سألته “باسكال مشعلاني” ذات لقاء عن معنى “فقندش” ذلك اللقب الذي اشتهر به منذ طفولته فأجابها مازحاً: (فقدنا كل شيء). من ناحيتنا كسبنا كل شيء بالتجوال داخل عوالمه المختلفة.
يمكننا القول.. هو جامعة الدول العربية القطاع الفعال أو جامعة الفن العربي، حيث إنه يمني الجنسية مولود بالسودان، مقيم بالمملكة العربية السعودية.. أما بداياته في عالم الصحافة فقد كانت في صحيفة تونسية.
أجرى آلاف المقابلات الصحافية مع معظم أهل الفن، الإعلام، الرياضة والسياسة من مختلف الدول العربية عبر تاريخ جميل وثّق له عبر إصداراته المتعددة من كتابه (هم وأنا) الذي تحول إلى برنامج رمضاني يقدمه على قناة “روتانا”.
الإعلامي القدير والناقد الفني الملقب في السعودية والخليج بعميد الصحافة الفنية وعمدتها الأستاذ “علي فقندش” (هو ونحن) على سبيل الجمال في قهوة حوار.
حوار- هناء إبراهيم
{ الخطوة الأولى في هذا المشوار الكبير بدأت برغبة أم كانت صدفة؟
_ غالباً ما تكون المصادفات سيدة الموقف في ميلاد أي اسم في عالم الثقافة والفنون والإعلام، كما هو الحال في اكتشاف كبار العلماء للنظريات مثلاً.. نعم أرى أن المصادفات ليست بريئة بشكل كافٍ عن دخولي عالم الإعلام الفني، كنت منذ سن الـ(15) على علاقة بمعظم نجوم الفن.. أما عن مصادفة دخولي فقد كنت من محبي الكلمات المتقاطعة حلاً وإعداداً فدفعني صديق من كبار فناني المملكة هو الموسيقار المعروف “غازي علي” لإحدى الصحف حتى أنشر ما أعده وقد حصل.
وعندما وجدت نفسي في دائرة الإعلام فرغت ما بداخلي من حب لهذا المجال.
{ منذ الـ(15) أي أنك نشأت إعلامياً بالتربية والميلاد لذا اسأل عن أول محطة إعلامية؟
_ إعلامياً كان ذلك في سن الـ(18) كمراسل لمجلة تونسية (رياضة فن موضة). عام 1978 عندما جاء نجوم مونديال الأرجنتين التوانسة إلى المملكة للعب في مختلف أنديتها.
بعد ذلك عملت قليلاً في جريدتي (البلاد) و(المدينة) إلى أن ولدت كصحافي في جريدة (عكاظ)، ثم ترأست القسم الفني فيها.
{ أرشيف ضخم ما شاء الله وعدد عظيم من مقابلات النجوم بأجيال مختلفة في مجالات الفن الرياضة.. السياسة والإعلام.. أكثر الشخصيات التي تفتخر بمحاورتها؟
_ نعم عديدة جداً تلك الشخصيات التي التقيتها خلال مشواري الإعلامي وبالفعل هناك شخصيات أستطيع القول إنني أفتخر جداً بملاقاتها إعلامياً.. كالرؤساء “جعفر نميري”، “أمين الجميل” و”علي عبد الله صالح”، وشخصيات مثل “نبيل شعت”، “عمر الشريف”، “يحيى شاهين” و”محسن سرحان” كثيرة جداً.
{ والذين حاورتهم فأثروا فيك…؟
_ كثيرة هي تلك الشخصيات التي أثرت بي شخصياً كإنسان ومهنياً كصحافي، منهم بعض أساتذتي في الوسط الفني من الذين عانوا كثيراً ليصنعوا أسماء ذات بريق في العالم أمثال “غازي علي”، “طلال مداح”، “طارق عبد الحكيم”، “عبد الله محمد”، “جميل محمود” و”محمد عبده”.. لكل من هؤلاء قصص تحدٍ وجهود عظيمة كانت وراء نجوميتهم.
