لم أجد تعبيراً مناسباً يوازي مقولة (تفسير الماء بالماء) لقرار منع استخدام أكياس النايلون إلا جملة (تفسير الكيس بالكيس)، وللمرة الرابعة أكتب عن هذه القضية، والسبب هو أن تداعياتها ما تزال تسيطر على المشهد العام، وأنت تذهب إلى المخبز لتكون أمام خيارين أما شراء كيس نايلون ثقيل بجنيهين تضاف لقيمة رغيف الخبز أو حمله على يديك!
نحن دوماً نجدد دعمنا لقرار حظر استخدام أكياس النايلون نسبة للمخاطر التي تحيط باستخدامها والآثار البيئية السيئة، لكننا نقف عند نقطة أن تطبيق القانون أو التشريع ينبغي له من أرضية صلبة وهذا ما لا يتوفر على أرض الواقع.. القانون حدد عقوبات قاطعة ضد كل مستخدم أو مصنّع أو مروّج، ودعونا نقف على الأرضية قبل الحديث عن العقوبة، ما البديل الذي وضعته وزارة البيئة؟ إنه كيس الورق، وقد ذهب الوزير في ذلك الاتجاه، لكن ما أن اقترب تنزيل القرار حتى حل علينا قرار أن الأكياس السميكة غير ممنوعة، وهي الأصل في التداول، وذهب الورق في (حق الله).. نعم الأمر كذلك.. ولم نشهد سوى نماذج من أكياس ورق عرضها الوزير، أما في السوق فلا توجد هذه الأكياس والسبب ربما القفزة غير المتوقعة في الورق.
كتبت من قبل في هذه المساحة وقلت إنه لا غضاضة لو أن السيد الوزير أعلن فشل المشروع حتى يتمكن من إعادة حساباته من جديد ومن ثم الرجوع إليه، لكنهم يكابرون ويصرون على المضي في المشروع بصورته المعطوبة هذه، بل وبكل عنجهية تُرسل فرق المراقبة الميدانية لمداهمة التجار وأصحاب المحال.. بأي وجه حق ينفذ هؤلاء قانون لا توجد له أرضية؟ لمصلحة من تبقى صناعات بعض الأنواع من الأكياس وبمبلغ كبير؟
الخرطوم ليست وحدها التي نفذت هذا القانون، لكن تلك الولايات نجحت نجاحاً منقطع النظير وآخرها ولاية النيل الأبيض التي لا مكان لكيس النايلون فيها.. فلماذا تفشل ولاية ضخمة مثل الخرطوم في ما نجحت فيه ولايات أكثر فقراً؟
ما توصلت إليه من نتائج أن قرار الحظر هذا جاء لصالح أناس محددين يعملون في صناعة الأكياس الثقيلة، لصالح الذين لم يتوقفوا عن صناعة الأكياس الخفيفة في الخفاء لأن أسعارها زادت ثلاثة أضعاف.
لا بد أن تتوقف الوزارة عند نقطة أنه لا توجد أرضية لتنفيذ هذا القانون، ولو كنت في مكان هؤلاء التجار لدفعت بدعوى دستورية لتعطيل تنفيذ القرار الذي لا يجد أرضية يستند إليها.. على وزارة البيئة أن لا تكابر أكثر من ذلك، لأن النتيجة الفشل بلا منازع.. والله المستعان.