حوارات

والي شمال دارفور “عبد الواحد يوسف” في حوار الراهن مع (المجهر) (1-2)

"جبل عامر" نُسجت حولها روايات وهي منطقة تعدين تقليدي الوضع فيها مستقر وآمن

جمع السلاح نجح بنسبة (100%) والولاية لم تسجل لثلاثة أشهر أي جريمة سلاح
النازحون يبحثون عن ضمانات العودة وملتزمون بتخطيط المعسكرات ولكن..
ليست لدينا ظواهر عدم تقبل النازحين للحكومة كما في بعض المعسكرات
حاورته بالخرطوم ـ نهلة مجذوب – تصوير – يحيى شالكا
تمثل ولاية شمال دارفور جزءاً كبيراً من إقليم دارفور الممتد غرب البلاد، والذي شهد حرباً لسنوات خلفت دماراً كبيراً في الموارد، الولاية تتعافى الآن كثيراً من آثار الحرب على كافة الأصعدة، وهذا ما أكده الوالي “عبد الواحد يوسف” في حواره مع (المجهر)، تناول فيه راهن الأوضاع، وكشف خلاله عن موقف عملية جمع السلاح والمصالحات القبلية والعودة الطوعية وتوطين العائدين، بجانب الأوضاع الأمنية في الوقت الراهن ومحاور أخرى مهمة، فإلى مضابط الحوار:
}سعادة الوالي.. إلى أين تمضي العودة الطوعية في ظل انعدام أسباب الوجود بالمعسكرات؟
-العودة الطوعية واحدة من القضايا الأساسية لمرحلة ما بعد الحرب والتي نتجت بسببها وجعلت الكثيرين يتركون مناطقهم الأصلية مضطرين للنزوح، وتم تقسيم هؤلاء النازحين لمجموعتين، الأولى تضم المجموعة التي نزحت في سنين الحرب الأولى وقضوا فترة طويلة بالمعسكرات، والثانية نزحت في سنين الحرب الأخيرة.
}هل تتوقع عودة جميع النازحين لمناطقهم الأصلية؟
-نتوقع عدم عودة المجموعة الأولى لأن هنالك أجيالاً نشأت لا تعلم شيئاً عن مناطق أهلهم الأصلية، ومن المرجح أن يظلوا بالمعسكرات، أما المجموعة الثانية التي نزحت في الفترة الأخيرة فمتوقع عودتهم الطوعية بصورة كبيرة.
}وما هي المعالجات للذين لا يعودون لمناطقهم الأصلية؟
-نحن ملتزمون بتخطيط المعسكرات الموجودة الآن، وتوزيعها لمن يرغبون البقاء فيها، وسنوفر لهم جميع الخدمات الأساسية من مياه وصحة وتعليم ويعاملوا معاملة مواطني الأحياء الأخرى دون تميز، ولن يتم إجبار أي منهم على مغادرة المعسكرات.
كما لدينا خطة واضحة للعودة الطوعية أوساط النازحين، وتتقدمها توفير الخدمات الأساسية في مناطق العودة الطوعية من مياه وصحة وتعليم والآن نقف على إعادة التأهيل وتوفير المأوى والغذاء.
}المعسكرات ما تزال تمارس سياسة التحريض؟
-خيار العودة الطوعية هو للشخص النازح يرجع أو يبقى بالمعسكر هو حر، لأنه في النهاية مواطن سوداني لديه حرية التنقل والحركة.
ولدينا خطة الآن قائمة لتوفير الخدمات الأساسية وهي الصحة والمياه والتعليم، ولا بد أن تبقى موجودة في أي قرية من القرى، هذا بجانب توفير الأمن والاستقرار.
}هل حدثت الآن عودة طوعية؟
-نعم هناك عودة طوعية حصلت في بركة سرفاي وريف طويلة وكنجارة، وكثير من القرى شهدت عودة طوعية ولقد قمنا بزيارتهم وتفقدهم عقب العودة.
نحن الآن لا ننتظر أي منظمات أو جهة تدعمنا بإمكاناتنا المحلية وبإمكانات حكومة السودان، نوفر الحد الأدنى من الخدمات بالنسبة للمواطنين، لكي يعودوا لمناطقهم ويتحولوا للإنتاج.
الآن لدينا لجان تعمل في مناطق كبكابية وغيرها مكونة من اللجان الأهلية ومن الفاعلين في المجتمع، ومن القيادات والمرأة مثلاً موجودة تدعو للعودة وتتابع احتياجاتهم الأساسية، وأي منطقة بها نازحون اللجنة هي من تحدثنا بذلك والاحتياجات، وهذا على أساس أننا نستفيد من التجارب السابقة ولا نتعجل في إنشاء مباني وخدمات في مناطق والناس لا تذهب إليها، وهذه تبقى مشكلة كبيرة،
الآن بمجرد عودة الناس إلى قراها، سنبدأ بتأهيل مصادر المياه وقد كانت موجودة أصلاً في هذه القرى، وخطتنا مع اللجان أن يوجد مواطنون ومن ثم يأتي المسؤولون لتوفير المياه، وإذا حدث الاستقرار نواصل في تأهيل أو بناء المدارس الجديدة، والمرافق الصحية.
}وماذا عن بعض المعينات التي يحتاج إليها الناس؟
-نعم هناك الكثير من الاحتياجات، فمثلاً بعض الناس ليست لديهم قدرة على البناء ويريدون أن يبقوا مؤقتاً ويحتاجون لخيمة أو غيرها حتى يبنوا بيوتهم، فنحن نعمل في توفير معينات المأوى والغذاء الأساسية.
}هل تم الجلوس مع النازحين وممثلين منهم لمعرفة متطلباتهم؟
-نحن كحكومة الآن الأبواب مشرعة بيننا والنازحين، وبيننا تفاهم ونتحدث معهم ونتناقش في مشاكلهم وداخل المعسكرات نجتمع معهم، وليست لدينا ظواهر عدم تقبل الحكومة كما في بعض المعسكرات، هم يبحثون عن ضمانات، ويتساءلون عن خدمات ما بعد العودة، وبعض المناطق التي زرناها ذهبنا بقيادات النازحين الأهلية أنفسهم، وذهبنا لمناطق القرية وهم جاهزون للرجوع إلى مناطقهم.
ومقترحاتهم التي قدموها للعودة من بينها كانت المياه، هم من طالبوا في البداية بالمياه، وبعض القرى في طويلة تم توصيل المياه إليها.
النازحون بيننا وبينهم تفاهم وأخذ ورد، وليست هناك مزايدات، الحاجة المهمة بالنسبة لنا في معسكرات النازحين بشمال دارفور، أنه لا توجد مزايدات، ولا أقول إنه لا توجد أصوات نشاز، وهي خافته جداً مع الصوت الكبير الذي لديه الرغبة في العودة، وأي إجراءات تغير حال النزوح، فجميعهم رافضون الشكل الحالي الموجود، لأنهم يسكنون في بيوت مساحتها ضيقة.
فمعسكر أبو شوك تجد الأسرة الممتدة التي تضم ما يقارب الـ(40) شخصاً تعيش في مائتي متر فقط.
وخطتنا أن نخطط المنطقة ويأتي الشخص الذي كان يسكن في المعسكر في (200) متر مثلاً متزوج (4) نساء، يسكن في (400) متر أو أكثر حسب الأسرة، ممكن أربع قطع، كل أسرة قطعة وتبقى هنالك مساحة ومن ثم نأتي لعمل الخدمات كما قلت من صحة وتعليم وغيرها، وكل ذلك لكي تنتهي وصمة النازح ويبقى مواطناً سودانياً عادياً وستتم تسمية أحياء العودة الطوعية بحسب ما يروق للمواطنين ولجانهم.