{ اللقاء مع الرئيس الراحل “جعفر نميري” كيف كان وأين التقيته وبعض ما تذكره عن ذلك اللقاء خاصة وقد كانت له ردود أفعال في صحافة المملكة؟
_ لقائي مع الرئيس “جعفر نميري” كانت بدايته صدفة، حيث كنت مع صديقي النجم المصري “سامح الصريطي” ونجمي الكرة “محمود الخطيب” و”علاء مهيوب” في أحد فنادق القاهرة في هضبة الهرم الأكبر وفي طاولة مجاورة كان فخامته مع مجموعة من أصدقائه وذلك عقب انقلاب الرئيس “سوار الذهب” عليه.. عرفته بنفسي طالباً أن أجري معه حوار ذكريات لصالح جريدة (عكاظ)، فرحب، واتفقنا على موعد حيث زرته في مكتبه وبعدها في منزله ونشرت يومها حوار ذكريات جميل معه، أعجب به كثيراً أستاذي الصحافي السوداني “نور محمد نور” الذي كان يعمل في السعودية ثم انتقل إلى دولة قطر قبل وفاته.
وكتب عن ذلك الحوار أيضاً الكاتب السعودي الكبير “ثامر الميمان” مقالاً في جريدة المدينة بعنوان (النميري وفقندش وأمريكا).
ومن ذكرياتي مع السيد الرئيس حين أعلمته أنني من مواليد السودان وأن خيلاني أو أخوالي (محمود وعبد العزيز وعلي قلندر) الذين كانوا من مستشاريه وديوانه إبان حقبة الرئاسة.. كان إهداؤه لي ديواناً شعبياً سودانياً أفخر بأنني أحتفظ به مع تجيير الإهداء من الرئيس ومع إهداء الشاعر لـ”النميري” رحمه الله.
كل هذا ضمنته في واحد من أشهر وأهم كتبي التي صدرت في المملكة العربية السعودية (هم وأنا).
{ بما أننا وصلنا بالحديث إلى السودان.. ملامح الطفولة وصورة طوكر والسودان عموماً؟!
_ أنا من مواليد مدينة طوكر التي عشت بها حتى سن الثامنة، أتذكر تماماً حي العرب.. ديم العرب الذي كان به مطبخ أبي وأتذكر مشاوير الأرجل بين البيت والمطبخ والمدرسة.. بالمناسبة بعد مسقط رأسي طوكر عشنا بسواكن ثم بورتسودان.
{ الرياضة تجربتك الأولى في عالم الإعلام لكن رغم اتجاهك للصحافة الفنية إلا أننا لا زلنا نراك تهتم بها كثيراً.. ما الحب إلا للحبيب الأول؟
_ اهتماماتي الرياضية كبيرة جداً، فمنذ نشأتي بالسودان وقبل سن الثامنة التي غادرت فيها بورتسودان مع العائلة إلى جدة كان يشغلني فريق كرة القدم لدينا.. نادي ديم العرب في بورتسودان وكان يلعب له “طاهر حسن نائل” وهو ابن خالة والدتي حيث إن نصفها يمني ونصفها سوداني.. كذلك خال والدة زوجتي “أحمد عبد الله” وكان رياضياً كبيراً ومدرباً ومهنته في الأصل (خياط)، وبالمناسبة هو والد نجم الكرة السعودية والعربية الكبير “ماجد عبد الله” المولود في جدة.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير الراحل “عبد الله الفيصل” (رحمه الله) عين الرياضة السعودية وداعمها هو من جاء به إلى المملكة للنادي الأهلي السعودي مع ابنه الوحيد آنذاك “عبد الله”، ثم تزوج ثانية في جدة لتأتي له بـ”ماجد” الكرة السعودية والعربية قبل أن ينتقل إلى الرياض وإلى نادي النصر.
ومعروف لدى السودانيين والعرب من هو الأمير الراحل “عبد الله الفيصل” رياضياً وشاعراً عبرت إبداعاته حناجر كبار الفنانين العرب (أم كلثوم وفائزة أحمد، عبد الحليم، طلال مداح، محمد عبده وغيرهم).
عموماً الرياضة سكنتني منذ الطفولة شأنها شأن الفن لأجد نفسي طفلاً مهووساً بها وتحديداً بكرة القدم.
