تقارير

(المجهر) تستقبل العائدين من تنظيم داعش بليبيا بمطار الخرطوم في العملية الثالثة لجهاز الأمن والمخابرات

"عبد السلام العيدروس" : تنظيم داعش استخدم التمويه في سفر التومات "منار" و"أبرار"

العميد “التجاني إبراهيم” من مكافحة الإرهاب: العائدون (7) من الفتيات و(3) أطفال وسنعرضهم على برنامج المعالجات الفكرية والنفسيه
عودة “عبد الله” تبعث الفرح في أسرة “بدر الدين التجاني حسين” رغم وفاة والده وشقيقه في المعارك

مطار الخرطوم الدولي – طلال إسماعيل

بكلمات مقتضبة قالت العائدة من تنظيم (داعش) الطالبة الجامعية بجامعة “مأمون حميدة” “منار عبد السلام العيدروس” عقب وصولها لمطار الخرطوم الدولي: “نشكر رئيس الجمهورية وجهاز الأمن والمخابرات والأخ “معتز ميرغني” رئيس الجالية السودانية في (مصراتة) على تسهيل إجراءاتنا والحمدلله على العودة لبلادنا.”
لم يكن مطار الخرطوم ليلة (الأربعاء) الماضية في سابق حاله لحركة المسافرين والمودعين، لا دموع الشوق التي تطال صالة المغادرة ولا أحضان المحبين في صالة الاستقبال، هنا في صالة كبار الشخصيات اختلف الوضع تماماً، ثمة رايات صوفية في الخارج تدق مع طبول النوبة تذكر بمحبة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وبمنهجه الوسطي المعتدل في نشر الإسلام والدفاع عنه، الأسر جاءت تستقبل الفتيات القادمات من نار الحرب ولهيبها في ليبيا، الأسئلة الحائرة تطل بين الحين والآخر، الترقب واللهفة، يا الله من الانتظار.
وذكر المركز السوداني للخدمات الصحفية أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني من استعادة مجموعة من السودانيين كانوا قد انتسبوا لما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية داعش (الإرهابي) بليبيا.. وتأتي عملية الاستعادة إنفاذاً لتوجيهات رئاسة الجمهورية في هذا الشأن ومواصلة لنشاط الجهاز تجاه الذين غرر بهم في وقت سابق.
ووصل المواطنون السودانيون إلى مطار الخرطوم قادمين من ليبيا على متن الخطوط الجوية التركية وهم (7) نساء أبرزهن التوأم “منار عبد السلام” و”أبرار عبد السلام” إضافة إلى طفلين وشاب. وتعد هذه العملية هي الثالثة من نوعها لجهاز الأمن تفضي باسترداد مواطنين سوادنيين من صفوف التنظيم الإرهابي.، وكشف مدير الإعلام بالجهاز في تصريح له للمركز السوداني للخدمات الصحفية أسماء المستردين وهم: التومات “أبرار ومنار عبد السلام العيدروس”
“حاجة ونورة حسن أبوبكر صغيرون”، “نورة صابون محمد”، “حنان عبد الرحمن اسحاق”، “أصالة حسن عثمان”،”معاوية عبد الله يحيى”، “سمية آدم محمد” و”عبد الله بدر الدين التجاني”. وأكد مدير الإعلام أن الجهاز سيظل في عمل دءوب لجهة تحقيق واستعادة الطمأنينة لهؤلاء المستردين وأسرهم التي ظلت تعاني من طول غيابهم وانخراطهم في صفوف التنظيم الإرهابي دون وعي منهم أو إدراك لمخاطر هذا التنظيم، منوهاً إلى اهتمام ومتابعة الدولة وجهاز أمنها بهذا الملف بجانب حرصهم على استقرار الحالة النفسية والصحية لعموم المستردين حتى يتسنى لهم تمام الاندماج في مجتمعهم وبين أبناء وطنهم.

العميد “التجاني إبراهيم” من مكافحة الإرهاب يكشف التفاصيل.
قال ممثل هيئة مكافحة الإرهاب بجهاز الأمن والمخابرات الوطني العميد “التجاني إبراهيم” لوسائل الإعلام بمطار الخرطوم: يزف جهاز الأمن والمخابرات الوطني التهنئة للشعب السوداني بقدوم (10) من المستعادين من مناطق النزاعات المسلحة ومناطق القتال بليبيا وهذا الجهد الذي تم بواسطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني مع الأجهزة الصديقة بليبيا، بعض هؤلاء خرجوا منذ العام 2014 لذلك سنعرضهم على برنامج المعالجات الفكرية والنفسية الذي يتكون من التحليل النفسي لمعرفة الدوافع التي جعلتهم يتجهون إلى التطرف العنيف ثم المعالجات الفكرية والحوار الفكري المباشر لدحض الأفكار المتطرفة والأفكار التي دعتهم للانضمام للتنظيمات الإرهابية.”
وأضاف: “بعد ذلك سيتم تأهيلهم ودمجهم في مجتمعاتهم الصغيرة والكبيرة ونقوم بعد ذلك بتحصين هذه المجتمعات ببرنامج بالتعاون مع المجلس الأعلى للرعاية والتحصين الفكري الذي يشرف عليه رئيس الجمهورية التحية والتقدير لرئاسة الجمهورية بتوجيهاتها لجهاز الأمن والمخابرات الوطني في استعادة كل السودانيين المتواجدين في مناطق النزاعات المسلحة ومناطق القتال في ليبيا وسوريا وغيرها والشكر موصول للأجهزة الأمنية (بمصراتة) وبلدية مصراتة والهلال الأحمر بمصراتة والشكر والتقدير والتحية لسفارة جمهورية السودان في ليبيا والجالية السودانية في مصراتة وقوات البنيان المرصوص التي استعادتهم من مدينة سرت بعد تحريرها والتحية والتقدير للجالية السودانية في ليبيا.”
وزاد قائلاً: “الآن بدأنا صفحة جديدة بإذن الله تعالى يكونوا في دفع حركة هذا الوطن الناهضة.”
الجالية السودانية في (مصراتة): شكراً لمتابعة جهاز الأمن ورئاسة الجمهورية.
قال نائب رئيس مجلس تنسيق الجاليات رئيس الجالية السودانية بمصراتة “معتز ميرغني عباس”: “أخيراً عدنا مع (7) فتيات و(3) أطفال، وقبل أشهر كنا في هذه القاعة عندما عاد (8) أطفال وبعدهم (3) أطفال أيضاً، وأقدم كل الشكر والتقدير للإخوة عمل جبار وكبير للإخوة في جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وكذلك المتابعة المستمرة للإخوة في رئاسة الجمهورية، ونحن سعيدون جداً أن نعود بهؤلاء النساء اللائي كن في مدينة (سرت) وبرغم مشقة السفر والعودة من مدينة (مصراتة) إلى اسطنبول إلى الخرطوم، ولكننا لم نحس بهذه المشقة عندما رأينا سعاة أسرهم وأولياء أمورهم بعودتهم، واتمنى أن ينصهروا في المجتمع وعوداً حميداً إلى الوطن وأن يستقبلهم المجتمع استقبالاً جيداً وهذا جزء من الاستقبال المتميز ونشكر الإخوة في ليبيا حكومة الوفاق في ليبيا وعلى رأسهم مكتب النائب العام والإخوة في مؤسسة الإصلاح بمصراتة ونشكر الإخوة في مطار مصراتة الدولي الذين يستقبلون وأكملوا إجراءات المغادرة بكل سهولة، وحقيقة نحسب أن هذا العمل عمل إنساني كان لابد لهؤلاء الأخوات أن يعودن إلى أسرهن وبيوتهن”.
وأضاف “معتز”: “الحمدلله السجون الليبية خالية من أي نساء أو فتاة أو أطفال سواء كان على مستوى الجرائم أو تنظيم داعش لا أطفال ولا نساء سودانيات، الحالة الصحية جيدة جداً للعائدين ونحن نؤكد لكم بأن المتابعة للإخوة في جهاز الأمن ورئاسة الجمهورية لم تكن وليدة الصُدفة بل كانت منذ أكثر من عام”.
والد التومات “أبرار ومنار عبد السلام العيدروس” القى كلمة نيابة عن الأسر، وقال: “نحمد الله ونشكره كثيراً أن يسر لنا أمر العودة ومشاعر لا توصف، ولك أن تتخيل عامان و(7) شهور غياب والمخاطرة كانت كبيرة ويمكن أن تفقدهم في أي لحظة وهذا كرم من ربنا والحمدلله رب العالمين”.
وفي لقاء خاص مع (المجهر) أضاف “عيدروس” بالقول: “منار وأبرار” لديهما قناعات بعد تسميم أفكارهما بصورة أو بأخرى ولا أنت تستطيع أن تستوعب ولا أنا بقدر استوعب زول يتبع له بني آدم ويترك أهله وعشيرته ويترك أمنه، واحدة منهما كان زواجها بعد (3) شهور والثانية كانت مستقرة جداً ومخطوبة، وما كان في أي حاجة بتوحي أنهما ممكن يفكرا أي تفكير متطرف، لكن كيفية إقناعهما هذه مسألة لم نتوصل إليها ولا عالمياً استطاع أحد أن يتوصل لها كيف تقنع زول أن يترك عشيرته وأهله وأحبابه وينضم لتنظيم لا يعرف عنه أي شيء؟
وحول التزامهما قبل سفرهما والانضمام إلى تنظيم داعش، أضاف “العيدروس”: “الشيء الذي أعرفه عنهما أنهما متدينتان ولا يشاهدان التلفزيون ومحافظتان جداً جداً ومنقبتان، علاقتهما الاجتماعية ممتازة جداً وعلاقتهما بي ممتازة جداً وعلاقتهما بأمهما ممتازة جداً وآخر أيام لاحظت والدتهما أنهما قبل (15) يوماً قبل انضمامهما للتنظيم، كانتا من بعد المغرب وحتى الساعة التاسعة مساءً كانتا تنومان مع أمهما ويتونسان معها، ويطلبان العفو وكان وداعاً بصورة غير مباشرة وهذا يعني أن دوافعهما نحونا كانت لا تستدعي أن يقوما بهذا العمل وإلا وهما مقتنعتان قناعة تامة أنهما متجهتان إلى تنظيم لإنشاء دولة إسلامية كبرى، والخزعبلات التي دخلت فيهما اقنوعهما بصورة أو بأخرى، واحدة كانت بتدرس إدارة أعمال “منار” في “مأمون حميدة”، و”أبرار” تدرس مختبرات طبية في الكلية الوطنية.”
وزاد: “هما تميلان أكثر لوصيفاتهن المتدينات، ولكن لا مانع لديهما في التعامل مع العامة وأغلب صديقاتهن من المتدينات والملتزمات.”
“أبرار ومنار”.. التمويه بالسفر إلى تركيا قبل التوجه إلى ليبيا
ويكشف والد التومات معلومات مثيرة عن طريقة سفر التومات ويقول: كان كل الإعلام والحيثيات تدلل على أنهما اتجهتا للانضمام للتنظيم عن طريق تركيا، بالتمويه الذي قامتا به في آخر اتصال من السفريات الداخلية بمطار الخرطوم الدولي، والغريبة أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني كان على قناعة خصوصاً سعادة اللواء “أزهري” والمجموعة النيرة التي اجتمعت معنا كانوا على قناعة تامة أن البنات لم يسافرن إلى تركيا، ولكن الإعلام كان مضللاً وهؤلاء الناس لديهم إعلام قوي جداً مضاد يضللوا به الآخرين وعملوا الشو بتاع الاتصال في السفريات الداخلية بعد ذلك اتعمدوا أن يكتبوا مقالات في الصحف أن البنات سافرن إلى تركيا لكي يصرفوا النظر، البنات ديل قعدوا قريب الـ(18) يوماً في الخرطوم حتى سافرن بالبر إلى ليبيا، وتعرفنا على أنهن وصلن ليبيا بعد أكثر من (3) شهور، واتصلت واحدة منهن وطمأنتنا أنهن وصلن إلى ليبيا وانضموا إلى التنظيم، وطلبن أن نعفو عنهن وأنهن لديهن قناعة بهذه الخطوة الجريئة التي اتخذنهن وقالن: يا أبوي أعفو عننا نحن عرفنا طريقنا”.
مخاطر تواجه “منار وأبرار” في ليبيا
وواصل “العيدروس” سرد الحكاوى: “في شهر أكتوبر/2017 عرفنا من خلال معلومات عند الساعة الثامنة مساء قبل (8) شهور أنهن مأسورات في قاعدة جوية في (مصراتة)، وبعد ذلك اجتمعنا مع ناس جهاز الأمن والمخابرات الوطني وجزاهم الله خيراً تواصلوا عن طريق مناديبهم وسفارتهم هنالك وتأكدوا تماماً من المعلومة أنهن موجودات، وبعد ذلك بحكم علاقتهم الطيبة مع الليبيين في (مصراتة) سهلوا لينا وسائل اتصال شبه شهرية وشعور لا يوصف أنهن بعد المعارك الضارية التي كانت في (سرت) وضرب المستشفى التي كانت بهن يعني أنهن موجودات وعلى قيدة الحياة هذه كانت فرحة كبيرة جداً وهذا كان نصف درب السلامة وكانن يطلبن مني الدعاء وأن أعفو عنهن وأشرن إلى أنهن غرر بهن وواحدة منهن كانت مضروبة في كتفها الأيسر وكتر خير كتيبة البنيان المرصوص عملت عملية في مستوصف خارجي واستخرجوا الشظايا من كتفها”.
وقال: “ونحن كأسرة بحمدالله الآن بخير ولكن بعد عودتهن اتمنى أن يعرفن أنهن على خطأ ويكونن استوعبن الدرس تماماً، واللواء “أزهري” ذكر لي أنهن سيعودن قويات جداً من ناحية اجتماعية، ولك أن تتخيل أن بنات يدخلن معارك بصورة عنيفة ستكون لهن خبرة في الحياة، في أول الأمر كنت غاضباً جداً ولكن تبين لي أنهن غرر بهن ووجدت لهن العذر”.
أسرة “بدر الدين التجاني حسين”.. تواجه الابتلاءات
هكذا حال الدنيا، لا تستقر على حال، أقدار من وراء أقدار، ومصاعب وامتحانات تواجه الإنسان، فأسرة “بدر الدين حسين التجاني حسين” فقدت رب العائلة وابنهم “وليد” بينما عاد الفتى “عبد الله” إلى حضن الأسرة يواسي الأم المكلومة الصابرة، ويخفف عنهم من المصائب، عاد “عبد الله” يتفحص في الخرطوم وفي دواخله حكايات كثيرة ومشاهد تشكل معالم شخصيته القادمة، تقول أخته “نسيبة بدر الدين”: “فقدنا “عبد الله ووليد” منذ 19/ مايو/ 2016 بعد أن سافروا مع الوالد إلى ليبيا، لم نكن نعلم في بادئ الأمر، ونشكر جهاز الأمن على مجهوداتهم في إعادة “عبد الله”، أخواني “عبد الله ووليد” ووالدهم “بدر الدين” سافروا من غير علمنا، وبعد أسبوع اتصلوا علينا من ليبيا هنالك وقالوا إنهم وصلوا (سرت) وبقولوا يا ماما نحن ما عارفين ماشين وين لحدي ما صلوا، (3) أيام في الصحراء وهم لا يدرون إلى أين يذهبون. لحدي ما والدهم ذكر لهم أنهم ماشين (سرت) في ليبيا أمي تعبت شديد وانصدمت، كانوا متواصلين معانا لحدي يوم 19/ يوليو/ 2016، توفي أخي “وليد” حصلت الضربات في ليبيا، وانقطع الاتصال لحدي يوم: 25/ ديمسبر اتصلت علينا الحكومة الليبية وقالوا لينا استلمنا “عبد الله” معانا ولمن سألنا عن “وليد” قالوا قاعد موجود لكن ما صرحوا لينا بأي شيء تاني”.
وواصلت “نسيبة” الحكاية والحروف الصابرة تخرج بصعوبة منها: “المهم بعد كم شهر اتصل علينا الهلال الأحمر الليبي، وبرضو أكد وجود “عبد الله” ولم يأكد وجود “وليد” وأبوي منذ أن سافر لم يتصل علينا، لم يكن هنالك تواصل نهائي بعد شهر من الآن أكد لينا وفاة أبوي و”وليد”، وعاد “عبد الله” وجهاز الأمن ما قصر معانا وكان يطمئننا خطوة بخطوة والحمدلله.”

وتقول والدة “وليد وعبد الله” “خالدة محمد عامر مصطفى”: “بعد (3) أيام عرفت أنهم في (سرت)، لم اكن أعلم أنهم سافروا إلى ليبيا، وهنالك أخبروني بأنهم مع الدولة الإسلامية في ليبيا ولم يكن لدى زوجي “بدر الدين” هذا التطرف وكان تعامله معنا عادياً”.
وبحسب ما تحصلت عليه “خالدة محمد عامر” من معلومات فإن والد “وليد وعبد الله” لم يكن معهما عندما قامت الحروب في ليبيا، ووصل لها بعد شهر أن ابنها “وليد” مفقود وأضافت بالقول: “سألت أي زول من معارفي في ليبيا عن زوجي وأولادي، تواصل معي رئيس الجالية في (مصراتة) “معتز ميرغني” والحمدالله على أمر الله بعدما علمت بوفاة زوجي وابني، وشكراً لرئاسة الجمهورية وجهاز الأمن والمخابرات، عاد “عبد الله” وهذه فرحة لا توصف، الحمدلله رب العالمين”.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية