حوارات

مقرر القطاع السياسي بــ(الوطني) القيادي بالنيل الأزرق “أحمد كرمنو” في حوار مع (المجهر)

ليس صحيحاً أن خلافات و(شلليات) داخل الحزب عجلت بذهاب إبراهيم محمود ولكن ..

د. “فيصل” صاحب شخصية قوية .. ومحمود لم يغادر مغاضباً
 لهذه الأسباب توقعت فشل جولة مفاوضات المنطقتين الأخيرة بأديس أبابا
ما يشاع عن تحويل نتائج الانتخابات لصالح مالك عقار غير صحيح

حوار – هبة محمود

* رفض مقرر القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني “أحمد كرمنو”، نائب والي النيل الأزرق السابق، وأحد قيادات المنطقة، رفض تسمية ما يدور داخل حزبه ، حزب المؤتمر الوطني الحاكم ، بالخلافات، لافتا إلى أنها اختلاف في وجهات النظر، فيما أكد مقدرة المؤتمر الوطني على حسم أي خلاف عبر المؤسسية أما بالإجماع أو الأغلبية.
ونفي “كرمنو” في حوار اجرته معه (المجهر) أن تكون هناك خلافات وشلليات قد عجلت برحيل نائب رئيس المؤتمر الوطني السابق المهندس ” إبراهيم محمود حامد”، وقال: أنا لست من الذين يقرون أن أي تغيير يحدث معناه وجود مشكلة، وزاد: صحيح قد تكون هناك مشاكل موجودة ،ويكون هناك ضعف، لكن أغلب القرارات لا تتخذ لأن هناك شلليات أو غيره، وإذا كانت موجودة فإن إبراهيم لا يتحمل مسؤوليتها لوحده.. و ذكر أن نائب رئيس الحزب الجديد “د. فيصل حسن إبراهيم” يأتي في مرحلة جديدة هي إعادة بناء الحزب والترتيب لانتخابات ٢٠٢٠، وأشار إلى الصفات التي يتحلى بها ومقدرته على تحديات المرحلة الحالية.
كرمنو، تحدث عن عدد من المحاور المهمة، خلال الحوار معه ، بما في ذلك – بالطبع – قضية منطقة النيل الأزرق وفشل الجولة الاخيرة من مفاوضات المنطقتين، وقضايا أخرى. فيما يلي نص:
حوار ـ هبة محمود
*بدء، حدثنا عما يتردد عن خلافات داخل المؤتمر الوطني ، تؤكدها تصريحات لمسؤولين بالحزب، تقر بوجودها؟
أنا شخصياً لا أسميها خلافات، لأنها وجهات نظر، المؤتمر الوطني حزب قائم على المؤسسات، وهي بدورها قائمة على البشر، والبشر مختلفون في أفكارهم وفي تقديراتهم، لكن في النهاية يحمد للمؤتمر الوطني أن أي خلاف يحسم عبر المؤسسية، أما بأغلبية أو إجماع، وبالتالي إذا حسم بالأغلبية فإن رأي الأغلبية يسود على الجميع.. يعني ما ثبت أن المؤتمر الوطني أصدر قراراً عبر الشورى، وعقب إصداره يأتي أحد وينفذ غيره، وإلا فإن التزامه التنظيمي يكون ضعيفاً، ولذلك أنا شخصياً لا أقر ، ولا أسمي أي خلافات أو أي نقاش، تم في أي مؤسسة من المؤسسات، بالخلاف.
· ماذا تسميها ، إذن ؟
ما قلت ليك، وجهة نظر، وأراء مختلفة.
