تقارير

سردها كبير مفاوضي الخرطوم: اتفاقيات التعاون المشترك.. صورة عن قرب..!!

بدا كبير مفاوضي السودان “إدريس محمد عبد القادر” واثقاً من إنزال اتفاق التعاون الذي وقع بين الخرطوم وجوبا أخيراً، ويقول: في أسوأ الحالات لو حدثت حرب شاملة بين الدولتين لا يعني ذلك نهاية المطاف، لكن على الجميع السعي للسلام في كل مكان وزمان حتى ولو داخل (جحر)؛ حتى تتم خطوة عملاقة لمستقبل البلدين، وأن ما تم التوقيع عليه لو ترك في الأوراق ستكون الاتفاقية قد قتلت، لكنها تحتاج إلى سياج سياسي لإنزال نصوصها على الأرض وما وراء نصوصها.
ويشرح “عبد القادر”، في جلسة طارئة لمجلس تشريعي ولاية الخرطوم، أمس، أن الاتفاقيات الاقتصادية من القضايا الفنية التي ليست فيها تعقيدات سياسية، معرباً عن شكره للقيادة السياسية في البلدين الرئيس “عمر البشير” ورئيس دولة جنوب السودان “سلفاكير ميارديت” لتوفر إرادتهما السياسية والتوجه الاستراتيجي نحو تطوير الاتفاق ونحو التكامل بين البلدين، كما أثنى على كبير مفاوضي جنوب السودان “باقان أموم” الذي أبدى قدراً كبيراً من المرونة الفاعلة، وأن وفدي الطرفين تركا قضايا محدودة للرئيسين للبت فيها، كما أشاد برئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى “ثابو أمبيكي” ومساعديه “عبد السلام أبوبكر” و”بيير بيويا”.
الترتيبات الأمنية..
ويحتوي اتفاق الترتيبات الأمنية على ثلاث صفحات فقط، وقع عليها وزيرا الدفاع في البلدين “عبد الرحيم محمد حسين”، ووزير دفاع جنوب السودان “جون بونغ)، ويشمل الاتفاق على وقف العدائيات بين البلدين وعدم التدخل في الشأن الداخلي في البلدين، ووقف العدائيات وتجريمها من قبل الطرفين، فضلاً على تحريم التدخل في الشأن الداخلي، بجانب منع الإعلام السالب الذي يقوض الأمن ويبث الكراهية داخل الدولتين. ويضيف أن الاتفاق تطرّق للمنطقة الأمنية معزولة ومنزوعة السلاح وكيفية مراقبة الحدود وقوات الحماية، لافتاً إلى التوصل إلى حل بشأن منطقة (14) ميل التي يبلغ عرضها (22.4) كلم، وستجعل منطقة آمنة ومنزوعة السلاح.
ولفت إلى وجود عدد من الاتفاقات المفصلة حول مناطق ارتكاز جيشي البلدين عبر الحدود، وتعريف مناطق الارتكاز وعدد المراقبين من كل طرف وقوات الحماية والمراقبة الدولية التي اتفق على تسميتها من قبل قوات الأمم المتحدة (يونسفا)، وهي القوات الأثيوبية. واتفق على عدد أفرادها بنحو (300) جندي لحماية فرق المراقبة المشتركة بين حدود البلدين البالغة (2.135) كلم، مبيناً أن قوات (يونسفا) من شأنها حماية وحراسة الحدود. ويقول إنه لمزيد من الاتفاق بين الخرطوم وجوبا تم الاتفاق بين الطرفين على عقد لقاءات بين رؤساء أجهزة المخابرات في الدولتين للوقوف على اتهامات كل طرف من قبل كل دولة دون وساطة من الاتحاد الأفريقي، وسيكون اللقاء بشفافية عالية وكاملة، منوهاً إلى أن اتفاق الترتيبات الأمنية سيكون عملية مستمرة ربما تمتد لأشهر لتعيد بناء الثقة بين الطرفين.
اتفاق النفط يبعث الروح في الدولتين
ويمضي في سرد اتفاق التعاون بين الخرطوم وجوبا. ويقول إن اتفاق النفط لم يكن بالصعوبة؛ لأن التفاوض حوله استأنف في الجولة الحالية بعدما توقف في الجولات السابقة وتم الاتفاق على تشكيل آليات لمتابعة الاتفاقيات كافة تبدأ على المستوى الفني والمستوى الوزاري انتهاءً برئاسة الجمهورية في البلدين. ويقول إن اتفاق النفط تم بالتفصيل ولا يحتاج لآليات التنفيذ مثل الترتيبات الأمنية، لكن يحتاج إلى اتفاقيات (نقل) النفط، لكن إعداد الاتفاقية لن يؤخر تدفق ضخ النفط، وأن الطرفين اتفقا على العمل باتفاقية النقل القائمة، فضلاً على الاتفاق مع الشركات المنتجة إلى أن تصادق الدولتان على اتفاقية نقل جديدة.
وقطع “عبد القادر” بأن اتفاق النفط سيبدأ تنفيذه على الفور، وأن هناك اجتماعاً اليوم بوزارة النفط في الشمال لإعداد المواعين للتصدير. وأن التوجيهات التي ستصدر اليوم للشركات في الخرطوم للشركات العاملة ستكون لمراجعة الآبار والمضخات قبل أن يتوقع خلال أسابيع أن يسري ضخ النفط في الأنابيب بعد إجراء الإعدادات الأمنية. منوهاً إلى أن الاتفاق عرض على الدولتين لإجازته من قبل المؤسسات التشريعية في السودان وجنوب السودان خلال (40) يوماً، لكن سيتم استعجال الطرفين في مدة أقصاها (3) أسابيع.
ويسرد كبير مفاوضي السودان أن اتفاق النفط تضمن الجانب المالي الذي يشمل الترحيل ورسوم العبور السيادية ورسوم المعاملة المركزية، وأن الاتفاق في الجانب المالي يتألف من جزأين تجاري ومالي. فالجانب المالي يتعلق بالفترة الانتقالية، والهدف منه تعويض السودان الفترة التي تعرض فيها اقتصاد السودان للتضرر؛ بسبب انقطاع عائدات النفط لثلاثة أعوام ونصف ما يؤدي إلى فجوة في اقتصاد الخرطوم، مشيراً إلى أن الفجوة الاقتصادية الخارجية قدرت بنحو (15.9) مليار دولار، وأن الفجوة الداخلية قدرت بنحو (8.7) مليار دولار. قائلاً إن الطرفين اتفقا على رقم متوسط يبلغ (10.47) مليار دولار وتم الاتفاق بين الطرفين في المفاوضات على أن تقسم الفجوة إلى ثلاث مراحل، الثلث الأول يعمل السودان على معالجته عبر إعادة هيكلة اقتصاد السودان، وأن الثلث الثاني يأتي عبر موارد الجنوب وبعد ثلاث سنوات سيكون الاتفاق تجارياً حول النفط بين البلدين، وأن الثلث الأخير يوفر من المجتمع الدولي والإقليمي بتحرك مشترك من الدولتين وتم الاتفاق على برنامج مشترك للتحرك. ودولة جنوب السودان التزمت بدفع (3.28) مليار دولار باعتبار أن هناك علاقات خاصة مع الجنوب راعت مقتضيات انفصال الجنوب وتداعياته الاقتصادية، وأن الطرفين اتفقا أن تدفع جوبا (15) دولاراً لكل برميل نفط يمر عبر الشمال ليتم سداد المبلغ المطلوب.
أما الجانب التجاري، فيحوي – وفقاً لـ”عبد القادر” – ثلاثة أجزاء، وهي رسوم العبور السيادي، وتكلفة النقل وخدمات الأنبوب ومنصات التصدير، وأنه تم التوصل إلى اتفاقين، الأول يكون النقل عبر الأنبوب الغربي (بانتيو هجليج) برسم (11) دولار والثاني عبر الخط الشرقي (عدارييل الجبلين) بسعر (9.1) دولار، وأن متوسط ما تم الاتفاق عليه (10) دولارات ليصبح الإجمالي (25) دولار رسم للبرميل، بما في ذلك (15) الديون، فضلاً على الرسم السيادي المتفق عليه بين الخرطوم وجوبا بواقع واحد دولار و(4) دولارات رسم سيادي للشركات العاملة تزيد أو تنقص بحسب علاقة الخرطوم مع تلك الشركات النفطية التي تصدر نصيبها كنفط خام عبر الشمال.
ويذهب إلى أنه بحساب إنتاج (200) ألف برميل يومياً من نفط الجنوب سيكون نصيب الخرطوم (7) مليار دولار، إضافة إلى نصيبها من رسوم نفط الشركات الذي قدر بنحو ملياري دولار ما سيسهم في سد وردم الفجوة التي يعاني منها الاقتصاد السوداني خلال ثلاث سنوات، قائلاً إن (الأولو شرط آخرو نور)، وأن الطرفين وضعا ترتيبات دقيقة لطريقة الدفع وضمانات الدفع بالتفصيل الممل.
 الحدود وأبيي..
ويري كبير مفاوضي السودان، أن قضية الحدود ليست بالقضية العالقة بالمعني المعروف، وأن التفاوض بشأنها لا يزال مستمر وتم الاتفاق على لجنة فنية مشتركة مشيراً إلى أن هناك حدوداً متفقاً حولها، وبلغت أكثر من (80%) و(5) مناطق مختلف حولها وتبقى للتفاوض إما أن تتبع للشمال أو تذهب للجنوب لو جوبا أثبتت ملكيتها، وهي مناطق (جنوب جودة، جبل المقينص، 14 ميل جنوب بحر العرب، كافي كنجي، حفرة النحاس، وكاكا التجارية)، وأن مبدأ التفاوض حولها سيكون لك أو عليك، وأن قضية الحدود لا تزال مستمرة وليست خلافية بالمعني الذي لم ينجز فيه شيء، منوهاً إلى أن ميثاق الأمم المتحدة ينص على (9) خيارات في مثل هذه النزاعات من بينها التحكيم الدولي حال عدم التوصل إلى اتفاق ويقول أن المفاوضات ستستأنف بعد شهر لاستكمال النقاط المختلف حولها بعد أن طلب من الوساطة تقديم رؤية ومقترح غير ملزم للطرفين.
أبيي العصية على الحل..
يقول كبير المفاوضين إن قضية أبيي طوال فترة التفاوض لم يتم الاختلاف حولها، لكن الخلاف ظهر في كيفية عمل استفتاء للمنطقة، وأن سكان البلدة هل سيذهبون إلى بحر الغزال أم سيبقون في الشمال؟! وأن الطرفين لم ينفذا تشكيل الإدارية والمجلس التشريعي، وأنهما اتفقا على تفعيل الاتفاق المؤقت؛ شريطة أن تكون المرجعيات في التفاوض بروتوكول أبيي وقانون استفتاء المنطقة الذي أجيز في البرلمان، واختلف الطرفان في الاستفتاء، وجاء مقترح بموجب خارطة الاتحاد الإفريقي، واختلف حوله الطرفان مرة أخرى، واقترحت الوساطة الإفريقية تقديم مقترح للحل النهائي، لكنه سيكون غير ملزم للطرفين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية