القيادي “عبد الرسول النور” في حديث الذكريات ورحلة “البشير” من المجلد
استعجلنا في العودة بتطليقنا التجمع .. ولم نتزوج الحكومة
في أول لقاء لي مع “البشير” قال لي زيارتنا كانت لتجنيدك وغيرنا رأينا لهذه الأسباب..
* رئيس هيئة الأركان قال لي: لا تشغل بالك ما في ود (مقنعة) بعمل حاجة…!
* ما حصل الرئيس طلبني إلا وعرض علىَّ وظيفة…!
· تصفية العمل الخارجي خسرتنا حلفاؤنا في ليبيا واريتريا،
· “المتمكنون” يريدون المحافظة على الوضع القائم و”الممكونون” يريدون مخرجاً !
{كيف سارت الأمور، بعد أن ساورتك الشكوك ولم تجد لجنة أمن الإقليم؟
في الصباح كالعادة احضروا لي التقرير، وفيه ثلاثة أشياء رئيسية، ليست فيه، منها أنني غادرت بارا وعدت، وأنا عندما قررت السفر، قمت بعملية تسليم لنائب الحاكم، وأحضرنا دفتر تسليم السُلطة، لأن الظروف ما معروفة، حال حدوث مكروه، طلبت من مسؤول الاستخبارات “عبد العزيز جوهر” تقريراً سريعاً عن الطائرة الهيلكوبتر، التي قال الضباط إنها تعطلت بهم . ووضح لي فيما بعد أن لجنة الأمن كانت جزءاً من الانقلاب، واتصلت برئيس هيئة الأركان “مهدي بابو نمر”، وأخبرته بما جرى وقبل أن أكمل حديثي، قال لي أقول لك بوضوح: لا تشغل بالك ما في ود (مقنعة) بعمل حاجة، بعد ذلك حدث الانقلاب وفي أول حديث مع “البشير” بعد الانقلاب قال لي نحن كنا نريد تجنيدك لكن بعد تحركاتك مع “جوهر والكودا”، وهم ناسنا غيرنا رأينا..
{ يعني تخلو عن فكرة التجنيد ؟
نعم.. وسألوني مرة و”البشير” نفسه قال لي لو فاتحناك بالموضوع قلت له ما كنت ساتركك تخرج من المكتب.
{…وبعد ذلك؟
طاردوني مطاردة شديدة، وبقيت في الاعتقال لمدة عام، واعتقلت مرة أخرى، وبعد عشرين يوماً اتهموني باتهامات عديدة..
{ كيف كانت العودة إلى البلاد ومفارقة التجمع؟
نحن رجعنا يوم 6/4/2000 جاء “عمر نور الدائم”، ونحن بعده، وبعد اتفاق جيبوتي في نوفمبر 1999 بعد هذا اللقاء التقينا “بالبشير” في بيت السفير وتحدث معنا، وتقريباً رتبنا أشياء كثيرة ونحن جئنا على هذا الأساس، قمنا بحل جيش الأمة وأغلقنا مكاتبنا بالخارج، وأنا أقول دائماً إننا استعجلنا، وطلقنا التجمع ولم نتزوج الحكومة، ووجدنا بعض العراقيل غير المرئية هنا..
{ماهي تلك العراقيل غيرالمرئية؟
وأصبح هناك حديث عن طريق ثالث، وأنا بفتكر ما في طريق ثالث يعني أنت يا مع النظام يا ضده، فحكاية طريق ثالث.. غير منطقية.. فأنت فقدت شوكتك بعد حل جيش الأمة وطبعاً هم افتكروا جيش الأمة هذا بحجم كبير وهو كان (800) جندي، بتصفيتنا للعمل الخارجي خسرنا حلفاءنا في الخارج ليبيا واريتريا، ونحن قلنا لهم في بلدنا لا نساوم ولم يكن بالإمكان أن نقول لهم إن اتفاقنا معلق، وأنا كان لدي رأي قلته إن السياسة لا تقبل الفراغ، وطالما أننا عقدنا اتفاقاً إما نشارك في الحكومة وفق الاتفاق أو ماذا نعمل؟ هل نحارب؟ سيد “صادق” قال لا، لكن نعمل طريقاً ثالثاً وقلت له لن يوصل، أنا قلت هذا الحديث 2002 قبل انشقاق مبارك.
{هل المؤتمر الوطني تواصل معك ؟
الحكومة عندما سمعوا الحديث جاءوني، وأنا قلت لهم وقوفي لا يعني أنني معكم، ولكن أنا افتكرت أن المسألة فيها ضباب. وبالتالي أريد أن احول نشاطي من تنظيم حزب إلى نشاط اكتب من خلاله وأبحث وأقول رأيي إن أنتم عملت شيئا جيداً أقول هذا صحيح وهذا خطأ، وهذا وضعي حتى الآن.
{ ولكنك لا زلت تعتبر من أعمدة حزب الأمة؟
نحن في حزب الأمة لو ما بنينا ناولنا الطوب، أنا مشيت المحكمة العسكرية بسبب نشاطي في حزب الأمة مرتين، في مرة الحكم صدر وفي مرة اقترب من الصدور، وأنا لا استطيع قبول أن يتفرق الحزب، وعلاقتي مع كل التكوينات جيدة، لكن ليس لدى التزام لأحد.
{ أصبحت رئيساً لإدارة الهيئة القومية للإذاعة ؟
نعم.. هذا في إطار المؤسسات القومية.. نحن كان لدينا كلام مع الرئيس. وهو قال (الحكومة دي خلوها.. أنتم تريدون هذه المؤسسات قومية تعالوا، وساهموا فيها).. وأنا افتكر وجودنا في الإذاعة للحفاظ على التراث وتجديد الوثائق.
{ سيد “صادق” لم يحاول استمالتك؟
لا.. أنا رؤيتي واضحة إذا زالت المسببات سأعود.
{ألم تعرض عليك وظيفة حكومية؟
وأهلك في كردفان يقولوا ليك (فَسِل بَيِّن، أخير من جُود مَلَغْوَس)، وناس الحكومة عرضوا كل وظيفة أنت تتخيلها أنا لا أريد وظيفة.
{ يعني اكتفيت بالفترة الماضية؟
منذ بداية الإنقاذ ما حصل الرئيس طلبني إلا وعرض على وظيفة، سفارة عدد من المرات، الحُكم الاتحادي، وزارة التربية والتعليم، التكامل السوداني -الليبي باعتبار عودة العلاقات مع ليبيا.
{ كيف ترى الوضع الراهن واتجاهات تطوره وضع الأزمة، أسبابها، وكيفية الخروج منها؟
السبب الكامن وراء الوضع الراهن هو (الخلل السياسي) كل هذا ناتج عن عدم وضوح الرؤية السياسية، وعدم وضوح الرؤية السياسية جاء نتيجة لأنه لا توجد مشاركة في اتخاذ القرار، لازم نعترف أن القرار لدى الرئيس، ورؤية الرئيس مهما كانت إذا رأى شيئا، لا يرى جوانب أخرى ومرات يكون نتيجة للغضب وللمعلومات غير الكاملة، يعني ثمة استعجال بالموافقة على فصل الجنوب دون مشاورة القوى السياسية الأخرى، أملاً أن تنتهي الحرب ويرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
{ هل لتجديد التحالفات الدولية أثر في ذلك؟
نحن لا نرى إلى أين نريد الذهاب وذلك بتجديد وتغيير التحالفات وأي تحالف أنت دخلت فيه، الجهة القوية التي تتحالف معها تريد استغلالك والسودان كان ضد الأحلاف أن كان الحلف الأول مع إيران، الإيرانيون استفادوا والسودان لم يجد شيئاً، وإن كان التحالف مع السعودية المفاجئ وقطع العلاقات مع إيران أيضاً هنالك آمال ومخاوف، بأنه قد لا تتحقق الآمال ولا زالت المخاوف، وأصبحت المسألة إرضاء الأمريكان، والأمريكان أصلاً لا يرضون لأنها انعكاس السياسة الداخلية ولو جلسنا وعدلنا سياستنا الداخلية الدول الغربية لا تستطيع الدخول فوصلنا مع الولايات المتحدة لتنازلات الحد الأقصى ولم تعطنا أي شيء. بالتالي السودان لم يعد له حليف (يسر ليهو في اضانوا). حتى الحليف الذي أسر خرج للعالم، السودان أصبح معزولاً انعزالاً كاملاً، جهات كثيرة تشك في وفاء السودان بأي التزام.
{هل ارتباط الحكومة بالإسلاميين له أثر؟
من الأسباب أيضاً يوم يقولوا هم ما إسلاميين ويطردوا الإسلاميين، ويوم آخر يقولوا الحركة الإسلامية باقية !! والتخبط السياسي عندما يكون موجود، المجتمع ينقسم إلى قسمين أنا اسميتهم المتمكنين والممكونين، المتمكنون يسحقوا الممكونين، بالتالي المجتمع يكون منقسماً انقساماً كبيراً، الممكونون يريدون حلاً، المتمكنون يريدون الوضع على ما هو عليه، ولأن المتمكنين طبقة بسيطة، والدولة راعيها، بالتالي تتغاضى عن الفساد، الفساد في كل مناحي الحياة، وبالتالي الاقتصاد عندما يضربه الفساد، وإذا جاءت أي حكومة لا علاقة لها بالمتمكنين والممكونين ما حتعرف من يتاجر في الدولار؟ وما عارفين من يطبع النقود؟
{كثر الحديث عن الإنتاج والإنتاجية ما تقييمك لواقعية هذا الحديث؟
الإنتاج الزراعي غزير ولكن ليس هنالك سياسة مثلاً السمسم الموسم قبل الفات أقصى حد للقنطار كان (350 ) جنيهاً، هذا العام وصل ( 2.300)، وناس الـ(2.300) انتظروا أن يصبح بـ(3000) آلاف جنيه، ولكن الآن أصبح (1300) يعني لا توجد سياسات مالية ثابتة، يقال لك (70%) من الذهب مهرب، كيف يهرب؟ معناه هنالك فساد، المراجع العام يقول اعتداء على المال العام، من يعتدي على المال العام؟ الفقراء مثلاً؟،
{ ماهي الحلول، في نظرك؟
ما لم يتخذ الرئيس “البشير” قرارات مهمة وصعبة بتصحيح الأوضاع، حكومة فيها (80) وزيراً ليفعلوا ماذا؟ يمكن (15) وزيراً فقط، الحُكم الولائي يعني شنو؟، بأجهزته الكثيرة؟ يعني الرئيس يتخذ قرارات توفر للخزينة العامة المبالغ التي كانت تدفع من أجل الدعاية السياسية، البرلمان فيه (600) شخص، يأخذ إجراءات بهذا الشكل ويعلن مثل الأمير “محمد بن سلمان” عارف الناس الشالوا القروش منو، وهو وضع أبناء عمه في السجن، “البشير” أيضاً يقبض الذين لديهم أموال. لأنه ما ممكن الدولة تسمن والناس يضعفوا!! ولو عمل إجراءات مثل هذه ممكن السودانيين كلهم يلتفوا حولها ويجدوا مخرجاً، وإذا لم تتخذ مثل تلك الإجراءات الأمنية لن يحل إشكال الاقتصاد، الأمن يحافظ على الدولة ولكنه لا يجعلها تستمر.
{ كان هنالك هجوم من الحركة الشعبية على مناطق المسيرية،
بالنسبة لهجوم الحركة، الحركة وجدت دولة ليس لديها حدود شمالية محددة، أولا بروتوكول إعلان المبادئ يعلن أن الجنوب هو جنوب حدود (56) كان يجب ألا يتم استفتاء إلا بعد ترسيم الحدود على الأرض، لكن الحكومة من أجل تحقيق آمال، أو تدرأ مخاوف اجرت استفتاء لدولة حدودها الشمالية غير محددة، وبالتالي الحركة الشعبية لم تغير إستراتيجيتها، هي ليست حركة تحرير الجنوب هي حركة تحرير السودان كله، وبالتالي الآن تحتل (14) ميلاً جنوب بحر العرب إلى شمال بحر العرب، احتلال عسكري لمنطقة تمتد إلى (1000) كيلومتر في حوالي (50) كيلو، بحر العرب نفسه. من 2005 وحتى الآن المفترض أن يذهبوا جنوبه بـ(14) ميلاً هم شماله بأكثر من 20 ميلاً جيش محتل ورافع راياته.
{ ماذا عن أبيي في ظل الوضع الراهن ؟
أبيي جزء من هذه المنطقة تساوي (70) كيلو تقريباً من (1000) كيلو، هم خطتهم أن يزحفوا ويضغطوا على القبائل الرُحل وأي منطقة يسحبوا منها الرُحل هم يحتلوها، يعني التهجير القسري. وساعدهم في ذلك حملة جمع السلاح، الآن الرُحل جنوب، أنا افتكر أننا عاتبون على الحكومة في هذه الأحداث، الذين ماتوا (36)، غير المصابين وذلك في أعماق السودان ولو حدث في أي دولة ينكس العلم ويكون في برنامج عن هذا الاعتداء، لكن الحكومة تحاول بأي أسلوب الإبقاء على علاقتها، وهم لابد أن يعيدوا كل المناطق المحتلة وعلى رأسها بحر العرب.