شهادتي لله

تأخير الحساب .. إضعاف الدولة !

سياسة التغاضي من قبل قيادة الدولة عن أخطاء أو مشكلات إدارية أو تنفيذية في وزارة أو أي من مؤسسات الدولة، والتأخر عن إلحاق العقاب واتخاذ القرار المناسب مع حجم الضرر، ولو كان ذلك من قبيل المعالجة النفسية لقطاعات واسعة من الشعب تأثرت بخطأ أو إجراء ما، هذا التغاضي يقعد بالدولة ويزيد الجهاز التنفيذي تراخياً، ويضيف جرعة تساهل وتقاعس إضافية للخدمة المدنية .
ما يميز دول العالم الأول عنا أن الحساب عندهم سريع، وأوله حساب المسؤول الأول لنفسه .. وزيراً كان أم مديراً، فيدفع خلال ساعات باستقالته بسبب خطأ ارتكبه موظف صغير في وزارته ! فقد استقال قبل سنوات قليلة وزير الدفاع في” إيطاليا “بسبب إصابة – وليس مقتل – جندي على متن سفينة حربية صادفت جسده طلقة طائشة من بندقية زميله !
هنا في الخرطوم تؤكد وزارة التربية والأجهزة المختصة ما تناقلته الوسائط الإعلامية عن تسرب امتحان الكيمياء في الشهادة الثانوية لهذا العام، فلا يستقيل أحد، وهذا معلوم ومفهوم ومتوقع، ولا يُقال أحد، وهذا هو غير المفهوم، وهو أمر لا يحتاج لاكتمال التحقيقات، فالوزير أو وزير الدولة أو الوكيل أو مدير امتحانات السودان، لن يكونوا بالتأكيد جزءاً من شبكة التسريب، فهل كان وزير الدفاع الإيطالي هو من أطلق النار على جندي سلاح البحرية في بلاده؟!
الاستقالة أو الإقالة هنا تعبير صادق ومطلوب لنهضة الأمم عن تحمل المسؤولية، وليس لتأكيد أو نفي المشاركة في الخطأ أو التجاوز المالي أو الإداري  .
ولهذا قد يستقيل رئيس الحكومة أو الوزير أو مدير المخابرات في الغرب بسبب تصريح غير مناسب أطلقه دون تحسب فكان له تداعيات سالبة وسط الجمهور، فيضطر إما للاعتذار أو للاستقالة أو كليهما معاً في وقت وجيز، دون حاجة لضغوط من جهة .
أي تصرف غير لائق من مسؤول رسمي في الدولة أو من الدائرة القريبة في أسرته، يستوجب الاستقالة، فما بالك حين يكون التصرف إدارياً أو سياسياً !
غير أن متخذي القرار في السودان يظنون – وبعض الظن إثم – أنهم يفعلون الصواب عندما يعبرون الأزمات بالسكوت عنها، مع الإبقاء على كبار المسؤولين ضعيفي الأداء في مواقعهم، تقديراً لتاريخهم السياسي أو ولائهم الحزبي أو الشخصي، على أمل استبدالهم حين ميسرة في تعديل وزاري مقبل !!
هذا السلوك يشجع على التمادي في الأخطاء، ويبعث على الاستكانة واللامبالاة في أجهزة الدولة، ويقتل الإحساس بالرقابة والحساب .
يجب أن تتغير النظرية التي تعمل بها دولتنا، نظرية غض الطرف والمعالجات المتأخرة، والخروج من هاجس ما يمكن أن يقال عن أن الدولة يديرها الرأي العام أو الإعلام !!
ليس مهماً ماذا يقال، فالحكومات في أمريكا وبريطانيا وفرنسا – وهذه دول عظمى –  يقودها ويؤثر فيها قادة الرأي العام، لكن الأهم أن يتم اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح، لفائدة الأداء العام للدولة .

سبت أخضر .

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية