نوافذ

أريتك كان ضرس .. !

كثيراً ما نجد (وجع الضرس) في أقوالنا.. وأمثالنا.. وأشعارنا حتى في بعض الأحيان..
وما تنوع العلاجات البلدية والكيميائية لألم الأضراس إلا أكبر دليل على شدة هذا الألم..
نتاحة زي وجع الضرس
في قلبي تنتح كل يوم..
لا راحة دقت باب هناي السري..
لا شمش الصباح الحارة تافقت الغيوم..
وده كلو كوم..
وكونو الصباح ما يسرق الضو من سماح عينيك كوم..
يا يمه مالك هسي كان طليتي من وش القمر زغرودة.. شبال للنجوم..
هي يمة ما عارفة القصايد عندي ما بتجي غير انوم؟
نان يمه مالك في طرف حاجاتك الجبتيها ماجبتيلي نوم؟..

أظن أن شاعر هذه القصيدة (اللهو شخصي الضعيف).. كان يعاني من عناء الضرس ذات قريحة عاجلة.. فآثر أن يعقد صفقة مع ذاك الألم القاسي بتخليد ذكراه في قصيدة طويلة عريضة مقابل أن (يحل عن سماه).. والله تعالى أعلم..
ولا اعتماد على الذاكرة إطلاقاً..
وبمناسبة وجع الضرس هذه.. كنت قد قررت التخلص من أول ضروس العقل التي شرفتني بعد ٢٦عاماً من عمري..
فكان كالطفل الذي حل متأخراً فاقسم على أن (يخلص حق غيابه) قسراً وعنوة واقتداراً..
المهم في الأمر أنني سألت عن طبيب أسنان (شاطر) وقد كان.. ذهبت إلى عيادته وأنا اتألم بشدة..
أجرى الطبيب فحوصاته اللازمة وقرر جلسات علاجية لمدة ثلاثة أسابيع يتم بعدها خلع (الملك)..
وخرجت من عيادته بذات الألم..
عدت إلى بيتي.. فوجدت أمي قلقة.. تتساءل أن كنت قد خلعت ضرسي.. فأجبتها بالنفي.. فكانت كعادتها.. تكره التكلف في الأشياء وتسعى إلى تبسيط الحياة إلى حد بعيد..
فقالت: (والله يا “نضال” يا بتي.. أنا عارفه المستشفيات الفخمة دي دايرين يستنزفوا الزول بس.. هو ضرس عقل وقايم غلط داير ليه سين وجيم؟ اسمعي كلامي وأرح نمشي لي دكتورة “ثويبة” دي في المستوصف).
والمستوصف الذي تعنيه أمي يبعد عنا كثيراً في غرب الثورات في أم درمان.. درست نصيحتها وقررت الاستجابة لها عسى ولعل أن يكون في طاعتها خلاصي..
ومشينا المستوصف الذي كان نظيفاً بما يكفي للاطمئنان.. وجاءت دكتورة “ثويبة” بعد انتظار ليس بالقليل.. وقررت خلع الضرس مقابل (١٢٠) ج فقط.. في حين أن عيادتي تلك كانت تكاليفها أكثر من خمسة آلاف من الجنيهات (المشكلة مافي القروش.. المشكلة في أني اقعد بي ألمي ده تاني ( ٣) أسابيع)..
خلعته وتخلصت منه ومن همه في اقل من يومين.. وهو الذي آذاني لأكثر من عام..
والآن أنا أتساءل عن طبيب يستطيع خلع هذا القلب النابض بحبك.. عاجلاً..
ليعقمه منك.. بما أوتي من مقدرة على التعقيم.. ويريحني من عناء حبك الذي لا يجلب سوى المزيد من السهر والألم.
يقولون إن اسوأ الآلام على الإطلاق هي ألم الأسنان..
هم لم يبتلوا بمحبتي..
لذا دعهم في غيهم هذا..واريتك كان ضرس ..!

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية