تقارير

وزير الداخلية: مرسوم جمهوري مرتقب يعطي آلاف الجنوبيين الجنسية السودانية

السجل المدني: لا يوجد فساد في منح الجنسية السودانية للسوريين

الخرطوم – يوسف بشير
يؤرخ للجنسية السودانية بمطالبة مؤتمر الخريجين في العام 1942م، لسُلطات الاستعمار البريطاني بإصدار تشريع للجنسية السودانية. آنذاك لم يجد هذا المطلب أدني استجابة، وبعد مضي عامين نادى خمسة من أعضاء المجلس الاستشاري لشمال السودان الحاكم العام البريطاني بإدراج قضية الجنسية في جدول أعماله، واقترح السكرتير القضائي إصدار قانون مواطنة يحقق ذات مزايا الجنسية. وبعد عامين آخرين شُرّع أول قانون للجنسية السودانية اعتماداً على المواطنة مُنذ 1897، وعُدّل هذا القانون في 1972 مستنداً إلى المواطنة مُنذ 1924 وأُردف بتعديل آخر في 2005، وأُجري تعديل أخير 2011م، وهو التعديل الذي أُسقطت بموجبه جنسية الجنوبيين فور انفصالهم من السودان، وأسقطها أيضاً عن كل مولود أمه شمالية وأبوه جنوبي.
} مناهضة.. وتراجع
الإسقاط الأخير لم يرق للكثيرين، منهم رئيس الحزب الوحدوي الناصري المحامي “ساطع الحاج” الذي تقدم برفقة محامين آخرين بشكوى في المحكمة الدستورية ضد وزارتي العدل والداخلية، وأنصفت المحكمة الأمهات الشماليات المتزوجات من جنوبيين بقرارها منح الجنسية السودانية لكل من يُولد من أم شمالية مُنذ العام 2015.
في الأيام الماضية بادرت وزارة الداخلية بمشروع لتعديل قانون الجنسية السودانية.. التعديل الذي بموجبه يحق للأم الشمالية منح أطفالها الجنسية السودانية إن كان والدهم البيولوجي جنوبياً، وأيضاً يعطي الجنسية للجنوبيين الذين عاش آباؤهم أكثر من (150) عاماً في شمال السودان، والاثنان قدرهما وزير الداخلية الفريق شرطة “حامد منان” بالآلاف.
} بادئ ذي بدء
“حامد منان” عاد بالصحافيين في بداية حديثه في منبر (طيبة برس)، أمس (السبت)، إلى الوراء، للسياق التاريخي حيث أعطى قانون الاستفتاء في 2011 الجنوبيين الأصليين حق التصويت في الاستفتاء (وبالتالي نعرف من هو الجنوبي). هذا، إضافة إلى قانون الجنسية السودانية الذي أسقط الجنسية عن الجنوبيين حكماً وقانوناً فور اختيارهم الانفصال. وأضاف الوزير في الندوة المعنونة بـ(مزايا تعديلات قانون الجنسية – رسالة إنسانية) إن وزارته وجدت إشكالية بخصوص إسقاط الجنسية عن الجنوبيين في الممارسة العملية، إذ وصلتهم شكاوى كثيرة من أمهات شماليات متزوجات من جنوبيين بخصوص عدم منح أبنائهن الجنسية وشكاوى أخرى من أناس ذوي أصول جنوبية يقطنون أرضاً شمالية.
} لو تعرف الشوق
تلك الشكاوى جعلتهم ينظرون في مشروع تعديل القانون، ليتواءم مع دستور السودان الانتقالي لعام 2005 تعديل 2017، وقال بنبرة أسى لا أخالها صادقة: (انعدام الجنسية هو انعدام الحقوق الإنسانية) إذ سرعان عاد وجزم: (هذا ليس معناه أن نمنح كل جنوبي الجنسية.. فقط من عاش آباؤهم أكثر من 150 عاماً بالسودان).
هذه التعديلات أجيزت من قبل مجلس الوزراء، ربما لهذا توقع الوزير صدور مرسوم جمهوري مؤقت بالقانون، ويحق لرئيس الجمهورية إعلان أيّ قانون واعتباره سارياً بمرسوم جمهوري مؤقت حال كان البرلمان في إجازة، وفي أول دورة برلمانية يُودع المرسوم منضدة البرلمان الذي يتملك حق قبوله كلياً أو رفضه كلياً، وتاريخ البرلمان في فترة الإنقاذ لا يخبرنا عن نادرة رفض أيّ مرسوم مؤقت. وشدد “منان” على أن وزارته ستعمل بالقانون فور صدوره بمرسوم مؤقت دون انتظار إجازته من البرلمان، علماً بأن دورة انعقاد البرلمان القادمة في أبريل.
} هنا وهناك
لم يغب عن “منان” ذكر معالجة وزارته قضايا بعض الجنوبيين، خاصة أولئك الذين خاضوا امتحانات الشهادة الثانوية، موضحاً أن وزارته (عملت لهم إجراءات) لتسهيل امتحاناتهم لم تصل حد منحهم الرقم الوطني.
وسرد رئيس الحزب الناصري “ساطع الحاج” مشاكل الجنوبيين القاطنين أرضاً شمالية ، الذين أسقطت عنهم الجنسية السودانية، خاصة في المدارس وحوادث المرور، مبدياً دعمه لمشروع تعديل القانون، وشدد على أن المادة التي تحتفي وزارة الداخلية بتعديلها موجودة في القانون وقال متهكماً: (التعديل يؤكد ما هو مؤكد)، وذكّر الجميع بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية بمنح الجنسية لأبناء أيّ أم سودانية أبيهم جنوبي.
اللواء “ناصر الكباشي” المسؤول بوزارة الداخلية قال إن وزارته نظرت في (11) تعديلاً في قانون الجنسية، وارتأت لضرورة معالجة إشكالية الجنوبيين الدفع بتعديل مادة منح الجنسية لهم، ثم تنظر لاحقاً في التعديلات الأخرى. وشدد على ضرورة مكافحة أيّ فساد يمكن أن يظهر في منح الجنسية للجنوبيين- أسوءة بما يُشاع عن منح السوريين الجنسية السودانية مقابل (10) آلاف دولار- غير أنه عاد وذكّر بوجود ضوابط وتحرٍ في مسألة الجنسية.
} نقاط خارج النص
“حامد منان” في سياقات منفصلة أشار إلى عدة قضايا في وزارته، من بينها حرصهم على منح الرقم الوطني لأيّ سوداني، وقد وصلت همتهم إلى تسيير حملات إلى المناطق النائية لهذا الأمر، وهذا الأمر بالطبع لا يمكن النظر إليه دون اشتراطه السابق بأن التصويت يجري في انتخابات 2020 بالرقم الوطني. أيضاً، تنصل من مسؤولية منح السوريين الجنسية السودانية، وألصقها برئيس الجمهورية، ودافع عن ترخيص الأسلحة لهم قائلًا: (خلاص أصبح سوداني.. إن لم يستفد من مزايا الجنسية الفائدة شنو؟).
ودافع مدير الإدارة العامة للسجل المدني بشأن ما يُقال عن وجود شُبهات فساد بمنح السوريين الجنسية السودانية قائلاً: (لا يوجد فساد في منح الجنسية السودانية للسوريين)، وأضاف: (لو في زول شاف فساد يبقى مواطن صالح ويبلغ عن السوريين الذين حصلوا على الجنسية السودانية بطرق ملتوية)، وتابع مترافعاً: (كل السوريين الحاصلين على الجنسية السودانية هم على مسؤوليتنا).
وأوصي اللواء “ناصر الكباشي” بضرورة أجراء تعديل على قانون الجنسية يمنع مزدوجي الجنسية من تقلد أيّ مناصب دستورية عليا.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية