رأي

أغنية جديدة عنوانها: (منقة بالشطة)!!

التجانى حاج موسى

قرأت عموداً بصفحتي (الديوان) بصحيفتنا (المجهر) كتبته الابنة الزميلة “ملاذ ناجي” تنتقد في عمودها أغنية جديدة للفنان الشاب “طه سليمان”.. عنوان الأغنية (منقة بالشطة) والحق يُقال أعجبني طرحها لموضوعيته وعمقه وبساطته.. وأن يأتي النقد من جيل الفنان “طه سليمان” هذا في حد ذاته نقطة إيجابية تضاف للكاتبة الشابة.. وذكرت أن “طه” يتحين الفرصة ليقدم من وقت لآخر أغنية لا ترقى لمستوى طرحها لجمهور الغناء ومعظمهم من الشباب، ويحقق بذلك رواجاً – وهذا نوع من الإعلان ليكون “طه” في الصورة.. والأغنيات تلك لا تحمل مضامين جمالية ولا قيم فنية، والمفروض أن تأتي الأغنية حاملة لتلك القيم، ومكمن الخطورة أن مثل تلك الأغنيات يتداولها الناس ولو إلى حين، وهنا لا نلوم “طه” أو أي مغني أو مغنية تأتي بمثل هذا النوع من الغناء الركيك المبتذل، بل اللوم يقع على مؤسسات الثقافة والإعلام، فوزارة الثقافة الاتحادية هي المشرفة على مجلس المصنفات الأدبية والفنية الاتحادي، ووزارة الإعلام الاتحادية هي المشرفة على أجهزة البث المرئي والمسموع وتأتي أيضاً أهمية الدور الرقابي الذي من المفترض أن تقوم به وزارات الثقافة والإعلام ومكاتب المصنفات الأدبية بالولايات، وللأسف الشديد هذا الأمر من صميم واجبات المؤسسات التي ذكرتها، إذ تشكل حواجز صد لكل ما يقدم من فنون، والقوانين الخاصة بتلك الجهات تحظر وتمنع أي مصنف يقدم للجمهور من شأنه إفساد الذوق العام أو يخالف النظام العام والآداب وأعراف وتقاليد الأمة، وهنالك شرطة للنظام العام وشرطة للمصنفات الأدبية والفنية.
فالأصل والمطلوب قبل أن يقدم المغني أغنيته يجب عليه أن يجيزها من لجنة خاصة بالشعر الغنائي، فإن أجازها تصبح الأغنية مرخصاً لها بالتداول والعرض للجمهور، وهذه الخطوة تنطبق على اللحن الذي من المفترض أن تجيزه لجنة مختصة وبالطبع يجب أن يحصل المؤدي على رخصة تخوله الغناء للجمهور.. هذه هي الشروط العامة الواجب توفرها لتقديم الغناء للجمهور، وكذلك الحال مع نصوص المسرح والتمثيليات الإذاعية والدراما التي تقدم عبر وسائط الإعلام وحتى الإعلانات عن المنتجات التي تبثها أجهزة الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، يجب أن تعبر عبر اللجان المختصة.. فهل فعل “طه سليمان” وأتبع تلك الإجراءات؟!! إن لم يحدث ذلك يكون مخالفاً لقوانين الدولة المنظمة بتداول الإنتاج الإبداعي وبالتحديد قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة، ويكون عُرضة للمساءلة القضائية والدعوى هنا يقوم بها مجلس المصنفات الأدبية والاتحادية عبر إدارة الرقابة والمستشار القانوني بالمجلس، ولمجالس المصنفات الولائية وإدارات الرقابة بها نفس الحق برفع الدعوى متى ما توفرت المخالفة وقاضي الموضوع بالمحكمة المختصة يطبق القانون المعمول به بالدولة ويوقع العقوبة المنصوص عليها بالقانون بالغرامة والسجن أو العقوبتين معاً.. والمواطن الفرد يمكن أن يرفع تلك الدعوى.
أذكر أن مواطناً قدم شكواه لمجلس المصنفات ضد سائق حافلة.. أخذ رقمها – تقل الركاب من الخرطوم السوق الشعبي إلى أم درمان السوق الشعبي، وفحوى شكواه يبث شريطاً به أغنيات تخدش الحياة ومخالفة للنظام العام والآداب.. توجهت شرطة المصنفات وإدارة الرقابة وضبطوا شريط الكاسيت وتم تقديم السائق إلى المحكمة والمغني وكل الأطراف التي شاركت في إنتاج ذلك الشريط وتمت مصادرة النسخ وقضت المحكمة المختصة وأصدرت حكمها الرادع.. وحادثة أخرى شهيرة تتعلق بكتب تم عرضها بدورة من دورات معرض الكتاب الشهير الذي يقام كل عام بأرض المعارض.. فحوى تلك الحادثة أن بعض المواطنين وجدوا كتباً تسيء إلى (آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم)، ثم عرضها بجناح دولة مشاركة بالمعرض.. تحركت شرطة المصنفات وإدارة الرقابة وتم تقديم الكتب إلى لجنة مختصة تحققت من ثبوت أن تلك الكتب تسيء (لآل البيت).. وتمت مصادرة جناح تلك الدولة بالمعرض وتمت إبادة تلك الكُتب واعتذار تلك الدولة بواسطة سفارتها، بعد أن تبين أنهم لم يقرأوا تلك الكُتب التي عرضها مشاركون بالمعرض.
فالأمر يحتاج منا جميعاً إلى إشاعة ثقافة المصنفات الأدبية والفنية وتحريك الدعاوى الخاصة بالمخالفات، فلنا محكمة مختصة ونيابة وقوانين وشرطة ومكاتب مصنفات ومكتب للمهن الفنية ومكاتب بالولايات، فإن لم نُفعل القانون سنسمع كل يوم سقط الغناء مِن مَن يحملون ترخيص بالغناء والذين يغنون بلا ترخيص، ونظل كل يوم نسمع الغناء الركيك ويكتب الكُتاب عبر الصحف منددين بتلك الظاهرة، والأمر أن صدرت فيه أحكام قضائية مِن مَن يقدمون مثل هذا الغناء.
والشاهد أنني مراقب للساحة والشاهد الخاص لمخالفة القوانين لاسيما قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية