الفلس ما عيب!
{ الحكومات مثل الأفراد العاديين تَغْنَى وتصاب بالتخمة فتطغى وتمشي في الأرض مرحاً ، كأنها تخرق الأرض أو تبلغ الجبال طولاً .. وتفقر وتخلو جيوبها من (أبو النوم) وتتمسكن ، وتبحث عن الديون من الجيران والأصدقاء حتى يغلقوا دفتر حساباتها، وكراس (جرورتها). وتلجأ الحكومات مثل الأفراد إلى التسول و(تشحد) الغاشي والماشي، وتمد يدها (قرعتها) أعطاها الأغنياء أو منعوها.. وبعض الانتهازيين يستغلون فقر الحكومات وفلسها وينالون منها كل غال وشرف مدخر.. و(الفَلَس) أي قلة المال حالة مرتبطة بظروف اقتصادية قد تكون عارضة.. وليس بالضرورة أي دولة مفلسة .. بالضرورة أن تكون ضعيفة ومتخلفة تكنولوجيا.. فالإفلاس يضرب حكومات العالم الأول كما يضرب التجار الأثرياء فيضطر بعضهم لتسييل أصولهم من أجل الحصول على الدولار أبو صلعة والجنيه أبو فيل وزراف ووحيد قرن، كما في فئة الخمسين جنيهاً الحالية التي لا تعبر رسوماتها عن السودان الحالي، وقد تعبر عن السودان القديم.
{ في هذا الأسبوع أعلنت دولة جنوب السودان الشقيقة وهي جزء منا .. نحزن لدمعتها.. وينشطر قلبنا لفواجعها ونفرح لفرحها ونتأثر بما يجري على أرضها، وهي أرضنا حتى وقت قريب.. أعلنت عن (إفلاسها) وخواء جيوب سلفا كير من المال وجلوسه في (السهلة) ينتظر رحمة الأصدقاء والأخوان، بعد أن مد يده إلى أمريكا فردته خاسئاً وهو حسير .. ومد (قرعته) لأوروبا من اليونان حتى السويد وتمنع الأوربيون عن دعمه وإطعامه من جوع، وطالبوه بتجفيف الدم من ثيابه وغسل يديه من قتل الجنوبيين .. وحينما حار بسلفا كير (الدليل) وأخذ يتبختر ما بين جوبا.. ورمبيك وبور وملوال شات، طلب الانضمام لجامعة الدول العربية بصفة مراقب ونسى سلفا كير ما نطلق به لسانه يوماً، حينما طالبت جامعة الدول العربية بمقعد في مفاوضات السلام بصفة مراقب .. فقال سلفا كير (الجامعة العربية كيان عنصري لا يشرفنا أن يصبح مراقباً في مفاوضات تقودها الإيقاد) .. ولكن (الجوع كافر والفلس راجلاً كَلَس) كما يقول البقارة، وتحت وطأت الحاجة أعلنت جوبا إفلاسها ونضوب خزائنها، وبالتالي أوصدت أمام نفسها أبواب المستثمرين الأجانب بما في ذلك السودانيين الذين اتجهوا للجنوب بعد الانفصال .. وأسباب إفلاس الجنوب معلومة لقادته أولها الحرب الطاحنة التي تدور بين الحكومة والمعارضة، وهي حرب عبثية بين جنرالات أثرياء يحكمون شعباً فقيراً معدماً، كتبت عليه الذلة والمسكنة والشقاء.. وظل شعب الجنوب شقياً بقادته وشقياً بحرب إثنية عرقية (متخلفة) ضربت جذور المجتمع.. وشردت الملايين داخلياً .. والملايين أصبحوا لاجئين حول العالم، وحتى أصدقاء الجنوب الذين (شجعوه) على الانفصال وبذلوا الوعود بدعمه أخذوا ينظرون إليه كدولة فاشلة ،أصبحت تمثل عبئاً ثقيلاً على العالم..
إذا كانت دولة الجنوب قد بلغت مرحلة الإفلاس فإن جنرالات الحرب يمتلكون العمارات السامقة والسيارات الفارهة.. والفلل في كل الدول الأوروبية والأفريقية في شارع المطعم السوداني بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وبالقرب من فندق سيان هوتيل تناطح عمارة من سبعة طوابق، السماء يملكها د. رياك مشار ويقطنها الآن أبناء عمومته .. وفي شارع بولي يملك دينق ألور عمارة من خمسة طوابق تقطن في جزء منها زوجته الإثيوبية .. وسلفا كير ميارديت يملك منزلاً فخيماً في نيروبي شارع جومو كيناتا..وكل أباطرة الحرب وجنرالات الجوع والموت ويتطاولون في البنيان بالدول الأفريقية أما في الخرطوم فالأمر مختلف.. فلماذا لا يبيع قادة الجنوب ممتلكاتهم وهي أموال منهوبة من الشعب المسكين لتغطية عجز ميزانية الدولة المفلسفة بدلاً من التسول و(الشحدة) وبهدلة الحال.. وقبل كل ذلك بمثل إيقاف الحرب بجنوب السودان الحل النهائي لمشكلات الجنوب ونصف مشكلات السودان فهل تسمعني يا سلفا كير!