“البشير” في صالون “علي الحاج” !
النشاط الاجتماعي الكبير الذي اعتاد أن يقوم به السيد رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير”، لا يخلو في بعض الأحيان من عمل سياسي يتجاوز الأطر التقليدية، ويحلق بالحوار الوطني خارج قاعة الصداقة والمكتب الرئاسي بالقصر الجمهوري وبيت الضيافة قرب القيادة العامة للجيش.
زيارة الرئيس قبل يومين للأمين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور “علي الحاج محمد” بعد عودته من رحلة استشفاء في “ألمانيا” امتدت لثلاثة شهور، بقدر ما تحمل من رسائل توادد وتراحم بين قيادة الدولة وقادة العمل السياسي في البلاد، وغيرهم من رموز المجتمع السوداني السياسية والثقافية والرياضية، فإنها بلاشك لا تخلو من رسالة سياسية مهمة مفادها أن حوار الرئيس مع القوى السياسية لم ينقطع، وما يزال متصلاً في صوالين البيوت والحيشان.. في الساحات الشعبية بالولايات.. وفي قاعات المؤتمرات بالخرطوم.
وقد استبق زعيم (الشعبي) زيارة الرئيس دون أن يعلم أن الرئيس سيزوره، بتصريح قوي فور عودته من الخارج مخاطباً مؤتمراً طلابياً لحزبه، قائلاً: (أنا مع استمرار الشراكة مع المؤتمر الوطني، ولكن هذا لا يعني أن نصمت على الخطأ).. أو كما قال.
وبالتأكيد لم يطلب أحد من الدكتور “علي الحاج” ولا عضو البرلمان القيادي بالشعبي “كمال عمر عبد السلام” المحامي أن يصمت، يجب أن يتحدثا وينتقدا ويبينا الصواب من الخطأ، وفق منظورهما السياسي، وهذا لا يعني أنه رأي مقدس لا يقبل الجدال ولا يحتمل المراجعة.
ومثلما زار الرئيس “علي الحاج” يوم (الجمعة) فإنه أيضا زار “كمال عمر” في داره قبيل سفره للعلاج بتركيا قبل نحو عامين وكنت شاهداً بالصُدفة على تلك الزيارة.
المؤتمر الشعبي حزب فاعل ومتحرك وموجود، لديه أفكار وأجهزة وهياكل.. وعضوية، ولهذا فإن انضمامه لحكومة الحوار الوطني كان دفعة كبيرة للجهاز التنفيذي مع أنه يشارك بوزيرين ووزير دولة، ولكن يبدو للعيان حراكهم بارزاً لا تخطؤه عين.
لقاء الرئيس بقيادات سياسية مختلفة الآراء خارج دائرة (المؤتمر الوطني) يفتح أمامه آفاقاً جديدة للتفكير خارج الصندوق.. خارج الخيارات المتاحة.. والوجوه المتكررة.. والمعالجات الرتيبة.
كل حركة معاها بركة.. وربما كانت زيارة رجل مفكر أو زعيم سياسي، أهم من زيارة ولاية بلا إنجاز محسوس.. أو اجتماع غير منتج في مجلس الوزراء.