سراب السرب
مجموعة صغيرة تتكون من رجلين وامرأة واحدة، الرجلان هما “الأمين داؤود” و”أسامة سعيد”، أما المرأة فهي المدعو “نجلاء محمد علي” اجتمعوا ووقعوا على مذكرة تفاهم أولية لتكوين مظلة سياسية وتأسيس ما أطلقوا عليه ثوابت للعمل من خلالها لوحدة التنظيمات المعارضة في شرق السودان، وقال الرجلان وثالثتهم “نجلاء” إن التهميش السياسي الذي يعاني منه شرق السودان لن يزول إلا باعتماد نظام لامركزي فيدرالي تعددي ديمقراطي واعتماد الحُكم الذاتي وتخويل السُلطات وتخصيص الموارد.
الرجلان “أسامة سعيد” و”الأمين داؤود” وثالثتهم “نجلاء” يخلطون ما بين الحُكم الفيدرالي والحُكم الذاتي، ولا يكلفون أنفسهم عناء البحث السطحي لتحديد ما إذا كانوا من دعاة الحُكم الاتحادي أو الحُكم الذاتي.
قصة الرجلين والمرأة “نجلاء” تعيد للكثيرين قصص الزمان القديم والروايات الكلاسيكية في أوروبا وأدب الجنوب الإيطالي على وجه الدقة، ونذكر رواية امرأة واحدة وثلاثة رجال للكاتب “البورتو مورفيا” وهي رواية مليئة بالمغالطات والدعاية ويتباهى أي منهم بخصائل الفضيلة والمال ويتقرب للمرأة بالظفر بها ولكنها تتمنع وتختال زهواً في مشيتها وجماعة “أسامة سعيد” وهي تدعي زوراً تمثيل شرق السودان والدفاع عن أهله، والحديث باسمه دون تفويض منهم أو نيابة عنهم، وهم في ترحالهم وتطوافهم بين التنظيمات المعارضة يبحثون عن دور لهم وهم عن أنفسهم غافلون.
بعد أن وقعت الأحزاب الحقيقية بشرق السودان على اتفاقية الشرق وجاء “موسى محمد أحمد” وهو مناضل حقيقي ورجل مواقف في ميادين القتال، وجاء “سليمان بيتاي” نافضاً يده من العمل المعارض بكل ثقله وجماهير وأحباب وحواريي خلاوى همشكوريب، واختارت الدكتورة “آمنة ضرار” سليلة أسرة المؤرخ “صالح ضرار” وابنة الشيخ الراحل “موسى حسين ضرار” إضافة لقيادة حزب مؤتمر البجة في الداخل فقراي وقيادات الأحزاب الكبيرة “دقنة” و”أيلا” ومضت مشروعات التنمية في شرق السودان وصمتت البندقية وتوقف نزيف الدم وعاد الاستقرار لولايات الشرق الثلاث لم يبق في جراب المعارضة إلا “أسامة سعيد” بكل تناقضاته وتنقله ما بين التنظيمات والأحزاب بحثاً عن شيء مفقود لم يجده، وهو يداهن “موسى محمد أحمد” ويتقرب منه وينال منصب المحافظ في القضارف ثم الخروج لهولندا كلاجيء إنساني يتلقى الإعانات من المنظمات الهولندية ويذهب للحركة الشعبية ويتخذه “ياسر عرمان” واحداً من الطبالين في زفة المعارضة ويصبح “أسامة سعيد” مساعداً للدكتورة الكريمة ابنة الأكرمين “زينب كباشي” قبل أن تتصدع الحركة الشعبية وتتبعثر أوراق “عرمان” ما بين جبال النوبة وجبال الكرمك.
ويجتمع الثلاثي ويصدرون مثل هذا البيان البائس وهم ينصبون أنفسهم أوصياء على شرق السودان، الذي قال كلمته وحدد مشكلته وبدأت مشروعات تنموية حقيقية سد كهرباء في ستيت ومشروعات توطين وتجميع القرى ومشروعات الغذاء مقابل العمل، ونال الشرق اهتماماً لم ينله من قبل في تاريخه الطويل ولأول مرة يتم تعيين مساعدين لرئيس الجمهورية من شرق السودان، وثلاثة ولاة ووزير عدل ووزير دولة بالداخلية وآخر بالإعلام ورؤساء لجان بالبرلمان وإشراك لمؤتمر البجة وجبهة الشرق، وقبل ذلك قسمة عادلة للثروة وقد نال الشرق ودارفور كامل نصيبهما من الحُكم وحتى كردفان التي كانت تشكو من ضعف التمثيل في السُلطة نالت في التغيرات الأخيرة منصب مساعد الرئيس، وبذلك يصبح محاولات الاستغلال السياسي لشعارات التهميش بمثابة ادعاءات لا يصدقها المواطنون ولن تجد دعوة الرجلين والمرأة “نجلاء” من يصدقها ويمشي في ركب هؤلاء الموظفين الذين يمنون أنفسهم بالنجومية السياسية والتكسب على حساب شرق السودان الذي لن يحتاج لبيانات أمثال هؤلاء من ادعياء النضال وهم جميعاً لا يملكون في رصيد الجماهير شيئاً.