مسألة مستعجلة

أبريل.. ثورة تجاوزت المخططات!!

نجل الدين ادم

(33) عاماً مرت أمس على انتفاضة (مارس – أبريل) التي انقلبت على نظام الرئيس الأسبق “جعفر محمد نميري”، تجاوزت بذلك التوقعات، وتخطت كل ترسانة الحماية التي كان يرقد عليها الرئيس “نميري”، فخرج الشعب مندداً بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة التي كانت سائدة في ذلك الوقت، هتفوا ضد الانقطاع المستمر لخدمة الكهرباء والمياه، فكانت (11) يوماً من الاحتجاجات المتواصلة كفيلة بأن تصل رسالة الرفض الشعبي الواسعة لنظام مايو، إلى القوات المسلحة والتي كانت ترصد الأوضاع، فاختارت في نهاية الأمر أن تنتصر لإدارة الشعب وتتسلم السُلطة حتى حين.
خرج الشارع يومها ضد “النميري” رغم ذلك الحُب الكبير الذي كان يولونه له وتلك الأغاني التي تجمد الرئيس.
الزميلة “هبة محمود” انتزعت في حوارها المميز مع النائب الأول الأسبق لـ”جعفر نميري” “أبو القاسم محمد إبراهيم”، اعترافات صريحة من الرجل وعبارات بالغة القوة، والتي قال فيها إن الرئيس “نميري” لم يعد يسمع لأحد بعد أن حل مجلس الثورة، وإنهم انفضوا من حوله لذلك كانوا يتوقعون قيام انتفاضة ضده، هكذا قالها رجل مايو القوي.
ثورة (6) أبريل رغم ما يقال عنها تظل هي ثورة شعب وأمة حيث تلاحمت النقابات مع الجامعات مع الأحزاب مع الشارع العام، فكانت عنواناً لحقبة جديدة.
طالعت أمس في صحيفة (التيار) اعترافات أدلى بها وزير مالية الرئيس “جعفر نميري”، السيد “إبراهيم منعم منصور” لأول مرة بأن مخططاً أمريكياً منظماً هو من عجل بذهاب نظام مايو، حيث مضى في حديثه بأن “جورج بوش” عندما كان يشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي قد اجتمع سراً ببعض القيادات والرموز السودانية في السفارة بمقرها بالخرطوم، ورسم لهم سيناريو سقوط نظام مايو في تفاصيل مثيرة، ولكنني رغم أن الإفادات جاءت من شاهد على العصر، بل فاعل ولاعب حقيقي، إلا أنني لم اتفق مع ما قال به إن المخطط هو الذي عجل بذهاب “نميري”، وذلك لسبب واحد أن واقع الشارع في ذلك الوقت وعنوانه كان أقوى من أن يعبر أي مخطط أمريكي ليرسم للسودانيين حقبة جديدة، ما حدث (مارس – أبريل)، كان تفاعلاً حقيقياً، لأن الحُب الكبير للقائد تحول إلى سخط، ولا ازال اذكر صدى تلك الهتافات، في منطقة السجانة بالديوم الشرقية (الموية جات .. الكهربا جات .. هسه بتقطع يا جعفر)، (السفاح شرد لا بت لا ولد وينو؟)، (الجنيه أبو عمة شرطتو بلا رئيس بلا لما قطعو)، وغيرها من الشعارات القاسية التي رددها المتظاهرون متناسين تماماً، هتافات القائد الملهم، عبّر الشعب فعبر وذهب مايو وبقيت أبريل ذكرى لأقوى تعبير شعبي صادق..
والله المستعان..

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية