حان الزفاف
ربما لا توجد أغنية في العصر الحديث كان لها تأثير مباشر وقوي على أجيال السبعينيات والثمانينيات مثل أغنية (حان الزفاف) للشاعر المهاجر “عزمي أحمد خليل” وتغنى بها الفنان الراحل “هاشم ميرغني”.
جذبت أغنية (حان الزفاف) الناس بدفقة الشجن العالية وقدرتها على ملامسة أوجاع (مظاليم الهوى)، في وقت ليس فيه أجهزة (الجلاكسي) و(التاب) ولم تظهر مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) و(واتساب)، والعشاق ليس لديهم وقتها سوى الرسائل الغرامية المضمخة بعبير (القلم المعطر) أو اللقاء في (حفلات الأعراس).
وكان وقتها صوت “هاشم ميرغني” المترع بالشجن لا يكف عن الشدو في كل البيوت والأماكن، وكانت أغنية (حان الزفاف) بمثابة النشيد الوطني لـ(المشوكشين) في ذلك الجيل الذي عرف بصدق العاطفة وجزالة التعبير وعدم تعدد العلاقات (مثلما هو حال كثير من شباب هذه الأيام).
وتقول كلمات أغنية (حان الزفاف):
حــان الـزفـاف وأنــا حـالـي كـيـفن بوصفو
يـا ريـت هـواك لـي مـا انـقسم
ولا قلبي ريدك نزفو
قــالـوا الـبـعـيش الـدنـيـا يــامـا تـشـوفـو
تـشقيهو بـي فـرقة عـزيز
وبـالحسرة ريـقو تنشفو
وإن شـاء الله مـا يـحصل فـراق
لـقلوب بـعد اتولفو
بـس قـولي لـي أنـساك كـيف
وأنـا قلبي ريدك محنو
أبـحر سـنين فـي كـون هـواك
والـليلة فـاقد مأمنو
وأنـا مـن زمـان عـارف الـبيكون
وقـليبي كنت بيقنو
والـليلة يـوم حـان الـزفاف
أنـا حـالي مـين ما حننو
ولـو ده الـحصاد مـن كل ريد
ناس قيس صحيح اتجننو
جـوني الـصحاب وأنـا قالوا لي
شافوها في توب الزفاف
شـافوا الـدموع واتحسروا
والشوق غمام في عيونها طاف
ومـــش عـــاد حـــرام ســاكـن الـضـفاف
يــنــشـرَّ فــــي عــمــرو الــجـفـاف
طول عمري بزرع في الورود
وحصادي شوك آخر المطاف
حاجة آمنة..
* كنت عند يقيني دوماً أن أغنية (حاجة آمنة) لا تمثل مجرد أغنية راقصة ذات إيقاع سريع تحرك الدواخل ساعة انتشاء لحظي .. بل هي حكايات (معافرة) يومية لناس بسيطين ينحتون بلحمهم وعظمهم في (صخور) الواقع “المُر والمأزوم والمهزوم” علهم يظفرون بلحيظات (فرح) وسعادة تعينهم في حق (الفطور) و(الملاح) و(النور) و(الموية).. ودائماً ما أقول إنها تجسيد حي وناطق لبؤس يتمطي صباحاً مساءً..
(فرقة عقد الجلاد) الغنائية التي عادة ماتختم بالأغنية حفلاتها الجماهيرية نبشت بأظافر من فن ملتزم على الخارطة الغنائية السودانية .. وكانت كما لو أنها تنطق بما يجول في حشاهم، وتتحدث بما يؤرق حياتهم اليومية، لذا أصبحت لفترة ليست بالقصيرة الناطق الرسمي باسم حشود الغلابة والمهمشين..ولكن مؤخراً بدا أن الفرقة الرسالية في طريقها إلى مفارقة مابدأته من طريق يجسد أحلام الناس..فهلا عدتم..وعاد لحاجة آمنة صدقها ونصاعتها..
مسامحك ياحبيبي
{ (مسامحك يا حبيبي) أيقونة “عثمان حسين” الغنائية التي (لاكتها) حناجر المطربين الشباب حتى أفقدتها روعتها لكثرة ترديدها وتشويهها، لماذا لا يكوِّن مجلس المهن الموسيقية لجنة خاصة تعنى بالمحافظة على إرث الكبار الفني من التغول عليها، وقتها أجزم أن كثيراً من المطربين الشباب سيجدون أنفسهم مجبرين على إنتاج أعمالهم الخاصة.. و(ليفعلوا بها ما يشاءون).
{ “أبو عفان” صوت شجي ضد هذيان الاستسهال.