عندما كان أبي الطباخ الجيد قد افتتح مطعماً في (قهوة القاهرة) بحي الشاطئ الشهير والوسيط بين الهنداوية وباب شريف، كانت المباراة التاريخية الشهيرة بين قطبي جدة الاتحاد والأهلي في نفس العام الذي انتقلنا فيه من بورتسودان عام 1966، حيث فاز الاتحاد (8/2) وكان نجمها ابن حارتنا كابتن “سعيد غراب” الذي سجل (6) أهداف في تلك المباراة ولا زلت أحتفظ بصداقته حتى الآن.
{ هذا يجعلني أسأل.. بما أنك ناقد فني هل أثرت كتاباتك على صداقاتك وعلاقتك بالنجوم؟
_ من الطبيعي أن تتعكر علاقاتك مع بعض النجوم بسبب النقد.. رغم أني أعدّ نفسي سوياً في العمل حيث يدور نقدي في العمل الفني وليس في شخص الفنان نفسه.
وإذا لم تتعكر هذه الحالة من الزمالة بين الناقد والفنان يكون الأمر مشوباً بما هو غير طبيعي.. فكثيراً ما غطى السواد على علاقتي ببعضهم.. حتى “طلال مداح” و”محمد عبده” لوصول المعلومة إليهم خطأ أو لتزيين هذا الخطأ من (أولاد الحلال) ومحاولة دخول بعض الخبثاء بين البصلة وقشرتها.
كذلك حدث مرة أن غضب مني الراحل “صلاح قابيل” (رحمه الله) حين أسس المنتج السعودي الكبير الراحل “محمد قزاز” الذي كانت له إسهامات واضحة في تأسيس إمبراطورية الإعلام العربي في لندن.. فيما بعد (mbc)، حين أسس استوديوهات عالمية في جدة لتصوير أعمال فنية ضخمة عام 1983 كان أولها عمل بطولة “لبلبة” و”حمدي حافظ”، ثم عمل ضخم بطولة “صلاح قابيل” و”مصطفى فهمي” اللذين بقيا معنا أكثر من شهر للتصوير بجدة. عندما قدمت “صلاح قابيل” في الجريدة بالممثل الكبير زعل قائلاً: (كده يا علي، يعني كل تاريخي دا.. أنا مش نجم).
يومها لم يفهمني، كانت الجولة لصالحه لكنه لم يفهمني.
{ وما حكاية سرقة حذاء فنان العرب “محمد عبده”؟
_ بعد مجيئنا من السودان، كنت صغيراً وقتها في العاشرة تقريباً، كنا يومها نعيش بمكة المكرمة في حي الهنداوية.. و”محمد” كانت نجومية الطاغية قد بدأت في تلك الفترة فجاء ليحيي فرح بنت حارتنا على صديقه عازف الإيقاع “عثمان خضر”، كانت الأفراح تقام في (حيشان البيوت) أيامها فسرقت حذاء “محمد عبده” بشقاوة مني.
{ ليه؟
_ فقط لأعرف ردة فعله.
{ كونك جامعة فن عربي ومن أجمل الأشياء التوثيق لمقابلاتك عبر إصدارات احتفى بها النجوم.. نجوم زمان ونجوم هذا الزمان هل ثمة فرق؟
_ تقصدين نجوم زمان وما تبقى اليوم من نجوم الأمس.. لأن أبناء اليوم من النجوم هم نجوم بالفعل في الصورة وموجودون ولكن بفن ونجومية باهتة ليست لها علاقة بوجداننا والإبداع.. عزاؤنا أنهم نجوم لمحبيهم من أبناء اليوم فهم المخاطبون أو هم بالأصح من توجه لهم إبداعاتهم إذا ما كانت التسمية تصح ففنهم إلى هؤلاء أما نحن أجيال الأمس ذائقتنا تشبعت بإبداع المبدعين الفعليين لا نتعاطى هذا الإنتاج الجديد.
{ من جيل المبدعين الفعليين كما سميتهم.. من الشخصية التي تمنيت محاورتها؟
_ “نجاة الصغيرة” مثلاً..
{ مواقف حلوة مع النجوم؟
_ لي الكثير والكثير جداً من المواقف مع كبار النجوم العرب.. فماذا أحكي وماذا أترك.. فمثلاً جاءني مرة الباشا.. أنا أسميه هكذا الفنان الكبير “سعيد عبد الغني” وترافقنا إلى مكة المكرمة لأداء العمرة وكان يوم (جمعة) وصلاة (جمعة) تزامنت مع عمرتنا، وما أن انتهينا وخرجنا من الحرم بحثنا عن حذائه فلم يجده حيث يبدو أن الأمر اختلط على أحدهم وأخذه بدلاً عن حذائه، فأصر أن يمشي حافياً إلى أن وصلنا بائع أحذية.. وحدث ذات الشيء مع “أحمد راتب”.
ذات مرة وأنا أرافق “طلال مداح” (رحمه الله) في رحلة عمل إلى الدوحة حيث نزلنا ضيوفاً على الإعلامي القطري والملحن الكبير “محمد المرزوقي” رئيس مهرجان الأغنية في الدوحة ومدير إذاعة صوت الخليج هناك.. وكان معنا الموسيقي المصري الكبير “مصطفى عبد النبي” استعداداً لإعادة توزيع عدد من قديم أغاني “طلال” ليقدمها في سهرة تلفزيونية كنت فيها إلى جانبه ويحاورنا الفنان القطري “علي عبد الستار”، فجأة وفي يوم التوزيع والتصوير لم نجد النوتة الخاصة بواحدة من أهم الأغاني المعدة لإعادة التوزيع وتصويرها أغنية (عشقته) من لون المجرور فاتصلنا بصديقنا “خالد أبو منذر” الذي كان يدير أعمال “طلال مداح” فأرسلها عبر الفاكس وأعاد “مصطفى عبد النبي” توزيعها وكانت هذه الأغنية أجمل أغاني تلك السهرة.
{ من الدوحة نعود بك إلى السودان وعلاقاتك بشخصيات سودانية؟
_ الشخصيات السودانية التي أعرفها “ييييه كثيرة” وإذا كنتِ سيدتي تقصدين الفنانين فهم كثيرون هم أصدقائي من الإعلاميين والفنانين والمثقفين مثل الراحل “سيد خليفة” (رحمه الله) و”محمد وردي” (رحمه الله) وهناك أيضاً “عبد الكريم الكابلي” و”تور الجر” المسرحي السوداني الكبير و”عثمان حسين”، “حمد الريح”، “صلاح بن البادية”، “الطيب عبد الله”، “عبد العال السيد” و”كمال ترباس” ومطرب (اشتت ليك سكر) “حمد البابلي” و(شو بدك تعدي لتعدي).
تعودت أن أحتفي بمقدم أيهم إلى جدة فأجمعه بالوسط الفني والإعلام السعودي والعربي بجدة في حفل تعارف والتقاء ينتج عنه نشاط فني، ومن أواخر السودانيين الذين شرفونا بحضورهم “كمال ترباس” ومن مصر آخرهم “سمير صبري”، “عفاف شعيب”، “سامح الصريطي” و”حمدي حافظ” ورئيس اتحاد الفنانين العرب “مسعد فودة” إلى جانب المخرج الكبير “عمر عبد العزيز” ومخرج التلفزيون “محمد طلعت”.
{ بذكر هؤلاء وأرشيف النجوم الذي يبتدئ من أعظمهم وأكبرهم وصولاً إلى نجوم برنامج (ذا فويس كيدز) نحكي عن (هم وأنا)؟
_ (هم وأنا) كتاب توثيقي عن مشواري مع كبار النجوم في شتى المجالات، كان منهم الأسطورة “محمد علي كلاي” والمذيع الشهير في (CNN) “ريز خان” ورجل الأعمال “الوليد بن إبراهيم” والمصارع النيوزلندي الشهير “توني جاريا”، وعدد من الوزراء والسفراء والأدباء والمفكرين إلى جانب الفنانين بالطبع.
ثم طلب مني المنتج السعودي “شادي زاهد” أن نحول الكتاب إلى برنامج موسمي رمضاني، وبالفعل تم ذلك حيث أذيع البرنامج بالتزامن بين قناتي “روتانا” مصرية و(LBC)
اللبنانية قبل السحور، والبرنامج موجود الآن على (يوتيوب) بنفس اسم الكتاب (هم وأنا).
{ كلمتان عن (نساء من السعودية)؟
_ تعنين كتابي الذي صدر بجزءين تحت اسم (نساء من المملكة العربية السعودية)، أعتز به جداً.
{ أستاذ “علي فقندش”.. شكراً جميلاً.