}موقف جمع السلاح وأثره على الأرض، وهل هنالك إحصائية فيما تم ضبطه؟
-نعتقد أن عملية جمع السلاح نجحت بنسبة مائة بالمائة، وصحيح قد يكون معظم السلاح قد جمع، ولكن مظاهر وجود السلاح في الأسواق والشوارع وحمل السلاح في كل مكان، هذه انتهت تماماً، وفي ولاية شمال دارفور لدينا ثلاثة أشهر لم تسجل جريمة كان السلاح سبباً فيها على الإطلاق.
وما ينشب من مشاكل تستخدم فيها العصي، وهذه في الغالب لا تتطور لقتل وأذى جسيم مما يؤدي لخلق نزاع كبير، عملية جمع السلاح نجحت نجاحاً كبيراً وما تزال القوات موجودة ومترابطة وستتابع، وأي منطقة نما لعلمنا فيها سلاح مخفي تتحرك القوات وتتم عملية الجمع، ولا زلنا ترغيباً للمواطنين نقول إن أي شخص لديه سلاح ويريد جمعه طوعاً لا نعاقبه، ولكن من يوجد عنده يتعرض للعقوبة من خلال المحاكم المعنية بإيقاع العقوبات على المخالفين، وحققت استقراراً كبيراً والآن يمكن أن تتحرك عادي جداً من الفاشر إلى كبكابية للسريف وسرف عمرة والطينة وفي عربتك دون أي حراسة لا تخشى إلا الله سبحانه وتعالى.
*التلفات التي تحدث ما طبيعة مردها، وكيف تواجهون التحديات في الجانب؟
-الآن الحوادث بالنسبة لنا عادية جداً مثلها في أي ولاية من ولايات السودان، لا يوجد تفلت بمعناه، فمنذ عملية جمع السلاح والآن في مرحلتها الأخيرة والأساسية، لم تحصل أي عملية تفلت ونتعامل معها بصورة عادية.
أما التحديات فنحن نسميها تحديات ما بعد الحرب، وهي ليست تحدياً لعملية ما بعد جمع السلاح، ونزع السلاح هو تحدٍ لواحدة من إفرازات الحرب، والحرب الآن انتهت والسلاح جمع، ولدينا مناطق بشمال دارفور الحكومة لسنين طويلة، لم تستطع الوصول إليها، الخدمات فيها متخلفة جداً وتحتاج منا لتوفير الخدمات الأساسية لها، وهي المياه والمرافق الصحية والتعليمية، وكل ما يتعلق بخدمة المواطن بشكل عام.
}حدثنا عن الخدمات والمشروعات التي تشهدها الولاية مؤخراً وينتظرها المواطن؟
-الآن لدينا مشروعات تنمية تعمل بشكل جيد ولدينا الآن (4) محطات كهرباء يجري تنفيذها في مدن أم كدادة ومليط وأم برو وكبكابية، وسعة كل محطة (2) ميقاواط ممولة بنظام التمويل البنكي، كما لدينا الآن طرق يتم تشييدها وهي طريق الفاشر كتم وتمت السفلتة حتى الكيلو (50)، والآن أنا قادم من الهيئة القومية للطرق والجسور لمتابعة شأن الطرق بشمال دارفور، أما طريق كتم أم برو الطينة وهو طريق مهم يربطنا بتشاد، سيتم افتتاحه خلال زيارة السيد رئيس الجمهورية للولاية في الخامس والعشرين من أبريل القادم، وما تزال لدينا طرق تحت التصميم، وتعمل الشركة الاستشارية لطريق الفاشر كبكابية السريف سرف عمرة تمهيداً لإنشائه في القريب العاجل، كما لدينا عدد من المشروعات من مستشفيات ريفية ومستوصفات خيرية.