*لكن هناك حديث رائج عن أن الخلافات و(الشلليات) داخل حزب المؤتمر الوطني، عجلت بذهاب “إبراهيم محمود” سيما وأن أصابع الاتهام تشير إلى حدوثها في عهده؟
أبداً ما صحيح، أنا لست من الذين يقرون أن أي تغيير يحدث معناه وجود مشكلة أو علة، الكلام دا ما صحيح .التقدير هو تقدير للقيادة، هي التي تقدر في أي وقت من الذي تضع وأين ولماذا؟، وما هي مرحلته، يعني إذا أنت بتسمي التغيير نتيجة خلاف، فمعنى ذلك أن جميع التغييرات التي تمت داخل المؤتمر الوطني كانت نتيجة صراعات ومشاكل.. صحيح قد تكون موجوداً أحيانا ويكون هناك ضعف .وتكون هناك مشكلة، لكن أغلب القرارات لا تتخذ لأن هناك شللييات أو خلافات وغيره، ولذلك أنا لا اعتقد أن ذهاب “إبراهيم” لديه أي علاقة بما ذكرت، وحتى لو كانت هناك تكتلات وشلليات، فإن “إبراهيم محمود” لا يتحمل مسؤوليتها لأنها ما جديدة .وهو ما أول زول في الحزب، هناك قيادات كثيرة مرت على الحزب، وبالتالي لا يتحملها إبراهيم لوحده ولا رئيس الحزب، لكن يتحملها الناس، جماعة.
أنا لا أعتقد أن في عهده كان هناك خلاف كبير، لقد عملت معه كمقرر للقطاع السياسي، واعتقد أن العمل معه مريح، فهو من أكثر الذين يحترمون الناس والمؤسسات ومن يعملون معه، هو رجل شورى، أنا شخصياً ما عايز أثبت أو أقر أن تغييره نتيجة مشاكل، ولكن كما ذكرت هو تغيير عادي وطبيعي جداً لمرحلة معينة. “إبراهيم محمود” جاء في وقت معين أدى واجبه تماماً، وقد كانت في مرحلته (إدارة الحوار الوطني ـ المفاوضات) وكثير من المراحل كانت مراحله.. أخونا (فيصل) أيضاً الآن يأتي وفي مرحلة جديدة هي مرحلة إعادة بناء الحزب والترتيب لانتخابات 2020.
*إلى أي مدى سيستطيع “د.فيصل” حسم ما يحدث داخل الحزب من خلافات أو تباينات في الرؤى؟
علاقتي بدكتور “فيصل” علاقة قديمة جداً، وبالتالي معرفتي به لصيقة، وهو صاحب خبرات تراكمية كبيرة، وذو شخصية قوية، جريء في تناوله للقضايا، ودي أنا افتكرها صفات قائد قادر أن يحسم أي شيء، لأنه، صراحة ،إذا أنت عايز تقود حزب وهناك بعض “الكويمات” ما بتقدر تشتغل إلا تحتكم للنظام الأساسي وتنفذ اللوائح كما هي.
*هناك اعتراف ضمني في حديثك بوجود خلافات بالحزب، أشرت اليها بـ(الكويمات) و بـ(مرحلة إعادة بناء الحزب)؟
لا ..لا ..عادة بناء الحزب أمر عادي، هذا الحزب لديه دورة يمر بها كل أربعة أعوام، الآن أعوام دورته انقضت، ولا بد من أن يرتب الحزب حاله. الحزب متجدد، وإذا لم يكن هناك مؤتمر نلتقي فيه ونعيد ترتيب بيتنا من الداخل لن يكون الأمر مجدياً، عشان كدا إعادة البناء عادية جداً وأمر طبيعي للغاية.

*” يقال أن إبراهيم محمود “ذهب مغاضباً ولم يكن راضياً عن قرار إعفائه ؟
أنا ما افتكر أن هذا الحديث صحيح، أنا بالفعل التقيت بـ” إبراهيم محمود” ولا أستطيع أن أقول لك على لسانه أنه كان غاضباً أم لا، لكن أنا شخصياً أعتقد أن “إبراهيم” بتجاربه وخبراته الواسعة جداً، هو صاحب خبرة تراكمية عالية جداً، وأحد مؤسسي الإنقاذ منذ بداياتها، فقد بدأ كمعتمد ثم والي ووزير اتحادي في عدد من الوزارات، ومحافظ في عدد من المحافظات، فلا أعتقد أنه بتجاربه الطويلة تلك يمكن أن يكون غاضباً.
*ما الذي لمسته خلال مقابلتك له عقب إعفائه من منصبه؟
كان عادياً جداً، شهدنا اجتماع التسليم والتسلم ولم يبدي “د. إبراهيم” أي شعور بأنه غاضب، وبالتالي في أحيان كثيرة يروج بعض الناس لغير الواقع.
* هل كان عادياً؟
جدا.
*ماذا بشأن التغيير المرتقب في التشكيل الحكومي؟ هل هو أيضاً أمر طبيعي، وتقتضيه مرحلة إعادة بناء الدولة؟
التغيير طبيعي، لأنك في كل مرة تريد أن تجدد دماء، تريد تغيير أفكار رؤى وسياسات، وبالتالي فإن التغيير شيء طبيعي، ولولا التغيير نفسه لإنهار الحزب وانتهى العمل السياسي.
لا بد من التغيير ونحن الحزب الذي يؤمن تماماً به، ولذلك أمر طبيعي أن يقوم أخونا فيصل بتغيير المؤسسات بالحزب عادي .
*ممكن أن نطلق على المرحلة القادمة مرحلة تغيير؟
والله تسموها تغيير أو خلافة هذا يعود لكم أنتم كإعلاميين، لكن في النهاية إذا تم التغيير، فإنه بالنسبة لي أمر طبيعي للغاية.
· هل صحيح أنك قادم ضمن التشكيل الحكومي الجديد من خلال منصب تنفيذي؟
(مبتسماً ). ، ما عارف والله، أنا تعينت سابقا وزير دولة ونائب والي ومستشار لوالي الخرطوم، وبكل أمانة أقول ليك أنه في الفترات تلك جميعها (ما في زول شاورني .ولما جو يشيلوني ما في زول قال ليا دايرين نشيلك)، ولذلك عودتي من خلال منصب تنفيذي ما عندي أي معلومة عنها.
*طيب، بعيداً عن الحزب وما يدور بداخله، وبوصفك أحد قيادات ولاية النيل الأزرق، حدثنا عن حقيقة تمرد “مالك عقار” وما هي أهم ملامح المرحلة القادمة، خاصة وأن إنسان الولاية عانى كثيراً من مخلفات التمرد؟
والله التمرد قديم متجدد، بدأ منذ فترة طويلة جداً، خاصة عندما دخل مالك عقار النيل الأزرق كأول شخص دخل فيها مع الحركة الشعبية في جنوب السودان، وكان قرنق وقتها موجوداً، وكانت تقريباً في بداية الثمانينات في عهد الرئيس “نميري”.
النيل الأزرق تاريخياً ليس لها علاقة بالتمرد، الذي يعتبر أمراً جديداً عليها، وذلك عندما بدأوا يتحدثون عن ذات القضايا المتداولة عند الجنوبيين، مثل التهميش وغيره، وبدأت تدخل للمنطقة بوادر التمرد الذي استمر إلى أن جاءت اتفاقية نيفاشا ووضعت اتفاقية سلام، وبموجبها مثلت الحركة الشعبية في الحكومة، وكان فيها مالك عقار وزيراً للاستثمار، وبعدها حدثت الشراكة ما بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، وأنا كنت نائباً للوالي مالك عقار، وعملنا مع بعض عملاً كبيراً جداَ، وكنا متوافقين في كثير من القضايا، لأننا كنا نضع نصب أعيننا قضايا أهلنا التي كانت أهم من التفكير الضيق، وحتى لا ننجر إلى قضايا أخرى، لان ناس ياسر عرمان كان لديهم تأثيراتهم، ولا يريدون الحديث عن القضايا التي تخص المناطق، كانوا يتحدثون عن القضايا القومية ليس لأنها قومية، لكن لأنها مثيرة للإشكالات، ولذلك كانت الكثير من الأمور نحسمها مع بعض، أنا وعقار، بالتشاور والتفاكر.
“مالك” كان يجد دعماً كبيراً جداً من القيادة في المركز، وكان يجد تقديراً كبيراً، وبالمقابل كان يكن لهم احتراماً كبيراً، وكان الرئيس يتولى قضية النيل الأزرق بصورة شخصية، لذلك كانت الكثير من قضايانا تسير بصورة حسنة، إلى أن جاءت الانتخابات التي فاز فيها مالك عقار، وبعد ذلك بدأت الكثير من الصراعات في الاستمرار إلى أن خرج للمرة الثانية مع قواته إلى منطقة التمرد، وبعدها أعلنت حالة الطواريء في النيل الأزرق، وظلت محكومة بالطوارئ حتى الآن.. أنا أعتقد أن الحكومة مع تكوين وفود التفاوض بذلت مجهوداً كبيراً وما قصرت، وذلك لأنها تريد تحقيق سلام واستقرار في البلد، ولذلك ظلت الوفود تذهب وتأتي، هناك أكثر من 19 جولة للمفاوضات، وتشكلت فيها الوفود بالأعداد الكبيرة والمختلفة فقادها، مرة غندور ومرة “إبراهيم محمود”.
*ألم تحن الفرصة بعد لتحقيق السلام بالولاية؟
الآن الحركة نفسها تعاني من انشقاقات كبيرة جداً، وبعد عزلهم لمالك عقار وياسر عرمان وأصبحت القضية ما بين الحلو في جنوب كردفان واللواء جوزيف تكة من أبناء النيل الأزرق، ودخلوا في صراعات كبيرة جداً، لذلك أنا شخصياً أعتقد أن الفرصة مواتية الآن لأن يتحقق سلام، لكن أنا بالمقابل أرى من الأجدى، فصل منطقة النيل الأزرق من جنوب كردفان في ملف التفاوض.. نحن في النيل الأزرق كمواطنين وكقيادات نناشد المجتمع الدولي ووفد الحكومة بضرورة هذا الفصل، لأسباب كثيرة جداً ليس لوجهة نظر عنصرية أو ضيقة، لكن القضايا تختلف ونوع الناس أيضا يختلفون .
نحن نفتكر أن الفرصة مواتية، وبالانفصال فإن تحقيق السلام في النيل الأزرق أسهل من جنوب كردفان
*على الرغم مما قدمته الحكومة لمالك عقار هل ترى أن خروجه منطقي؟ وهل توقعتم كقيادات هذا الخروج؟
الأمر كان غير متوقع سيما من شخص في موقع الوالي، وهو المسؤول الأول بالولاية وفائز بالانتخاب، وكل الفرص كانت أمامه متاحة لتحقيق مسعاه.
*أليس هناك سبب مقنع؟
ما عنده سبب مقنع، أنا شخصيا بفتكر أنه لو عايز يعالج قضايا أهله في الولاية كانت لديه فرص أخرى غير الطريقة التي خرج بها.
*ما حقيقة ما يشاع عن تحويل نتائج الانتخابات من فرح العقار لصالح مالك عقار ،عندما أرسل الأخير تهديدات مبطنة (النجمة أو الهجمة) –
والله، هي مثل ما أنت قلت إشاعة، الانتخابات دي صناديق وحسابات والنتيجة تظهر مع الإعلان، هذا تشكيك في لجنة الانتخابات التي نقر بها، اللجنة أعلنت أن الفائز فلان يبقى خلاص الفائز فلان، وما أعتقد أن لجنة الانتخابات تصل مرحلة أنها تزور النتيجة.
*ما الذي خلفه تمرد عقار؟
خلف الكثير، هناك إعداد كبيرة جداً من النازحين بسبب التمرد، دمرت الكثير من (المدارس ـ المستشفيات ـ المراكز الصحية)، فضلاً عن تعطل المزارع ـ المصانع الطرق، يعني مهما يكن من أمر، أنا شخصياً لا افتكر أن أي شخص يقر بأن التمرد يمكن أن يعالج مشكلة، لأنه الآن عندنا الكثير من المؤسسات دمرت نتيجة التمرد، وهناك كثير من المشاكل خلفها.
* برأيك ما الحل خاصة انه كما ذكرت هناك عدد من الجولات لم تفض لشيء خاصة في ظل تمسك الحركة بمسألة إدخال المساعدات الإنسانية.. أنتم كقيادات ما دوركم؟
نحن الآن نخطط لقيام ملتقى عبر منظمة السلام والنهضة بالتعاون مع الهيئة التشريعية القومية برعاية البروف “إبراهيم أحمد عمر”، وتشريف السيد والي النيل الأزرق وأخونا مساعد رئيس الجمهورية دكتور فيصل، ومن خلاله نريد الحديث عبر أوراق ستطرح عن تحديات السلام، وإثر التمرد على التنمية، وبعد ذلك نخرج بتوصيات وسوف يحضر المؤتمر 200 قيادي من الولاية والمركز والدعوة للجميع والملتقى في 17 مارس في البرلمان، وهذه واحدة من المجهودات التي تبذلها القيادات المحلية للنهضة بالولاية، لأنها لفظت مسألة الحرب تماماً، نحن نعتقد أنه لا توجد مساحة للحروب التي أرهقت المواطن وتسببت في معاناته.
*برأيك لماذا فشلت المفاوضات الأخيرة؟
أنا بالنسبة لي كانت النتيجة متوقعة، لأن القادمين هذه المرة كانوا أشخاصاً جدد، وليس تيم ياسر عرمان، فيما كان وفد الحكومة ثابت لم يتغير.
*حتى في عهد ياسر عرمان كانت جولة المفاوضات تفشل؟
ما قصدته أن الوفد الجديد لم يكن ملماً بطريقة إدارة الحوار، وهي طريقة علمية وبحاجة لتدريب، كما أن تناول القضايا أيضاً بحاجة لتدريب واستعداد، فضلا عن أن تفهم القضية والشخصيات والناس بعضهم البعض، من أين يبدأون، وأين ينتهوا . كلها قضايا بحاجة لتدريب، ولذلك أنا كنت أتوقع عدم نجاحها، على الرغم من توقعاتي أن يكون الأخوة الجدد أحرص على السلام ممن سبقوهم.
*هل ممكن أن تتنازل الحكومة يوماً في موضوع دخول المساعدات الإنسانية، بغرض تحقيق السلام؟
بالطبع لا توجد دولة في الدنيا توافق أن يتم اختراقها تحت مظلة العمل الإنساني، ولذلك فإن المطالبة بها تعجيز، الطرف الآخر يريد أن يعجز الناس ، لاشك في ذلك، لأنه طالما أنت تريد عون إنساني يصل للناس، فليس المهم طريقة إيصاله.
*الطرفان يصران على موقفيهما، (الحكومة) و(الحركة). وبذلك تظل العقبة قائمة، فما الحل برأيك؟
والله أنا متوقع أن يصلوا لحلول، لأنه مهما تحدثنا عن الحرب فإنها لن تستمر مدى الحياة، ولذلك أتوقع أن يحدث شيء خلال الجولات القادمة؟
*كيف تقرأ دعوة “عقار” للحكم الذاتي، وهل هي دعوة لجنوب جديد؟
لا يمكن أن يحدث ذلك، لأن من يطلق مثل هذا القول لا يفهم التاريخ جيداً. تاريخ منطقة النيل الأزرق هي امتداد طبيعي لدولة الفونج، ومنطقة النوبة امتداد طبيعي للمالك النوبية، وهؤلاء كانوا يوماً من الأيام يقودون السودان كله بلا استثناء، هذه عبارة عن أمنيات وأشواق.
*هل تتوقع أن تنظر الحكومة يوماً في هذا المطلب؟
دي ممالك حكمت السودان يوما ما، وأنت لا تملك أن تعطي حق شخص لآخر، فكيف لك أن تناقش إمكانية فصلهم أو تركهم، (وهم ذاتهم لو قبلوا كلام ذي دا يبقى ما عاقلين)، ممكن نطالب بحكم السودان كله لكن من غير الممكن أن نطالب بأن تعطيني انفصال، ماذا أفعل به. (دي أجندة واضحة)، وأردد أن الوضع مناسب لأن تحدث اختراقات لفتح منافذ جديدة لتحقيق السلام، خاصة أن هناك وقف لإطلاق النار من قبلنا ووقف العدائيات من قبلهم، وبالتأكيد وقف إطلاق النار يساعد في الحركة بين المناطق المغلقة، والحركة المجتمعية إذا انسابت الأمور ممكن تسير نحو الأفضل.
*برأيك هل يمكن للحكومة أن تقدم تنازلات فيما يتعلق بالمنطقتين، خاصة وأن الحرب لم تعد تجدي نفعاً؟
أنا ما بقدر أقول ليك الحكومة ممكن تقدم شنو، الحكومة على استعداد. وقدمت قبل كدا، الإنقاذ هي الوحيدة اللي تجاربها ممارسة، (قبل كدا عندنا نائب أول كامل تنازل عن منصبه للراحل قرنق)، المؤتمر الوطني ظل يقسم مناصب رغم أنه فائز بالانتخابات، والمفترض أن كل الحكومة تكون مؤتمر وطني، (ولمن نتم مدتنا الداير يجي بعد داك يمسك ما يجيبنا معاهو) لكن لحرص المؤتمر الوطني على السلام وعلى أن الوطن بلد الكل، ظل يقدم تنازلات من خلال مؤتمر الحوار الوطني، الذي ضم كل الأحزاب خلاف بعض الأحزاب البسيطة التي اعترضت ومن ضمنها الحركة الشعبية، ولذلك التنازل عادي عند المؤتمر الوطني.
*الحوار الوطني خلق أرضية سياسية مناسبة برأيك؟
أنا افتكر أنه خلق أرضية (كويسة) وخلق تجانساً ورضا لأغلبية كبيرة من الأحزاب التي كانت ممانعة ومعارضة، الآن أنا أعتقد أن الجو السياسي العام معافى (عشان كدا لما نقول لأخوانا تعالوا للسلام، نقول ذلك لان الأرضية موجودة)، إشراك عدد كبير من الناس في الحكومة والمجالس التشريعية والمؤسسات يؤكد على أن الحوار خلق رضا كبيراً جداً .
*الأحزاب المشاركة من خلال عملها في الجهازين التشريعي والتنفيذي، هل تعتقد أنها قدمت عملاً جيدا حتى الآن؟
أعتقد أنها ممارسة جيدة، وبالتالي لو كان هناك أي تعثر فهو أمر طبيعي لأن الشخص أول مرة يجرب (وبعدين بيني بينك شغلة الجهاز التنفيذي أنا مجربها، ذي قصة الكورة. ألفي البر عوام، لكن لما يجي يخش يبقى الوضع تاني)، حتى المعارضة عندما تكون خارج المشاركة فإنها تنتقد، ولذلك تجربة الأحزاب المشاركة في الحكم تجربة جديدة وفريدة، والحوار الوطني نفسه تجربة فريدة في العالم كله غير موجودة، (يعني زول حاربك وشال السلاح وتمرد عليك تجيبوا وتحاوره وتقعد معه، ويكون الآن طبيعي جدا)، والله نحن نشكر الشعب السوداني، لأنه شعب طيب ومسالم وطبيعتنا ممتازة.
*وشعب صبور؟
شعب صبور ومحترم، سوف أعطيك مثالاً، كانت في أحدى المرات أزمة في الوقود (وجيت سايق عربيتي وداير أقيف في الصف وقلت أشاغل الناس ديل فقلت ليهم ممكن تكبوا ليا) فنزل صاحب الحافلة وأصر على أن أدخل الصف قبله وكان يناديني يا سعادتك، (دخلت عربيتي وبعد مليتها وقفتها ونزلت ليهم وقلت ليهم والله نشكركم جداً ..بعد البنعملوا فيكم دا بتحترمونا ..ماقصرتوا كتر خيرك).
*دا إقرار منك أن الشعب يتحمل الحكومة رغم ما تفعله فيه، وصابر على إخفاقاتها؟
أيوة الشعب صابر ومعترفين إنو في إخفاقات، وإلا نكون مكابرين، أنا قاعد أقول الكلام دا .نحن كمؤتمر وطني ما عندنا أفران برانا، بنقيف في الصف للرغيف، ما عندنا محطات وقود برانا، ما عندنا جزارين ما عندنا مستشفيات أو صيدليات مخصصة لنا كمؤتمر وطني، و…
*مقاطعة … لكن بالمقابل لديكم امتيازات وبالتأكيد لا تعامل معاملة المواطن؟
عندنا امتيازات كوظائف لكن ما كحزب، وعالميا معروف أنت وزير أو دستوري لديك امتيازات، ولذلك أنا ما شايف أنه فيها تمييز.
*لو سألتك عن تقييمك لتجربة الإنقاذ عقب 27 عاماً فيمَ نجحت وفيم أخفقت، بماذا تجيب؟
دا ما ممكن أقولو ليك في جريدة الليلة، لكن صراحة نحن عندنا إنجازات ضخمة كبيرة معروفة مشهودة.
*وبالمقابل هناك إخفاقات؟
طبيعي جداً أن يكون لدينا إخفاقات نحن لو عندنا حاجة نعاني منها فإننا نعاني في مجال الاقتصاد، لأنه مجال غير نظري، أنا قاعد أقول الكلام دا وأقر به دائماً، الاقتصاد معناه إنتاج وعمل. ونحن كلنا ما بنحب العمل (دايرين الساهلة)، نحن لو ما زرعنا ولو ما طلعنا الدهب ولو ما طلعنا بترول، واهتمينا بالثروة الحيوانية وعملنا مسالخ ومصانع وزدنا الطاقة وعملنا بنية تحتية، لن نتقدم.
*الإنتاج والزراعة كان موجودة إلى أن اتجهت الحكومة إلى البترول وأنهت مشروع الجزيرة؟
أنا ما بتكلم معاك عن دفاع . أنا أتحدث عن حلول، الليلة الإنقاذ إذا ذهبت ومشت وأتى أي رئيس سواء أكان بالانقلاب أو الانتخاب، ولم ينتج، سوف يكون موقفه نفس موقفنا، الآن (يجو يقولو ليك الدولار حينزل لما يرفعوا الحصار) مافي كلام مثل هذا، الدولار لن يتراجع إلا بالإنتاج، ولذلك فإن الحكومة ضاغطة جدا في أن تتحول إلى إنتاج وإنتاجية ويحصل تطوير للمؤسسات ومراجعة في الشركات وفي السياسات وفي غيره ، ما تقوم به الآن هي حلول إسعافية عشان تساعدنا في الحلول الجذرية. نحن نحمد الله انو ربنا سخر لينا الدهب . والسودان دا ،نحمد الله ،انو ما وصل مرحلة الانهيار.
*لكن يقال ان الانهيار الآن حاصل ؟
دا ما اسمه انهيار، لان الانهيار معناه انك قمت بتحرير الجنيه، هذه أزمة والناس ساعين لمعالجتها.
*برايك كم يحتاج السودان من الوقت لأن يتعافى اقتصاديا؟
أنا ما بقدر احدد ليك، لكن لابد من الاتجاه للمعالجات التي ذكرتها، (السودان دا أنا ماعارف بس في امتحانات ربانية ما معروفة) نحن عندنا موية وأراضي وبشر لكن ما قادرين نستثمرها بالصورة المثلى التي يمكن أن تخرجنا مما نحن فيه.
*هل ترى أنها سوء إدارة أو ممكن نسميه سوء تخطيط؟
أنا لا أطلق عليها سوء إدارة أو تخطيط، لكن أنا افتكر أن السودان لأول مرة يحكم بفيدرالية.. المطلوب كبير والموجود بسيط .لذلك دائماً ما يحدث خلل في الاقتصاد.
*شكرا؟
شكرا صحيفة المجهر.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية