دخل في نقاش مع منتسبين لـ( منبر السلام العادل): سفير دولة جنوب السودان في عين العاصفة..!!
بقدرة قادر – تحولت الندوة الإعلامية التي نظمها الاتحاد العام للطلاب السودانيين يوم أمس (الأربعاء) حول اتفاقيات أديس أبابا إلى مواجهة مفتوحة ومثيرة بين سفير جنوب السودان بالخرطوم “ميان دوت وول” ومنتسبين لمنبر السلام العادل الذي يرفض الاتفاق الأخير الموقع بين الخرطوم وجوبا. ذلك أن بعض قيادات وأعضاء المنبر الذين تسللوا خلسة إلى القاعة التي عقدت فيها الندوة بمركز الشهيد الزبير للمؤتمرات, وسيطروا على أكثر من نصف مقاعدها قليلة العدد, وبدا أنهم كانوا قد رتبوا أنفسهم بشكل جيد بسبب حضورهم مبكراً, واستلام زمام المبادرة في الندوة لدرجة أنهم نالوا أكثر من (4) فرص من جملة (7) فرص منحت أساساً للصحافيين والإعلاميين ليسألوا عن تفاصيل أكثر عن محتوى الاتفاقيات. ويبدو أن منظمي الندوة قد تفاجأوا بهذه الأسئلة والهجوم على السفير والاتفاقيات من قبل المنبريين الذين قالوا إنهم لا يرضون باتفاقيات التعاون، مما حدا بمقدم البرنامج من اتحاد الطلاب القول إنهم يقفون مع الاتفاقية قلباً وقالباً وسيفعلون كل ما من شأنه أن يجعلها تسير في الطريق المرسوم لها. ولم يكن في حسبان المنظمين أن يتيحوا فرصة للمداخلات أساساً ولكن عدم حضور أحد المتحدثين الرئيسيين في الندوة وهو مساعد رئيس الجمهورية “عبد الرحمن الصادق المهدي” ترك فراغاً في الوقت المحدد للانتهاء بعد أن تحدث السفير أولاً ثم تلاه عضو وفد التفاوض الدكتور “عز الدين معروف”, وعندما قرروا منح الفرصة للصحافيين, استغل قادة وأعضاء منبر السلام العادل الفرص بعد أن وزعوا أنفسهم بشكل جيد داخل القاعة, ووجهوا انتقادات للاتفاقية وجنوب السودان, حيث استنكر أول متحدثيهم إقدام اتحاد الطلاب على تقديم سفير الجنوب ليتحدث عن العلاقات مع جنوب السودان باعتباره ليس سودانياً , ثم قال إنه لا توجد روابط حقيقية بين السودانيين ومواطني جنوب السودان وأنه لا يوجد تمازج وتعايش بينهما, وأن هنالك الكثير من القضايا المسكوت عنها مثل انعدام الوجدان بين الشعبين، ودعا إلى التركيز على هذه المسكوتات بدلاً عن الحديث عن الاتفاقيات عن الحدود والبترول وغيرها من الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها في أديس أبابا مؤخراً. وكانت اللحظة الفارقة في هذه الندوة عندما قال أحد المنبريين إن السودانيين لا يريدون سلاماً مع الجنوبيين بعدما فعلوه في تمرد 1955 ثم الأحداث التي تلت موت مؤسس الحركة الشعبية الدكتور “جون قرنق” التي وصفها “بالاثنين الأسود”, وزاد من سخونة المداخلة تصفيق مناصري المنبر له وتشجيعه للمضي قدماً في حديثه. إزاء ذلك, وبعد كثرة الهجوم عليه وعلى الاتفاقيات ترك سفير دولة الجنوب أسلوبه الدبلوماسي الذي بدأ به خلال الندوة عندما كان يقرأ من ورقة مكتوبة أمامه وتحول إلى متحدث عادي, واستخدم كل مهاراته في الكلام والبلاغة باللغة الدارجة وبدأ في الدفاع عن آرائه التي طرحها في مبتدر حديثه. وأوضح أنه من حيث المبدأ يؤمن بحرية الرأي والرأي الآخر، وأنه ليس مندهشاً من الهجوم الذي تعرض له باعتبار أن هنالك من وصفهم بالمتطرفين أيضاً في الجنوب وقال : ” أي زول عندو رأي.. ومن حقوا يقولوا .. وفي متشددين في جوبا هسي .. وقالوا لينا انتو بعتو القضية” ثم أضاف بلهجة فيها نوع من الحدة حول التمازج بين الشمال والجنوب قائلاً: “انت ما بتنكر علاقتي مع البقارة.. أنا عندي علاقة دم بيهم , وانت زول خرطوم بس احتمال انت موجود في الخرطوم وأمدرمان وبحري .. وما أظن عارف حاجة في الحدود”. ودعا سفير جنوب السودان إلى النظر إلى المستقبل ونسيان الماضي لأنه انتهى ولم يعد مجدياً تكرار واجترار الحديث حوله : “الكلام حول ما حصل سنة 55 ما بيجيب حاجة هسي..ما خلاص دا حاجة حصل في الماضي نحن مفروض نتكلم في المستقبل.. وحقوا نناقش الوضع حا يكون كيف في العام 2015 سواء كان في الشمال أو الجنوب”. وكان أحد المتحدثين قد أشار إلى تصريحات قالها الأمين العام للحركة الشعبية – قطاع الشمال “ياسر عرمان” التي أكد فيها أن الحركة تحتل نحو 40% من الحدود المشتركة بين الشمال والجنوب, وأن قادة قطاع الشمال يقيمون في الجنوب, ودعا “ميان وول” إلى إيجاد تفسير لهذه التصريحات لـ”ياسر عرمان” فأجاب السفير قائلا: ” ممكن أي زول يقول كلام داير يقولوا لكن أنا بقول ليكم إنو الرئيسين عارفين بيعملوا شنو .. وهم اتفقوا في أشياء بعد توقيع الاتفاقية لحاجات هم عارفنها براهم.. وبعدين حتى أمبارح باليل كان بيتكلم مع “سلفاكير” بالتلفون في حاجات ما مفروض أقولها ليكم”. وكشف السفير خلال حديثه عن أن قيادة الدولتين قد اتفقتا على بدء تنفيذ الاتفاق بعد مرور 21 يوماً وليس (40) يوماً، كما ورد في مسودة الاتفاق, قائلاً إن مجلس الوزراء في الحكومتين قد أجاز الاتفاقيات وأنهما بصدد إرسالها إلى برلمان البلدين لإجازتهما بشكل نهائي. وعند انتهاء السفير الجنوبي من حديثه صفق عدد كبير من الحضور لدفوعاته التي ساقها وهو الأمر الذي أدى إلى انزواء أصوات المنبريين وإلى ارتياح منظمي الندوة بعد الربكة التي أحدثها منتسبو منبر السلام العادل. كما أن عضو الوفد الحكومي المفاوض “عز الدين معروف” دعا السودانيين وكل الحادبين على مصلحة البلاد للالتفاف حول الاتفاقيات الموقعة ومساندة القيادات السياسية في البلاد لتنفيذها بالشكل المطلوب, كاشفاً في هذا الصدد عن أن وفداً حكومياً سيسافر إلى جنوب السودان لمناقشة التفاصيل المتعلقة بالاتفاقيات خاصة فيما يتعلق بملفي الترتيبات الأمنية والنفط.