أما في مجال المياه فمشروع زيرو عطش يمضي بتقدم كبير، ففي العام 2016م 2017م في إحدى المحليات التي كانت تعاني من العطش وهي المالحة، أنشأنا (25) دونكياً، أما في مجال الطرق الداخلية بمدينة الفاشر، فلدينا (19) كيلو تم إنشاؤها داخل المدينة، كما تمت إنارة أكثر من (40) كيلو داخل المدينة بالطاقة الشمسية، وفي مجال المياه لدينا أكثر من (12) بئراً في منطقة حوض شقرة، لترفد المدينة بمشروع مياه إضافي، كما يوجد بيننا مشروع المعونة البريطانية واليونيسيف وبعض الشركاء الآخرين، وتكلفة المشروع (7) ملايين دولار، والآن بدأ العمل في مراحله الأولية، فضلاً عن حفر الآبار الذي تم في مناطق الطويشة، والعيت والكومة وريفي الفاشر، وتوجد (4) حفارات لتقوم بهذا العمل في إطار مشروع زيرو عطش الذي ينفذ عبر وزارة الموارد المائية والكهرباء.
}وماذا عن طريق الفاشر نيالا كقطاع مهم، والذي يشكل أهمية كبرى لولايات دارفور عامة؟
-كما قلت الآن جئت من وزارة الطرق والجسور، وناقشنا مسائل الطرق، وأهم قطاع في طريق الإنقاذ الغربي بالنسبة لولايات دارفور، هو طريق النهود الفاشر، وبحمد الله اكتمل العمل به والآن مدينة الفاشر أحدث فيها هذا الطريق تغييراً كبيراً، سواء كان في النقل وحركة التجارة أو نقل المواطنين، من الفاشر إلى المناطق الأخرى، أما طريق الفاشر نيالا بطول (200) كيلومتر، وهو قطاعان، وما يهمنا في شمال دارفور قطاع الفاشر منواشي بطول 110 كليو مترات، وهذا الطريق قبل هذا كانت تعمل فيه شركة شريان الشمال، ولظروف الحرب والأمن في ذلك الوقت، انسحبت الشركة من المنطقة والآن تعمل به شركة أخرى هي السكة حديد، والخطة هي أن يكتمل هذا الطريق قبل الدورة المدرسية القادمة في نيالا 2019م، ويكون التحرك من الفاشر لنيالا عبره.
}ماذا عن الموقف الأمني الآن في المناطق التي شهدت أحداث توتر قريباً كجبل عامر مثلاً؟
-طبعاً جبل عامر نسجت حولها روايات وكلام كثير جداً، لكن ببساطة شديدة أقول إن جبل عامر منطقة تعدين تقليدي مثلها وأي منطقة تعدين أخرى في السودان، كـ(قبقبة والعبيدية وأم بادر وسودري وجنوب كردفان)، إضافة للتعدين التقليدي هناك بعض الشركات الموجودة وتعمل بتصديق رسمي من وزارة المعادن، ولا يوجد أكثر من ذلك.
ونحن لدينا لجنة موجودة وتدير عملية التعدين التقليدي وتحصل رسوم المحلية وتنظم المعدنين المحليين والعمليات المصاحبة للعملية، من خدمات وبيع، بجانب الأسواق في المنطقة، وتنظم العلاقة بين المعدنين فيما بينهم وفي نفس الوقت تمنح الناس الفرصة في أن لا يعتدي الناس على المناطق الممنوحة للشركات كمنطقة امتياز، وأؤكد أن الوضع مستقر في جبل عامر وآمن.
أما الزخم الذي يثار حول المنطقة، فأعزيه لأنها كانت منطقة بعيدة، وكل ما كانت المنطقة بعيدة عن الناس والمعلومات، تكثر حولها الروايات، وأنا زرتها فليس بها شيء وهي طبيعية جداً الآن، وبالنسبة لي ليست مختلفة كثيراً، فعندما كنت وزير دولة بالمعادن زرت جميع مناطق التعدين بالسودان في الشمالية والبحر الأحمر ونهر النيل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية