحة المستندات ، بجانب انعدام الثقة بين السلاطين ودينكا نقوك والجهات المعنية ، باستخراج الأوراق الثبوتية للمواطن بأبيي، وأشار إلى أن المنطقة تفتقد المراكز التي تسهل استخراج الرقم الوطني.
إبعاد السلاطين
وقال عمدة عشيرة ديل سنتينو لوي منيل إن المسؤولين عن استخراج الرقم الوطني بمنطقة أبيي يعملون على إبعاد السلاطين (العمد) من مهامهم، وأضاف أن العمد لهم دور في تحديد والتعرف على المواطنين من أبناء دينكا نقوك بالمنطقة، وقال أن المسؤول الحالي لا يكترث لدور الإدارة الأهلية ولا يلاحق المواطن الذي منح واستخرج رقماً وطنياً من مناطق الجنوب، راجا وواو، وقال إن المركز ألزم المواطنين بإحضار شاهدين وقسيمة الزواج من الكنائس، ولا تعتمد شهادة الأقارب مثل العم والخال والأخت، لافتا إلى أن هناك مواطنين فقدوا أولياء أمورهم بسبب الحرب والوفاة في أبيي ويتم تصنيف الواحد منهم بأنه ليس من مواطني المنطقة، وطالب بالاعتراف بالمواطنين عن طريق العمد، وقال إن المواطنين الذين فقدوا شهاداتهم في أحداث العام 2008م يتم استخراج مستند الرقم الوطني ،لأنه حق يكفله القانون والمواطنين يحق لهم الرقم الوطني
وقال لوي إن لجنة 24 المسؤولة عن مواطني أبيي ترفض الجلوس مع السلاطين (العمد) لاستخراج الرقم الوطني، وأضاف أن المعاناة جعلت المواطن يشعر بأنه لم يعد يعترف بهم كمواطنين، ، وقال إن السلاطين في المنطقة يقومون بالتعريف على المواطنين القادمين من المناطق الأخرى، مضيفاً أن الحرب هي التي أفقدت المواطن هويته وفقد من ثم الثقة في اللجان المختصة.
محاسبة المشرف العام
ويرى عدد من المواطنين أن الصعوبات التي تواجه المواطنين في منطقة أبيي تتعلق بالتلاعب في الإفادات ، وقالت المواطنة بمنطقة أبيي آمنة مليك كون إن التلاعب في الإفادات التي يتم بموجبها استخراج الرقم الوطني أفرزت هذه الصعوبات، وأضافت أن هناك نموذجاً لامرأة من قبيلة جنوبية استخرجت رقماً وطنياً وسافرت إلى القاهرة، ثم كتبت على مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) أن أحد المسؤولين يتلاعب بالإفادات التي يتم بموجبها استخراج الرقم الوطني، ويستغلها لمصلحته الشخصية، لذا يجب على السلطات أن تستمع لصوت المواطن الذي يعاني من الظلم المرير في حقوقه التي كفلها له الدستور، وأن الشخص المشار اليه ، ليس أهلاً لهذه المسؤولية التي يتوجب أن يتحملها من يؤمن بالوطنية الخالصة ليخدم مواطنيه، ونطالب السلطات المختصة بتغيير هذا المسؤول فوراً ، ومحاسبته لأنه تلاعب في حق مواطني دينكا نقوك.
وقال المواطن من منطقة أبيي ماتيو أنيق إن المواطنين تتم معرفتهم عن طريق السلاطين بالمنطقة، وأضاف أن هناك استغلالاً للمواطنين من قبل بعض المسؤولين ، وأشار إلى أن هناك أسراً فقيرة لا تقدر على دفع ثمن إجراءات استخراج الرقم الوطني ويطلب منها الذهاب للمركز بالخرطوم لإكمال الإجراءات التي يتم بموجبها استخراج الرقم، مضيفاً أن المواطنين لا يدركون إجراءات استخراج الرقم، لذلك يتم التلاعب بهم من قبل البعض ، وقال إن هذه الأسباب جعلت الكثير من المواطنين يعانون من التنقل للمناطق الأخرى، موضحاً أن المواطنين لا يقدرون على مواصلة أعمالهم بالولايات الحدودية لمنطقة أبيي.
تهريب المواطنين
وقال انه ليست هناك استجابة للعمد في عملية استخراج الرقم للمواطنين من منطقة أبيي، فيما اشار ميار دوو جك الى إن بعض مواطني منطقة أبيي يتم تهريبهم من غرب وشمال كردفان بسبب عدم امتلاكهم الأوراق الثبوتية، التي تثبت تبعيتهم لمنطقة أبيي، وأضاف أن المهربين يطالبون بمبالغ مالية كبيرة لتهريبهم لأبيي، وأشار إلى أن الصعوبات التي تواجههم في عدم حصولهم على الرقم الوطني مردها لسوء أوضاعهم المالية، وتتم مطالبتهم بالذهاب إلى المركز بالخرطوم لإكمال إجراءات الرقم الوطني، وأوضح أن المنطقة تعاني من التهميش من قبل المجلس الأعلى المختص بمجتمع دينكا نقوك
وقال عمدة عشيرة منشواد، اجينق شول جقور، إن المواطنين من دولة الجنوب اصبحوا يستوطنون بمنطقة أبيي دون مستندات تثبت هويتهم، وقال أن عمليات تهريب المواطنين من والى الولاية تعود إلى عدم توفر تسهيلات للإجراءات الرسمية للمواطنين بالولايات، بجانب وجود مركز واحد بولاية الخرطوم هو الذي يقوم باستخراج الرقم وإكمال الإجراءات.