بكل الوضوح

حتى المسلمية لم تسلم من بشاعة الجريمة !!

عامر باشاب

يبدو واضحاً انتقالنا من صدمة جريمة بشعة إلى جريمة أكثر بشاعة من التي سبقتها، جعلنا نتوقع الأبشع والأفظع ونتلقاه بكل البرود، وعليه لم تعد عبارة جريمة هزت المجتمع أو جريمة دخيلة على مجتمعنا تناسب توصيفنا للجرائم، لأننا في السنوات الأخيرة وللأسف الشديد ألفنا كل أشكال وأنواع الجرائم بكل غرابتها وبكل دوافعها التي أودت بها إلى أعلى درجات البشاعة والقسوة في تنفيذ أو ارتكاب الجريمة .
{ كل السوابق تؤكد بأن القتل الانتقامي بكل دوافعه صار أمراً عادياً، ومتوقعاً في المدن الكبيرة التي اختلط بداخلها الصالح بالطالح، وكثر فيها الهرج والمرج، وساد فيها الفساد الأخلاقي، ويسيطر على مجتمعاتها شياطين الأنس والجن، ولكن الشيء غير المتوقع هو أن تقع جريمة في قمة البشاعة والقسوة داخل قرية وديعة ومسالمة، نشأت على طبيعة سكانها المسالمين.. وأخذت اسمها من طبعهم فصارت (المسلمية)، المثال الأنقى والأرقى للسلام الاجتماعي والتعايش السلمي التي قامت عليه كل مدن و قرى الجزيرة، أرض الطيبين التي توارث أهلها فضائل الخير والعيش في سلام .
{ كل أهل الجزيرة بل كل السودانيين داخل وخارج البلاد ظلوا خلال الأيام الماضية يتناقلون بأسف وأسي تفاصيل الجريمة الانتقامية التي وقعت بقرية المسلمية شمال الحصاحيصا، بالفعل هي جريمة دخيلة على مجتمع الجزيرة، حيث راحت ضحيتها سيدة وقورة وابنتها المعلمة وابنها التاجر وابنها طبيب المختبرات، وكان واضحاً أن القاتل أو القتلة لم يكتفوا بقتل المجني عليهم بالسكاكين والسواطير فقط، بل أشعلوا في أجسادهم نيران الانتقام .
{ نحن على ثقة تامة بأن قوات الشرطة سوف تفك طلاسم هذه الجريمة وتقدم الجاني أو الجناة للعدالة في اسرع وقت ممكن .
{ وضوح أخير :
{ السؤال الذي يفرض نفسه .. أن يقتل أربعة أفراد من أسرة واحدة داخل حوش واحد دون أن يشعر بذلك أحد من الجيران إلا في صباح اليوم التالي، هنا الدهشة والغرابة التي يتصاعد منها السؤال الأهم هل جرثومة التفكك المجتمعي والأسري التي فصلت المجتمعات وشتت الشمل وفرقت البيوت في المدن الكبيرة عن بعضها البعض، وجعلت حتى أفراد الأسرة الواحدة يعيشون تحت سقف واحد، ولكن داخل غرف معزولة بالجفاء والجفاف العاطفي، كل منهم ينكفيء على نفسه لايشعر بالآخر، هل هذه الجرثومة بالفعل انتقلت إلى قرى الجزيرة والتي كانت حتى وقت قريب تمتاز بفضيلة تفقُّد أحوال الجيران منشطة، وفعالية الإحساس بالآخر تخترق الحواجز والأسوار لتسري بين الناس بدفء المحبة وصدق الجيرة من دار إلى دار، إلى أن ترصد أنين الجار البعيد في طرف القرية آناء الليل وأطراف النهار ..!!
{ حقا ماذا أصابنا .؟!!

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية