عابر سبيل
أنا فلان الفلاني….!
ابراهيم دقش
قال مولانا “محيي الدين عووضة” في حفل تكريم “د. منصور خالد” بقاعة نهار (السبت) الماضي إن ثلاثة فقط من دفعة (1951- 1955) بكلية القانون بكلية الخرطوم الجامعية البالغ عددهم اثنا عشر، بقوا على قيد الحياة.. وبرحيل الشيخ “حسن الترابي” تقلص عدد الباقين إلى اثنين، هو و”منصور”… وفي معرض كلمة “د. حسن عابدين” ورد نقد عنيف وإن جاء مغلفاً – بأن عبارة “بروفيسور” التي كان لها في الماضي (شنين ورنين) تحولت الآن إلى مسخ والترجمة من عندي لأنه قالها بالانجليزي “IT IS ABUSED”، وقد استوقفتني تلك النقطة لأني أتذكر تماماً في عهد مايو إن البروفيسور “علي فضل” مدير جامعة الخرطوم وقتها حدثني عن أستاذ جامعي كان ضمن سدنة تنظيم الاتحاد الاشتراكي، جاءه محتجاً بأنه لم يتم ترفيعه لدرجة البروفيسور، فأوضح له بأن شروط تلك الدرجة الرفيعة معروفة، وفيما أذكر حدد أن من يحصل عليها ينبغي أن يكون قد كتب (11) ورقة علمية نشرت في مجلات علمية محكمة أو آلف كتباً بتلك العددية في مجال تخصصه، أو جمع بين الأوراق العلمية والكتب المطبوعة… وادعى الأستاذ أن له أوراقاَ ومؤلفات تفوق العدد المطلوب، فطلب منه أن يأتيه بها، وفعل، ولما وجدها كلها تتعلق بأمر التنظيم الأوحد ، ردها عليه معتذراً… فإذا كان نظام مايو قد تقيد بالضوابط العلمية في منح الدرجات العلمية الرفيعة بتلك “الكيفية”، فهل انفرط العقد في هذا الزمان، ولماذا وكيف؟ وليس من أغراضي الخوض فيما لا أعلم، لكني بالمناسبة استرجع قصة لي مع أستاذي البريطاني بروفيسور “داني قريفث”، الذي كان يشرف على رسائل أحد عشر كوكباً من أفريقيا وآسيا والكاريبي والعالم العربي، وكنت النشاز فيهم عندما يتعلق الأمر بمناقشة “البروف” الجماعية، فيما يعرضه علينا من خطوط عامة أو أفكار ونظريات.. وأشهد بأن الرجل لم يضق بي وأنا “أنا وشه” أو اختلف معه فيما بقية زملائي يناصرونه ويؤيدونه.. وفي آخر العام دهش زملائي عندما فاجأهم ” البروف” بأن أفضل طلابه هو ذلك “السوداني”، فتعجبوا منه فشرح لهم السر بأنه مثل لاعب التنس، يفضل من يلعب ضده على من يلعب معه.. ونفس الشخص عندما أبديت رغبة في التسجيل للدرجة العليا، سألني: “ماذا تفعل بها”؟، وروى لي كيف أنه بدأ عاملاً في مناجم “ويلز” فرشحته نقابة العمال للدراسة الجامعية التي أكملها وأصبح أستاذاً جامعياً ترقى لدرجة الأستاذية (البروفيسور) بموجب مؤلفاته وأوراقه العلمية.. وقال لي نصاً: وها أنا ذا الذي لا أحمل درجة (الدكتوراة) أمنحها لأمثالك! ولا تسألوني عن عدد مؤلفاتي – فهي خمسة – ولا عن أوراق علمية ومتخصصة أعددتها وقدمتها ومع ذلك فأنا (فلان الفلاني).