الديوان

أغنية الجاز… قصة تحكي عن بهاء الخرطوم القديمة

الخرطوم: المجهر
أغنية الجاز في السودان مرّت بمنعطفات كثيرة جداً منذ دخول آلة الجيتار إلى السودان في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، ووجدت هذه اللونية الجديدة للموسيقى آنذاك إقبالاً كبيراً جداً من قبل أفراد أدمنوا الاستماع إلى آلة الجيتار، وما تصدره من أصوات تطرب لها النفوس وتهديء من روعها.. فأغنية الجاز ذات اللونية الموسيقية الجديدة كانت مثار اهتمام لعدد من المجتمعات، والتي تجد في آلة (الجيتار) والدرمز وغيرها من الآلات الموسيقية الحديثة مرفهات؛ يجدون فيها أنفسهم، وتروح عنهم من خلال الأصوات الشجية والجميلة التي تصدرها تلك الآلات الموسيقية. ولموسيقى الجاز مناصرون ومحبون؛ ظلوا طوال فترات يتابعون باهتمام كل ما هو جديد في عالم الموسيقى الحديثة.
رموز الجاز
في السودان ظلت موسيقى الجاز لفترات طويلة حصراً على عدد قليل من المطربين الذين تسيدوا ساحة الأغنية الحديثة، وهم ملوك الجاز كما تحلو تسميتهم لعدد من مناصريهم ومعجبيهم المنتشرين في أصقاع السودان، الموسيقار شرحبيل أحمد منذ أن دخل الوسط الفني بآلة الجيتار قبل سنوات طويلة ظل يحصد التأييد والقبول من قبل المعجبين في السودان، فهذا دليل على أن أغنية الجاز لديها من المتابعين ما يكفي.. لقد روى الفنان شرحبيل أحمد في أحد حوارته الصحفية عن قصته مع آلة الجيتار، فقال بأنه ابتاعها من إحدى (الدلالات) في سوق الخرطوم القديمة في منتصف خمسينيات القرن الماضي.. عمل شرحبيل أحمد طوال حياته على تطوير الأغنية السودانية الحديثة في محاولة لإعادة موسيقى الجاز إلى جذورها الأفريقية، ما جعله يلقب بـ”ملك الجاز”.. ويتميز بأدائه الجذاب وألحانه الراقصة.. من أشهر أعماله (الليل الهادي) و(ستار يا ليل) و(قلبي دقَّ) و(خطوة خطوة) وغيرها من الأعمال الخالدة؛ التي ظل يرددها معجبوه.
ومن مطربي الجاز الحاليين المطرب كمال كيلا؛ صاحب اللونية المتفردة في أغاني الجاز، وكمال كيلا عُرف في الوسط الفني وعرفته صالات العرض بأنه فنان استعراضي يجيد الرقص مع إيقاع الآلات التي تستخدمها فرقته الموسيقية.. ومن مطربي الجاز أيضاً والذين تتزين بهم الساحة الغنائية المطرب الجيلاني الواثق، فهو أيضاً قدم أغاني الجاز بكل احترافية.. السؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة؛ هل فشل مطربو الجاز في تمليكه لغيرهم من الأجيال، لأن هذه اللونية من الأغنية الحديثة ظلت حصرية على ثلاثة مطربين فقط طوال تلك السنين الماضية، وهم (شرحبيل أحمد، كمال كيلا، الجيلاني الواثق) مع غياب تام لظهور وجوه جديدة في الساحة الفنية وخاصة في أغنية الجاز.
اين العلة؟
الفنان شرحبيل أحمد؛ أحد رواد هذه المدرسة شخّص لـ(المجهر) العلل التي تعاني منها هذه اللونية، فقال إن أغنية الجاز هي شكل من أشكال الأغاني مثل الحقيبة وغيرها، ولكنها واجهت صعوبات منها قيمة الآلات الموسيقية والمؤثرات الصوتية والتي تبلغ أسعارها مبالغ كبيرة، مما يحول دون ظهور فرق ومطربين جدد.. وأضاف بأنه ليس في مقدور الفرد أن يجلب كل تلك الآلات لوحده، ولفت الواثق إلى غياب أماكن العرض لهذه الفرق، وأضاف بأنه لا توجد أماكن للعرض الآن، وأشار إلى أن الأغنية الهابطة ساهمت بصورة كبيرة في تدمير الأغنية الحديثة والحقيبة، وأضاف أن تلك الأمور تحتاج إلى معالجة عاجلة جداً، وأبان أن الناس أصبحت تتابع الموسيقى الحديثة عبر الفضائيات، وقال إنها موجودة بكثافة في تلك الفضائيات التي تعرضها باستمرار لأنها تؤمن بقبولها لدى أوساط واسعة من المجتمع لا سيما الشباب، وأثنى على عازفي أغنية الجاز خاصة آلة (الجيتار، الدرمز، الباص). وقال إنهم من أمهر العازفين الموجودين في السودان، وأضاف أن أغنية الجاز لها نمط عصري، فلذلك تتطلب وجود عازفين مهرة؛ يجيدون استخدام هذه الآلات بصورة ممتازة، لأنها موسيقى تعتمد على الارتجال المصحوب بمهارة العازف

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية